في ليالي شهر رمضان العظيم 1441 للهجرة

الكلمة التاسعة عشرة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله: من جنايات الخلفاء

تقرير: علاء الكاظمي

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
ما حلّ بالأمّة

في أوّل خطبة خطبها الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال هذه الجملة: (ولقد اُصيب به الغرب والشرق). ويعني انّه بعد أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقع غرب البلاد الإسلامية كلّه وشرقها كلّه، في فتن عظيمة، وفي قتل وتعذيب وإبادة وحرق للبشر وحرق للمزارع. وكذلك يعني انّه بعد استشهاد رسول الله واستشهاد الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، وبعد حكومتيهما العادلتين، انصبّت على المسلمين في الأمّة الإسلامية شتّى أنواع المظالم، بحيث لو اُحصي القتلى السياسيين، واُحصيت التعذيبات والمظالم والمصادرات للأموال، والحرق للناس وهم أحياء، وحرق المزارع ودفن الأحياء، فلا يبعد أن تبلغ الملايين من حيث المجموع، في طول الحكومات الإسلامية، ومع شديد الأسف، وباسم الخلافة لرسول الله صلى الله عليه وآله، من بني أميّة وبني مروان وبني العباس وأمثالهم.

من جنايات معاوية

لم يسجّل في تاريخ حكومة أمير المؤمنين صلوات الله عليه حرق شجرة واحدة، سواء بأمره أو بنفسه. وكان معاوية يأمر من يرسله، ضمن ما يأمرهم، انّه إذا سيطرتم، فأحرقوا المزارع، وكانوا يحرقونها. وعندما تُحرق المزارع، تحدث مجاعة ويحدث القحط، لأنّه في الزمان السابق لم تكن الوسائل سريعة حتى يأتون بالمأكولات من الأطراف. وعندما تُحرق المزارع تُحرق معها المواشي والدواجن أيضاً، حيث في الزمان السابق كانت المواشي من الأبقار والإبل والغنم والدواجن مثل الدجاج، تعيش في المزارع، وغيرها. وكان القحط أمّ المصائب في الزمان السابق.

أكل بعضهم بعضاً!

وصل الأمر في القحط بالبلاد الإسلامية، مع شديد الأسف، انّ الناس من القحط كانوا يأكلون كل شيء، حتى انّهم يجدون بعض الضعفاء فيقتلونهم ويأكلون لحومهم. وورد في مختلف التواريخ انّ امرأة ضعيفة قتلوها ووزّعوا لحمها، وجعل الناس يأكلون لحمها من شدّة الجوع، فانتهى لحمها، وكان لهذه المرأة المقتولة المأكول لحمها، أخت فكانت تصيح أنا أموت من الجوع، فلماذا لم تعطوني قطعة لحمة من لحم أختي حتى أسدّ بها جوعي! وهذا لم يحدث في الغابات، بل حدث في البلاد الإسلامية، مع شديد الأسف، وتحت حكومة تسمّى بالخلافة الإسلامية، كذباً وزوراً. وهذه الجرائم كانت تحصل باسم الإسلام، وباسم الرئيس الأعلى للحكومة الإسلامية، أي من معاوية ويزيد ومروان وبني مروان وبني العباس وأمثالهم.

وجوب إسلامي إنساني وجداني

من الواجب الإسلامي، والواجب الإنساني، والواجب الوجداني، أن يتصدّى كل واحد، بمقدار ما يمكنه، لفصل الإسلام الصحيح عن الإسلام المزيّف، لفصل الإسلام الواقعي الذي هو إسلام مثّله رسول الله صلى الله عليه وآله بأقواله وبأعماله وبتقريراته، ومثّله بعده أمير المؤمنين صلوات الله عليه بأقواله وأعماله وتقريراته، يفصلوه عن الإسلام الذي يحمل مجرّد اسم الإسلام، ولكنه هو أبعد ما يكون عن الإسلام.

من أفعال شرار الأمّة

إنّ من الألوف والألوف من جملة ما ورد في التواريخ عن الذين كانوا يسمّون أنفسهم بخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله كذباً وزوراً، ويذكرون في تواريخ عديدة وإلى اليوم باسم الخليفة، أنّ أحدهم كان يأمر بأن يؤتى إليه بحيات وعقارب في كيس، وعندما يجتمع عنده مجموعة من الناس، كان يقوم بنفسه وبيده هذا الذي يسمّي نفسه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله كذباً وزوراً، بإفراع الكيس المملؤ بالحيّات والعقارب على رؤوس الناس، فيستوحشون ويصيح بعضهم، ويفرّ بعضهم، وينبطح بعضهم، وهذا الخليفة يضحك عليهم!

هل هكذا كان إسلام رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وهل هكذا كان إسلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه؟

كما ذكروا في تاريخ واحد آخر من الذين يسمّون بالخلفاء، انّه كان من أنواع القتل الذي يقتل به السياسيين من أعدائه لا المجرمين، هو قتلهم بدقّ المسامير في عيونهم وهم أحياء!

كذلك ورد في التواريخ، ومنها التواريخ الموجودة اليوم بين أيدي الناس، عن واحد آخر من الذين يسمّون بالخلفاء، انّ شخصاً من المسلمين قال له: اتقّ الله؟ يعني خف الله؟ فقال ذلك الذي يسمّي نفسه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت تقول لي اتقّ الله؟ فأمر بأن يفرشوا الشخص الأرض ويطؤوه بأقدامهم. فجعل عمّاله ذلك الشخص تحت أقدامهم ووطؤوه حتى مات، وذلك لمجرّد انّه قال للخليفة المزوّر ولمرّة واحدة فقط: اتقّ الله! وكان هذا كلّه يُصنع باسم الإسلام، وباسم خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله!

رحمة الإسلام

لقد كانت حروب رسول الله صلى الله عليه وآله دفاعية كلّها، وكذلك حروب الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه كلّها دفاعية، ولم تحدث في تاريخ رسول الله وتاريخ أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما حرب ابتدائية. فكل الحروب كان تُفرض على رسول الله وعلى أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، وكانا صلوات الله عليهما وآلهما يقفا في موقف الدفاع. وكانت توصيات أمير المؤمنين صلوات الله عليه كتوصيات رسول الله صلى الله عليه وآله. فكان الإمام يوصي الذين يبعثهم للدفاع في الحروب، ويأمرهم ضمن ما يأمرهم بأن لا يقطعوا حتى شجرة واحدة، ولا يحرقوا حتى شجرة واحدة.

أما معاوية بن أبي سفيان فكان يأمر من يرسلهم بحرق المزارع بما فيها من المواشي والدواجن. وحتى بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، مباشرة، كان معاوية يأمر من يرسله إلى العراق، خاصّة، وبعض مناطق العراق، بحرق المزارع، لأنّ العراق كان بمثابة مزرعة كبيرة، حيث كان معظم أراضي العراق مزروعة، ولهذا كان العراق يسمّى بأرض السواد لكثرة المزارع فيه. فكان معاوية يأمر من يبعثهم بقتل الناس وحرقهم ودفنهم وهم أحياء، وبحرق المزارع أيضاً.

لنصرة النبيّ والإمام

لذا، يجب إنسانياً وإسلامياً ووجداناً، على كل من يتمكّن، أن يهتمّ بمقدار ما يمكنه، لفصل الإسلام الصحيح وهو الإسلام الذي مثّله رسول الله ومثّله أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، عن الإسلام المزوّر الذي ليس له إلاّ اسم الإسلام، وإنّما هو أبعد ما يكون عن الإسلام، وبجمع النماذج الكثيرة التي هي بالمئات والألوف، من مختلف التواريخ، عن ذلك، لكي يعرف البشر اليوم، وبشر المستقبل، من مسلمين وغير مسلمين، فضل رسول الله وفضل أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، ولكي يكون مستقبل التاريخ أحسن وأفضل للبشرية في البلاد الإسلامية وفي غير البلاد الإسلامية، وحتى لا يكون أحد مقصّراً في نصرة رسول الله ونصرة أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، ولا يكون ـ لا سمح الله ـ خاذلاً لرسول الله وخاذلاً لأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، من هذه الجهة.

أسأل الله عزّ وجلّ أن يوفّق الجميع لذلك، وخصوصاً فيما تبقّى من شهر رمضان المبارك. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم