يوم عصيب على العراقيين

أثار الدمار واضحة على قمة المرقد

اعتبر العراقيون الأربعاء 22-2-2006 يوما من الأيام العصيبة عليهم بعدما خيم بقوة شبح الفتنة الطائفية في سمائه، حيث استيقظ العراقيون على نبأ تفجير مرقد الإمام "علي الهادي" المقدس عند الشيعة بمدينة سامراء ذات الأغلبية السنية، وهو ما ولد ردودا غاضبة ضد نحو 100 مسجد للسنة بعموم العراق وفق الحزب الإسلامي.

وبعد الاعتداء -الذي استنكرته غالبية القوى السنية والشيعية- وجهت على الفور فئة أصابع الاتهام نحو "متطرفين مسلحين" من السنة، بينما وجهها آخرون نحو أطراف لها مصلحة في تغيير مسار تشكيل الحكومة المقبلة، خاصة في ضوء الرغبة الأمريكية الواضحة في عدم احتفاظ الائتلاف العراقي الموحد (شيعي) بحقيبة الداخلية.

وأدان الشيخ يوسف القرضاوي هذا الاعتداء، واستبعد تورط السنة فيه، محذرا من مخطط خطير بدأ بالعراق، ولن يستفيد منه لا السنة ولا الشيعة.

وبعد أقل من ساعة على وقوع الانفجار، اتهمت الداخلية العراقية من أسمتهم بـ"الطائفيين التكفيريين الإرهابيين ومن يقف وراءهم" بالوقوف وراء هذا الاعتداء، كما سارع موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي وهو شيعي بإلقاء مسئولية الهجوم على مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة لكنه دعا للهدوء.

وقال الربيعي في حديث مع قناة العربية الفضائية: إن من وراء الحادث سيفشلون في جر الشعب العراقي إلى حرب أهلية كما فشلوا من قبل.

وقد أوضح عضو بالمجلس البلدي بمدينة سامراء لـ"لإسلام أون لاين.نت" الأربعاء 22 - 2 -2006، رافضا الكشف عن اسمه، ما يتناقله أهالي المدينة عن ملابسات وقوع الاعتداء قائلا: "رغم انتهاء حظر التجوال اليومي والذي يبدأ من الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا، منعت عناصر من رجال الشرطة المنتشرين داخل أحياء وأزقة المدينة الأهالي الذين بدءوا في ممارسة حياتهم اليومية من الحركة داخل المدينة".

وتابع: "وبعد 45 دقيقة من نهاية الحظر دوى انفجار قوي للغاية وهز أرجاء المدينة بأكملها؛ مما أدى إلى انهيار القبة المقدسة". ولفت إلى أن القوة التفجيرية كانت كبيرة جدا بما يوحي بأن المتفجرات التي استخدمت تصل إلى طن من المتفجرات وليس عبوة أو عبوتين.

وأضاف: "هذا اليوم هو يوم عصيب ومحزن لكل العراقيين فلقد فرض المسلحون (من جماعة الزرقاوي) سيطرتهم على سامراء مرتين خلال سنوات الاحتلال الثلاثة، ولم يمسوا المقدسات قيد شعرة بل على العكس حافظوا عليها بشكل كامل".

استنكار سني

مسجد للسنة ببغداد أضرمت فيه النيران

ومن جانبه استنكر الحزب الإسلامي العراقي (سني) في بيان له الأربعاء هذا التفجير، متسائلا لماذا وقع هذا الاعتداء الأثيم الآن؟.

وفند تلميحات بعض القوى بتورط جهات سنية في الجريمة، مؤكدا أن أهالي مدينة سامراء السنّية يستقبلون بحفاوة بالغة زوار الإمام علي الهادي حتى وقوع هذه الجريمة.

ولفت الحزب إلى أن الوضع الأمني بمدينة سامراء ظل مضطربا لمدة 8 أشهر في العام الماضي، ورغم عدم وجود قوات حكومية أو أمريكية في المدينة فإنه لم يقع أي اعتداء على مرقد الإمام.

وطالب الحزب الإسلامي بإجراء تحقيق واسع النطاق من قبل أطراف محايدة لتحديد الجهات التي تقف خلف هذا الحادث الإجرامي والذي استهدفت من خلاله إيذاء الشعب العراقي، وإثارة فتنة طائفية مدمرة، بحسب البيان.

مخاوف سياسية

وانتقدت جبهة التوافق العراقية سعي بعض القوي السياسية لاستغلال ذلك الاعتداء لدعم أجندتها ومواقفها، خاصة أن المشاورات تجري لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وقال ظافر العاني -المتحدث الرسمي باسم الجبهة- لإسلام أون لاين.نت: "إنه من العار على بعض القوى السياسية الحصول على مكاسب رخيصة ولو على حساب أحداث فتنة طائفية أو أحداث حرب أهلية".

وأضاف: "إننا نرى أن جميع المؤشرات تدلل أن البعض يحاول أن يستثير مشاعر الجماهير بشكل أهوج لتكون لديه ورقة للضغط على الأطراف الأخرى وهذا لعب بالنار".

وحمل العاني قوات الاحتلال والحكومة العراقية المؤقتة برئاسة إبراهيم الجعفري مسئولية ضبط الأمن والسيطرة على أعمال الشغب التي عقبت وقوع الاعتداء الأثيم.

وقال: "إننا نعتقد أن نفس اليد الإرهابية التي تجرأت على مرقد الإمام هي ذاتها التي واصلت -وأمام أنظار الحكومة وأجهزتها الأمنية ومليشياتها- اعتداءاتها على مساجد أهل السنة.

وكان الرئيس العراقي جلال الطالباني قال في تصريحات نقلتها رويتر في وقت سابق الأربعاء: "إن توقيت الهجوم يستهدف تعطيل العملية السياسية وعرقلة مسيرة المفاوضات الرامية لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية".

وأضاف: "إن هذه الجريمة تفضح الغايات الدنيئة لمرتكبيها الذين يرومون إلى إثارة الفتنة الطائفية والدفع نحو اقتتال الإخوة وزج بلادنا في أتون حرب تعيق مسيرتنا نحو الديمقراطية".

وربط أرقم البغدادي -المتحدث باسم آية الله الشيعي جواد الخالصي، في تصريحات لـ"لإسلام أون لاين.نت"- بين توقيت الاعتداء وخلافات حول تشكيل الحكومة العراقية من جهة وبين التحذيرات الأمريكية والبريطانية الأخيرة من تسلم جهات طائفية لمناصب أمنية. وحذر من آثار هذا الاعتداء، وما سيترتب عليه من توسيع الهوة بين العراقيين.

ويجمع المراقبون على أن هذا العمل الإجرامي سيلقي بظلاله على العملية السياسية المقبلة وتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب الأمنية بها، حيث جاء بعد يوم من تحذير السفير الأمريكي بالعراق زالماي خليل زاده ووزير الخارجية البريطاني جاك سترو من أنه لا يمكن التغاضي عن إناطة الأجهزة الأمنية لشخصيات تقف وراءها أحزاب دينية أو شخصيات تتهم بالطائفية.

في الوقت نفسه، أعلنت المراجع الشيعية بمدينة النجف ومنها آية الله السيستاني الحداد ثلاثة أيام، ودعت للتظاهر والاحتجاج على هذا الاعتداء، وطالبوا بعدم الاعتداء على مساجد السنة.

لكن هذه الدعوة لم تلق آذانا صاغية؛ حيث وقعت عشرات الاعتداءات على مساجد سنية مما أكد مخاوف العراقيين من إثارة التوتر الطائفي.

من جهته، استنكر الشيخ يوسف القرضاوي في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت" هذا الاعتداء، وتساءل: "من الذي فعله ومن المستفيد منه، وماذا يقصد مَن وراءه؟. وشدد على أن "المرقد الشيعي موجود بمنطقة سنية منذ مئات السنين على هذا الحال".

وحذر الشيخ القرضاوي من "مسلسل خطير بدأ بالعراق، ولن تستفيد منه لا الشيعة ولا السنة"، مؤكدا أن المستفيد الأكبر منه هو الاحتلال الأمريكي والعدو الصهيوني وأعداء المسلمين في كل مكان. ودعا العراقيين إلى الاعتصام بحبل الله ومقاومة دعاة الفتنة، وإنكار كل تجاوز في الدماء والأموال والحرمات.

المزار

ويضم المزار الذي أصيب بأضرار بالغة اليوم ضريحي الإمام العاشر "علي الهادي" المتوفى عام 868م، وابنه "الحسن العسكري" الإمام الحادي العشر المتوفى سنة 874م.

ويعتقد الشيعة أن الإمام المعصوم الثاني عشر "المهدي المنتظر" كان قد اختفى وغاب في قبو بهذا المزار عام 878، ويسمى "الغيبة".

كما يعتقدون أنه سيعود قبل يوم القيامة لإعادة العدل إلى عالم مليء بالظلم من مزاره بسامراء الواقعة على بعد 70 ميلا شمال غرب بغداد.

وقد انتهى العمل في قبة المزار عام 1905 وتغطيها 72 ألف قطعة ذهبية، ويبلغ اتساعها نحو 20 مترا، ومحيطها 68 مترا؛ لتصبح واحدة من أكبر القباب في العالم الإسلامي. ويبلغ ارتفاع كل من مئذنتي المزار 36 مترا.

 المصدر إسلام أونلاين

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معها