القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

 

 

 

 

  الطفولة.. تصنع المعجزة أيضاً

  المحارب الصغير

  لا.. للاستسلام

حينما يتفتح وعي الطفل، ويبدأ بتفهم الأشياء التي تزخر بها الحياة من حوله، فإن إدراكه يتأثر تأثراً بعيداً بنوعية الجو الذي يعيشه، والمحيط الذي ينشأ فيه، فهو مستعد لأن يصبح وحشاً يقلد الذئاب إن تربّى معها وتحرك في مضمارها كما حصل بالفعل في أدغال الهند وغاباتها حينما اختطفت الذئاب بعض الأطفال.

وهو مستعد لأن يضطلع بأعباء المسؤولية ويتحمل آلام الأمة وآمالها ويشارك في صنع مصير المجتمع رغم حداثة سنه... كل ذلك إذا عاش أجواء الثورة وتربى في أسرة النضال ونشأ في عائلة الإيمان.

ولقد رسم أطفال كربلاء بدمائهم البريئة صوراً وضاءة للبراعم الثائرة في روضة الخلود اليانعة بثمار الكرامة والبطولة والحرية والنبل والإباء الذي لا ينقطع..

وفي مشهد رائع كل الروعة التقطته كاميرا التأريخ الإنساني لطفل يتخطى لتوّه العقد الأول من عمره وهو وحيد أمه المدلل وقد سقط قبل لحظات أبوه على أرض المعركة شهيداً، نجد معنى أن ينتصب الطفل شامخاً ليساهم في بناء حضارة الصمد والتحدي من أجل إعلاء كلمة الحق وإعزاز المبادئ السامية التي تنتعش في ظلالها الحياة وينعم الإنسان بفضيلتها..

إنه طفل.. ولكن ليس كالأطفال.. تحكي ملامحه عن هدوء أشبه بسكينة الأنبياء المصلحين ووقار العلماء الراسخين، وتلوح على وجهه علامات التصميم والعزم والبطولة..

رأته بعض النساء وهو يلبس الخوذة ويحمل على ظهره السيف ويمشي كالأبطال المنتصرين باتزان عظيم.

اقترب من إحداهن وسألها: أين خيمة الحسين؟ كان الإمام حينئذ داخل خيمة القيادة يراقب سير المعارك فدلته المرأة إليه.. وسرعان ما اختفى بين الخيام، بينما كانت المرأة تلاحقه بنظراتها...

ترى ماذا يريد من الحسين؟!

هل سيطلب ماءاً؟!

وماذا سيقول له الحسين؟؟

إذا كان يريد الماء فما معنى السيف الذي يتقلده بينما هو يخط على الأرض خطوطاً عرجاء كأنها الأفعى؟!

بكل رباطة جأش.. دخل خيمة الإمام .. فضمه الحسين إلى صدره، وبادره:

- ماذا تريد يا بني؟

- أجاب: الإذن.

- الإذن؟ الإذن في ماذا؟

- أبا عبد الله.. لقد قتل أبي في المعركة وأريد أن أقاتل القوم، فأذن لي.

كانت نبراته هادئة.. ولها جرس الواثق وإيقاع المتحمس.. وكان تلهفه للحصول على رخصة الحرب شديداً كأنه عريس يبحث عن غرفة الزفاف.

نظر إليه الإمام طويلاً.. فانزلقت عيناه إلى خديه الممتلئين دماً إلى قده.. إلى السيف الذي بدا وكأنه أطول منه.. إلى رجليه الحافيتين ثم قال (عليه السلام) لمن حوله: هذا الطفل قتل أبوه في المعركة وأخشى أن لا ترغب أمه في القتال.. ولكنه بادر قائلاً:

سيدي.. إن أمي هي التي قلدتني حمائل سيفي.. وأمرتني بذلك. فامتلأت عينا الإمام بالدموع وفاضت.. وقال: بارك الله فيكم.

