القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

 

 

 

 

   ذكرى سيد الشهداء وتجديد العهد

   الإسلام محمدي البدء حسيني البقاء

   الإمام الحسين قائد المسيرة المقدسة

   ذلك الوتر في الخالدين.. الحسين

   قتيل العبرة

المبادئ والأديان، لابد لها من محرّك يفيض عليها الحركة والحياة ويضمن لها بقائها واستمراريتها، ويدفع بعجلاتها نحو الأمام، ليسلّمها قوية متينة إلى الأجيال القادمة.

أرأيت الطائرة لو لم يكن لها محرّك قوي، لما استطاعت أن تقلع من الأرض، وتحلق في الأجواء، لتنقل المسافرين من بلد إلى آخر.

والسيارة لو لم يكن لها محرك فاعل، لما استطاعت أن تتحرك من مكانها، وتتقدم شبراً واحداً نحو الأمام، وهكذا المبادئ والأديان.

ونعني بالمحرك، هو ذلك الموجود النابض بالحرارة مع كل مقوماته وشرائطه وأجزائه ـ الذي يحترق، ويقدم نفسه فداءاً وقرباناً، ليفيض الحركة والحياة على الموجود الأفضل منه(1).

وإذا رأينا ديناً حياً ومبدءاً متحركاً على وجه الأرض، فهو ليس كما نراه على ظاهره، من أنه تولد وعاش عفوياً بلا دعم، وبقى واستمر تلقائياً من دون محرك، فإنه من البساطة والسذاجة إذا قبلنا هذا التصور وصدقناه، إذ هو مخالف لقانون الطبيعة، وسنّة الحياة، التي أودعها الله تعالى في هذا الكون.

بل بقاؤه واستمراره، وحياته وتحركه، رهين دعم المحرك، وقوة تأثيره وفاعليته، ومهما كان المحرك أقوى، والدعم أكبر، كان بقاء ذلك الدين واستمراره أكثر وأطول، وحياة ذلك المبدأ وتحركه أصلب وأقوى.

والإسلام ـ طبعاً مع غض النظر عن أنه دين إلهي، قد فرض الله على نفسه حفظه وصيانته، وتكفل بقاءه واستمراريته إلى يوم القيامة، وإن كره الكافرون ولم يرتضه المشركون، حسب اعتقادنا نحن المسلمين ـ هو أيضاً كبقية المبادئ والأديان، لا ينفلت عن هذه القاعدة الطبيعية، والسنن الكونية، فإنه إن نراه باقياً إلى يومنا هذا، وهو على قوته وصلابته، وحصانته ومناعته، وقد اختص بنفسه أكثر منتحلي الأديان والمبادئ من مجموع البشر، حيث إن الذين يعتنقون الإسلام في يومنا هذا، ويؤمنون به، يبلغ عدد نفوسهم المليار والنصف مليار إنسان، يعني ربع المجموعة البشرية التي تعيش على كرة الأرض حالياً، وهذا رقم كبير، ليس لأي مبدأ ودين غير الإسلام بهذا القدر الكبير من يدين به من الناس ويعتقد به، وما هو إلا بفضل ذلك المحرك القوي الذي استطاع أن يحفظ الإسلام ويعطيه الفاعلية والحركة، ويفيض عليه الحياة والاستمرارية، ويدفعه إلى الأمام، ويوصله بأيدينا غضاً طرياً.

وهذا المحرك يمثله أولاً شخص رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث جاء بالإسلام من عند الله تعالى إلى الناس كافة، فبشّر وأنذر، وجاهد وبلّغ، وضحّى في سبيله وفدى، حتى أرسى دعائمه، وأثبت قواعده وأوصله مشارق الأرض ومغاربها، ودفعه بهمته العالية، وروحه الكبيرة إلى الأمام، إلى ما لا قدرة لأحد عليه سواه (صلى الله عليه وآله)، فانتعش الإسلام لهمته، وصار يضرب بأجنحته ما بين الخافقين، وبقي شامخاً متطاولاً، رغم العواصف والأعاصير، وكيد الأعداء والمناوئين.

وخلفه من بعده، ابن عمه ووصيه، الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان خير محرك للإسلام بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث تمكن بحنكته العالية، وهمته الكبيرة، وتضحياته الجسيمة، أن يحتفظ بالإسلام من التحريف والتمويه، ومن انقضاض الطامعين عليه واجتذاذه، فرأى (عليه السلام) نفسه مخيراً بين أن يأخذ بحقه بثمن التضحية بالإسلام، أو يحتفظ بالإسلام بثمن التضحية بحقه، فقدم الإسلام على حقه، وضحى بحقه في سبيل الإسلام، وصبر على كيد الخائنين، وظلم الطامعين أولئك الذين وصفهم القرآن بقوله: (... أفإن مات أو قتل، انقلبتم على أعقابكم...)(2)، ودفع بالإسلام بكل قوة نحو الأمام ـ بعد أن ضمن حياته بفضل تضحياته ـ ليجتاح العقبات الموجودة في طريقه، ويكتسح الألغام المزروعة في مسيره، من أمثال معاوية وعمرو بن العاص، ومكائدهم بالإسلام ودسائسهم ضده.

إلى أن قدم نفسه (عليه السلام) ـ كما ضحى من قبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ فداءاً للإسلام، وضماناً لحياته وبقائه، وخلّفه من بعده ابنه وسبط رسول الله الأكبر، الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) فكان خير محرك للإسلام بعد أبيه، حيث استطاع عبر تضحيته بحقه من السلطة في مهادنته مع معاوية، تعزيز الإسلام، وحفظ أصوله، وتعرية معاوية بن أبي سفيان على واقعه، وكشفه للرأي العام الإسلامي، وإثبات أنه ما جاء من بدع ليس من الإسلام في شيء، ولا من الخلافة والإمارة بأهل.

ولما رأى معاوية أن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، هو الفرد الوحيد الذي يقف أمام تحقيق أهدافه، ونيل مآربه، من إحياء الجاهلية باسم الإسلام، ودفن الإسلام ونبيه الكريم، فكّر في القضاء عليه فاغتاله بدس السم إليه، فمضى (عليه السلام) في سبيل الحفاظ على الإسلام مسموماً شهيداً.

ثم خلفه من بعده أخوه الإمام الحسين (عليه السلام)، فكان هو الآخر خير محرك للإسلام، حيث حافظ على الإسلام من الضياع، وعلى تعاليمه من الانحراف، وبدأ يكثّف جهوده في من معاوية من أجل ذلك، عن طريق بيان معالم الإسلام وأصوله للناس حين يجتمعون في منى لأداء مناسك الحج، وإبلاغهم وصايا جده الرسول (صلى الله عليه وآله) في حقه وحق أبيه وأخيه الإمام الحسن، والأئمة المعصومين من أهل البيت (عليهم السلام)، وإعلامهم بأنهم أوصياء نبيهم، وخلفاؤه الشرعيون، دون غيرهم من أمثال بني أمية المتطفلين على الخلافة.

وعن طريق انتقاداته الصارخة ضد جرائم معاوية وخيانته بالإسلام والمسلمين، وتنديده بقتل الأبرار الأخيار من أمثال حجر بن عدي وأصحابه.

حتى إذا مات معاوية وعقبه ابنه يزيد، بلغ في الانحراف ذروته، وفي الاستهتار قمته، فقد كان أبوه معاوية يضمر جاهليته، بالرأي العام الإسلامي، بل راح باسم الإسلام وخلافة المسلمين يرتكب كل دعارة ومجون.

فبدأ يعاقر الخمرة جهاراً(3).

ويلعب بالشطرنج علانية(4) ويلاعب الكلاب والقرود بلا تكتم(5) ويخادن المومسات بلا تحرج(6).

وهنا أحس الإمام الحسين (عليه السلام) بالخطر يحدق بالإسلام، ويهدد كيانه، ورأى أن قدرة المحركات القوية التي أبقت الإسلام ودفعته إلى الأمام، قد أوشكت جراء ذلك على الضعف والجمود، والتوقف والركود، لولا أن تداركها طاقة جديدة، وحياة نابضة متدفقة، تبعث فيها الروح والحركة، والحياة والبقاء من جديد.

وعلم أن ذلك لا يتسنى بأي ثمن اتفق، ولا بأي تضحية حصلت، وإنما القضية في هذه المرة، تستدعي أن يكون الثمن غالياً ونفسياً، والتضحية كبيرة وعظيمة، إذ ليس الثمن الكافي هو الفداء فقط، ولا التضحية الناجعة هي التضحية بالنفس فحسب.

وإنما القضية تستدعي هذه المرأة أكبر من ذلك كله، إنها تستدعي القيام بثورة إصلاحية جذرية شاملة، كما أن هذه الثورة هي الأخرى أيضاً، تستدعي أن تكون ثورة لا كالثورات المتعارفة، يلزمها أن تكن متميزة على غيرها بكونها:

1- إصلاحية، لا غرض ولا هدف شخصي فيها، بل خالصة مخلصة لله تعالى.

2- سليمة، لا عنف فيها.

3- إنسانية، لا قسوة فيها.

4- أخلاقية، لا أثرة فيها لأحد على أحد.

5- تضحوية، لا بُخل فيها بنفس وأهل ومال.

6- تربوية، تربي الثوار المصلحين، والأبطال المجاهدين.

وثورة هذه مواصفاتها، لم تعرف لنفسها قائداً غير الإمام الحسين (عليه السلام)، فحلّت بفنائه وأناخت برحله، وهو (عليه السلام) لم يعرف أحداً غيره يقوم بها، ويؤدي حقها حسب ما يرام، كما أخبره بذلك جده عن الله تعالى.

لذلك شمّر (عليه السلام) عن ساعد الجد، وحمل أهل بيته وخاصته، وأسرته وأطفاله، ولم يستأثر بهم أحداً، وودّع مهبط رأسه، ومدينة جده المدينة المنورة ـ بعد أن زار قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وودّعه ـ واتجه نحو بيت الله الحرام مكة المكرمة، ليجدد عهده بها ويودعها، ومنها نحو العراق.

وهو في ذلك كله عازم على التضحية، موطن نفسه بها، باذل مهجته في سبيل الله، راضٍ برضى الله تعالى، حيث شاء الله أن يراه قتيلاً مضرجاً بدمائه، وأن يرى أُسرته بنات الرسول سبايا، يحدوا بهّن الأعداء من بلد إلى بلد، من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام لتبليغ نداء الإمام الحسين وأهدافه وليتركن فيها طفلتهم الصغيرة (رقية) لتكون بقبرها الصغير رمزاً كبيراً للمظلومية، ولغماً قوياً ينسف عروش الظالمين من بني أمية وغيرهم.

وقد كان كما أراد الله تعالى له، وكما عزم ووطّن نفسه عليه، فقد أدى الثورة كاملة بجميع شروطها، وافية لكل امتيازاتها، إصلاحية سلمية، إنسانية أخلاقية، تضحوية تربوية.

فكانت خير محرك للإسلام، غذته بالروح والحركة، ووفرت له الحياة والبقاء، وأصبح الإمام الحسين (عليه السلام) بثورته هذه معلماً كبيراً، يعلم الأجيال دروس العز والإباء، والتضحية والفداء في سبيل الله والإسلام، وأضحت ثورته مدرسة عالمية، تربّي في أحضانها الثوار والمصلحين، وترعرع في ربوعها أصول الإنسانية وجذور الأخلاق، وتخرّج حاملي شهادة البطولة والفداء، والجهاد والتضحية في سبيل الله ودينه الحق لا يخافون في ذلك لومة لائم، ولا سخرية مستهزأ، ولا يترقبون من أحد مدحاً ولا ثناءاً، ولا صلة ولا أجراً.

ومفتاح هذه الثورة المباركة، وبوّابة مدرستها التربوية، هي الشعائر الحسينية، فإنها هي التي تهدي الأجيال إلى معرفة الثورة، وإلى تحكيم أهداف قائدها الكبير ابن رسول الله الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام)، ومن إحياء الشعائر الحسينية، تستمد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الحياة، وتبقى مدرسته العالمية، مفتوحة على مصراعيها أمام الأجيال، كما أن من حياة الإمام وتحركه، وزحفه واستمراريته، إلى يومنا هذا، وحتى يوم القيامة.

ولهذا الترابط الوثيق بين حياة الإسلام وبقائه، وحياة الإمام الحسين (عليه السلام) وبقاء ثورته المجيدة، نرى أن الله تعالى منح الإمام الحسين (عليه السلام) امتيازات خاصة، لم يمنحها أحداً غيره من أنبيائه وأوليائه، وأعار قضيته اهتماماً بالغاً لم يعر أية قضية أخرى بمثلها، ليكون محفزاً للمسلمين نحو الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته المجيدة وإقامة الشعائر الحسينية تمهيداً لإحياء الإسلام، فقد جعل الأئمة المعصومين التسعة الباقين من ذريته، واستجابة الدعاء تحت قبّته، والشفاء في تربته، حيث أن تربة كربلاء بقعة من بقاع الجنة، وروضة من رياضها. وجعل إقامة العزاء والتأسي به جوازاً على الصراط، والبكاء والإبكاء وحتى التباكي على مصائبه ثمناً للجنة، والمشاركة في شيء من الشعائر الحسينية سبباً لنيل شفاعته (عليه السلام) وشفاعة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله).

كيف لا يكون كذلك، وقد بذل (عليه السلام) كل ما يملكه من غال ورخيص، وقدم نفسه وأولاده، حتى طفله الرضيع، وأهل بيته وأسرته، وخاصته وأصحابه، في سبيل الله تعالى، ولإعلاء كلمته ونصرة دينه، والله تعالى هو أكرم من كل أحد، لا ينقص عاملاً حقه، ولا يضع أجره، و (إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب)(7) فلا غرو أن يعوضه بهذه الكرامة، ويمنحه هذا العطاء الكبير.

ولهذا أيضاً نرى أن الأنبياء من لدن آدم أبي البشر إلى النبي الخاتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء (عليها السلام)، والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، قد تأدّبوا بأدب الله تعالى، وفتحوا للإمام الحسين (عليه السلام)، كما فتح الله تعالى له، حساباً خاصاً، لم يفتحوه لغيره، فقد بكوه قبل ولادته، وأقاموا عليه العزاء بعد شهادته، وحثّوا المسلمين على زيارته وإقامة العزاء والبكاء عليه حتى جاء في زيارة الناحية المقدسة: (لأندبنك صباحاً ومساءاً، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً) كل ذلك كما في إحيائها حياة الإسلام وبقاؤه وتجذّره في قلوب الناس ونفوسهم، فكانوا (عليهم السلام) يمثلون في إحيائهم الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته بعد شهادته، دور المحرك القوي للإسلام، وكانوا بذلك هم المحركون الباقون من الأئمة المعصومين التسعة بعد الإمام الحسين (عليه السلام).

وامتداد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الذي هو امتداد للإسلام، لا يتم في ظل بعض المهرجانات التأبينية والمآتم الحسينية وإلقاء الخطب والقصائد فحسب، فإن إقامتها ضرورية في طيلة أيام السنة لإنتاج عطاء الذكرى، لكنها لا تطيق إنجاز فورة الثورة، وإعادة جوّ الملحمة بكل ما فيها من هياج وضجيج، إلى الأفكار والأذهان، بل لابد من مجموع ما يقوم به الشيعة من الشعائر الحسينية في شهري محرم وصفر وتعميمه في كل العالم والربع المسكون من المجالس والمآتم، ومنابر العزاء والبكاء، ولبس الأسود، وتغطية الشوارع والطرقات والمساجد والحسينيات بالسواد واللافتات والشعارات الحسينية، ونصب أعلام العزاء السود وتسيير مواكب اللطم وضرب السلاسل، والشبيه والتطبير، وما إلى ذلك لإيصال نداء الثورة الذي هو صوت الإسلام إلى كل بقاع الأرض، حتى تستطيع أن تموّج الحياة، وتزلزل الأرض، فتهوي بالعروش والتيجان الجائرة، وتنتزع القيادات الظالمة لتسّلمها الصالحين الذين إن تمكنوا في الأرض، أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر.

وثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ومظلوميته سلاح نافذ ونعمة كبيرة لا مثيل لها في الأمم السابقة امتازت بها الأمة الإسلامية وامتن الله بها عليهم ليرفعهم بها إن عرفوا قدرها، ولو كانت لغيرهم، لأقاموا بها الدنيا وأقعدوها، ولاستطاعوا عبرها من السيطرة على الأرض، كما يفعله المسيحيون اليوم في محاولتهم تنصير العالم بتصوير مظلومية موهومة للمسيح عيسى بن مريم للتأثير في الناس وكسب عواطفهم، لكن الأمة الإسلامية لم تقدرها حق قدرها، ولم تستطع أن تستقصي كل عوائدها، ولم تعرف كيف تستدّر جميع منافعها، مع أن مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) ليست كمظلومية عيسى موهومة ومصطنعة، حيث قال عنه القرآن الحكيم مكذّباً ما يدّعيه المسيحيون من مظلوميته وصلبه: (... وما قتلوه وما صلبوه، ولكن شبّه لهم... بل رفعه الله إليه، وكان الله عزيزاً حكيماً)(8).

بل مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) وكذلك الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مظلومية حقيقية وواقعية، بكى لها الملائكة والأنبياء والأولياء والأوصياء، والأرض والسماء، والجن والإنس. بالإضافة إلى أنها في منتهى درجات المظلومية، وأقصى مراتبها، تتضاءل أمامها كل مظلومية، وتتصاغر لدى عظمتها وتذوب خجلاً عندها، كل مظلومية في التاريخ سواها.

ذِكرها يثير العواطف، ويهز النفوس، ويقلع القلوب، ويستهوي الأفئدة، ويستميلها نحو الإسلام، ونحو تعاليمه الإنسانية، ودساتيره الأخلاقية، فالأمة الإسلامية رغم أنها كانت تستطيع عبرها من بسط الإسلام ونشر رحمته وعدله على كرة الأرض، بقيت ولا تزال منذ قرن أو أكثر ترزح تحت وطأة الظالمين ونير المستعمرين، لكن احتفاظها بالشعائر الحسينية هو احتفاظها بمقومات النهوض ومؤهلات السيادة والسعادة، ولو فقدتها، فإنها تفقد آخر شيء من قواعدها المعنوية، وآخر ورقة يمكنها أن تفتح عليه لنفسها حساباً في الساحة العالمية، وتواصل به مقاومتها للاستعمار، وتثبت به وجودها وكيانها.

وقد عرف الاستعمار ذلك وأقض مضاجعه، فراح يجنّد كل طاقاته، ويحشد كل عملائه لضرب هذه القاعدة الصلبة، والمقوم الأساسي للمسلمين، وأخذ يصب كل دعاياته وجميع شبهاته حول الشعائر الحسينية، وما يرتبط بالإمام الحسين (عليه السلام)، وبقي يحاربها بكل حوله وطوله، وعدته وعدده، علّه يستطيع القضاء عليها. لكنه بفضل الله وجهود العلماء العاملين والمؤمنين المجاهدين، رجع بغيظه لم ينل خيراً، غير أنه أقبل أخيراً بدسيسة أخرى، وهي ضرب المظلومية واغتيالها، عبر تحويرها وتشويهها، ونسبة الشيعة إلى العنف والقسوة، فإنه إذ لم يستطع من القضاء على الإسلام عن طريق القضاء على الشعائر الحسينية، راح يشوّه مظلومية الأئمة وشيعتهم بكل وسائل بثه وتلفزته، وصحفه ومجلاته، علّه يسلبهم هذا السلاح النافذ المتفاعل مع نفوس الناس وقلوبهم. فعلى الغيارى الواعين لدسائس الاستعمار، العمل من أجل إحباط هذه المؤامرات ورد كيده في نحره.

فالواجب، لصد هذا التيار الجارف، والإعصار العاصف من أمواج التشكيك والشبهات ورده في نحور المستعمرين علينا إقامة الشعائر الحسينية والمشاركة فيها، والحث عليها وتشجيعها، وبذل الأموال في إقامتها وتشييدها.

ولا غرو فإن هذا العمل قد أمر الله به في كتابه، ورسوله في سنته والمعصومون في منهجهم، وهو يُرضي إمام زماننا فعجل الله تعالى فرَجَه الشريف وجعلنا من أنصاره وأعوانه، وممن يوطّد لحكومته، ويمهّد لعدله وقسطه، آمين رب العالمين.

 

* الهوامش *

1- ومثال ذلك: الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه ومن سار في طريقه من شيعته ومحبيه، حيث ضحى بنفسه وأعز ما لديه ليفيض على الإسلام الحياة ويضمن له البقاء، وكذلك أهل بيته وأصحابه، وشيعته ومحبوه.

2- سورة آل عمران: الآية 144.

3- حتى قال فيه عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة: (والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء).

4- الشطرنج كما يصرح به علماء النفس (لعبة عنيفة، لأنها تتطلب تركيز عقلك في صراع مع زميلك في اللعب)(ثقوب في الثوب الأسود ص 6).

وأن يزيد كان يتدرب بممارسة الشطرنج على العنف وقسوة المجابهة وضرب كل من يقدم إليه نصيحة أو نقداً بناءاً، كما جابه الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة كربلاء، وواجه أهل المدينة في قصة الحرّة، وعامل بيت الله الحرام بمكة في قصة الزبير.

5- كانت شهوة يزيد بترويض الكلاب والقرود، ليصحب الكلاب في رحلاته الطائشة للنزهة والصيد، والقرود في سد فراغه وكان له قرد يدعوه (أبا قيس) فكان يلبسه الحرير المطرز بالذهب والفضة ويركبه (أتاناً) في السباق، ويشجعه بقوله:

(لا تمسك أبا قيس بفضل عنانهــا***فليس عليها أن سقطت ضمان)

(إلا من رأى القرد الذي سبقت به***جيـــاد أميــر المؤمنيـن ـ أتان)

6- سيّر معاوية جيش (سفيان بن عوف) إلى القسطنطينية لغزو الروم وفيهم ابنه يزيد فتمارض يزيد في دير مرّان حيث قد خلى بعشيقته أم كلثوم حتى رحل الجيش، ثم شاع أن الجيش قد تعرض للجوع والمرض، فانشد جذلاً وفرحاً قوله المعروف:

(ما أن أبالي بما لاقت جموعهم***بالفرقدونة من حمى ومذموم)

(إذا اتكأت على الأنماط مرتفعــاً***بدير (مرّان) عندي أم كلثـوم).

7- سورة الزمر: الآية 10.

8- سورة النساء: الآية 157 و 158.

  

إن من أمعن النظر وسير غور الوقائع التاريخية في يده الديانة المقدسة الإسلامية وفلسفة نشوها وارتقائها، وانتشارها واعتلائها، وجد أقوى الأسباب العادية بعد العناية الربانية، الوجود المحمدي وكفاحه وتحمله الأذى في سبيل الدعوة الحقة، حتى ورد ما أوذي نبي مثل ما أوذيت، وسيف الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ومواقفه المشهورة، ومساعيه المشكورة، بحيث لولا كفاحه وصفاحه لما أخضّر للإسلام عود، ولما قام له عمود، وكذلك من أعطى التدبر حقه وأمعن النظر في أسباب انتشار مذهب التشيّع، واتساع نطاقه، وارتفاع رواقه، لم يجد له سبباً حقيقياً، وسراً جوهرياً، سوى شهادة الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) بذلك الشكل الغريب، والوقع الهائل، ولولا شهادته (سلام الله عليه) لكانت الشريعة أموية، ولعادت الملة الحنيفية يزيدية، فحقاً أقول: أن الإسلام محمدي وعلوي، والتشيّع حسيني.

أقول وحقاً ما أقول: إن من ليس له حبل ولاءٍ خاص إلى علي (صلوات الله عليه) فليس من الإسلام على شيء، ومن ليس له حبل ولاءٍ خاص بالحسين (سلام الله عليه) فليس من التشيع على شيء.

ولعل من هنا تجد أن لكل شيعي علقة خاصة مع الحسين (عليه السلام) ليست له مع غيره من سائر الأئمة (سلام الله عليهم) مع أنه يعتقد بإمامتهم وفرض طاعتهم.

نعم، قد كان لنفس النبي (صلى الله عليه وآله) ولذات الأئمة (عليهم السلام) علقة خاصة بالحسين بخصوصه ليست لبعضهم مع بعض، فلقد كانت لهم لهجة خاصة بذكره، يعرفها من أنس بإخبارهم، ووقف على بعض أسرارهم، وهذه ميزة قد امتاز سلام الله عليه بها، ومزية قد تفرّد هو فيها، وكانوا جميعاً يشيرون إلى أن الحسين (عليه السلام) هو مستودع ذلك السر الإلهي الذي يستبين به الدين ويميّز الله به الخبيث من الطيب؛ والحق من الباطل. وما تبين الرشد من الغي، والهدى من الضلال، إلا الحسين (سلام الله عليه)، وإلا فقد ارتبك الأمر بعد النبي على عامة المسلمين واختلط الحابل بالنابل، والحق بالباطل، سيما بعد صلح أخيه الحسن (سلام الله عليه) الذي كان أيضاً بأمر من الله سبحانه، ولكن نهض الحسين (سلام الله عليه) تلك النهضة الباهرة فقشع سحب الأوهام؛ وانتزع النور من الظلام، وأصحر بالهدى لطالبه، وبالحق الضائع لناشده.

وهذه إحدى المزايا التي امتاز بها وتفرّد وكان من قبله من الأئمة ومن بعده يشيرون إليها، ويدلّون الناس عليها، وكانت نسبته إليهم في تلك على حد قول القائل:

ولست ترى في محكم الذكر سورةً ***تقوم مقام الحمد والكل قرآن

ويتفرّع من هذه المزية مزايا تفوت حدّ العدّ؛ ويحصر عنها لسان الحصر؛ كان من مزاياه التي انفرد بها؛ وامتاز عن غيره فيها:

أنه ربما رآه وكلّمه أعدى عدوٍ له فانقلب أكبر محب له.

وحسبك بحديث زهير بن القين وكان عثمانياً أبغض شيء إليه أن ينازل الحسين (عليه السلام) في منزل فما اجتمع به وكلمه بضع كلمات حتى طلّق الدنيا وزوجته وفداه بنفسه، ولا تحسب أن هذه من منفردات الشيعة ورواياتهم، فإن في كتب علماء السنة قد يوجد ما هو أعجب من ذلك.

هذا مجد الملك بن شمس الخلافة أحد وزراء العلماء في مصر، المتوفى في حدود الستمائة على ما ذكره ابن خلكان في ترجمته، ذكر في كتاب له ألّفه في محاسن المحاضرة وآداب المسامرة فقال: إن عصام بن المصطلق وكان شامياً أموياً قال:

دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي (سلام الله عليهما) ومعه غلمانه وحاشيته فأعجبني سمته ورواؤه؛ وحسنه وبهاؤه؛ وأثار الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض فجئت إليه وقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال: نعم.

فبالغت في شتمه وشتم أبيه.

فنطر إليّ نظرة عاطف رؤوف برقة ورحمة، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذّكروا فإذا هم مبصرون، وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون)[سورة الأعراف: الآية 200 ـ 202].

ثم قال لي: خفّض عليك، استغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعنّاك. ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك.

قال عصام: فندمت على ما قلت وتوسّم مني الندم على ما فرض مني فقال: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)[سورة يوسف: الآية 92].

ثم قال (عليه السلام): أمن أهل الشام أنت؟

قلت: نعم.

فقال: شنشنة أعرفها من أخزم، حيّانا الله وإياك انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك تجدنا عند أفضل ظنك إن شاء الله...

قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رُحبت ووددت لو أنها ساخت بي، ثم انسللت من بين يديه لواذاً وما على وجه الأرض أحب إليّ منه ومن أبيه.

انتهى ما علق بخاطري من ذلك الكتاب وكم لهذه الواقعة من نظائر لا يسعها المقام ـ ولكن من عرف للحسين (عليه السلام) بعض هاتيك المزايا والخصوصيات لا شك أنه يستقل في عزائه الكثير، ويستحقر الأمر الخطير، ويرى دون ما يستحقه كل تلك الشعائر والمظاهرات، والمواكب والنزعات.

نعم وإذا كان الشامي الأموي بنظرة واحدة وكلمات معدودة يعود وما على وجه الأرض أحب إليه من الحسين وأبيه، فما عذر الشيعي في إبداء الوهم والتشكيك في المواكب الحسينية والشؤون العزائية؟

وأما والله لولا استمرار تلك الشعائر، وقيام أعواد هذه المنابر، واستدامة التوجّع والتفجّع، لانطمست أعلام التشيع؛ ولكني أختم كلمتي هذه بالآية الشريفة التي استشهد بها سلام الله عليه حيث قال: (إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون، وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون)[سورة الأعراف: الآية 201 - 202].

نسأله تعالى أن يمن علينا بنفوذ البصيرة، ونزع بذور الأغراض من لوح السريرة، لنرى الحقائق كما هي إن شاء الله والسلام.

 

 

  

هادي السيد

إن القدوة في الحياة ميزان روحي لابد منه.. لكي يعرف كلّ فرد مدى استقامته على الدرب، أو كيف يعود إليه بعد الانحراف.

يبحث الإنسان دائماً على قدوة رشيدة يتبع خطواتها ويقتفي أثرها على درب الحياة الطويل، ويمكن وراء هذا البحث الدائم دوافع نفسية فطر الله البشر عليها، لتستمر رحلة الحضارة الإنسانية إلى الأمام، وتتوارث الأجيال عن بعضها الحكمة والمعرفة، والآداب. وأبرز تلك الدوافع وأهمها ثلاثة:

الأول: هيبة الحياة التي تستبد بكل فرد يدخل، لأن الحياة بالنسبة إليه تجربة جديدة لم يمارسها من قبل، ولمعرفته القاطعة أن الطريق الذي يجب أن يسير عبره ليس مرصوفاً بالأزهار بل مزروعاً بالحفر والمنعطفات.. لذلك يبحث عن قدوة أرتادها، وكشف عن منحنياتها وعقباتها، ورفع عنها قناع الهيبة، وغشاوة الخوف. إن هذا دافع نفسي قدير ببعث كلّ جيل بأتباع السابقين.

الثاني: الشعور بالحاجة إلى المقياس.. ذلك لأنه كمثل الحاجة إلى المرآة التي تنعكس عليها صورة وجهنا الطاهر وتكشف لنا عما بها من جمال يزيدنا ثقة بأنفسنا، واحتراماً وحباً لها، وقد تساعدنا على إزالة بعض السوء الذي لصق به بعد أن حددنا موضعه.. كمثل الحاجة إلى هذه المرآة هي حاجتنا إلى مرآة روحية نكشف بها صورتنا الباطنية، ونتعرف على ما بها من جمال وروعة، وصفات حسنة، فتزيدنا ثقة وإيماناً.. وقد نتعرف بها إلى بعض ما فينا من صفات رديئة، لعلّنا نتخلص منها بعد كشفها بدقة ووضوح. فالقوة إذن.. ميزان روحي لابدّ منه لكي يعرف كل فرد مدى استقامته على الدرب، أو كيف يعود إليه بعد الانحراف.

الثالث: الإحساس بضرورة تجسيد القيم ذلك لأننا ـ كبشر ـ لا نستطيع أن نحب الخير والإصلاح.. والمعروف إلا من خلال تجسيدها في رجال محدودين، كما لا نكره، والفساد والمنكر إلا بعد أن يمثلها فريق معروف من الناس. وبتعبير آخر، الخير والشر، والصلاح والفساد، والمعروف والمنكر.. كلّ تلك أحداث جارية مع الزمن، لا تكشف عن نفسها إلا بعد أن تحققه خارجاً، ولا يحبها ويبغضها الإنسان إلا بعد أن يبصرها مجسمةً أمامه، ويجد نتائجها الواقعية. والقدوات والخيرة الصالحة هي التي تجسد لنا القيم المثلى، وتعرفنا بأهميتها وتستقطب حبنا واحترامنا، وأيضاً أتباعنا لها كما أن أهل الشر والفساد يثيرون فينا الكراهية لهم. إننا قد نتحدث إلى شخص ما ساعة كاملة عن مساوئ الشر فلا يخلق فيه أثراً بقدر ما تخلقه قصة واحدة عن عملية إجرامية حيث تثير فيه التقزز والرفض، وتدعوه إلى الابتعاد كلياً عن مثل تلك العلمية.

من هنا تأتي الحاجة النفسية إلى القدوة ولوجود دوافع نفسية عديدة فيه إلى أتباعها.. لم يكتف الله الحكيم إذ شاء أن يهدي الناس ويصلحهم.. لم نكتف بأن نزل عليهم الكتب المقدسة حتى بعث إليهم الأنبياء ليكونوا قدوات خيرة يحبهم الناس ويحاولون أتباعهم.. لقد اقترح فريق من الجاهلية على الله سبحانه أن يبعث إليهم ملكاً رسولاً. وسفههم القرآن الكريم وقال: (قُلْ لَوْ كانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً). إن حكمة الاقتداء تفرض التجانس بين الرسول وبين من أرسل إليهم، ليتم بينهم التفاعل النفسي الشامل. ولقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) قدوة كريمة للأمة قال عنه القرآن الكريم: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). ومن هنا أيضا، تأتي حاجتنا إلى الإمام الحسين كأفضل قدوة للإنسانية أبداً.

لقد كانت سيرته النقية مدرسة رسالية تعلمنا كلّ معاني الخير والمعروف، وتجعلنا نعتنق الدين الذي جاء بالحق، وأمر بالعدل واستقام بالإيمان، ولم يخلف التاريخ تلك القصص الحق من سيرته المباركة، إلا ليستقطب حبنا لتلك الحياة الإيمانية الصادقة التي تجلّت فيها، وفي الوقت ذاته يستشير رفضنا للمادية المتطرفة التي اتسم بها أعداؤه. كان الإمام الحسين (عليه السلام) يحيي الليل كلّه بالعبادة عبر جميع مراحل حياته، حتى إنه استمهل عدوه ليلة عاشوراء لكي يعبد ربّه، وقال إن الله يعلم إني لأحبّ الصلاة.. وفعلاً قضى تلك الليلة الرهيبة بين ركوع وسجود.. ودعاء واستغفار.

وكان من بين تلك العبادة الليلية أن يحمل كتفه الشريف السويق والتمر ويوزعها على الفقراء، حتى وجد على ظهره بعد استشهاده أثراً منه رغم كثرة جروحه الدامية. ولقد مشى إلى الحج حافياً عدة مرّات وهو يسوق أمامه الرواحل الجاهزة للحجيج، فسئل عنه، فأجاب: إنما أفعل ذلك تواضعاً لربّي. لقد كان يفتح بعض أدعيته بهذه الجمل الخاشعة: (اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك، وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك... وبارك لي في قدرتك).

وحينما وقعت الأمة في شراك المخطط الأموي، وتقاعس الآخرون عن القيام بمسؤوليتهم التغييرية لم يجعل تقاعسهم مبدءاً للسكوت، بل دافعاً للثورة والتضحية. ولقد سجل الإمام الحسين (عليه السلام) في مسيرته المقدسة أروع مواقف الإخلاص والتضحية والاتجاه إلى الله سبحانه دون سواه. لقد استشهد أصحابه وسبح في الدم ابنه الشاب (علي الأكبر)، وصرع أخوه البطل المقدام (العباس) وسائر أهل بيته، ولم يبق له سوى نجله الرضيع، فأخذه إلى معسكر العدو يطلب منهم شربة ماء فرموه بسهم محدد فتفجر الدم من عنقه الرقيق، في مثل هذا الموقف نظر الإمام إلى السماء هنيئة، ثمّ قال: (هون ما نزل بي أنّه بعين الله) لقد استهان بجميع تلك المصائب العظيمة، بيقينه الصادق بأن الله سميع عليم بصير، وإنه نصير الحق والعدل له عاقبة الأمور. وفي آخر لحظة حينما انهارت قواه.. وتفجر الدم من جوانبه.. من جبهته المفضوخة بالحجارة.. من قلبه النابت فيه السهم المحدّد.. من مواقع السهم التي كانت كمواقع النجوم لا تحصى عدداً، هناك هوى على الأرض.. يناجي ربه: (رضا بقضاك ولا معبود سواك) من هذا الإيمان العنيف والصمود القوي كتب الحسين (عليه السلام) فصول الثورة المقدسة، وضحى في سبيل مبادئه وأهدافه السامية.

لقد بدأ الإمام الحسين (عليه السلام) مسيرة الإصلاح والتغيير والثورة من أجل الله والمبدأ، وعلى الأمة أن تواصل مسيرته المقدسة وتترسم خطاه الخالدة.

  

الحسين .. أكثر الأسماء عذوبةً في النطق ورنةً في الأسماع، ووقعاً في النفوس، وعنفواناً في الضمائر.

فهو يرمز إلى معاني الإباء والشرف والبطولة والفداء والتضحية والذود دون مبادئ الخير والحق والعدل والحرية.. والحسين تصغير لحسن ويراد به التعظيم والتحبيب والتدليل(1)..

نعم، فهو أحب الأسماء إلى الله ورسوله والمؤمنين.. اشتقه الله من قديم إحسانه، واختاره النبيّ (صلى الله عليه وآله) لسبطه الحبيب الذي قال عنه (حسين مني وأنا من حسين) وكم من المئات بل الآلاف بل الملايين قد تسموّا بهذا الاسم العظيم تيمناً وتبركاً بمسمّاه الأول والجدير الأوحد بحمله الحسين بن علي وفاطمة (صلوات الله الدائمة عليهم أجمعين) وكم ترك هذا الاسم من أثر في عواطف وأحاسيس الناس.. كل الناس وليس المسلمين حسب.

ففي مصر.. الحسين هو رئيس الملة وموقع رأسه الشريف في القاهرة مزار، ما أبهاه وأروعه يجلب النفوس ويخلب الألباب ويثير كوامن الحب والمودة لآل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، وفي السودان عبارة يستخدمها الناس في أحاديثهم كثيراً هي (إنني مظلوم مثل الحسن والحسين (عليهما السلام)إيماناً من السودانيين بلا محدودية المظلومية التي لحقت بسيدي شباب أهل الجنة على أيدي الظالمين. وفي الهند يثير اسم الحسين مشاعر المسلمين بما يصل أحياناً إلى حد الجنون، وفي العراق وإيران وبلدان عربية وإسلامية أخرى... وأينما تولّي فثمّ اسم الحسين (عليه السلام)، وحب الحسين ودموع الوفاء للحسين... ريحانة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) الذي ولد بالمدينة المنورة في اليوم الثالث من شهر شعبان سنة ثلاث أو أربع من الهجرة، وروي أنه ولد بعد أخيه الحسن بسنة وعشرة أشهر، ولما جاءت به أمه فاطمة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) استبشر به وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، فلما كان اليوم السابع من ميلاده سمّاه حسيناً وعق عنه بكبشٍ وأمر أن يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره فضة أسوةً بأخيه الحسن (عليه السلام). وقد كنًي بأبي عبد الله ولقب بالرشيد والوفي والسيد الزكي والمبارك والطيب والدليل على ذات الله والتابع لمرضاة الله، غير أن أعلى ألقابه هو ما لقبه به جده محمد (صلى الله عليه وآله) في معرض الحديث عنه وعن أخيه الحسن أنهما سيدا شباب أهل الجنة، وكذا السبط لقوله (صلى الله عليه وآله): حسين سبط من الأسباط، وكانت له عدة خواتيم نقشت بالعبارات التالية: لكل أجل كتاب، إن الله بالغ أمره، حسبي الله.

تربى الحسين (عليه السلام) في حجر جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) ونشأ في رعاية أبيه المرتضى (عليه السلام) وأمه سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وشبّ برفقة أخيه المجتبى (عليه السلام) فهل رأيت له من نظير؟ (ثم أرجع البصر كرّتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير).

يزيد..

فأما يزيد.. فما يزيد؟ وهل نجوز مقارنته بالحسين (عليه السلام) أو نجعله نداً له؟! كلا وحاشا، فهذا ضرب من المستحيل وكيف للنور أن نقارنه مع الظلام والعفة والطهارة مع الخسة والدناءة وهما طرفا تقيض لا يجتمعان بكل المقاييس والأعراف والقيم.

ولد يزيد سنة (25) أو (26) هـ وقد دهمت الأرض شعلة من نار جهنم وزفيرها، تحوط به دائرة السوء وغضب من الله شديد. يؤثر عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه نظر إلى معاوية يتبختر في بردة حبرة وينظر إلى عطفيه فقال (صلى الله عليه وآله): (أي يوم لأمتي منك، وأي يوم سوء لذريتي منك من جرو يخرج من صلبك يتخذ آيات الله هزواً ويستحلّّ ما حرم الله عزّ وجلّ)(2).

أما عن نشأته فتحدثنا المصادر بأنه نشأ عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثر بسلوكهم إلى حد بعيد فكان يشرب معهم الخمر ويلعب بالكلاب والفهود والقرود والعاً بالصيد لاهياً بالسمر يقضي الليالي الحمراء مع الندماء الخلعاء والماجنين بين الشراب والغناء، هكذا كانت نشأته جاهلية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة ولا تحتاج إلى دليل قط.

وأما عن صفاته النفسية فقد ورثها من جده أبي سفيان وأبيه معاوية فكان نسخة طبق الأصل منهما في الخساسة والغدر والنفاق والطيش والاستهتار ومن أبرز ذاتياته ميله على إراقة الدماء والإساءة إلى الناس، ففي السنة الأولى من حكمه القصير أباد عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى رأسهم الحسين، وبالسنة الثانية أباح المدينة ثلاثة أيام وقتل سبعمائة رجل من المهاجرين والأنصار وعشرة آلاف من الموالي والعرب والتابعين(3).

فأين الثرى من الثريا؟! وأين يزيد من الحسين (عليه السلام).. أين ابن ذوات الرايات من ابن ربات الخدور.. أين ابن آكلة الأكباد من ابن سيدة النساء الحوراء الإنسية الراضية المرضية أم أبيها رسول الحق إلى الخلائق أجمعين.

 

* الهوامش *

1 - الحسين والحسينيون: الأستاذ نزار شاهرودي.

2 - المناقب والمثالب للقاضي لقمان المصري.

3 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، باقر شريف القرشي.

  

من المعلوم أن البكاء سمةٌ من سمات الإنسان وميزة فريدة من ميزاته، تباينه عن غيره من المخلوقات.

والبكاء بمجرده غير مناف للصبر أو الرضا بالقضاء والقدر وإنما هو طبيعة بشرية وجبلة إنسانية لا حرج في إبرازها، وللدمع حال البكاء فوائده النفسية والطبية التي يعرفها المتخصصون في هذه المجالات.

وفي التأريخ الإنساني هناك من اشتهر بكثرة البكاء حتى سميّ بالبكّاء، كما تفيد الأخبار الواردة في هذا الباب عن الرسول الأعظم وآله الأطهار(صلى الله عليهم أجمعين) بأن أبكى البكائين في تاريخ العالم خمسة هم: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة وعلي بن الحسين (عليه السلام).

فأما آدم فقد بكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له: إما أن تبكي في الليل وتسكت بالنهار وإما أن تبكي في النهار وتسكت في الليل فصالحهم على واحدة منهما.

وأما فاطمة فبكت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تأذى أهل المدينة من بكائها فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك فصارت تخرج إلى مقابر الشهداء تبكي وتبكي ثم تنصرف.

كما روي أن علياً قد بنى لها بيتاً خارج المدينة أطلق عليه بيت الأحزان، فكانت تخرج إليه والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها فما يعودون إلا وقد قضوا حاجتهم من البكاء على رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وأما علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) فقد بكى أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام أو شراب إلا بكى، حتى قال مولىً له (جعلت فداك يا ابن رسول الله! إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين) قال:(إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون! إني ما أذكر مصرع بني فاطمة، إلا خنقتي لذلك عبرة).

ولعمري، لقد قالها الحسين (عليه السلام) يوم قال: (أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى (أو استعبر(1)).

ولم يقصد الحسين (عليه السلام) بهذه الكلمة خصوص التعريف بأن قتله كان لأجل أن يبكي عليه فيستحق به الأجر في الآخرة بحيث لا يكون ثمة أثر آخر يترتب على قتله سوى البكاء عليه، كيف وهنالك أثار أخر أهمها إحياء شريعة الحق وتقويم ما اعوج من علم الهداية ونشر الإصلاح بين الأمة وتعريف الملأ بما عليه أمراء الجور من المفاسد والمطامع والأهواء التي لا تمت للإسلام بصلة قط.

ولكن أراد (عليه السلام) أن يؤكد الصلة بين ذكر مقتله وبين البكاء عليه فان لوعة المصاب به لا تطفأ ومضض الاستياء له لا ينفد، لاجتماع الكوارث عليه وملاقاته لها بصدر رحيب وصبر تعجبت منه ملائكة السماء فأول ما يتأثر به السامع لها أن تستدر دموعه فلا يذكر الحسين (عليه السلام) إلا والدموع تسبق الذكر ولا يخفى أن له محبة خاصة ومودة كامنة في قلوب أحبائه وهي مما يؤكد الصلة بين ذكره وبين البكاء عليه.

ولقد أهتم أئمة الهدى الأطهار (عليه السلام) بتركيز هذا الجانب العاطفي الولائي من الثورة الحسينية أي اهتمام، حتى أثر عنهم الكثير من الأقوال والأفعال والتقريرات التي تحض المؤمنين على إشاعة حالة البكاء والتباكي لمن تتعسر عليه الدمعة لكنه لم يفقد التأثر النفسي لأجل المصاب فيقول الصادق (عليه السلام) (من تباكى فله الجنة)(2) وقال جده المصطفى فيما يروي جرير عنه أنه (صلى الله عليه وآله) قال: (إني قارئ عليكم ألهاكم التكاثر، من بكى فله الجنة ومن تباكى فله الجنة)(3).

وهذا الحديث وكثير من طرازه يدلنا على أن التباكي منبعث عن حزن القلب وتأثر النفس كالبكاء لكن في باب الرهبة منه سبحانه، يكون الحزن والتأثر لأجل تصور ما يترتب على مخالفة المولى من الخزي في الآخرة فيتباعد عنه ويعمل ما يقربه إلى المولى زلفةً.

وفي باب تذكر مصائب آل الرسول يستوجب بغض من ناوأهم وأوقع بهم وأساء إليهم وهنا يشترك الباكي والمتباكي في إحراق القلب وتأثر النفس لأجل تصور ما ورد من الظلم على أهل بيت النبي (عليهم السلام) ويشتركان في لازمه وهو النفرة والتباعد عن كل من دفعهم عن مقامهم الذي أختصهم الله به.

أما سبب اهتمام الأئمة (عليهم السلام) وحثهم شيعتهم على تكريس حالة البكاء خاصة أيام المحرم وصفر فلعله ناشئ عن الظروف القاهرة والتقية المكثفة التي عاشوها في ظل الحكومات الجائرة من بني أمية والعباس التي حجبت أنوار علوم وفضائل آل البيت (عليهم السلام) عن الأمة مدة غير يسيرة وأقعدتهم في دورهم وأوصدت عليهم أبواب الاجتماع بشيعتهم ومحبيهم فلاقوا منهم ضروب الأذى والتنكيل وابتعدوا عن مسرح الحياة إلا قليلاً فآثروا العزلة على الخروج بالسيف في وجه دعاة الباطل مع ما يشاهدونه من تمادي أولئك في الطغيان وظلم شيعة أمير المؤمنين وأبنائه وتتبعهم تحت كل حجر ومدر وإبادتهم العلويين من جديد الأرض وكان بمرأى منهم بناء المنصور والرشيد الاسطوانات على ذرية فاطمة (عليها السلام) ظلماً وعدواناً.

فكان سبيل الأئمة الوحيد الجهاد الأكبر بتحريض شيعتهم على عقد المحافل لذكر حادثة الطف الخالدة وتواصل الاستياء والاحتجاج على ما هنالك من فجائع ومصائب وإسبال الدمع لكارثتها المؤلمة وأكثروا من بيان فضل ذلك إلى حد بعيد لأنهم علموا أن هذا هو العامل القوي لإبقاء الرابطة الدينية. فكان الأئمة (عليهم السلام) يتحرون أساليب مختلفة من البيان توجب توجيه النفوس نحو التذكارات الحسينية لما لها من العلاقة التامة لحفظ المذهب عن الإندراس، يقول الباقر (عليه السلام): (رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكرا في أمرنا فأن ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله بهما الملائكة فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر فإن اجتماعكم ومذاكرتكم إحياؤنا وخير الناس بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا).

ويقول الصادق (عليه السلام) للفضيل بن يسار: (أتجلسون وتتحدثون؟ قال نعم فقال (عليه السلام) (أما إني أحب تلك المجالس فأحيوا أمرنا، من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب).

وهكذا فإن التذكارات الحسينية على اختلاف صورها من عقد العزاء والمآتم واللطم في الدور والشوارع وتلاوة الشعر والمراثي وعمل الشبيه وضرب السلاسل والتطبير والسجود على تربة كربلاء وسقي الماء على حب الحسين والزيارات العامة والخاصة إلى كثير مما يقيمه الشيعة في كل مكان من شعائر يوم عاشوراء خاصة له ماله من المعاني والمغازي التي قد يشكل فهمها والوقوف على أسرارها إلا لمن مارس كلامهم ودرس مقتضيات الأحوال وتتلمذ على باب مدينة علمهم.

 

* الهوامش *

1 - كامل الزيارة.

2 - كنز العمال ج 1 ص 147.

3 - كنز العمال ج 1 ص 147.

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه