يقول الأمام الشيرازي قدس سره في كتابه "مباحثات مع الشيوعيين": "وقد ترددت فترة
في أن أكتب هذا الكتاب أو لا أكتب، وترددي كان لأجل أن قصة الشيوعية في زماننا
قصة سياسية وليست قصة بحث وجدل وتطلب حق. ولذا فأنت إذا ناقشت مبادئ الشيوعيين
فأنت عميل وجاسوس، وقد اتفقت لي مباحث كثيرة معهم في فترة دامت خمسة عشر عاماً
تقريباً، ولقيت من جراء ذلك تهما واضطهادات كثيرة هي التي سببت ترددي في الكتابة،
أما ما شجعني أخيراً على الكتابة، فهو أن الكتابة وعدم الكتابة بالنسبة إلي سواء
حيث أني اعتدت الاضطهاد والتهم حتى صرت كما قال الشاعر:
فكان إذا أصابتني النصــــــــــال ** تكسرت النصــــــال على النصالِ".
هذا بالإضافة إلى أن هذه الأبحاث حقائق تنير الدرب لمن أراد السير، وإن كانت توجب
عنتاً بالنسبة لي وإرهاقا.
وبالمناسبة فلا بأس أن أشير في مقدمة هذا البحث إلى التهم التي تلقيتها في الجملة
مع تحفظي على نظافة الكلام، فإني لا أريد أن أجرح أحداً، ولذا تماسكت عن ذكر
الأسماء وبعض الخصوصيات التي ربما تكون مؤشرة إلى ما يوجب الجرح...."
ونريد التنويه إلى أننا لن ندخل في المباحثات التي أجراها
الإمام الشيرازي مع أولئك الشيوعيين في العراق، بل سنتطرق إلى التهم الذي ذكرها
بنفسه والتي نسبت ظلماً إليه، واستمرت فترات من الزمن تروج وتنتشر حتى بين أوساط
الشيعة، تاركين قراءة تلك المباحثات من المصدر.. كما أننا نريد لفت انتباه القارئ
الكريم إلى طبيعة المشاريع التي كان يسعى الإمام الشيرازي لتأسيسها، وهذا ما جعل
الحكومات و العوام و الفضلاء من أهل العلم يقفون بوجهة حرباً على مشروعه النهضوي
للأمة ، حيث خرج الإمام الشيرازي عن مألوف الحوزات العلمية، ولا ضير في ذلك...
ولكن ولله الحمد والمنة استمر الشيرازي مرجعاً واستمرت مؤسساته من العام 1380 هـ
حتى 1422هـ، ولم تثنيه تلك التهم الباطلة التي ظلت تلاحقه في كل بقعة يحط بها،
وتوالدت المؤسسات ولم تقف.. نعم لم تقف، حيث واصل المسيرة المباركة وسار على
النهج آية الله العظمى المحقق السيد صادق الشيرازي وأبناؤه الكرام أعزهم الله
جميعا....
ومن هنا يبدأ الإمام الشيرازي سرد تلك التهم....
1- ذات مرة اجتمعنا عدة من الأصدقاء لتأسيس مكتبة في المدرسة الهندية بكربلاء
المقدسة باسم المكتبة الجعفرية، فقالوا: إنهم يريدون استملاك كتب الناس بهذه
الحجة، وقالوا أن هذا العمل هدم لموازين أهل العلم.
2- واجتمعنا لتأسيس مدرسة الإمام الصادق الأهلية - عليه السلام- ، فقالوا أنهم
يريدون فتح مدرسة أبي حنيفة لا مدرسة الإمام الصادق، وقالوا أنهم يريدون نشر
التجدد واللادينية تحت هذا الشعار.
3- اجتمعنا لإخراج مجلة (أجوبة المسائل الدينية) فقالوا: أنهم شكلوا مدرسة (سلوني
قبل أن تفقدوني)، وقالوا: هذا فضح لرجال الدين، لأن المثقفين يستشكلون إشكالات
تعجزون عن الجواب عنها، وذلك يسبب فشل الدين و رجال الدين.
4- ولما قررنا تأسيس (الجمعية الخيرية الإسلامية)، قالوا: هذا هدم لحوزة الطلبة
في كربلاء لأنه يسبب جر أهل العلم إلى التجدد.
5- وحين اشتركنا لتأسيس ( مطبعة أهل البيت)، قالوا: أن هذا العمل يوجب تسليط
الفساق على المتدينين، حيث أن المطبعة توجب تحرك الأقلام المنحرفة.
6- ولما أن طبعت (وسائل الشيعة ومستدركاتها) قالوا: هذا هدم للتشيع، لأن المستدرك
كله ضعيف، وقد تعب علماء الشيعة لإخراج الضعاف عن منهج التشيع، فهذا إرجاع إلى
الوراء.
7- ولما طَبعت (هكذا الشيعة) قالوا: هذا تفرقة وطائفية.
8- وقد خرج منشور طويل عريض من( حزب خاص) ينتقد فيه كل كتبي – ولا زال الكلام
لإمام الشيرازي- وقد عدد عليها خمسين إشكالاً وصدرت الأوامر إلى (الحزب) بحفظ هذه
الإشكالات وتعدادها ونشرها في المجتمع.
9- ولما طَبعت (مقالات) قالوا: نفران أفسدا العراق، ( عبد الكريم قاسم) بثورته، و
( محمد) بتأليفه المقالات – ويقصدون السيد محمد الشيرازي كاتب هذه الأحداث-
10- ولما طبعت كتاب ( الفقه) قالوا ليس له.(1)
11- وحين خرج كتاب لي في (الأحاديث) قالوا: أنه تأليف والده ولكنه لم يرد أن
ينسبه إلى نفسه فنسبه إلى ابنه!
12- ولما أخذنا ندعو
الشيوعيين بالحكمة والموعظة الحسنة ونجادلهم بالتي هي أحسن قالوا: إنه عميل
أمريكا.
13- ولما قمنا ببعض الإصلاحات المرتبطة بإيران، قالوا أنه (شيوعي خطير).
14- ولما أخرجنا مجلة (الأخلاق والآداب) وكان في عدد من أعدادها تهجماً على
الاستعمار، قرر (نوري السعيد) غلق المجلة وسجن القائمين بها ثلاثة أشهر.
15- ولما أخرجنا (المنشورات الدورية) في المناسبات الدينية، قالوا: أنها تمول من
(دولارات أمريكية).
19- ولما أخرجنا (تمثيلية ليلة المبيت) قالوا أن ما حرمه السيد البروجردي من
تمثيلية الرسول قد أباحه هذا العمل، فالحضور في التمثيلية وتشجيعها وكل مساعدة
لها محرمة.
20- ولما التقينا بـ (عبد الكريم قاسم) لأجل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر،
قالوا: أنه يزرقه إبرة مقوية ولا يدعه ينهار.
21- ولما أخرجنا مجلة (صوت المبلغين) قالوا: أنه (صوت المبلعين) بالعين المهملة،
ومقصدهم من ذلك اصطياد أموال الناس.
22- ولما نشرنا كلمة في الإذاعة حول (الإصلاح بين إيران والعراق) في قصة شط
العرب، قالوا: أنه تحطيم للتشيع وتقوية للحكومة الجائرة.
23- ولما أعطينا مشاهرة النجف الأشرف، قالوا: أنه رياء وحب ظهور.(1)
24- ولما أخرجنا ( الرسالة العملية) قالوا: أنه دعوى عظيمة وادعاء ما ليس له.(2)
25- ولما توفي السيد الحكيم... والتف الناس حولي أكثر فأكثر، أصدروا فتاوي مطبوعة
بأنه (ليس بمجتهد) ، وفتاوى بأنه (لا تجوز الصلاة خلفه).......
26- ولما وسعت دائرة مشاهرتي فشملت النجف وكربلاء وكاظمية وسامراء، وبعض بلاد
الخارج قالوا: أنه أموال (أبو ناجي) ويقصدون الإنجليز.
27- ولما أن جمعنا الشباب في (هيئات منظمة) حذرا من انفلاتهم ودخولهم في التيارات
الباطلة، قالوا: أنه شكل حزبا.
28- ولما أن وقعت مشكلة بين جماعة من أهالي كربلاء وبين الجمعية الخيرية، قالوا:
إن محمداً وراء تحريض الناس على الجمعية، فاللازم محاكمته وإيداعه السجن.(3)
29- ولما أن كنا نخالف عبد الكريم قاسم في تشريعاته ضد الإسلام، قالوا: ( أنه
قومي من أنصار جمال عبد الناصر).
30- ولما أن جاء جماعة من شيعة باكستان والهند ودخلوا النار بمناسبة (عاشوراء)
أمامي وأمام ألوف الناس والعلماء و المقيمين ( على ما هي العادة في الهند
وباكستان وأفريقيا وغيرها وقد سبق مثل ذلك في كربلاء) قالوا: أنه يشجع المجوس
عبادة النار.(4)
31- ولما خالفنا حركات
(عبد السلام عارف) ضد الشيعة قالوا: أنه يتلقى الأموال من والمال والتخطيط من
إيران.
32- ولما قلنا أن القومية ليست صحيحة ، فإن الإسلام يقول:(إن أكرمكم عند الله
أتقاكم) قالوا: إنه عدو (جمال عبد الناصر) وأنه (شعربي).
33- ولما أن شجبنا الاشتراكية، قالوا: أنه جاسوس لحزب إمبريالي مجرم.
34- ولما أن عقدنا مجلس المبلغين لأجل النظر في أمور البلد ودفع المنكرات، قالوا:
أنه يريد صيد الخطباء بهذا الاسم.
35- ولما أن أخذنا نؤسس المجلات، قالوا: ما فائدتها ولا قراء لها، المهم أن تكون
القراء.
36- ولما أخذنا أن نبني المساجد بواسطة الهيئة المسماة (بهيئة خدام المساجد)،
قالوا: ما الفائدة ولا مصلين، المهم أن تكون مصلين.(1)
37- ولما أن زودنا المدارس الحكومية بالحصر لأجل صلاة الطلاب جماعة، وعينا في
كربلاء وبغداد أئمة الجماعة للمدارس والكليات من نفس الطلاب، قالوا: بذر المال في
شراء الحصران وعين الشباب المزلفين لإمامة الجماعة.
38- ولما أن كونا( هيئة التبليغ السيار)لأجل القرى والأرياف، قالوا: يريد إدخال
الأعراب في تقليده بهذا الطريق.(2)
39- ولما أن تدخلنا في قضية فلسطين، قالوا: مالنا ولفلسطين، فإنها حركة
استعمارية، فأي معنى لتزويد اللاجئين بعد حرب (67) بأموال كربلاء.
40- ولما أن أقمنا احتفال أمير المؤمنين الكبير في كربلاء المقدسة، قالوا: أليس
من الإسراف أن تصرف هذه الأموال في الحفلة، هلا أعطيتموها للفقراء أليس ذلك أحسن.
41- ولما كنا نعطي الفقراء الخبز والأرز والنقود، قالوا: أليس هذا العمل يوجب
تكثير البطالة وتعويد هؤلاء الشباب على التكفف، أليس من الأفضل يصرف المال في
المشاريع الإسلامية.
42- ولما أن توسطنا في قصة (بنغلادش) التي وقعت في باكستان، قالوا: ما لرجال
الدين والقضايا السياسية، أليس من الأحسن أن يشتغل رجل الدين بصلاته وصيامه
ودروسه ومسائله.
43- ولما أسسنا مدارس الحفاظ، قالوا: هل حفظ القرآن يحتاج للمدارس حتى يصرف هذه
المبالغ لاشتراء المدارس وللمعلمين وسائر اللوازم.
44- ولما أن اشتركنا في تأسيس (مؤسسة النشر الإسلامي)، قالوا: كل الناس يعرفون
الإسلام والتشيع فما الداعي إلى صرف الوقت والمال في مثل هذه الأمور.
45- ولما أن كتبنا أي كتاب قالوا: ما فائدة هذا الكتاب، (فالوصول) لا يحتاج إليه
لأن الكفاية الكفاية في غنى بسبب حواشيها عن الوصول و (الجواهر) لم يدع مجالاً (
للفقه) وشرح (العلامة على التجريد) أغنى الناس عن( القول السديد) وهكذا وهلم جرا.
46- ولما كنا نصلي الجماعة قالوا: أنه (دكان).
47- ولما كنا نجلس لأجل الهلال في أول رمضان وآخره قالوا: لا يريدون بذلك إلا بث
التفرقة بين الناس وإبطال صيامهم.
48- ولما أسسنا المكتبات، قالوا: أوج القراء، فما فائدة المكتبات بلا قراء (وعند
الشيخ كتب من أبيه) (مُسطرة ولكن ما قراها).
49- ولما بنينا المراحيض لأجل تنظيف البلد، قالوا: (خيرات حسن لأمواتهم)، ما لأهل
العلم وبناء المراحيض.
50- ولما أسسنا (مستوصف القرآن الحكيم)، قالوا: أن البلد ممتلئ بالدكاترة
والمستوصفات، فما فائدة صرف المال في المستوصف.