واعتبرها الطفل إذناً له.. فانحدر إلى الساحة مهرولاً وسمعه العسكر يقول وهو يهجم على العدو:

أميري حسين ونعم الأمـــير           سرور فؤاد البشير النذير

له طلعة مثل شمس الضحى           له غرة مثل بدر منـــــــير

علـــي وفاطمـــــــــة والداه           فهل تعلمون له من نظيــــر

هل كانت هذه الأنشودة من صناعته؟

أم أن أمه هي التي أنشأتها.. ثم حفظها هو؟

لا أحد يعرف..

إنما الذي عرفوه أن هذا الطفل حارب مثل الكبار وردد أرجوزة الحرب مثل الكبار.. وحتى موته جاء مثل موت الكبار.

فقد قطعوا رأسه الصغير ورموا به إلى معسكر الإمام. كأنهم بهذا أرادوا أن يخوفوا أمه.. أو ينكلوا بها لكي تكون عبرة لبقية النساء.

ولكن الأم كانت فوق أن يهد من عزيمتها رأس ابنها المقطوع...

إن إيمانها بعدالة قضيتها كان يزداد صفاءاً وهي تقدم هذا الطفل قرباناً على طريق الله و الحق والعدل.. إن رأس ابنها المقطوع كان يعني لها ولجميع الأحرار المجاهدين والثوار الطليعيين قنديل شهادة.. ولذلك فإنها أمسكت بالرأس وكان لا يزال الدم يتدفق منه بحرارة وأخذت تمسح عنه التراب وتقول..

أحسنت يا نورسس عيني.. أحسنت يا سرور فؤادي ثم رمت به إلى جانب معسكر العدو وحملت عمودا للخيمة وانحدرت نحو الساحة وهي تصيح:

أنا عجوز في النسا ضعيفة           خاوية بالية نحـــــــــــيفة

أضربكم بضربــــة عنـــــــيفة            دون بني فاطمة الشريفة

ربما لكي يعرفوا أن الإيمان يصنع المعجزات.. فيجعل الأم تقاتل برأس ولدها في سبيل تحقيق إرادة الحق في الأرض... وهكذا صنعت الطفولة معجزة الانتصار في كربلاء.

 

 

عاد إلى أمّه ودموعه تسبق أنفاسه. كان الحزن مخيماً على نفسه وقد ارتاع قلبه لخيبة الأمل.

عاد إليها حزيناً منكسراً، فؤاده يعتصر من وطأة الخجل ولسانه يتعثر من شدّة الحسرة..

لقد رفض الإمام الحسين (عليه السلام) أن يأذن له بالقتال!

لمّا رأته أمّه على تلك الحالة أشفقت عليه، لكنّها لم تضمّه إلى صدرها ولم تشبعه بالقبلات، إنّما عاملته معاملة الرجل للرجل! قالت له كلمات ساخنة ملأت قلبه الصغير حماسة وقوّة: (بني لماذا رجعت؟)

أجاب: الحسين هو الذي أرجعني.. قال لي اذهب إلى أمّك لتتسلى بك.

هنا أدركت أم عمرو بن جنادة الأنصاري من عمل الحسين هذا، أنه رفض مشاركته في الحرب لأنه أشفق عليه واستصغر سنّه. أشفق عليه لأن أباه قتل في المعركة قبل لحظات، وعظيم على الحسين أن يرى أرملة تعصف بها فاجعة جديدة قبل أن تجف دماء الفاجعة الأولى. واستصغر سنّه لأن حمائل سيفه كانتا تخطان الأرض وليس بمقدورها أن تخفي سنواته الأحد عشر.

لمّا أدركت أمّه ذلك، سحبته إليها ومسحت عن وجهه الغبار، وخاطبته بمنتهى اللطف: على مهلك يا حبيبي.. على مهلك حتى أربط حمائلك واشدّ ثيابك.. على مهلك النهار طويل ولدينا ما يكفي من الوقت.

بني إن الحسين استصغر سنّك.. لا بأس سوف أخفي سنواتك القليلة وراء ثيابك الطويلة، وسأغطي على صغر سنّك بشدّ ثيابك وتحكيم حمائلك. وإذا كان الحسين يخشى على أمّك بسبب قتل أبيك، اذهب إليه وقل له إنّ أمّي هي التي أمرتني بالجهاد.

وهنا تهلل وجه الطفل الصغير فرحاً.

وما هي إلا لحظات حتى عاد إلى الحسين مسروراً وفي يده الإذن من أمّه، لكنّه لا يزال يحوم في أفكاره ويحسب للردّ ألف حساب.

دخل على الحسين، تلعثم في إلقاء التحية.

فقال له الإمام: (بني ما الذي أعادك؟ ألم أقل لك ارجع إلى أمك لتتسلى بك؟)

فقال: (سيدي إنّ أمّي هي التي قلدتني حمائل سيفي وألبستني اللامة وقلدتني السيف).

نظر إليه الحسين قليلاً فوجد في ملامحه التصميم والبطولة. وكان لمنظره الحزين وقعاً خاصاً في نفس الحسين (عليه السلام). لذلك امتلأت عيناه بالدموع وقال في الثناء عليه وعلى أبويه: (بارك الله فيكم). وللحال عاد وقلب الفتى الصغير ينبض نبضه السوي، وزال التوتر عن أعصابه، فقد اعتبر كلام الحسين إذناً له في المعركة. ولذلك نسي الفتى أن يرجع إلى أمّه لكي يودّعها، فحرارة الشوق إلى المعركة والدفاع عن الحسين غلبت على إحساساته، وخيّمت على مشاعره. فما إن حصل على الإذن حتى سمعه المعسكر يتنغّم بأبياته:

أميري حسين ونعم الأميــــر          ســرور فؤاد البشير النذيـر

له طلعة مثل شمس الضّحـى         لــه غرّة مثل بـدر منيــــر

علــي وفاطمـــة والـــــــــــداه         فهل تعـلمون له من نضيـر

وبدأ المقاتل الصغير يخوض حرباً قاسية مع من هم أكبر منه مقاساً وأقل منه ثباتاً وعقيدة. وصار يشبه الكبار في كلّ شيء، في قتاله وثباته في رجولته وإصراره، إلا الجسد الضامر الصغير فلم يشابهه به أحد. وبقي يخوض غمار الحر ويأبى الاستسلام حتى فرّق العدو بين رأسه وجسده، ثم رموا برأسه إلى أمّه الواقفة بباب الخيمة. وكان المفروض على أمّه أن تسقط على وجهها وإن تموت حسرة لعظيم المصيبة، ولكن ما بال الأم التي تبحث لولدها عن الموت. لقد حوّلت الفواجع إلى انتصار والمصائب إلى مجد وبطولات. فبعد أن قطعوا رأسه وألقوا به بين يدها، لم تضمه إلى صدرها ولم تمسح عنه الدم والتراب ولم تبكي عليه بكاءً مرّاً، إنّما رمت به عدواً قريباً منها فأصابته! وهي أول أمّ تقاتل برأس ولدها!! إن لوحة التضحيات التي رسمتها هذه المرأة لولدها أفاضت على التاريخ صوراً حيّة ومشرقة. فبدلاً من الزوجة كانت تبحث لولدها عن الشهادة، وبدلاً من الحياة الفارهة كانت ترجو له التضحية، وما أحلى التضحية بين يدي الحسين بن بنت رسول الله. وهل اكتفت أم عمرو عند هذا الحد من التضحية؟ كلاّ.. فقد خرجت إلى ساحة المعركة وبيدها عمود الخيمة تقاتل به كأنّها اللبوة الهائجة، وكانت ترتجز أبيات تعبّر عن ولائها العميق لأهل البيت (عليهم السلام):

إني عجوز في النسا ضعيفـة         خـــاويــــة باليـــة نحيفــــة

أضـــربكــم بضـــربة عنيــــفــة         دون بني فاطمة الشريفـة

لكن الحسين ردّها إلى خدرها فليس على النساء قتال. كانت هذه قصّة المحارب الصغير وأمّه الثكلى، وهي قصّة بطولة رائعة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه. ليس فقط لأن أبطال هذه القصة بذلوا كل ما بوسعهم من تضحيات بل لأنهم قدّموها برغبة صادقة دون أن يفقدوا ثبات رشدهم. فالأب ضحّى بنفسه وهو غير مكترث بما سيحل بابنه وزوجته. والأم دخلت المعركة ولم يهدّها قتل زوجها وولدها والتمثيل بأجسادهم. أما المحارب الصغير فقد قاتل هو الآخر مثل الكبار وردّد أنشودته مثل الكبار ثمّ مات كما يموت الكبار.

وتبقى هذه القصّة شامخة بالغة ضد ما في الحياة من عجز وكذب وألم!

  

 

... في كربلاء حيث عانق مائة رجل أسنة الرماح، وحدّ السيف ودفعوا من أرواحهم ضريبة التمسك بالحق والعدل والحرية من أجل الجماهير التي تحكم فيهم الجور المستند على الاستغلال.. فكان الموت.. موت البطولة لأن أنصار الحسين هم الذين فتشوا عنه وحينما وقعوا صرعى على الأرض كانت راية العدالة تخفق على قبورهم هذه الراية التي لا تسقى إلا بدماء الشهداء..

حاصر العدو معسكرهم.. لم يبق لديهم أي أمل في النجاة.. عدوهم يملك قوات ضخمة من المشاة، والفرسان تكفي لسحق أضعاف أضعافهم فقط عدد المشاة كان يزيد على عشرة آلاف مقاتل..

أما هم.. فإن كلهم - مع الأطفال والنساء - لم يتجاوز عددهم المائتين.. مائة منهم فقط كانوا يستطيعون حمل السلاح..

هل استسلم منهم أحد؟

هل فرّ من الموت؟

هل حاول استعطاف العدو؟

لم يحدث أي شيء من ذلك.

لقد كان باستطاعة أي واحد منهم أن يستسلم للعدو، وكان ذلك يكفي لأن يحصل على جائرة ثمينة، ومجد دنيوي كبير..

وكان باستطاعة أي واحد منهم أن يهرب في أي لحظة.. فالأرض كانت رملية، والمعارك كانت تثير الغبار الكثيف مما كان يشكل مضلة طبيعية للفرار والاختفاء وراء النخيل.. ولكنهم لم يفعلوا.

إن قناعتهم كانت تضرب حجابا بينهم وبين التفكير في مثل ذلك.. بعضهم كان يوصي الآخر بالحرب، وبعضهم كان يدفع الثاني إلى الموت..

هذا واحد منهم اسمه: (عابس بن شبيب).

صفته الاجتماعية: جيده جداً.. وله سوابق بطولية في معركة أذربيجان، يلتفت يوم عاشوراء إلى (شوذب مولى شاكر) ويقول له: (يا شوذب... ما في نفسك أن تصنع)؟

فيجيبه: ما أصنع؟ أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أقتل.

ذلك الظن بك... والآن تقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، وحتى أحتسبك أنا، فإنه لو كان معي الساعة أحد، وأنا أولى به منك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى احتسبه.

وأضاف:

(أن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما قدرنا فيه، فإنه لا عمل بعد اليوم.. وإنما هو الحساب).

ويتقدم شوذب بين يديه، ويقاتل حتى يقتل..

ثم يتقدم هو.. يقف أمام الحسين ويقول له:

(والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد اعز عليّ ولا أحب إليّ منك يا أبا عبد الله.. أما والله لو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعز عليّ من نفسي ودمي لفعلت..)

إن التأريخ شهد بطولات كثيرة.. ولكنه لم يشهد قناعة كهذه القناعة.

لم يشهد التأريخ أن ترتفع رغبة الشهادة لدى مقاتلين كلما تقل فرص النجاح، فيزداد إصرار الشهداء على مواصلة الحرب كلما يسقط ضحايا أكثر منهم، وتبدو النهاية لهم بشكل أوضح..

أننا أمام نوع فريد من الرجال..

فها نحن نجد نزاعاً يجري بين أصحاب الإمام - بعد المعركة الاجتماعية الأدنى - وفي بداية المعارك الانفرادية.

هذا النزاع كان حول: من يتقدم للحرب أولا؟ فالأصحاب كانوا مصرين على أن يتقدموا للحرب قبل بني هاشم بينما بنو هاشم كان مصرين على أن يتقدموا للحرب قبل الأصحاب..

وقد حسم الإمام نزاعهم عندما نزل عند رغبة الأنصار، وسمح لهم بالتقدم على بني هاشم وفق خطته العسكرية..

إن هذا يعكس فيهم روح الإيمان الصادق الذي يجعل صاحبها يزداد شوقاً للشهادة كلما اشتد إحساسه بالوحدة..

هؤلاء كانوا صادقين مع الله: يحبونه ويحبهم.. ويشتاقون إليه ويشتاق إليهم..

أما الموت، فكان عندهم سلماً إلى جنان الله..

أو ليسوا على حق؟

هذه هي القضية..

إنهم يتحيزون بأهدافهم، ومنطلقاتهم عن كل من يموت أو يقتل..

إن صفحات الجرائد مليئة كل يوم بالمعارك والقتلى والضحايا، ولكنها غالباً ما تكون معارك تافهة وقتلى تافهون.. وضحايا ضائعون.. فمنذ أن خلق الله الأرض والإنسان يقتل أخاه الإنسان ويعتدي عليه..

ولكن قضية أصحاب الإمام هي قضية هدف.. فهم كانوا يقاتلون لله والعدل والحرية..

وما دام أنهم يقاتلون لله، فهم يلتذون بالموت..

ومادام أنهم يدافعون عن العدل، فهم لا يبالون الموت.

وما دام أنهم يبحثون عن الحرية فهم صامدون في المعارك..

وإذا كان وصف: (الباحث عن الموت) مبالغة في حق أي إنسان فهو قليل في حق أصحاب الحسين.

لنعد إلى قصة عابس، لقد تركناه وهو يحاور الإمام ويلتمس الإذن لدخول المعركة.. هاهو يحصل على ذلك.. فيهرول إلى ساحة القتال وهو يقول للإمام:

- أشهد الله إني على هديك.. وهدي أبيك.

ويقف وسط الساحة، يطلب المبارزة، فيصيح أحد أفراد العدو في رفاقه:

- هذا أسد الأسود، هذا عابس بن شبيب.

فيحجمون عن مقاتلته.

بقي فتره طويلة ينتظر العدو، ولكن بلا جدوى..

وهنا عرف أنه يخيفهم، وأنه لو بقي على حالته يحمل الدرع، ويلبس لامة الحرب لتأخر عن ركب الشهداء، فعمد إلى درعه فرماه، وعمد إلى لامة حربه فمزقها وضرب بخوذته الأرض، وبدأ هجومه على العدو مجرداً من ذلك فقال له زميله:

- ما أنت صانع؟ أمجنون أنت؟

فأجاب. لا تلومونني فحب الحسين هو الذي أجنني.

وكالطفل الباحث عن ثدي أمه.. كان يبحث عن كأس الشهادة بلا لامة حرب ولا درع، ولا خوذة..

ولما نالها قال بصوت ضعيف:

- الحمد لله..

ومات..

وأخيراً وليس آخراً لأنه لكل واحد من هؤلاء له قصة وبطولة.. سيبقى دم الشهداء الذين تدفق من نحور أصحاب الحسين الذي سيظل ينبع في كل أرض يسقط عليها شهيد من أجل حقه وأرضه ووطنه وقيمه..سيبقى ذلك الدم كأعظم نبع في الوجود.

 

 

  

 

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه