بمناسبة الذكرى
التاسعة لرحيل فقيه أهل البيت صلوات الله عليهم، العالم الرباني،
الفقيه المجاهد، نابغة العصر، المجدّد الشيرازي الثاني، المرجع
الديني آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله
درجاته، أقام مكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق
الحسيني الشيرازي دام ظله مجلساً تأبينياً في مسجد الإمام زين
العابدين صلوات الله عليه بمدينة قم المقدسة، يوم الأحد الموافق
للثالث من شهر شوال المكرّم 1431للهجرة، بعد صلاتي المغرب والعشاء.
حضر المجلس سماحة المرجع الشيرازي دام ظله،
والسادة من آل الشيرازي حفظهم الله تعالى، والمراجع العظام وممثلوا
بيوتات المراجع الأعلام دام ظلهم، والعلماء والفضلاء والطلاب من
الحوزة العلمية المباركة، وضيوف من العراق والخليج وسورية ولبنان،
وجمع غفير من المؤمنين والمحبّين لآل محمّد الأطهار صلوات الله
عليهم من طهران وأصفهان ومشهد ومن باقي المدن الإيرانية.
تحدّث في هذا المجلس حجّة الإسلام
والمسلمين الشيخ جوانمرد أحد أساتذة الحوزة العلمية في قم المقدسة،
وأشار إلى مكانة الإنسان بين السائر المخلوقات وقال:
إن كل ما في السماوات والأرض هو صنع الله تعالى وخلقه، وقد امتاز
الإنسان على كل المخلوقات وحظي بالأفضلية، وصار أشرف المخلوقات،
وان الله تبارك وتعالى مدح نفسه بخلقه للإنسان، وهذا ما يدل على
المكانة الرفيعة للإنسان.
وقال: لا شك
أن الناس ليسوا في مستوى واحد، فهم على مراتب، وقد حظى العلماء
والمفكّرون منهم على مكانة خاصة.
وأشار المتحدّث إلى مكانة العلم والعلماء
في الإسلام وقال: إن الإسلام وهو
دين الخير والسعادة والحياة، يهتم كثيراً بالعلم والعلماء، فقد جعل
للعلماء أفضلية ومكانة خاصة في الدنيا والآخرة، حيث فضّل العالم
على سبعين ألف عابد.
وأضاف: إن
العلم النافع والصالح هو العلم الذي يصاحبه العمل والتقوى، أما إذا
خلا العلم من العمل والتقوى فسيكون ضاراً ووبالاً على صاحبه وعلى
الآخرين. فعالم بلا عمل وتقوى هو عالم ضال، وعاقبته الفناء
والخسران. فالناس بعد الأنبياء والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم
يرجعون إلى العلماء الصالحين ويتعلّمون منهم، أما علماء السوء
فإنهم الأخطر على الدين والدنيا لأنهم خلوا من الصلاح.
وفي سياق حديثه أشار المتحدّث إلى المكانة
العلمية والمقام الخُلقي الرفيع للمرجع الديني الراحل آية الله
العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته وقال:
إن الفقيه في المنظار الإسلامي هو الزاهد في الدنيا، الراغب في
الآخرة، المتمسّك بسنّة الأنبياء والأولياء المعصومين صلوات الله
عليهم أجمعين.
ووصف المتحدّث المرجع الشيرازي الراحل بأنه
من سلالة أسرة جليلة ضحّت في سبيل الإسلام والتشيّع، وقال:
لقد نشأ المرجع الشيرازي الراحل أعلى الله درجاته في أسرة كريمة
جليلة نذرت حياتها في العمل في سبيل الإسلام وفي تربية العلماء
الصالحين، ونبذت الدنيا وزخرفها. وكان المرجع الشيرازي الراحل قدّس
سره الشريف حافظاًَ للقرآن، وقد بدأ من الثامنة عشرة من عمره
بتدريس المكاسب، كما بدأ من الثلاثين من عمره بتدريس درس الخارج
أيضاً. وكان قدّس سرّه عالماً زاهداً، ذو خلق رفيع، وكان عاملاً
بعلمه، وكان يؤثر غيره على نفسه، وترك آثار علمية جمّة في سبيل
إغناء المجال العلمي والثقافي الإسلامي، ومنها: موسوعة تفسير
القرآن، وشرح المكاسب، وشرح الرسائل، والموسوعة الفقيه في مائة
وخمسين جزءاً.
وأشار الشيخ جوانمرد إلى بعض خصائص الفقيه
الشيرازي الراحل كجهاده في طريق الحق، ومساعيه الكثيرة في نيل
الإخلاص لله تعالى، وزهده، وإعانته المحرومين والمستضعفين، وقال:
كان المرجع الشيرازي الراحل أعلى الله درجاته تصله الكثير والكثير
من الأموال والحقوق الشرعية فكان يصرف معظمها، إن لم أقل كلّها، في
أعمال البرّ والخير، كبناء المراكز والمؤسسات الدينية والعلمية
والثقافية في مختلف البلدان، وكان يتوّج هذه المراكز باسم
المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم، وكان يعمل كل ذلك لأجل
إحياء أمر أهل البيت صلوات الله عليهم، وبالنتيجة قضى الشيرازي
الراحل أعلى الله درجاته حياته الشريفة في هذا السبيل المقدّس. ألا
فرضوان الله تعالى عليه.