كلمات للمرجع الأعلى اية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله
كان بركانا من النشاط
إنني لامست
منه (أعلى الله مقامه) منذ نعومة أظفاري وبداية شعوري حتى ليلة العيد وإلى سويعات
قبل أن تلمّ بنا هذه المصيبة إنّه كان بركاناً من النشاط الدائم، وإنّني أعتبر أن
هذا التعبير مجاز في حقّه إذ أن البركان تكون له فترات يخمد فيها... فقد كان فقيدنا
الراحل لا يفوّت فرصة صغيرة على نفسه إلا ويقدّم فيها شيئاً سواء أكان عبر الكتابة
أم الإرشاد أم العمل، فأي شيء كان يحرزه أنه من القربات إلى الله تعالى فإنّ ذلك
يكون كافياً لتحريك كل وجوده وحواسّه نحوه.
يجب أن
نعتبر و نتعلم منه
إن الفقيد
الراحل كان مفتخرا بلا شك لكل من تعلّم منه أو درس على يديه أو عاشره سواء أكان من
بيته وأسرته أو من الخارج من أصدقائه وتلامذته أو سائر المؤمنين، إلا أن أمير
المؤمنين سلام الله عليه يرشدنا أن الأولى أن نعتبر ونتعلّم منه، والمؤمن ـ كما هو
معلوم ـ ينتهز الفرص ويغتنمها، وهو دائماً في تقدّم، فينتقل من الفاضل إلى الأفضل
منه.
فالأفضل لنا
ـ يا إخواني ـ أن نجعله عبرة لنا فنلاحظ كيف عاش واغتنم الفرص واستفاد منها، ولعلّ
من أوّليّات ما يعتبر منه في هذا المقام هو التصميم في هذا اليوم ومن هذا المكان
على أن نسير على دربه ومسيرته كلّ بمقدار ما علم منه أو بما سيعلم منه، (فما مات من
مات وخلّف علماً).
كان
يوصي بجمع شمل المؤمنين
أوصيكم بما
أكّد عليه القرآن الكريم والرسول الأعظم والأئمة الأطهار سلام الله عليهم وكذلك
الفقيد الراحل من جمع شمل المؤمنين وبالخصوص إخواني العلماء والخطباء وطلاّب العلوم
الدينية، فطالما أكّد الفقيد السعيد على جمع شمل المؤمنين تحت مظلّة الله تعالى
وأهل البيت سلام الله عليهم.
فكلّ مسجد
أو حسينية أو مؤسسة أو مكتبة تنتهي إلى الله يلزم أن تكون مجمعاً لكلّ الفئات من
المؤمنين رغم اختلاف مستوياتهم وأعمارهم ومراتبهم العلمية والاجتماعية.
حرصه
على اغتنام الفرص
وأتذكّر
جيّداً منذ خمسين عاماً وإلى قبل أيّام بل حتّى آخر يوم من شهر رمضان المبارك أن
الفقيد الراحل كان يكتب وعندما ينفد مداد القلم يطلب قلماً آخر، وإذا جيء بقلم وكتب
به ولاحظ أن كتابته خشنة يطلب قلماً آخراً تكون كتابته أنعم وفي بعض الأحيان كانوا
يأتون إليه بعدّة أقلام فينتخب أنعم الأقلام كتابة، وفلسفته كما سمعت منه مكرّراً
حيث قال: (إنّني أكتب كثيراً، فلمّا أريد كتابة الألف التي في كلمةٍ فهذه الألف إذا
كانت بالقلم ذي الخطّ الخشن تأخذ سانتيمين ولكن إذا كانت بالقلم الناعم فهي تأخذ
سانتيما واحدا ولا يخفى أن السانتيميين تأخذان وقتاً أكثر من السانتيم الواحد) هكذا
كان (أعلى الله مقامه) يغتنم الفرص حتّى في هذه الأمور الدقيقة.
كان كل
عمره مثمرا
كان الفقيد (رحمه الله) قمّة في
النشاط والدقّة في الاستفادة من العمر بحيث أن الخمس والسبعين عاماً من عمره انتهت
ولكنّه لم ينته فقد استفاد من هذا العمر الطويل والقصير في نفس الوقت أكثر من عمره،
فلا نكن نحن نعيش خمسين عاماً مثلاً ولا نستفيد منها إلا مقدار عشرة أعوام أو خمسة.
كان المعلم الأكبر و الاجمع لي
كان الفقيد
العزيز ، الكبير الجليل الراحل ، بالنسبة إليّ المعلم الأكبر و الاجمع ، و قد لامست
فيه خلال معاشرتي له و منذ شروع هذا الخط و إلى أن أخذ الله تعالى أمانته ، العديد
من الخصال الخيرة.
شدة
حرصه على العمل بالمشاريع الخيرية
كان أعلى
الله درجاته حريصا على تعبئة المجتمعات الدينية بالمؤسسات الثقافية والاجتماعية
والتربوية و...و قد تصدى مباشرة أو مع جماعة من الإخوان أو بأمره أو بإجازته لتأسيس
العشرات من المؤسسات الدينية و الخيرية ، كالمساجد و دور النشر و الحسينيات و غير
ذلك.
إنني
أرحل و الله و أهل البيت سلام الله عليهم باقون
كان الراحل
أعلى الله درجاته يؤكد أن لا يجعل اسمه على أي مشروع خيري ينجر بأمره أو بإجازته بل
كان يقول : إنني أرحل و الله و أهل البيت سلام الله عليهم باقون، لذلك فان هذه
المشاريع ينبغي أن تسمى باسم الله تعالى أو باسم الرسول الأكرم صلى الله عليه واله
و أهل البيت سلام الله عليهم و كان يقول : إذا كانت هذه المؤسسة تحمل اسم رسول الله
فأنا ابنه ، وان كانت تحمل اسم السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها فهي امّي.
|