القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

بَابُ المُخْتَارِ مِنْ حِكَمِ أَمِيرالمؤمنين عليه السلام
وَمَوَاعِظِهِ وَيَدْخُلُ في ذلِكَ المخُْتَارُ
مِنْ أَجْوِبَةِ مَسَائِلِهِ
وَالْكَلاَمِ القصير الخارج في سائِرِ اَغْراضِهِ

( 769 )


     1. قَال(عليه السلام): كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ(1)، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ.
     2. وقَالَ(عليه السلام): أَزْرَى(2) بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ(3)
     الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ(4)
.
     وَالْبُخْلُ عَارٌ، وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ، وَالفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ، وَالْمُقِلُّ(5) غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ، وَالْعَجْزُ آفَةٌ، وَالصَّبْرُ شَجَاعَةٌ، وَالزُّهْدُ ثَرْوَةٌ، وَالْوَرَعُ جُنَّةٌ(6)، وَنِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَى، وَالْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ، وَالاَْدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ، وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ، وَصَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ، وَالْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ(7) الْمَوَدَّةِ، وَالاْحْتِمالُ(8) قَبْرُ العُيُوبِ.
    
____________
     1. ابن اللَبون ـ بفتح اللام وضم الباء ـ : ابن الناقة إذا استكمل سنتين.
     2. أزْرَى بها: حَقَرَها.
     3. اسْتَشْعَرَه: تبطّنَه وتخلّق به.
     4. أمّرَ لسانَه: جعله أميراً.
     5. المُقِلّ ـ بضم فكسر وتشديد اللام ـ : الفقير.
     6. الجُنّة ـ بالضم ـ : الوقاية.
     7. الحِبَالَة ـ بكسر الحاء، بزِنَة كِتابة ـ : شَبَكَة الصيد، ومثله الاحْبُول والاحْبُولَة ـ بضم الهمزة فيهما ـ وتقول: حَبَلَ الصيدَ واحتبله، إذا أخذه بها.
     8. الاحتمال: تحمّل الاذى.


( 770 )


     3. وروي عنه(عليه السلام) أنّه قال في العبارة عن هذا المعنى أيضاً: الْمُسَالَمَةُ خَبْءُ الْعُيُوبِ، وَمَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُ عَلَيْهِ، وَالصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ، وَأَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ، نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجِلِهِمْ.
     4. وقال(عليه السلام): اعْجَبُوا لِهذَا الاِْنْسَانِ يَنْظُرُ بِشَحْم(1)، وَيَتَكَلَّمُ بِلَحْم(2)، وَيَسْمَعُ بِعَظْم(3)، وَيَتَنَفَّسُ مِنْ خَرْم!!
     5. وقال(عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ.
     6. وقال(عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
     7. وقال(عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
    
____________
     1. يَنْظُرُ بشحْم: يريد بالشحم، شَحْم الحدقة.
     2. يتَكلّم بلحم: يريد باللحم، اللسان.
     3. يسْمَع بعظْم: يريد عظام الاذن يضربها الهواء فتقرع عصب الصماخ فيكون السماع.


( 771 )


     8. وقال(عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاِْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ.
     9. وقال(عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ(1) فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا(2) بِقِلَّةِ الشُّكْرِ.
     10. وقال(عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاَْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ(3) الاَْبْعَدُ.
     11. وقال(عليه السلام): مَا كُلُّ مَفْتُون(4) يُعَاتَبُ.
     12. وقال(عليه السلام): تَذِلُّ الاُْمُورُ لِلْمَقَادِيرِ، حَتَّى يَكُونَ الْحَتْفُ(5) في التَّدْبِيرِ.
     13. وسئل(عليه السلام) وعن قول النَّبيّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآله] وَسلّم: «غَيِّرُوا الشَّيْبَ(6)، وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ».
     فَقَال(عليه السلام): إِنَّمَا قَالَ(صلى الله عليه وآله) ذلِكَ وَالدِّينُ قُلٌّ(7)، فَأَمّا الاْنَ وَقَدِ اتَّسَعَ نِطَاقُهُ(8)، وَضَرَبَ بِجِرَانِهِ(9)، فَامْرُؤٌ وَمَا اخْتَارَ.
____________
     1. أطْرَاف النِّعَم: أوائلها.
     2. أقْصاها: أبعدها، والمراد آخرها.
     3. أُتِيح له: قُدّر له.
     4. المَفْتُون: الداخل في الفتنة.
     5. الحَتْف ـ بفتح فسكون ـ : الهلاك.
     6. غَيِّرُوا الشّيْبَ: يريد تغييره بالخِضاب ليراهم الاعداء كهولاً أقوياء.
     7. قُلّ ـ بضم القاف ـ أي: قليل أهله.
     8. النِطَاق ـ ككتاب ـ : الحِزام العريض، واتساعه كناية عن العظم والانتشار.
     9. الجِرَان ـ على وزن النِطاق ـ : مقدّم عُنُق البعير يضرب به على الارض إذا استراح وتمكن.


( 772 )


     14. وقال(عليه السلام): في الذين اعتزلوا القتال معه: خَذَلُوا الْحَقَّ، وَلَمْ يَنْصُرُوا الْبَاطِلَ.
     15. وقال(عليه السلام): مَنْ جَرَى فِي عِنَانِ(1) أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ(2)
.
     16. وقال(عليه السلام): أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ(3)، فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلاَّ وَيَدُهُ بِيَدِ اللهِ يَرْفَعُهُ.
     17. وقال(عليه السلام): قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ(4)، وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ(5)، وَالْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ.
____________
     1. العِنان ـ ككتاب ـ : سِير اللجام تُمْسك به الدابة.
     2. عَثرَ بأجلَِه: المراد أنه سقط في أجَلِهِ بالموت قبل أن يبلغ ما يريد.
     3. العَثْرَة: السَقْطَة، وإقالة عَثْرَتِه: رَفْعُهُ من سقطته. والمُرُوءة ـ بضم الميم ـ : صفة للنفس تحملها على فعل الخير لانه خير.
     4. قُرِنَتِ الهَيْبةُ بالخَيْبَة: أي من تهيّب أمراً خاب من إدراكه.
     5. الحياء بالحرمان أي: من أفرط به الخجل من طلب شيء حرم منه.


( 773 )


     18. وقال(عليه السلام): لَنَا حَقٌّ، فَإِنْ أُعْطِينَاهُ، وَإِلاَّ رَكِبْنَا أَعْجَازَ الاِْبِلِ، وَإِنْ طَالَ السُّرَى.

      و هذا القول من لطيف الكلام وفصيحه، ومعناه: أنّا إن لم نعط حقّنا كنا أذلاّء، وذلك أن الرديف يركب عجُزَ البعير، كالعبد والاسير ومن يجري مجراهما.

     19. وقال(عليه السلام): مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ،
     20. وقال(عليه السلام): مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمكْرُوبِ.
     21. وقال(عليه السلام): يَابْنَ آدَمَ، إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ.
     22. وقال(عليه السلام): مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ.
     23. وقال(عليه السلام): امْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ(1)
.
     24. وقال(عليه السلام): أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.
    
____________
     1. امْشِ بدائكَ أي: مادام الداء سهل الاحتمال يمكنك معه العمل في شؤونك فاعمل، فان أعياك فاسترح له.


( 774 )


     25. وقال(عليه السلام): إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَار(1)، وَالْمَوْتُ فِي إِقْبَال(2)، فَمَا أسْرَعَ الْمُلْتَقَى!
     26. وقال(عليه السلام): في كلام له: الْحَذَرَ الْحَذَرَ! فَوَاللهِ لَقَدْ سَتَرَ، حتَّى كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ.
     27. وسُئِلَ(عليه السلام) عَنِ الاِْيمَانِ، فَقَالَ: الاِْيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى الصَّبْرِ، والْيَقِينِ، وَالْعَدْلِ، وَالْجَهَادِ:
     فَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلَى أَربَعِ شُعَب: عَلَى الشَّوْقِ، وَالشَّفَقِ(3)، وَالزُّهْدِ، وَالتَّرَقُّبِ: فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلاَ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ الْـمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَهَانَ بِالْمُصِيبَاتِ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.
     وَالْيَقِينُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ(4)، وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ(5)، وَسُنَّةِ الاَْوَّلِينَ(6): فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ، وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الاَْوَّلِينَ.
____________
     1. كنت في إدْبَار أي: تركت الموت خلفك وتوجّهت اليه ليلحق بك.
     2. الموت في إقْبَال أي: توجه إليك بعد أن تركته خلفك.
     3. الشّفَق ـ بالتحريك ـ : الخوف.
     4. تأوّل الحكمة: الوصول إلى دقائقها.
     5. العِبْرَة: الاعتبار والاتعاظ.
     6. سُنّة الاوّلين: طريقتهم وسيرتهم.


( 775 )


     وَالْعَدْلُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى غائِصِ الْفَهْمِ، وَغَوْرِ الْعِلْمِ(1)، وَزُهْرَةِ الْحُكْمِ(2)، وَرَسَاخَةِ الْحِلْمِ: فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحُكْمِ(3)، وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً.
     وَالْجِهَادُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الاَْمْرِ بالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَنِ الْمُنكَرِ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ(4)، وَشَنَآنِ(5) الْفَاسِقيِنَ: فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤمِنِينَ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْمُنَافِقِينَ،مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ شَنِىءَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لله غَضِبَ اللهُ لَهُ وَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
____________
     1. غَوْر العلم: سرّه وباطنه.
     2. زُهْرَة الحكم ـ بضم الزاي ـ أي: حُسْنه.
     3. الشرائع ـ جمع شريعة ـ : أصلها مورد الشاربة، والمراد ـ هنا ـ الظاهر المستقيم من المذاهب، وصدرعنها أي: رجع عنها بعد ما اغترف ليفيض على الناس مما اغترف فيحسن حكمه.
     4. الصدق في المَوَاطِن: مواطن القتال في سبيل الحق.
     5. الشَنَآن ـ بالتحريك ـ : البغض.


( 776 )


     وَالْكُفْرُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى التَّعَمُّقِ(1)، وَالتَّنَازُعِ، وَالزَّيْغِ(2)، وَالشِّقَاقِ(3): فَمَنْ تَعَمَّقَ لَمْ يُنِبْ(4) إِلَى الْحَقِّ، وَمَنْ كَثُرَ نِزَاعُهُ بِالْجَهْلِ دَامَ عَمَاهُ عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ زَاغَ سَاءَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَحَسُنَتْ عِنْدَهُ السَّيِّئَةُ وَسَكِرَ سُكْرَ الضَّلاَلَةِ، وَمَنْ شَاقَّ وَعُرَتْ(5) عَلَيْهِ طُرُقُهُ وَأَعْضَلَ(6) عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَضَاقَ مَخْرَجُهُ.
     وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الَّتمارِي(7)، وَالهَوْلِ(8)، وَالتَّرَدُّدِ(9)

____________
     1. التَعَمّق: الذهاب خلف الاوهام على زعم طلب الاسرار.
     2. الزَيْغ: الحَيَدَان عن مذاهب الحق والميل مع الهوى الحيواني.
     3. الشِقَاق: العِناد.
     4. لم يُنِبْ أي: لم يرجع، أناب يُنِيب: رجع.
     5. وَعُرَ الطريقُ ـ كَكَرُمَ ووَعَدَ ووَلِعَ ـ : خَشُنَ ولم يسهل السير فيه.
     6. أعْضَلَ: اشتدّ وأعجزت صعوبته.
     7. التَمَارِي: التجادُل لاظهار قوة الجدل لا لاحقاق لحق.
     8. الهَوْل ـ بفتح فسكون ـ : مخافتك من الامر لا تدري ما هجم عليك منه فتدهش.
     9. الترَدّد: انتقاض العزيمة وانفساخها ثم عودها ثم انفساخها.


( 777 )


والاْسْتِسْلاَمِ(1): فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ(2) دَيْدَناً(3) لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ(4)، وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ(5)، وَمَن تَرَدَّدَ فِي الرَّيْبِ(6) وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ(7)، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا.

      و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب.

     28. وقال(عليه السلام): فَاعِلُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ، وَفَاعِلُ الشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ.
    
____________
     1. الاسْتِسْلام: إلقاء النفس في تيار الحادثات.
     2. المِرَاء ـ بكسر الميم ـ : الجدال.
     3. الدَيْدَن: العادة.
     4. لم يصبح ليله أي: لم يخرج من ظلام الشك إلى نهار اليقين.
     5. نَكَصَ على عَقِبَيْه: رجع متقهقراً.
     6. الرَيْب: الظنّ، أي الذي يتردد في ظنه ولا يعقد العزيمة في أمره.
     7. سَنَابِكُ الشياطين: جمع سُنْبُك بالضم، وهو طَرَف الحافر; ووطئته: داسته، أي تستنزله شياطين الهوى فتطرحه في الهَلَكة.


( 778 )


     29. وقال(عليه السلام): كُنْ سَمَحاً وَلاَ تَكُنْ مُبَذِّراً، وَكُنْ مُقَدِّراً(1) وَلاَ تَكُنْ مُقَتِّراً(2)
.
     30. وقال(عليه السلام): أَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنى(3)
.
     31. وقال(عليه السلام): مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا فِيهِ [بـ] ما لاَ يَعْلَمُونَ.
     32. وقال(عليه السلام): مَنْ أَطَالَ الاَْمَلَ(4) أَسَاءَ الْعَمَلَ.
     33. وقال(عليه السلام) وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الانبار(5)، فترجّلوا له(6) واشتدّوا(7) بين يديه:
     مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ؟
____________
     1. المُقَدّر: المُقْتَصِد، كأنه يقدّر كل شيء بقيمته فينفق على قدره.
     2. المُقَتّر: المُضَيّق في النفقة، كأنه لا يعطي إلاّ القتر، أي الرمقة من العيش.
     3. المُنى: جمع مُنْيَة، وهي ما يتمناه الانسان لنفسه، وفي تركها غنى كامل، لان من زهد شيئاً استغنى عنه.
     4. طول الامَل: الثقة بحصول الاماني بدون عمل لها.
     5. الدَهَاقِين: جمع دِهْقان، وهو زعيم الفلاحين في العَجَم. والانْبار: من بلاد العراق.
     6. تَرَجّلُوا أي: نزلوا عن خيولهم مُشاةً.
     7. اشتدّوا: أسرعوا.


( 779 )


     فقالوا: خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا.
     فقال(عليه السلام): وَاللهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهذَا أُمَرَاؤُكُمْ! وَإِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ(1) بِهِ عَلَى أَنْفُسِكْمْ [فِي دُنْيَاكُمْ،] وَتَشْقَوْنَ(2) بِهِ فِي آخِرَتِكُمْ، وَمَا أخْسرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ، وَأَرْبَحَ الدَّعَةَ(3) مَعَهَا الاَْمَانُ مِنَ النَّارِ!
     34. وقال(عليه السلام): لابنه الحسن(عليه السلام): يَا بُنَيَّ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً، لاَ يَضُرَّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ:
     إِنَّ أَغْنَى الْغِنَىُ الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ(4)، وَأَكْرَمَ الْحَسَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ.
     يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الاَْحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُريِدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ.
     وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ.
     وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ(5).
____________
     1. تَشُقُّون ـ بضم الشين وتشديد القاف ـ : من المشقّة.
     2. تَشْقَوْن الثانية ـ بسكون الشين ـ : من الشقاوة.
     3. الدَعَة ـ بفتحات ـ : الراحة.
     4. العُجْب ـ بضم فسكون ـ : الاعجاب بالنفس، ومن أعجب بنفسه مقته الناس، فلم يكن له أنيس وبات في وحشة دائمة. 5. التافه: القليل.
    


( 780 )


     وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ(1): يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.
     35. وقال(عليه السلام): لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ(2) إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ.
     36. وقال(عليه السلام): لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الاَْحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ.

      و هذا من المعاني العجيبة الشريفة، والمراد به أنّ العاقل لا يطلق لسانه إلاّ بعد مشاورة الرَّوِيّةِ ومؤامرة الفكرة، والاحمق تسبق خذفاتُ(3) لسانه وفلتاتُ كلامه مراجعةَ فكره(4) ومماخضة رأيه(5)، فكأن لسان العاقل تابع لقلبه، وكأن قلب الاحمق تابع للسانه.

    
____________
     1. السَرَاب: ما يراه السائر الظمآن في الصحراء فيحسبه ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
     2. النوافِل: جمع نافلة، وهي ما يتطوع به من الاعمال الصالحات زيادة على الفرائض المكتوبة، والمراد أن المتطوّع بما لم يكتب عليه لا يقربه إلى الله تطوّعه إذا قصّر في أداء الواجب.
     3. ورد في بعض النسخ: حذفات.
     والخذف: القذف.
     وحذفات اللسان: ما يلقيه الاحمق من العبارات العجلى بدون روية ولا تفكير.
     4. مراجَعَة الفِكر أي: التروي فيما سبق به اللسان.
     5. مُمَاخَضَة الرأي: تحريكه حتى يظهر زُبْده، وهو الصواب.


( 781 )


1. التافه: القليل.
     37. وقد روي عنه(عليه السلام) هذا المعنى بلفظ آخر، وهو قوله: قَلبُ الاَْحْمَقِ فِي فِيهِ، وَلِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ.
     ومعناهما واحد.
     38. وقال(عليه السلام) لبعض أَصحابه في علّة اعتلّها: جَعَلَ اللهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حطّاً لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ، وَلكِنَّهُ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ، وَيَحُتُّهَا حَتَّ(1) الاَْوْرَاقِ، وَإِنَّمَا الاَْجْرُ فِي الْقَوْلِ بِالّلسَانِ، وَالْعَمَلِ بِالاَْيْدِي وَالاَْقْدَامِ، وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبَادِهِ الْجَنَّةَ.

      و أقول: صدق(عليه السلام)، «إنّ المرض لا أجر فيه»، لانه من قبيل ما يُستحَقّ عليه العوض، لان العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد، من الالام والامراض، وما يجري مجرى ذلك،الاجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بينه(عليه السلام)، كما يقتضيه علمه الثاقب رأيه الصائب.

     39. وقال(عليه السلام) في ذكر خباب بن الارتّ: يَرْحَمُ اللهُ خَبَّاباً، فَلَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً، وَهَاجَرَ طَائِعاً، [وَقَنِعَ بالْكَفَافِ(2)، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ،] وَعَاشَ مُجَاهِداً.
     طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ، وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ.
____________
     1. حَتّ الورق عن الشجرة: قَشْرُهُ، والصبر على العلّة: رجوع إلى الله واستسلام لقدره، وفي ذلك خروج اليه من جميع السيئات وتوبة منها، لهذا كان يَحُتّ الذنوب.
     2. الكفاف: العيش الوسط الذي يكفي الانسان حاجاته الاصلية.


( 782 )


40. وقال(عليه السلام): لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ(1) الْمُؤْمِنِ بِسَيْفِي هذَا عَلَى أَنْ يُبْغِضَنِي مَاأَبْغَضَنِي، وَلَوْ صَبَبْتُ الدُّنْيَا بِجَمَّاتِهَا(2) عَلَى الْمُنَافِقِ عَلَى أَنْ يُحِبَّنِي مَا أَحَبَّنِي: وَذلِكَ أَنَّهُ قُضِيَ فَانْقَضَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الاُْمِّيِّ(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: « [يَا عَلِيُّ،] لاَ يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُحِبُّكَ مُنَافِقٌ».
     41. وقال(عليه السلام): سَيِّئَةٌ تَسُوءُكَ خَيْرٌ عِنْدَاللهِ مِنْ حَسَنَة تُعْجِبُكَ.
     42. وقال(عليه السلام): قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ،عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ.
     43. وقال(عليه السلام): الظَّفَرُ بالْحَزْمِ، وَالْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْيِ، وَالرَّأْيُ بِتَحْصِينِ الاَْسْرَارِ.
     44. وقال(عليه السلام): احْذَرُوا صَوْلَةَ الْكَرِيمِ إذَا جَاعَ، واللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ.
     45. وقال(عليه السلام): قُلُوبُ الرِّجَالِ وَحْشِيَّةٌ، فَمَنْ تَأَلَّفَهَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ.
     46. وقال(عليه السلام): عَيْبُكَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَكَ جَدُّكَ(3)
.
    
____________
     1. الخَيْشُوم: أصل الانف.
     2. الجمّات: جمع جَمّة ـ بفتح الجيم ـ وهو من السفينة مُجْتَمَعُ الماء المترشّح من ألواحها، والمراد لوكفأت عليهم الدنيا بجليلها وحقيرها.
     3. الجَدّ ـ بالفتح ـ : الحظ، والمراد إقبال الدنيا على الانسان.


( 783 )


     47. وقال(عليه السلام): أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ.
     48. وقال(عليه السلام): السَّخَاءُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً، فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةِ فَحَيَاءٌ وَتَذَمُّمٌ(1)
.
     49. وقال(عليه السلام): لاَ غِنَى كَالْعَقْلِ، وَلاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ، وَلاَ مِيرَاثَ كَالاْدَبِ، وَلاَ ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ.
     50. وقال(عليه السلام): الصَّبْرُ صَبْرَانِ: صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ.
     51. وقال(عليه السلام): الْغِنَى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ.
     52. وقال(عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ يَنْفَدُ.
     53. وقال(عليه السلام): الْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ.
     54. وقال(عليه السلام): مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ.
     55. وقال(عليه السلام): الِّلسَانُ سَبُعٌ، إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ(2)
.
     56. وقال(عليه السلام): الْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اللَّسْبَةِ(3)
.
     [57. وقال(عليه السلام): إِذَا حُيِّيْتَ بِتَحِيَّة فَحَيِّ بِأَحْسَنَ مِنْهَا، وإِذَا أُسْدِيَتْ إِلَيْكَ يَدٌ فَكَافِئْهَا بِمَا يُرْبِي عَلَيْهَا، وَالْفَضْلُ مَعَ ذلِكَ لِلْبَادِىءِ].
____________
     1. التَذَمّم: الفِرار من الذم، كالتأثّم والتحرّج.
     2. عَقَرَ: عَضّ، ومنه الكلب العَقُور.
     3. اللّسْبَة: اللَسْعَة، لَسَبَتْهُ العَقْرَب ـ بفتح السين ـ : لَسَعَتهُ، والمرأة ـ في رأي الامام ـ تشبه العقرب، لكن لسعتها ذات حلاوة.


( 784 )


     58. وقال(عليه السلام): الشَّفِيعُ جَنَاحُ الطَّالِبِ.
     59. وقال(عليه السلام): أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْب يُسَارُ بِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ.
     60. وقال(عليه السلام): فَقْدُ الاَْحِبَّةِ غُرْبَةٌ.
     61. وقال(عليه السلام): فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا.
     62. وقال(عليه السلام): لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ.
     63. وقال(عليه السلام): الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ، [والشُّكْرُ زِينَةُ الغِنَى].
     64. وقال(عليه السلام): إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُ فَلاَ تُبَلْ(1) كيفَ كُنْتَ.
     65. وقال(عليه السلام): لاَتَرَى الْجَاهِلَ إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً.
     66. وقال(عليه السلام): إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلاَمُ.
     67. وقال(عليه السلام): الدَّهرُ يُخْلِقُ الاَْبْدَانَ، وَيُجَدِّدُ الاْمَالَ، وَيُقَرِّبُ الْمَنِيَّةَ، ويُبَاعِدُ الاُْمْنِيَّةَ(2)، مَنْ ظَفِرَ بِهِ نَصِبَ(3)، ومَنْ فَاتَهُ تَعِبَ.
     68. وقال(عليه السلام): مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاِْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ.
____________
     1. لا تُبَلْ: لا تكْتَرِثْ ولا تهتم.
     2. يُبَاعِدُ الامْنِيَة أي: يجعلها بعيدة صعبة المنال.
     3. نَصِبَ ـ من باب تَعِب ـ : وهو بمعناه مع مزيد الاعياء.


( 785 )


     69. وقال(عليه السلام): نَفْسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ(1)
.
     70. وقال(عليه السلام): كُلُّ مَعْدُود مُنْقَض، وَكُلُّ مُتَوَقَّع آت.
     71. وقال(عليه السلام): إِنَّ الاُْمُورَ إذا اشْتَبَهَتْ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا(2)
.
     72. ومن خبر ضرار بن ضَمُرَةَ الضُّبابِيِّ عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أميرالمؤمنين(عليه السلام).
     قال: فأشهَدُ لقَدْ رَأَيْتُهُ في بعض مواقِفِهِ وقَد أرخى الليلُ سُدُولَهُ(3)، وهو قائمٌ في محرابِهِ قابِضٌ على لِحْيتِهِ يَتَمَلْمَلُ(4) تَمَلْمُلَ السَّليمِ(5) ويبكي بُكاءَ الحَزينِ، ويقولُ:
     يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا، إِلَيْكِ عَنِّي، أَبِي تَعَرَّضْتِ(6)؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ؟ لاَ حَانَ
____________
     1. نَفَسُ المَرْء خُطَاهُ إلى أَجَلِه: كأن كلّ نَفَس يتنفسه الانسان خطوةٌ يقطعها إلى الاجل.
     2. اعتبر آخرها بأولها: أي قيس، فعلى حسب البدايات تكون النهايات.
     3. أرْخَى سُدُوله: جمع سدِيل، وهو ما أسدل على الهوْدَج، والمراد حجب ظلامه.
     4. يَتَمَلْمَل: لا يستقرّ من المرض كأنه على ملة، وهي الرماد الحارّ.
     5. السليم: الملدوغ من حيّة ونحوها.
     6. يعْرِض به ـ كتعرّضه ـ : تصدّى له وطلبه.


( 786 )


حِينُكِ(1)! هيْهَات! غُرِّي غَيْرِي، لاَ حاجَةَ لِي فيِكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاَثاً لاَ رَجْعَةَ فِيهَا! فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ.
     آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ(2)
!
     73. ومن كلام له(عليه السلام): للسائل لما سأله: أَكان مسيرنا إِلى الشام بقضاء من الله وقدر؟ بعد كلام طويل هذا مختاره:
     طوَيْحَكَ! لَعَلَّكَ ظَنَنْتُ قَضَاءً(3) لاَزِماً، وَقَدَراً(4) حَاتِماً(5)! وَلَوْ كَانَ ذلِكَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ والْعِقَابُ، وَسَقَطَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ.
     إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً، وَنَهَاهُمْ تَحْذِيراً، وَكَلَّفَ يَسِيراً، وَلَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً، وَأَعْطَى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً، وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرِهاً، وَلَمْ يُرْسِلِ الاَْنْبِيَاءَ لَعِباً، وَلَمْ يُنْزِلِ الكُتُبَ لِلْعِبَادِ عَبَثاً، وَلاَ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً،
(ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)
____________
     1. لا حَانَ حِينُك: لا جاءوقتُ وصولك لقلبي وتمكن حبك منه.
     2. المَوْرِد: موقف الورود على الله في الحساب.
     3. القضاء: علم الله السابق بحصول الاشياء على أحوالها في أو ضاعها.
     4. القَدَر: إيجاد الله للاشياء عند وجود أسبابها، ولا شيء من القضاء والقدر منهما يضطر العبد لفعل من أفعاله.
     5. الحاتم: الذي لامفرّ من وقوعه حتماً.


( 787 )


     74. وقال(عليه السلام): خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ في صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَتَلَجْلَجُ(1) فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ.
     75. وقال(عليه السلام): في مثل ذلك: الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ.
     76. وقال(عليه السلام): قِيمَةُ كُلِّ امْرِىء مَا يُحْسِنُهُ.

      وهذه الكلمة التي لاتُصابُ لها قيمةٌ، ولا توزن بُها حكمةٌ، ولا تُقرنُ إِليها كلمةٌ.

     77. وقال(عليه السلام): أُوصِيكُمْ بِخَمْس لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الاِْبِلِ(2) لَكَانَتْ لِذلِكَ أَهْلاً: لاَ يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ، وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: لاَ أَعْلَمُ، وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعَلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ.
     وَبِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الاِْيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَد لاَ رأْسَ مَعَهُ، وَلاَ في إِيمَان لاَ صَبْرَ مَعَهُ.
    
____________
     1. تَتَلَجْلَجُ أي: تتحرك.
     2. الابَاط: جمع إبْط، وضَرْب الاباط: كناية عن شدّ الرِّحال وحثّ المسير.


( 788 )


     78. وقال(عليه السلام) لرجل أفرط في الثناء عليه، وكان له مُتَّهماً: أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ، وَفَوْقَ مَا فِي نَفْسِكَ.
     79. وقال(عليه السلام): بَقِيَّةُ السَّيْفِ(1) أَبْقَى عَدَداً، وَأَكْثَرُ وَلَداً.
     80. وقال(عليه السلام): مَنْ تَرَكَ قَوْلَ: لاَ أَدْري، أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ(2)
.
     81. وقال(عليه السلام): رَأْيُ الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الْغُلاَمِ(3)
.
     وَروي: مِنْ مَشْهَدِ الْغُلاَمِ(4)
.
     82. وقال(عليه السلام): عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَمَعَهُ الاسْتِغْفَارُ.
     83. وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر(عليهما السلام) أَنّه قال: كَانَ فِي الاَْرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا، فَدُونَكُمُ الاْخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ:
     أَمَّا الاَْمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللهُ(صلى الله عليه وآله).
     وَأَمَّا الاَْمَانُ الْبَاقِي فَالاْسْتِغْفَارْ، قَالَ اللهُ عزّوجلّ:
(وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)

      وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط.

____________
     1. بَقِيّة السيف: هم الذين يبقون بعد الذين قتلوا في حفظ شرفهم ودفْعِ الضَيْم عنهم وفضلوا الموت على الذلّ، فيكون الباقون شُرَفاء نُجَدَاء، فعددهم أبقىولدهم يكون أكثر، بخلاف الاذِلاّء، فإنّ مصيرهم إلى المحو والفناء.
     2. مَقَاتِلُه: مواضع قتله.
     3. جَلَد الغلام: صبره على القتال.
     4. مَشْهَد الغلام: إيقاعه بالاعداء.


( 789 )


     84. وقال(عليه السلام): مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ أَصْلَحَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اللهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ حَافِظٌ.
     85. وقال(عليه السلام): الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللهِ(1)، وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِاللهِ(2)
.
     86. وقال(عليه السلام): أَوْضَعُ الْعِلْمِ(3) مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ(4)، وَأَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَالاَْرْكَانِ(5)
.
     87. وقال(عليه السلام): إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الاَْبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ(6).
____________
     1. رَوْح الله ـ بفتح الراء ـ : لطفه ورأفته.
     2. مَكْرُالله: أخذه للعبد بالعقاب من حيث لا يشعر.
     3. أَوْضَع العلمِ أي: أدناه.
     4. ما وقف على اللسان أي: لم يظهر أثره في الاخلاق والاعمال.
     5. أركان البدن: أعضاؤه الرئيسة كالقلب والمخ.
     6. طرائف الحكمة: غرائبها المستطرفة.


( 790 )


     88. وقال(عليه السلام): لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الْفِتْنَةِ، لاَِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَة، وَلكِنْ مَنِ اسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ:
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ)، وَمَعْنَى ذلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالاَْمْوَالِ وَالاَْوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ السَّاخِط لِرِزْقِهِ وَالرَّاضِي بِقِسْمِهِ، وإِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلكِن لِتَظْهَرَ الاَْفْعَالُ الَّتي بِهَا يُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، لاَِنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ الذُّكُورَ وَيَكْرَهُ الاِْنَاثَ، وَبَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ الْمَالِ(1) وَيَكْرَهُ انْثِلاَمَ الحَالِ(2).

      وهذا من غريب ما سمع منه(عليه السلام) في التفسير.

     89. وسئل(عليه السلام) وعن الخير ما هو؟
     فقال: لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللهَ، وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللهَ.
     وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ: رَجُل أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ، وَرَجُل يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ.
____________
     1. تثمير المال: إنماؤه بالربح.
     2. انثِلام الحال: نقصه.


( 791 )


     وَلاَ يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ؟
     90. وقال(عليه السلام): إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالاَْنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤُوا بِهِ، ثُمَّ تَلاَ(عليه السلام):
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا واللهُ وَليُّ الْمُؤْمِنينَ)
     ثُمَّ قَالَ(عليه السلام): إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّد مَنْ أَطَاعَ اللهَ وإِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ(1)، وَإِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّد مَنْ عَصَى اللهَ وَإِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ!
     91. وقال(عليه السلام) وقد سمع رجلاً من الحرورية(2) يتهجّد(3) ويقرأ، فقال: نَوْمٌ عَلَى يَقِين خَيْرٌ مِنْ صَلاَة فِي شَكّ.
     92. وقال(عليه السلام): اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَة لاَ عَقْلَ رِوَايَة، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ.
     93. وقال(عليه السلام) وقد سمع رجلاً يقول:
(إنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
     فقال: إِنَّ قَوْلَنا:
(إِنَّا لله) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ(4)، وقولَنَا: (وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ(5).
____________
     1. لُحْمَتُهُ ـ بالضم ـ أي: نسبه.
     2. الحَرورِيّة ـ بفتح الحاء ـ : الخَوَارج الذين خرجوا على عليّ بحَرُوراء.
     3. يتهجّد أي: يصلّي بالليل.
     4. إقْرَار بالمُلْك: لان اللام في قوله تعالى:
(إنّا لله) هي لام التمليك.
     5. الهُلْك ـ بالضم ـ : الهلاك.


( 792 )


     94. وقال(عليه السلام) وقد مدحه قوم في وجهه: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لَنَا مَا لاَ يَعْلَمُونَ.
     95. وقال(عليه السلام): لاَ يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلاَّ بِثَلاَث: بِاسْتِصْغَارِهَا(1) لِتَعْظُمَ، وَبِاسْتِكْتَامِهَا(2) لِتَظْهَرَ،بِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنَأَ(3)
.
     96. وقال(عليه السلام): يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ(4)، وَلاَ يُظَرَّفُ(5) فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ(6) فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ، يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ
____________
     1. المراد استصغارها في الطلب لتعظم بالقضاء.
     2. اسْتِكْتَامُها أي: الحرص على كتمانها عند محاولتها لتظهر بعد قضائها، فلا تُعْلَم إلا مقضية.
     3. أي: تصير هنيئة فيمكن التمتع بها.
     4. الماحِل: الساعي في الناس بالوشاية.
     5. يُظَرّف ـ بتشديد الراء مبنياً للمجهول ـ : يعدّ ظريفاً.
     6. يضعّف ـ بالتشديد مبنياً للمجهول ـ : يعدّ ضعيفاً.


( 793 )


فِيهِ غُرْماً(1)، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً(2)، وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس(3)! فَعِنْدَ ذلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الامَاءِ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ، وَتَدْبِيرِ الْخِصْيَانِ!
     97. ورُؤيَ عليه إزار خَلَقٌ مرقوع، فقيل له في ذلك.
     فقال(عليه السلام): يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ، وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ، وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ.
     98. وقال(عليه السلام): إِنَّ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ، وَسَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلاَّهَا أَبْغَضَ الاْخِرَةَ وَعَادَاهَا، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَاش بَيْنَهُمَا، كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِد بَعُدَ مِنَ الاْخَرِ، وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ!
     99. وعن نوف البِكاليّ، قال: رأيت أميرالمؤمنين(عليه السلام) ذات ليلة، وقد خرج من فراشه، فنظر في النجوم فقال: يا نوف، أراقد أنت أم رامق؟
     فقلت: بل رامق(4) يا أميرالمؤمنين.
     قال: يَا نَوْفُ، طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبِينَ فِي الاْخِرَةِ، أُولئِكَ
____________
     1. الغُرْم ـ بالضم ـ أي: الغَرَامة.
     2. المَنّ: ذكرك النعمة على غيرك مظهراً بها الكرامة عليه.
     3. الاستطالة على الناس: التفوّق عليهم والتزيّد عليهم في الفضل.
     4. أراد بالرامق: منتبه العين، في مقابلة الراقد بمعنى النام، يقال: رَمَقَهُ، إذا لحظه لحظاً خفيفاً.


( 794 )


قَوْمٌ اتَّخَذُوا الاَْرْضَ بِسَاطاً، وَتُرَابَهَا فِرَاشاً، وَمَاءَهَا طِيباً، وَالْقُرْآنَ شِعَاراً(1)، وَالدُّعَاءَ دِثَاراً(2)، ثُمَّ قَرَضوا الدُّنْيَا(3) قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ(4)
.
     يَا نَوْفُ، إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ فِى مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً(5) أَوْ عَرِيفاً(6) أَوْ شُرْطِيّاً(7) أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَة (وهي الطنبور) أَوْ صَاحِبَ كَوْبَة (وهي الطبل، وقد قيل أيضاً: إنّ العَرْطَبَةَ: الطبلُ، والكوبةَ: الطنبور).
     100. وقال(عليه السلام): إِنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ لَكُمْ
____________
     1. شِعاراً: يقرؤونه سراً للاعتبار بمواعظه والتفكّر في دقائقه، وأصل الشعار: ما يلي البدن من الثياب.
     2. دِثاراً: أصل ادِثار ما يعلو البدَن من الثياب، والمراد من اتخاذهم الدعاء دِثاراً جهرهم به إظهاراً للذلّة والخضوع لله.
     3. قَرَضوا الدنيا: مزقوها كما يمزّق الثوب المِقْراضُ.
     4. على منهاج المسيح: طريقه في الزهادة.
     5. العَشّار: من يتول أخذ أَعْشار المال، وهو المَكّاس.
     6. العَرِيف: من يتجسّس على أحوال الناس وأسرارهم فيكشفها لاميرهم مثلاً.
     7. الشرْطي ـ بضم فسكون نسبة إلى الشُرْطة ـ : واحد الشُرَط ـ كرُطَب ـ وهم أعوان الحاكم.


( 795 )


حُدُوداً فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا(1)، وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلاَ تَتَكَلَّفُوهَا(2)
.
     101. وقال(عليه السلام): لاَ يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لاِسْتِصْلاَحِ دُنْيَاهُمْ إلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ.
     102. وقال(عليه السلام): رُبَّ عَالِم قَدْ قَتَلَهُ جَهْلُهُ، وَعِلْمُهُ مَعَهُ لاَ يَنْفَعُهُ.
     103. وقال(عليه السلام): لَقَدْ عُلِّقَ بِنِيَاطِ(3) هذَا الاِْنْسَانِ بَضْعَةٌ(4) هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ: وَذلِكَ الْقَلْبُ، وَلَهُ مَوَادّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلاَفِهَا، فَإِنْ سَنَحَ لَهُ(5) الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحِرْصُ،إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الاَْسَفُ، وإِنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ، وَإِنْ أَسْعَدَهُ الرِّضَى نَسِيَ التَّحَفُّظَ(6)،إِنْ غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ، وَإِن اتَّسَعَ لَهُ الاَْمْنُ
____________
     1. أي: لا تنتهكوا نهيه عنها باتيانها، والانتهاك: الاهانة والاضعاف.
     2. لا تتكَلّفوها أي: لا تكلّفوا أَنفسكم بها بعد ما سكت الله عنها.
     3. النِيَاط ـ ككِتاب ـ : عِرْق معلّق به القلب.
     4. البَضْعة ـ بفتح الباء ـ : القطعة من اللحم، والمراد بها ها هنا القلب.
     5. سَنَحَ له: بدا وظهر. 6. التَحفّظ: هو التَوَقّي والتّحرّز من المضرات.


( 796 )


اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ(1)، وَإِن أَصَابَتهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإِنْ أَفَادَ مَالاً(2) أَطْغَاهُ الغِنَى، وَإِنْ عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ(3) شَغَلَهُ الْبَلاَءُ، وَإِنْ جَهَدَهُ(4) الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وإِنْ أَفْرَطَ بِهِ الشِّبَعُ كَظَّتْهُ(5) الْبِطْنَةُ(6)، فَكُلُّ تَقْصِير بِهِ مُضِرٌّ، وَكُلُّ إِفْرَاط لَهُ مُفْسِدٌ.
     104. وقال(عليه السلام): نَحْنُ الُّنمْرُقَةُ الْوُسْطَى(7)، بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي، وَإِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي(8)
.
    
____________
     1. الغِرّة ـ بالكسر ـ : الغفلة، واسْتَلَبَتْهُ: أي سَلَبَتْهُ وذهبت به عن رُشْدِه.
     2. أفَاد المال: استفاده.
     3. الفاقة: الفقر.
     4. جهَده: أَعْياه وأتعبه.
     5. كَظّتْهُ أي: كربته وآلمته.
     6. البِطْنَة ـ بالكسر ـ : امتلاء البطن حتى يضيق النفس.
     7. النُمْرُقَةُ ـ بضم فسكون فضم ففتح ـ : الوِسادة; وآل البيت أشبه بها للاستناد إليهم في أمورالدين، كما يستند إلى الوسادة لراحة الظهر واطمئنان الاعضاء،وصفها بالوسطى لاتصال سائر النمارق بها، فكأن الكل يعتمد عليها إما مبشارة أو بواسطة ما بجانبه، وآل البيت على الصراط الوسط العدل، يلحق بهم من قصر، ويرجع إليهم من غلا وتجاوز.
     8. الغالي: المبالغ المجاوز للحدّ.


( 797 )


     105. وقال(عليه السلام): لاَ يُقِيمُ أَمْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ إلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ(1)، وَلاَ يُضَارِعُ(2)، وَلاَ يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ(3)
.
     106. وقال(عليه السلام) وقد توفي سهل بن حُنَيْف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه معه من صفين، وكان من أحبّ الناس إليه:
     لَوْ أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ(4).

      معنى ذلك: أنّ المحنة تغلظ عليه، فتسرع المصائب إليه، ولا يفعل ذلك إلاَّ بالاتقياء الابرار والمصطفين الاخيار، وهذا مثل قوله(عليه السلام):

     107. مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً.

      وقد تُؤُوّل ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره.

     108. وقال(عليه السلام): لاَ مَالَ أَعْوَدُ(5) مِنَ الْعَقْلِ، وَلاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ(6)، وَلاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى، وَلاَ قَرِينَ كَحُسْنِ الْخُلْقِ،
____________
     1. لايُصانع أي: لا يداري في الحق.
     2. المُضارعَة: المشابهة، والمعنى أنه لا يتشبه في عمله بالمبطلين.
     3. اتباع المطامع: الميل معها وإن ضاع الحق.
     4. تَهَافت: تَساقَطَ بعد ما تصدّعَ.
     5. أعْوَدُ: أَنْفَع.
     6. العُجْب ـ بضم العين ـ : الاعجاب بالنفس.


( 798 )


وَلاَ مِيرَاثَ كَالاْدَبِ، وَلاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ، وَلاَ تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ، وَلاَ وَرَعَ كالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَلاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ، ولاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ، وَلاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرائِضِ، وَلاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ، وَلاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ، وَلاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ، وَلاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِن مُشَاوَرَة.
     109. وقال(عليه السلام): إِذَا اسْتَوْلَى الصَّلاَحُ عَلَى الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُل لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خزْيَةٌ(1) فَقَدْ ظَلَمَ! وَإِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وأَهْلِهِ فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُل فَقَدْ غَرَّرَ(2)
!
     110. وقيل له(عليه السلام): كيف نجدك يا أميرالمؤمنين؟
     فقال: كَيْفَ يَكُونُ مَنْ يَفْنَى بِبِقَائِهِ(3)، وَيَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ(4)، وَيُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ(5)
!
    
____________
     1. الخزية: البلية تصيب الانسان فتذلّه وتفضحه.
     2. غَرّرَ أي: أوْقَعَ بنفسه في الغَرَر وهو الخطر.
     3. يفني ببقائه: كلما طال عمره ـ وهو البقاء ـ تقدم إلى الفناء.
     4. يَسْقَمُ بصحّته أي: كلما مدّت عليه الصحة تقرب من مرض الهَرَم، وسَقِم ـ كفرح ـ : مَرِض.
     5. يأتيه الموت من مأمنه أي: الجهة التي يأمن إتيانه منها، فان أسبابه كامنة في نفس البدن.


( 799 )


     111. وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَج(1) بِالاِْحْسَان إلَيْهِ، وَمَغْرور بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ! وَمَا ابْتَلَى(2) اللهُ أَحَداً بِمِثْلِ الاِْمْلاَءِ لَهُ(3)
.
     112. وقال(عليه السلام): هَلَكَ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال(4) وَمُبْغِضٌ قَال(5)
.
     113. وقال(عليه السلام): إضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ.
     114. وقال(عليه السلام): مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ: لَيِّنٌ مَسُّهَا، وَالسُّمُّ النَّاقِعُ فِي جَوْفِهَا، يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ، وَيَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلُ!
     115. وقال(عليه السلام) وقد سئل عن قريش: أَمَّا بَنُو مَخْزُوم فَرَيْحَانَةُ قُرَيْش، نُحِبُّ حَدِيثَ رِجَالِهِمْ، وَالنِّكَاحَ فِي نِسَائِهِمْ.
     وَأَمَّا بَنُو عَبْدِ شَمس فَأَبْعَدُهَا رَأْياً، وَأَمْنَعُهَا لِمَا وَرَاءَ ظُهُورِهَا.
     وَأَمَّا نَحْنُ فَأَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِينَا، وَأَسْمَحُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِنُفُوسِنَا.
     وَهُمْ أَكْثَرُ وَأَمْكَرُ وَأَنْكَرُ، وَنَحْنُ أَفْصَحُ وَأَنْصَحُ وَأَصْبَحُ.
____________
     1. المُسْتَدْرَج: هوالذي تابع الله نعمته عليه وهو مقيم على عصيانه، إبلاغاً للحجة وإقامة للمعذرة في أخذه.
     2. ابْتَلى: امتحن.
     3. الاملاء له: الامهال.
     4. الغالي: المتجاوز الحد في حبه بسبب غيره، أو دعوى حلول اللاهوت فيه، أو نحو ذلك.
     5. القالي: المبغض الشديد البغض.
    


( 800 )


     116. وقال(عليه السلام): شَتَّانَ بَيْنَ عَمَلَيْنِ: عَمَل تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَتَبْقَى تَبِعَتُهُ، وَعَمَل تَذْهَبُ مَؤُونَتُهُ وَيَبْقَى أَجْرُهُ.
     117. وتبع جنازة فسمع رجلاً يَضحك، فقال(عليه السلام): كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الاَْمْوَاتِ سَفْرٌ(1) عَمَّا قَلِيل إِلَيْنَا رَاجِعُونَ! نُبَوِّئُهُمْ(2) أَجْدَاثَهُمْ(3)،نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ(4)، كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظ وَوَاعِظَة، وَرُمِينَا بِكُلِّ جَائِحَة(5)!!
     118. [وقال(عليه السلام):] طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطَابَ كَسْبُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ(6)،أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى الْبِدْعَةِ.

      ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله).

____________
     1. سَفْر: أي مسافرون.
     2. نُبَوّئهم: ننزلهم.
     3. أجْداثهم: قبورهم.
     4. التُرَاث: أي الميراث.
     5. الجائحة: الافة تُهْلِك الاصل والفرْع.
     6. الخَلِيقة: الخلق والطبيعة.


( 801 )


     119. وقال(عليه السلام): غَيْرَةُ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ(1)، وَغْيْرَةُ الرَّجُلِ إيمَانٌ.
     120. وقال(عليه السلام): لاََنْسُبَنَّ الاِْسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي:
     الاِْسْلاَمُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الاِْقْرَارُ، وَالاِْقْرَارُ هُوَ الاَْدَاءُ، وَالاَْدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ.
     121. وقال(عليه السلام): عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ(2) الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الَّذِى إِيَّاهُ طَلَبَ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحَاسَبُ فِي الاْخِرَةِ حِسَابَ الاَْغْنِيَاءِ.
     وَعَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِي كَانَ بِالامْسِ نُطْفَةً، وَيَكُونُ غَداً جِيفَةً.
     وَعَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِي اللهِ، وَهُوَ يَرَى خَلْقَ اللهِ.
     وَعَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ، وهُوَ يَرَى الْمَوْتَى.
     وَعَجِبْتُ لِمَن أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الاُْخْرَى، وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الاُْولَى.
    
____________
     1. غَيْرَة المرأة كُفْرٌ أي: تؤدي إ لى الكفر، فانها تحرم على الرجل ما أحلّ الله له من زواج متعددات، أما غيرة الرجل فتحريم لما حرّمه الله، وهو الزنى.
     2. البخيل يستعجل الفقر: يريد أنه يهرب من الفقر. بجمع المال، وتكون له الحاجة فلا يقضيها، ويكون عليه الحق فلا يؤديه.


( 802 )


وَعَجِبْتُ لِعَامِر دَارَ الْفَنَاءِ، وَتَارِك دَارَ الْبَقَاءِ.
     122. وقال(عليه السلام): مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ، وَلاَ حَاجَةَ لله فِيمَنْ لَيْسَ لله فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ نَصِيبٌ.
     123. وقال(عليه السلام): تَوَقَّوا الْبَرْدَ(1) فِي أَوَّلِهِ، وَتَلَقَّوْهُ(2) فِي آخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الاَْبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الاَْشْجَارِ، أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَآخِرُهُ يُورقُ(3)
.
     124. وقال(عليه السلام): عِظَمُ الخالِقِ عِنْدَكَ يُصَغِّرُ الْـمَخْلُوقَ فِي عَيْنِكَ.
     125. وقال(عليه السلام) وقد رجع من صفين، فأَشرف على القبور بظاهر الكوفة: يَا أَهْلَ الدِّيَارِ الْمُوحِشَةِ(4)، وَالْـمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ(5)، وَالْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ.
     يَا أَهْلَ التُّرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ، يَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ، يَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ(6) سَابِقٌ، وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ(7) لاَحِقٌ.
     أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ، وَأَمَّا الاَْزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ، وَأَمَّا الاَْمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ.
____________
     1. تَوَقّوا البرد أي: احفظوا أنفسكم من أذاه.
     2. تَلَقّوه: استقبلوه.
     3. آخِرُه يُورِق: لان البرد في آخره يمس الابدان بعد تعودها عليه، فيكون عليها أخف.
     4. المُوحِشة: الموجبة للوَحْشَة ضد الانس.
     5. المَحَالّ ـ جمع مَحَلّ ـ أي: الاركان المُقْفِرة، من أقفر المكان: إذا لم يكن له ساكن ولا نابت.
     6. الفَرَط ـ بالتحريك ـ : المتقدّم إلى الماء، للواحد وللجمع، والكلام هنا على الاطلاق، أي المتقدمون.
     7. التَبَع ـ بالتحريك ـ : التابع.


( 803 )


     هذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا، فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟
     ثم التفت إِلى أَصحابه فقال: أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلاَمِ لاََخْبَرُوكُمْ أَنَّ
(خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)
     126. وقال(عليه السلام) وقد سمع رجلاً يذم الدنيا: أَيُّهَا الذَّامُّ للدُّنْيَا، الْمُغْتَرُّ بِغُرُرِهَا، [الْـمَخْدُوعُ بِأَبَاطِيلِهَا! أَتَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا ]ثُمَّ تَذُمُّهَا؟ أَ أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ(1) عَلَيْهَا، أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ؟ مَتَى اسْتَهْوَتْكَ(2)، أَمْ مَتى غَرَّتْكَ؟ أَبِمَصَارِعِ آبَائِكَ(3) مِنَ الْبِلَى(4)، أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى(5)؟ كَمْ عَلَّلْتَ(6) بِكَفَّيْكَ، وَكَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ! تَبْغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ، وَتَسْتَوْصِفُ لَهُمُ
____________
     1. تَجَرّمَ عليه: ادّعى عليه الجُرْم ـ بالضم ـ أي الذنب.
     2. استهواه: ذهب بعقله وأذله فحيره.
     3. المَصارِع: جمع المَصْرَع، وهو مكان الانصارع أي السقوط، أي مكان سقوط آبائك من الفناء. 4. البِلى ـ بكسر الباء ـ : الفناء بالتحلل.
     5. الثَرَى: التراب.
     6. عَلّل المريض: خدمه في علته ـ كمرّضهُ ـ خدمه في مرضه.


( 804 )


الاَْطِبَّاءَ(1)، لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ(2)، وَلَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطِلْبَتِكَ(3)، وَلَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ! قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ(4)، وَبِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ.
     إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْق لِمَنْ صَدَقَهَا، وَدَارُ عَافِيَة لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنىً لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا(5)، وَدَارُ مَوْعِظَة لِمَنْ اتَّعَظَ بِهَا، مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللهِ، وَمُصَلَّى مَلاَئِكَةِ اللهِ، وَمَهْبِطُ وَحْيِ اللهِ، وَمَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللهِ، اكْتَسَبُوا فِيهَاالرَّحْمَةَ، وَرَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ.
     فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وَقَدْ آذَنَتْ(6) بِبَيْنِهَا(7)، وَنَادَتْ بِفِراقِهَا، وَنَعَتْ(8) نَفْسَهَا
____________
     1. اسْتَوْصَفَ الطبيبَ: طلب منه وصف الدواء بعد تشخيص الداء.
     2. إشفاقك: خوفك.
     3. الطِلْبَة ـ بالكسر وبفتح فكسر ـ : المطلوب، وأسعفه بمطلوبه: أعطاه إياه على ضرورة إليه.
     4. مَثّلَتْ لك به الدنيا نَفْسَك أي: أن الدنيا جعلت الهالك قبلك مثالاً لنفسك تقيسها عليه.
     5. تزَوّدَ أي: أخذ منها زاده للاخرة.
     6. آذَنَتْ ـ بمد الهمزة ـ أي: أَعلمت أهلها.
     7. بَيْنها أي: بُعدها وزوالها عنهم.
     8. نَعَاه: إذا أخبر بفقده.


( 805 )


وَأَهْلَهَا، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلاَئِهَا الْبَلاَءَ،شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ؟! رَاحَتْ بِعَافِيَة(1)، وَابْتَكَرَتْ(2) بِفَجِيعَة(3)، ترغِيباً وَتَرْهِيباً، وَتَخْوِيفاً وَتَحْذِيراً، فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ، وَحَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَذَكَرُوا، وَحَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا، وَوَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا.
     127. وقال(عليه السلام): إِنَّ لله مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْم: لِدُوا(4) لِلْمَوْتِ، وَاجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ، وَابْنُوا لِلْخَرَابِ.
     128. وقال(عليه السلام): الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ إلى دَارِ مَقَرٍّ، وَالنَّاسُ فِيهَا رَجُلاَنِ: رَجُلٌ بَاعَ نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا(5)، وَرَجُلٌ ابْتَاعَ نَفْسَهُ(6) فَأَعْتَقَهَا.
     129. وقال(عليه السلام): لاَ يَكُونُ الصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي ثَلاَث: فِي نَكْبَتِهِ، وَغَيْبَتِهِ، وَوَفَاتِهِ.
____________
     1. راح إليه: وافاه وقت العشي، أي أنها تمشي بعافية.
     2. تَبْكِر أي: تصبح.
     3. فَجِيعة أي: مصيبة فاجعة.
     4. لِدُوا: فعل أمر من الولادة لجماعة المخاطبين.
     5. أوْبَقَها: أهلكها.
     6. ابْتَاع نفسه: اشتراها وخلصها من أسر الشهوات.


( 806 )


     130. وقال(عليه السلام): مَنْ أُعْطِيَ أَرْبعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً: مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الاِْجَابَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الاِْسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ، وَمَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ.
     وتصديقُ ذَلكَ في كتَابِ اللهِ، قَالَ اللهُ عزوجل في الدّعَاء:
(ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال في الاستغفار: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)، وقال في الشكر: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لاَزِيدَنّكُمْ)، وقال في التوبة: (إنّما التّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السّوءَ بِجَهَالَة ثُم يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب فأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً)
     131. وقال(عليه السلام): الصَّلاَةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيّ، وَالْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيف، وَلِكُلِّ شَيْء زَكَاةٌ، وَزَكَاةُ الْبَدَنِ الصِّيَامُ، وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ(1)
.
     132. وقال(عليه السلام): اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، ومَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ.
     133. وقال(عليه السلام): تَنْزِلُ الْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَؤُونَةِ.
     134. وقال(عليه السلام): مَا عَالَ(2) امرؤٌ اقْتَصَدَ.
    
____________
     1. حُسْنُ التَبَعّل: إطاعة الزوج.
     2. عَالَ: افتقرَ.


( 807 )


     135. وقال(عليه السلام): قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ، وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ.
     136. وقال(عليه السلام): يَنْزِلُ الصَّبْرُ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ، وَمَنْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ حَبِطَ أجْرُهُ(1)
.
     137. وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ صَائِم لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الظَّمَأُ، وَكَمْ مِنْ قَائِم لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ الْعَنَاءُ، حَبَّذَا نَوْمُ الاَْكْيَاسِ(2) وَإِفْطَارُهُمْ!
     138. وقال(عليه السلام): سُوسُوا(3) إِيمَانَكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَادْفَعُوا أَمْواجَ الْبَلاَءِ بِالدُّعَاءِ.
     139. ومن كلام له(عليه السلام) لكُمَيْل بن زياد النخعي:
     قال كُمَيْل بن زياد: أخذ بيدي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فأخرجني إلى الجبّان(4)، فلمّا أصحر(5) تنفّس الصّعَدَاء(6)، ثمّ قال:
    
____________
     1. حبِطَ أجره: بطل، لانه يحرم ثوابه.
     2. الاكياس ـ جمع كَيّس بتشديد الياء ـ أي: العقلاء العارفون يكون نومهم وفِطْرُهم أفضل من صوم الحمقى وقيامهم.
     3. سُوسُوا: أمر من السياسة، وهي حفظ الشيء بما يَحُوطه من غيره، والصدقة تستحفظ الشفقة، والشفقة تستزيد الايمان وتذكر الله.
     4. الجَبّان ـ كالجَبّانة ـ : المقبرة.
     5. أصْحَرَ أي: صار في الصحراء.
     6. تنفّسَ الصُعَدَاء أي: تنفس تنفساً ممدوداً طويلاً.


( 808 )


يَا كُمَيْل بْن زِيَاد، إِنَّ هذهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ(1)، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا(2)، فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ:
     النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ(3)، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاة، وَهَمَجٌ(4) رَعَاعٌ(5)، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِق(6)، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيح، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَؤُوا إِلَى رُكْن وَثِيق.
     يَا كُمَيْلُ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ: الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ المَالَ، وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو(7) عَلَى الاِْنْفَاقِ، وَصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ.
    
____________
     1. أوْعِيَة: جمع وِعاء، وهو الاناء وما أشبهه.
     2. أوْعَاها: أشدّها حفظاً.
     3. العالم الرَبّانيّ: العارف بالله، المنسوب إلى الرب.
     4. الهَمَج ـ محركة ـ : الحمقى من الناس.
     5. الرَعَاع ـ كَسَحاب ـ : الاحْداث الطَغام الذين لا منزلة لهم في الناس.
     6. الناعق: مجاز عن الداعي إلى باطل أو حقّ.
     7. يَزْكُو: يزداد نماءً.


( 809 )


يَا كُمَيْل بْن زِيَاد، مَعْرِفَةُ الَعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ، بِهِ يَكْسِبُ الاِْنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ، وَجَمِيلَ الاُْحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ، وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.
     يَا كُمَيْل بْن زِياد، هَلَكَ خُزَّانُ الاَْمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعَُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ: أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ،أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.
     هَا إِنَّ ها هُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وَأَشَارَ إِلى صَدره) لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً(1)! بَلَى أَصَبْتُ لَقِناً(2) غَيْرَ مَأْمُون عَلَيْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا، وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمَ اللهِ عَلَى عِبادِهِ، وَبِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ(3)، لاَ بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ(4)، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لاَِوَّلِ عَارِض مِنْ شُبْهَة.
     أَلاَ لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ! أَوْ مَنْهُوماً(5) بِالَّلذَّةِ، سَلِسَ الْقِيَادِ(6) للشَّهْوَةِ، أَوْ
____________
     1. الحَمَلَة ـ بالتحريك ـ : جمع حامِل، وأصَبْتُ: بمعنى وجدت، أي لو وجدت له حاملين لابرزته وبثثته.
     2. اللَقِنُ ـ بفتح فكسر ـ : من يفهم بسرعة.
     3. المُنْقادُ لحاملي الحقّ: هو المنساق المُقلّد في القول والعمل، ولا بصيرة له في دقائق الحق وخفاياه، فذاك يسرع الشك إلى قلبه لاقل شبهة.
     4. في أحنائه أي: جوانبه، ومفردها حِنْو.
     5. المَنْهوم: المُفْرِط في شهوة الطعام.
     6. سَلِس القِياد: سَهْلُه.


( 810 )


مُغْرَماً(1) بِالْجَمْعِ وَالاِْدِّخَارِ(2)، لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْء، أَقْرَبُ شَيْء شَبَهاً بِهِمَا الاَْنَعَامُ(3) السَّائِمَةُ(4)! كَذلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ.
     اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الاَْرْضُ مِنْ قَائِم لله بِحُجَّة، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أوْ خَائِفاً مَغْمُوراً(5)، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ.
     وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولئِكَ؟ أُولئِكَ ـ وَاللَّهِ ـ الاَْقَلُّونَ عَدَداً، وَالاَْعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا(6) مَا اسْتَوْعَرَهُ(7) الْمُتْرَفُونَ(8)، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ
____________
     1. المُغْرَم ـ بالجمع ـ : المُولّع بجمع المال. 2. ادّخار المال: اكتنازه.
     3. الانْعَام: البهائم.
     4. السائمة: التي ترسل لترعى من غير أن تُعْلَف.
     5. مغموراً: غمره الظلم حتى غطّاه فهو لا يظهر.
     6. اسْتَلانُوا: عدّوا الشيء ليناً.
     7. اسْتَوْعَرَه: عدّه وعْراً خَشِناً.
     8. المُتْرَفُون: أهل الترف والنعيم.


( 811 )


مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَان أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْـمَحَلِّ الاَْعْلَى، أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ!
     انْصَرِفْ إذَا شِئْتَ.
     140. وقال(عليه السلام): الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ.
     141. وقال(عليه السلام): هَلَكَ امْرُؤُ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ.
     142. وقال(عليه السلام) لرجل سأَله أَن يعظه: لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الاْخِرَةَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَيُرَجِّي التَّوْبَةَ(1) بِطُولِ الاَْمَلِ، يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، وَيَعْمَلُ فِيهَا بَعَمَلِ الرَّاغِبِينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ، يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ، وَيَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيَما بَقِيَ، يَنْهَى وَلاَ يَنْتَهِي، وَيَأْمُرُ بِمَا لاَ يَأْتِي، يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلاَ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَيُبْغِضُ الْمُذْنِبِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، وَيُقِيمُ(2) عَلَى مَا يَكْرَهُ الْمَوْتَ لَهُ، إِنْ سَقِمَ(3) ظَلَّ نَادِماً، وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ لاَهِياً، يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ إِذَا عوفِيَ، وَيَقْنَطُ إِذَا
____________
     1. يُرَجِّي التوبة ـ بالتشديد ـ أي: يؤخر التوبة.
     2. يُقيم على الشيء: يداوم على إتيانه.
     3. سَقِمَ: مَرِض.


( 812 )


ابْتُلِيَ، إِنْ أَصَابَهُ بَلاَءٌ دَعَا مُضْطَرّاً، وإِنْ نَالَهُ رَخَاءُ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ، وَلاَ يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ(1)، يَخَافُ عَلَى غْيَرِهِ بِأَدْنىَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ، إِنْ اسْتَغْنَى بَطِرَ(2) وَفُتِنَ، وَإِنِ افْتقَرَ قَنِطَ(3) وَوَهَنَ(4)، يُقَصِّرُ إِذَا عَمِلَ، وَيُبَالِغُ إِذَا سَأَلَ، إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ(5) الْمَعْصِيَةَ وَسَوَّفَ(6) التَّوْبَةَ، وَإِنْ عَرَتْهُ مِحْنَةٌ(7) انْفَرَجَ(8) عَنْ شَرَائِطِ الْمِلَّةِ(9)، يَصِفُ الْعِبْرَةَ(10) وَلاَ يَعْتَبرُ، وَيُبَالِغُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَلاَ
____________
     1. يَسْتَيْقِن: يكون على ثقة ويقين.
     2. بَطِرَ ـ كفرح ـ : اغتر بالنعمة، والغرور فتنة.
     3. القنوط: اليأس.
     4. الوَهْن: الضعف.
     5. أسْلَف: قدم. 6. سَوّفَ: أخّر.
     7. عَرَتْه مِحْنَة: عَرَضت له مصيبة ونزلت به.
     8. انفَرَج عنها: انخلع وبَعُدَ.
     9. شرائط الملّة: الثبات والصبر، والاستعانة بالله.
     10. العِبْرة ـ بالكسر ـ : تنبّه النفس لما يصيب غيرها فتحترس من إتيان أسبابه.


( 813 )


يَتَّعِظُ، فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌّ(1)، وَمِنَ الْعَمَلِ مُقِلٌّ، يُنَافِسُ فِيَما يَفْنَى، وَيُسَامِحُ فِيَما يَبْقَى، يَرَى الْغُنْمَ(2) مغْرَماً(3)، وَالْغُرْمَ مَغْنَماً، يخشَى الْمَوْتَ وَلاَ يُبَادِرُ(4) الْفوْتَ(5)، يَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ مَا يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا يَحْقِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ، فَهُوَ عَلَى النَّاسِ طَاعِنٌ، وَلِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ، اللَّهْوُ مَعَ الاَْغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَلاَ يَحْكُمُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ، يُرْشِدُ غَيْرَهُ يُغْوِي نَفْسَهُ، فَهُوَ يُطَاعُ وَيَعْصِي، وَيَسْتَوْفِي وَلا يُوفِي، وَيَخْشَى الْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ، وَلاَ يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ.

      ولو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظةً ناجعةً، وحكمةً بالغةً، وبصيرةً لمبصر و، عبرةً لناظر مفكّر.

     143. وقال(عليه السلام): لِكُلِّ امْرِىء عَاقِبَةٌ حُلْوَةٌ أَوْ مُرَّةٌ.
     144. وقال(عليه السلام): لِكُلِّ مُقْبِل إِدْبَارٌ، وَمَا أَدْبَرَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
    
____________
     1. أدَلّ على أقرانه: استعلى عليهم.
     2. الغُنْم ـ بالضم ـ : الغنيمة. 3. المَغْرَم: الغرامة.
     4. بادره: عاجله قبل أن يذهب.
     5. الفَوْت: فوات الفرصة وانقضاؤها.


( 814 )


     145. وقال(عليه السلام): لاَ يَعْدَمُ الصَّبُورُ الظَّفَرَ وَإِنْ طَالَ بِهِ الزَّمَانُ.
     146. وقال(عليه السلام): الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْم كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ، وَعَلَى كُلِّ دَاخِل فِي بَاطِل إِثْمَانِ: إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ، وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ.
     147. وقال(عليه السلام): اعْتَصِمُوا(1) بِالذِّمَمِ(2) فِي أَوْتَادِهَا(3)
.
     148. وقال(عليه السلام): عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ مَنْ لاَ تُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِ(4)
.
     149. وقال(عليه السلام): قَدْ بُصّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ(5)، وَقَدْ هُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ، وأُسْمِعْتُمْ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ.
     150. وقال(عليه السلام): عَاتِبْ أَخَاكَ بِالاِْحْسَانِ إِلَيْهِ، وَارْدُدْ شَرَّهُ بِالاِْنْعَامِ عَلَيْهِ.
     151. وقال(عليه السلام): مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوَاضِعَ التُّهَمَةِ فَلاَ يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ.
____________
     1. اعْتَصِموا: تحصّنوا.
     2. الذِمَم: العهود.
     3. الاوتاد: جمع وَتِد، وهو ما رُزّ في الارض أو الحائط من خشب، ويريد بالاوتاد ـ هنا ـ الرجال أهل النجدة الذين يوفون بها.
     4. من لا تُعْذَرُون بجهالَتِه أي: عليكم بطاعة عاقل لاتكون له جهالة تعتذرون بها عند البراءة من عيب السقوط في مخاطر أعماله فيقل عذركم في اتباعه.
     5. بُصّرْتُم إن أبْصرْتم أي: إن كانت لكم أبصار فأبصروا.


( 815 )


     152. وقال(عليه السلام): مَنْ مَلَكَ استأْثَرَ(1)، وَمَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَا، وَمَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيرَةُ(2) بِيَدِهِ.
     153. وقال(عليه السلام): الْفَقْرُ الْمَوْتُ الاَْكْبَرُ.
     154. وقال(عليه السلام): مَنْ قَضَى حَقَّ مَنْ لاَ يَقْضِي حَقَّهُ فَقَدْ عَبَدَهُ.
     155. وقال(عليه السلام): لاَ طَاعَةَ لَِمخْلُوق فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
     156. وقال(عليه السلام): لاَ يُعَابُ الْمَرْءُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ، إِنَّمَا يُعَابُ مَنْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ.
     157. وقال(عليه السلام): الاِْعْجَابُ يَمْنَعُ مِنَ الاْزْدِيَادَ(3)
.
     158. وقال(عليه السلام): الاَْمْرُ قَرِيبٌ وَالاْصْطِحَابُ قَلِيلٌ(4)
.
     159. وقال(عليه السلام): قَدْ أَضَاءَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ.
     160. وقال(عليه السلام): تَرْكُ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ.
    
____________
     1. اسْتَأثَرَ أي: استبدّ.
     2. الخِيَرَة: الخيار.
     3. الاعْجاب يمنع من الازْدِياد: مَن أعْجِبَ بنفسه وَثِقَ بكمالها فلم يطلب لها الزيادة في الكمال، فلا يزيد بل ينقص.
     4. أمر الاخرة قريب، والاصطحاب في الدنيا قصير الزمن قليل.


( 816 )


     161. وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ أَكْلَة مَنَعَتْ أَكَلاَت!
     162. وقال(عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.
     163. وقال(عليه السلام): مَنِ اسْتَقْبَلَ وُجُوهَ الاْرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ الْخَطَاَ.
     164. وقال(عليه السلام): مَن أَحَدَّ(1) سِنَانَ(2) الْغَضَبِ لله قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ الْبَاطِلِ.
     165. وقال(عليه السلام): إِذَا هِبْتَ أَمْراً(3) فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ(4) أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ.
     166. وقال(عليه السلام): آلَةُ الرِّيَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ.
     167. وقال(عليه السلام): ازْجُرِ الْمُسِيءَ بِثوَابِ الْـمُحْسِنِ(5)
.
     168. وقال(عليه السلام): احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ.
    
____________
     1. أحَدّ ـ بفتح الهمزة والحاء وتشديد الدال ـ أي: شَحَذَ.
     2. السِنَان: نَصْل الرمح.
     3. هِبْت أمراً: خفت منه.
     4. تَوَقّيه: الاحتراز منه.
     5. ازجر المسيء بثواب المُحسن أي: إذا كافأت المحسن على إحسانه أقلع المسيء عن إساءته طلباً للمكافأة.


( 817 )


     169. وقال(عليه السلام): اللَّجَاجَةُ تَسُلُّ الرَّأْيَ(1)
.
     170. وقال(عليه السلام): الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ.
     171. وقال(عليه السلام): ثَمَرَةُ التَّفْرِيطِ النَّدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الْحَزْمِ السَّلاَمَةُ.
     172. وقال(عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقوْلِ بِالْجَهْلِ.
     173. وقال(عليه السلام): مَا اخْتَلَفَتْ دَعْوَتَانِ إِلاَّ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ضَلاَلَةً.
     174. وقال(عليه السلام): مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ.
     175. وقال(عليه السلام): مَا كَذَبْتُ وَلاَ كُذِّبْتُ، وَلاَ ضَلَلْتُ وَلاَ ضُلَّ بِي.
     176. وقال(عليه السلام): لِلظَّالِمِ الْبَادِي غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ(2)
.
     177. وقال(عليه السلام): الرَّحِيلُ وَشِيكٌ(3)
.
     178. وقال(عليه السلام): مَنْ أَبْدى صَفْحَتَهُ(4) لِلْحَقِّ هَلَكَ.
     179. وقال(عليه السلام): مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصَّبْرُ أَهْلَكَهُ الْجَزَعُ.
    
____________
     1. اللَجَاجَة: شدة الخِصام تعصباً، لاللحق، وهي تَسُلّ الرأيَ، أي تَذْهَبُ به وتَنْزِعه.
     2. بكفّه عَضّة: أي يعض الظالم على يده ندماً يوم القيامة.
     3. وشِيك: قريب، أي أن الرحيل من الدنيا إلى الاخرة قريب.
     4. إبْدَاء الصفحة: إظهار الوجه، والمراد الظهور بمقاومة الحق.


( 818 )


     180. وقال(عليه السلام): وَاعَجَبَاهُ! أَتَكُونُ الْخِلاَفَةَ بِالصَّحَابَةِ وَلاَتَكُونُ بِالصَّحَابةِ(1) وَالْقَرَابَةِ؟
     و روي له شعر في هذا المعنى، وهو:
    

فَإِنْ كُنْتَ بِالشُّورَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ

فَكَيْفَ بِهذَا وَالْمُشِيرُونَ غُيَّبُ(2)؟

وَإِنْ كنْتَ بِالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ(3)

فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَأَقْرَبُ


     181. وقال(عليه السلام): إِنَّمَا الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا غَرَضٌ(4) تَنْتَضِلُ فِيهِ(5) الْمَنَايَا(6)،
____________
     1. عبارة: «و لاتكون بالصحابة» لم ترد في أكثر الطبعات لنهج البلاغة ومنها طبعة صبحي الصالح هذه، وأثبتناها من النسخ الخطية، وحذف هذه العبارة يعدّ خلافاً للامانة العلمية التي هي شرط أساسي لكلّ محقق، فلا يحقّ لايّ محقق أن يتلاعب بالنصّ ويحذف منه شيئاً ويغيّر معنى الكلام لاغراض تخصّه [المصحح]
2. غُيّبُ ـ جمع غائب ـ : يريد بالمشيرين أصحاب الرأي في الامر، وهم علي وأصحابه من بني هاشم وغيرهم.
     3. خَصِيمُهم: المجادل باسمهم، ويريد احتجاج أبي بكر على الانصار بأن المهاجرين شجرة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
     4. الغَرَض ـ بالتحريك ـ : ما يُنْصَب ليصيبه الرامي.
     5. تَنْتَضِل فيه: أي تصيبه وتثبت فيه.
     6. المَنايا: جمع مَنِيّة، وهي الموت.


( 819 )


وَنَهْبٌ(1) تُبَادِرُهُ الْمَصَائِبُ، وَمَعَ كُلِّ جُرْعَة شَرَقٌ(2)، وَفِي كُلِّ أَكْلَة غَصَصٌ، وَلاَ يَنَالُ الْعَبْدُ نِعْمَةً إِلاَّ بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَلاَ يَسْتَقْبِلُ يَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ بِفِرَاقِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ.
     فَنَحْنُ أَعْوَانُ الْمَنُونِ(3)، وَأَنْفُسُنَا نَصْبُ الْحُتُوفِ(4)، فَمِنْ أَيْنَ نَرْجُوا الْبَقَاءَ وَهذَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَمْ يَرْفَعَا مِنْ شَيْء شَرَفاً(5) إِلاَّ أَسْرَعَا الْكَرَّةَ فِي هَدْمِ مَا بَنَيَا، وَتَفْرِيقِ مَا جَمَعا؟!
     182. وقال(عليه السلام): يَابْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ، فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ.
     183. وقال(عليه السلام): إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالاً وَإِدْبَاراً، فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ
____________
     1. النَهْب ـ بفتح فسكون ـ : ما يُنْهَب.
     2. الشَرَق ـ بالتحريك ـ : وقوف الماء في الحلق، أي مع كل لذة ألم.
     3. المَنُون ـ بفتح الميم ـ : الموت.
     4. أنفسنا نَصْب الحُتُوف أي: تجاهها، والحُتُوف: جمع حَتْف أي هلاك.
     5. الشَرَف: المكان العالي، والمراد به هنا كل ما علا من مكان وغيره.


( 820 )


     184. وكان(عليه السلام) يقول: مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ؟ أَحِينَ أَعْجِزُ عَنِ الاْنْتِقَامِ فَيُقَالُ لِي: لَوْ صَبَرْتَ؟ أَمْ حِينَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لي: لَوْ عَفَوْتَ.
     185. وقال(عليه السلام) وقد مرّ بقذر على مزبلة: هذا مَا بَخِلَ بِهِ الْبَاخِلُونَ.
     و روي في خبر آخر أَنه قال: هذَا مَا كُنْتُمْ تَتَنَافَسُونَ فِيهِ بِالاَْمْسِ!
     186. وقال(عليه السلام): لَمْ يَذْهَبْ مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ.
     187. وقال(عليه السلام): إِنَّ هذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الاَْبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ(1)
.
     188. وقال(عليه السلام) لما سمع قول الخوارج ـ لا حكم إِلاَّ للهِ ـ : كَلِمَةُ حَقّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ.
     189. وقال(عليه السلام) في صفة الْغوغاء(2): هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا.
     وقيل: بل قال: هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا.
     فقيل: قد علمنا مضرة اجتماعهم، فما منفعة افتراقهم؟
     فقال: يَرْجِعُ أَصْحَابُ الْمِهَنِ إِلَى مِهَنِهِمْ، فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ، كَرُجُوعِ الْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ، وَالنَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ، وَالْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ.
    
____________
     1. طرائف الحكمة: غرائبها المستطرفة.
     2. الغَوْغَاء ـ بغينين معجمتين ـ : أوباش الناس يجتمعون على غير ترتيب.


( 821 )


     190. وقال(عليه السلام)وقد أُتي بجان ومعه غوغاءُ: لاَ مَرْحَباً بِوُجُوه لاَ تُرى إِلاَّ عِنْدَ كُلِّ سَوْأَة.
     191. وقال(عليه السلام): إِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَان مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَإِنَّ الاَْجَلَ(1) جُنَّةٌ حَصِينَةٌ(2)
.
     192. وقال(عليه السلام)، وقد قال له طلحة والزبير: نبايعك على أَنّا شركاؤُكَ في هذا الاَمر.
     فقال: لاَ، وَلكِنَّكُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقُّوَّةَ وَالاِْسْتَعَانَةِ، وَعَوْنَانِ عَلَى الْعَجْزِ وَالاَْوَدِ(3)
.
     193. وقال(عليه السلام): أَيُّهَا النَّاسُ، اتّقُوا اللهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سمِعَ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ، وَبَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ.
     194. وقال(عليه السلام): لاَ يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ لاَ يَشْكُرُهُ لَكَ، فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِشَيْء مِنْهُ، وَقَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ،
(وَاللهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ)
    
____________
     1. الاجَل : ما قدّره الله للحي من مدّة العمر.
     2. جُنّة حصينة: وقاية منيعة.
     3. الاوَد: بُلوُغ الامر من الانسان مجهوده لشدّته وصعوبة احتماله.


( 822 )


     195. وقال(عليه السلام): كُلُّ وِعَاء يَضِيقُ بِمَا جُعِلَ فِيهِ إِلاَّ وِعَاءَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ.
     196. وقال(عليه السلام): أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ.
     197. وقال(عليه السلام): إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بَقَوْم إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ.
     198. وقال(عليه السلام): مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ، وَمَنْ خَافَ أَمِنَ، وَمَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ،مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ، وَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ.
     199. وقال(عليه السلام): لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا(1) عَطْفَ الضَّرُوسِ(2) عَلَى وَلَدِهَا.
     و تلا عقيب ذلك:
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)
     200. وقال(عليه السلام): اتَّقُوا اللهَ تَقِيَّةَ مَنْ شَمَّرَ تَجْرِيداً، وَجَدَّ تَشْمِيراً، وَكَمَّشَ(3)فِي مَهَل، وَبَادَرَ عَنْ وَجَل(4)،نَظَرَ فِي كَرَّةِ الْمَوْئِلِ(5)، وَعَاقِبَةِ الْمَصْدَرِ، وَمَغَبَّةِ الْمَرْجِعِ(6).
____________
     1. الشِماس ـ بالكسر ـ : امتناع ظهر الفرس من الركوب.
     2. الضَرُوس ـ بفتح فضم ـ : الناقة السيّئة الخلق تعض حالبها، أي إن الدنيا ستنقاد لنا بعد جُمُوحها وتلين بعد خشونتها، كما تنعطف الناقة على ولدها، وإن أَبتْ على الحالب.
     3. كَمّشَ ـ بتشديد الميم ـ : جَدّ في السَوْق، أي: وبالغ في حث نفسه على المسير إلى اللّه ولكن مع تمهل البصير. 4. الوَجَل: الخوف.
     5. المَوْئِل: مستقرّ السير، يريد به ـ هنا ـ ما ينتهي إليه الانسان من سعادة وشقاء، وكرّته: حملته وإقباله.
     6. المَغَبّة ـ بفتح الميم والغين وتشديد الباء ـ : العاقبة، إلا أنه يلاحظ فيها مجرد كونها بعد الامر، أما العاقبة ففيها أنها مسببة عنه، والمصدر: عملك الذي يكون عنه ثوابك وعقابك، والمَرْجع: ما ترجع إليه بعد الموت ويتبعه إما السعادة وإما الشقاوة.


( 823 )


     201. وقال(عليه السلام): الْجُودُ حَارِسُ الاَْعْرَاضِ، وَالْحِلْمُ فِدَامُ(1) السَّفِيهِ، وَالْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ، وَالسُّلُوُّ(2) عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ، وَالاْسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ وَقَد خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ، وَالصَّبْرُ يُنَاضِلُ الْحِدْثَانَ(3)، والْجَزَعُ(4) مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ، وَأَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى(5)، وَكَمْ مِنْ عَقْل أَسيِر تَحْتَ هَوَى أَمِير! وَمِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ، وَالْموَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ، وَلاَ تَأْمَنَنَّ مَلُولاً(6).
____________
     1. الفِدَام ـ ككتاب وسَحَاب، وقد تشدّد الدال أيضا مع الفتح ـ : شيء تشده العجم على أفواهها عند السَقْي، أي: وإذا حلمت فكأن ربطت فم السفيه بالفِدام فمنعته من الكلام.
     2. السُلُوّ: الهجو والنسيان.
     3. الحِدْثان ـ بكسر فسكون ـ : نوائب الدهر. والصبر يناضلها: أي يدافعها.
     4. الجزع: شدّة الفزع.
     5. المُنى ـ بضم ففتح ـ : جمع مُنْيَة، وهي ما يتمناه الانسان. 6. المَلُول ـ بفتح الميم ـ : السريع الملل والسآمة.
    


( 824 )


     202. وقال(عليه السلام): عُجْبُ(1) الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ.
     203. وقال(عليه السلام): أَغْضِ(2) عَلَى الْقَذَى(3) وَالاَْلَمِ تَرْضَ أَبَداً(4)
.
     204. وقال(عليه السلام): مَنْ لاَنَ عُودُهُ كَثُفَتْ أَغْصَانُهُ(5)
.
     205. وقال(عليه السلام): الْخِلاَفُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ.
     206. وقال(عليه السلام): مَنْ نَالَ(6) اسْتَطَالَ(7)
.
    
____________
     1. العُجْب ـ بضم العين ـ : إعجاب المرء بنفسه.
     2. الاغْضاء على الشيء: كناية عن تحمله.
     3. القَذَى: الشيء يسقط من العين.
     4. وفي بعض النسخ: وإلاّ لم ترض أبداً.
     5. يريد من لين العُود: طراوة الجثمان الانساني ونضارته بحياة الفضل وماء الهمّة. وكثافة الاغصان: كثرة الاثار التي تصدر عنه كأنها فروعه، ويريد بها كثرة الاعوان.
     6. نال: أي أعطى، يقال: نُلْته ـ على وزن قُلْته ـ أي: أعطيته.
     7. الاستطالة: الاستعلاء بالفضل.


( 825 )


     207. وقال(عليه السلام): فِي تَقَلُّبِ الاَْحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ.
     208. وقال(عليه السلام): حَسَدُ الصَّدِيقِ مِنْ سُقْمِ الْمَوَدَّةِ(1)
.
     209. وقال(عليه السلام): أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ.
     210. وقال(عليه السلام): لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ الْقَضَاءُ عَلَى الثِّقَةِ بِالظَّنِّ.
     211. وقال(عليه السلام): بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ.
     212. وقال(عليه السلام): مِنْ أَشْرَفِ أَفْعَالِ الْكَرِيمِ غَفْلَتُهُ عَمَّا يَعْلَمُ.
     213. وقال(عليه السلام): مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ.
     214. وقال(عليه السلام): بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ، وَبِالنَّصَفَةِ(2) يَكْثُرُ الْمُوَاصلُونَ(3)، وَبالاِْفْضَالِ تَعْظُمُ الاَْقْدَارُ، وَبِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ، وَبِاحْتَِمالِ الْمُؤَنِ(4) يَجِبُ السُّؤْدَدُ(5)، وَبِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِىءُ(6)،بِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِيهِ تَكْثُرُ الاَْنْصَارُ عَليْهِ.
____________
     1. سُقْم المَوَدّة: ضعف الصداقة.
     2. النَصَفَة ـ بالتحريك ـ : الانصاف.
     3. المُوَاصِلُون أي: المحبّون.
     4. المُؤن ـ بضم ففتح ـ : جمع مؤونة، وهي القوت.
     5. السُؤدَد: الشرف.
     6. المُناوِىء: المخالف المعاند.


( 826 )


     215. وقال(عليه السلام): الْعَجَبُ لِغَفْلَةِ الْحُسَّادِ عَنْ سَلاَمَةِ الاَْجْسَادِ!
     216. وقال(عليه السلام): الطَّامِعُ فِي وِثَاقِ الذُّلِّ.
     217. وقال(عليه السلام) وقد سئل عن الاِيمان: الاِْيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وعَمَلٌ بِالاَْرْكَانِ.
     218. وقال(عليه السلام): مَنْ أَصْبَحَ عَلَى الدُّنْيَا حَزِيناً فَقَدْ أَصْبَحَ لِقَضَاءِ اللهِ سَاخِطاً، وَمَنْ أَصْبَحَ يَشَكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَقَدْ أَصْبَحَ يَشْكُو رَبَّهُ، وَمَنْ أَتى غَنِيَّاً فَتَوَاضَعَ لِغِنَاهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَهُوَ مِمَّنْ كَانَ يَتَّخِذُ آيَاتِ اللهِ هُزُواً، وَمَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا الْتَاطَ(1) قَلْبُهُ مِنْهَا بِثَلاَث: هَمٍّ لاَ يُغِبُّهُ، وَحِرْص لاَ يَتْرُكُه، وَأَمَل لاَ يُدْرِكُهُ.
     219. وقال(عليه السلام): كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً، وَبِحُسْنِ الْخُلُقِ نَعِيماً.
     220. وسئل(عليه السلام) عن قوله تعالى:
(فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، فَقَالَ: هِيَ الْقَنَاعَةُ.
     221. وقال(عليه السلام): شَارِكُوا الَّذِي قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ، فَإِنَّهُ أَخْلَقُ لِلْغِنَى، وَأَجْدَرُ بِإِقْبَالِ الْحَظِّ عَلَيْهِ.
     222. وقال(عليه السلام) في قول الله تعالى
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِْحْسَانِ): الْعَدْلُ الاِْنْصَافُ، وَالاِْحْسَانُ التَّفَضُّلُ.
____________
     1. التَاطَ: التَصَق.

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه