في ليالي شهر رمضان العظيم 1441 للهجرة

الكلمة الثالثة والعشرون لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله: رجل الإنسانية

تقرير: علاء الكاظمي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
 
بعد حرب الجمل، وقعت حرب صفّين. ويوجد جزئيات هذه الحرب في كتب التواريخ وفي روايات أهل البيت صلوات الله عليهم، وأنّه لماذا وقعت وأين وكيف، وما كان نتيجتها.

لا للحرب

لقد سجّلت حرب صفّين في مفردات عديدة، فضائل للإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ورذائل لمعاوية وأصحابه. فقد خرج معاوية بجيشه من دمشق باتّجاه الكوفة، فخرج الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه من الكوفة التي جاء واستقرّ فيها بعد حرب الجمل، للدفاع. وفي حرب صفّين، نقاط كثيرة وكثيرة، سجّلت فضائل لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، وكل واحدة منها لا نظير لها في التاريخ، ومنها:

أعلن معاوية الحرب على الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وحاول الإمام ولعدّة مرّات أن لا تقع الحرب. فكان الإمام يبعث الرسل إلى معاوية ويكتب له رسائل ويدعوه إلى عدم وقوع الحرب، لأن نتيجة الحرب هي القتلى والجرحى، ولا يريد الإمام أم يُقتل حتى شخص واحد ولا يجرح حتى شخص واحد. ويوجد في نهج البلاغة وفي كتب الحديث وكتب التواريخ، عدّة رسائل للإمام صلوات الله عليه كان قد كتبها لمعاوية بخصوص عدم وقوع الحرب. وكذلك أرسل الإمام صلوات الله عليه مجموعة في دفعة واحدة إلى معاوية وتكلّموا مع الأخير للإقلاع عن الحرب.

حرب صفيّن

وصل معاوية وجيشه إلى صفّين بالقرب من نهر الفرات. وتأخّر الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الوصول إلى صفّين، لأنّه صلوات الله عليه لم يجبر شخصاً واحداً لأن يأتي معه إلى الحرب، بل كان الإمام يستعمل الإقناع مع الناس بالاستناد إلى القرآن الكريم وأقوال رسول الله صلى الله عليه وآله لكي يلتحقوا مع الإمام في الحرب. ولا يذكر التاريخ عن الألوف والألوف الذين جاؤوا مع الإمام إلى صفّين للدفاع بأنّهم التحقوا بإجبارهم من قبل الإمام عليّ صلوات الله عليه، أو انّ الإمام قد أكره حتى شخص واحد. وأمّا الذين تخلّفوا عن الإمام فهم كالذين تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله.

رجل الإنسانية

بعد وصول معاوية لصفّين، قام أصحاب جيشه بمنع الماء عن أصحاب الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، حيث أوقفوا على الماء مجموعة كبيرة من الرماة وأمروهم برمي كل من يروم الوصول إلى الماء من أصحاب الإمام. فأمر الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه أصحابه بالهجوم لكشف الماء والسيطرة عليه، فهجموا وسيطروا على الماء وفرّ أصحاب معاوية، وقالوا له إنّ الحرب قد انتهت لأنّنا لا يمكننا أن نحارب بلا ماء، وقد منعنا عليّاً وأصحابه من الماء. فقال معاوية أنا أعرف عليّاً، إنّه لا يصنع ذلك.

إنّ الإمام أمير المؤمنين صلوات الله علي رجل الفضيلة والإنسانية، وليس لموقف الإمام نظير في تاريخ الحروب. فقد قال بعض الأصحاب للإمام انّ معاوية أرسل بعض أفراد جيشه ويريدون الماء، فأمر الإمام بالسماح لهم لأخذ الماء. فقال الأصحاب انّهم قبل ساعات كانوا قد منعونا من أخذ حتى قطرة واحدة من الماء، فلنعامل مثل معاملتهم لنا، فرفض الإمام صلوات الله عليه، وقال نحن لا نحارب حتى نمنع الماء. ومثل هذا التعامل في تعامل رسول الله صلى الله عليه وآله أيضاً في الحروب التي فرضت عليه. ففي إحدى الحروب قال بعض الأصحاب لرسول الله صلى الله عليه انّهم يعرفون عين الماء الذي يستقي منه جيش الأعداء، فلنمنعه عليهم، فرفض رسول الله صلى الله عليه وآله. فرسول الله صلى الله عليه وآله رسول الإنسانية والرحمة والفضيلة.

رحمة الإمام بالعدوّ

قبل وقوع حرب صفّين، كتب الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه كتب متعدّدة إلى معاوية حتى لا تقع الحرب، وأرسل الإمام مجموعة من أصحابه إلى معاوية للأمر المذكور، فلم يؤثّر ذلك على عدم وقوع الحرب. وكان ممن أرسلهم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه شابّ اسمه سعيد وأعطاه الإمام القرآن وقال له اذهب إلى معاوية وقل له انّ عليّاً يقول كا ما يقول به هذا القرآن أنا أعمل به، وأنت اعمل به أيضاً حتى لا تقع الحرب. فجاء سعيد إلى معاوية وأبلغ الأخير كلام الإمام، لكنّهم قتلوه. علماً انّ في منطق الحروب بعالم لا يُقتل الرسول، ولكن معاوية لا يعتني بقوانين العالم، وكذلك أمثاله من بني أميّة وبني العباس. فوقعت الحرب بين الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه دفاعاً، وبين معاوية هجوماً. وكما في الجمل، أعلن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حرب صفّين على أن لا يجهّزوا على جريح أي لا يقتلوا الجرحى من جيش معاوية، لكن الأخير كان قد أمر بقتل الجرحى من جيش الإمام وقتلوهم.

ليعرف العالم رذائل معاوية وأمثاله

ينبغي بل يجب، الإعلان عن فضائل الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حرب صفّين، وأن تصل إلى البشر والناس، حتى لعلّه بعض الأشخاص ممن يحملون الإنسانية والفضيلة في وجدانهم بنسبة، تقلّ المظالم في العالم. ففي حرب صفّين توجد نقاط مشرقة كثيرة بالنسبة للإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، في أقواله وفي أفعاله وفي تقريراته. وكذلك فيها نقاط كثيرة ملؤها الرذيلة في جانب معاوية وأصحابه.

لذا على الجميع، وبالخصوص الشباب الغيارى، أن يدرسوا حرب صفّين بكل جزئياتها وتفاصيلها ومقدّماتها ونتائجها وكل ما يرتبط بها، وكما هو الصحيح الموجود في التواريخ، ويعرضوا ذلك على البشر (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ) سورة النساء: الآية 165. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم