|
|
عاشوراء ....
قيم وحياة
إن مقارعة الاستبداد بالحكم، وقمع الحريات، واستعباد الناس، هي أبرز
العوامل السياسية والاجتماعية والرسالية التي وجدها الإمام الحسين (ع) قيمة
إنسانية عليا تؤجج إعلان نهضته الخالدة والتي كانت أهم مراحلها ما جرى في
العاشر من محرم الحرام لسنة 61 هـ.
لقد دعا سيد الشهداء من كربلاء، الإنسانية جمعاء عبر أمة جده وأبيه إلى
تحرير العقل والرأي وبناء نظام حكم يحترم كرامة الإنسان، ويخضع فيه الجميع
إلى قانون السماء فيستمد الحاكم والمحكوم قيمتهما عبر التزامهما بقيم ذلك
القانون واحترامهما له، وتفانيهما في خدمة المجتمع، فعزم (ع) على ترسيخ قيم
العدل بين أبناء الأمة في الحقوق والواجبات، وسيادة مبدأ الكفاءة
والاستقامة في تولي شؤون الحكم والإدارة لضمان العدالة في تسيير أمور
الناس.
إن من أبرز ما كرسته نهضة كربلاء ثقافة النقد ومساءلة ذوي السلطة صغيرها
وكبيرها، فليس لأحد حصانة تمنع عنه محاسبة الشعب له، وذلك لخطورة دور صاحب
السلطة، كما أشارت قضية كربلاء الى أن تغيير حال الأمة وإصلاحها هو مسؤولية
المجتمع رجالاً ونساءً، فلا تقتصر مهمة استنهاض الأمة على فرد دون آخر، ولا
تعتمد على فئة دون أخرى، وعادة ما تتوهج الشرارة الأولى لنهضة الناقد
والمصلح عندما تعيش الأمة حالة من الركود والحيرة والتيه الفكري والتدليس
في الدين والضياع السياسي، فيبرز من يسعى لتغيير الأوضاع من خلال تقويم
منهجية تفكير المستعبدين، وإيقاظ الحس والوعي الحركي للأمة، وتثبيت مبدأ
شرعية تغيير الأنظمة الفاسدة عبر كسر حواجز الخوف والإرهاب المفروض على
الأمة وتفعيل روح الثورة والفداء من أجلها.
إن الدماء التي صبغت أرض كربلاء قد توحي إلى البعض بإنََّ هدف الإمام
الحسين كان أن يذبح بسيوف أعداء جده وأبيه، بينما الذي نشده إمام الأحرار
هو إصلاح أمة جده وإقامة الدين الذي لم يستقم إلا بقتله بسيوف عتاة بني
أمية على رمضاء كربلاء اللاهبة، فقد كانت واقعة كربلاء الدامية الحل الوحيد
للإمام الحسين (ع) الذي ينتصر فيه دم المظلوم على سيف الظالم، ويسمو جمال
الحياة والموت من أجلها، ومن أجل قيم الإنسان على موت يسلب الإنسان
والحياة.
|
|