في ليالي شهر رمضان العظيم 1441 للهجرة

الكلمة الثامنة عشرة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله: وجوب تبليغ التولّي والتبرّي

تقرير: علاء الكاظمي
 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
 
عندما يقول الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن الإمام: (ولقد اُصيب به الغرب والشرق) فماذا كان يرى الإمام الحسن صلوات الله عليه ليقول هذه الجملة التي قلّ نظيرها في تاريخ البشرية؟

الشرّ العظيم

إنّ من جملة ما كان يراه الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه، هي قصص معاوية وتاريخه وسيّئاته وسلبياته مع الإسلام ومع الأمّة الإسلامية ومع البشر ومع المؤمنين والمسلمين، ومع المؤمنات والمسلمات، ومع الضعفاء والمساكين، وقد أثبت ذلك التاريخ.

بعد أمير المؤمنين صلوات الله عليه، حكم معاوية عشرون سنة، وخلالها وبعد أن أرسل أحد عمّاله ورسوله إلى المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة وأطرافهما، وبأمر من معاوية، قتل رسوله وأحرق ودفن أحياء، من الأطفال والرجال والنساء، وكانوا أكثر من ثلاثين ألف، كما هو في التواريخ. فأيّ رعب يوجد هذا الفعل في العالم الإسلامي وفي كل البلاد الإسلامية؟ فعندما يقتلون بأمر الحاكم الأعلى ذلك الوقت وهو معاوية، ذلك العدد الكبير من المسلمين والمؤمنين والمسلمات والمؤمنات، لا شكّ يملك الرعب الجميع في كل مكان.

إنّ تاريخ معاوية بن أبي سفيان مشحوناً بالسيّئات والمظالم. وواحدة من تلك السيّئات، أنّه سافر إلى مكّة المكرّمة وأراد أن ينصّب يزيداً خليفة من بعده، وأراد أن يعلن ذلك في المسجد الحرام على المنبر. وجمع جماعة من كبار الشخصيات في ذلك الزمان بمكّة في دار وقال لهم كلمتين بصراحة، وكانت الأولى هي انّه أخبرهم بأنّه يريد تنصيب يزيد من بعده. وكانت كلمته الثانية، هي: أيّ واحد ردّ عليَّ بكلمة تصديق أو تكذيب، سبقها السيف إلى رأسه. ويعني أي واحد منكم وفي وسط كلامي، فتح فاه ليتكّلم بتصديق لي أو تكذيب، يسبقه رأسه قبل أن يتكلّم! وبعدها نظر إلى صاحب حرسه (رئيس شرطته) وقال له: أقم على رأس كل واحد منهم رجلين بسيفين، فأيّ واحد منهم ردّ عليَّ بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفهما. وعن مثل هذه الممارسات، قال الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه: (اُصيب به الغرب والشرق).

لقد كان معاوية يدّعي أنّه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله! فهل يوجد في تاريخ رسول الله صلى الله عليه وآله مثل هذه الممارسات؟ الجواب: كلا وألف كلا. وكذلك كلا، وألف كلا، لا يوجد مثلها في تاريخ أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

إذن، اُصيبت الأمّة الإسلامية، بغربها وشرقها، باستشهاد أمير المؤمنين صلوات الله عليه، بالمئات والألوف والألوف من المظالم التي ارتكبها معاوية بن أبي سفيان، ثم من بعده يزيد، وبعد مروان وبني مروان، ومن بعدهم بني العباس وهكذا.

هكذا هو الحاكم الإسلامي الحقّ

كان حجر بن عدي رضوان الله تعالى عليه من الزهّاد والعبّاد والأتقياء، ولا يزال مزاره ومزار أصحابه معروفاً ولهم قبور تُزار من قبل المؤمنين والصالحين. وقد قتل معاوية حجر وأصحابه في أطراف الشام. وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال حجر ذات مرّة لمعاوية: ملك أمير المؤمنين أمرنا فكان كبعضنا. أيّ انّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو الحاكم الأعلى لكل البلاد الإسلامية، كان كسائر الأفراد في البلاد الإسلامية. ولذا، فليتعلّم من أمير المؤمنين صلوات الله عليه هذه الفضيلة، الحكّام، وليكونوا كسائر أفراد الأمّة، حتى حكّام بلاد الإسلام وحكّام بلاد غير الإسلام.

حلم الحاكم الأعلى

جاء في التاريخ، أنّه ذات مرّة كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه يؤمّ المصلّين في مسجد الكوفة، وفي أثناء الصلاة، وبعد أن بدأ الإمام بقراءة سورة من القرآن الكريم بعد سورة الحمد، وكان يقرأ جهراً في صلاة جهرية، صاح شخص كان في المسجد، بصوت رفيع: لئن أشركت ليحطبنّ عملك! فسكت الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه احتراماً لقراءة القرآن. ولما سكت ذلك الشخص، بدأ الإمام صلوات الله عليه يواصل القراءة، فأعاد ذلك الشخص كلامه نفسه، وكذلك سكت الإمام، وبعد أن سكت ذلك الشخص واصل الإمام بالقراءة، وبعدها أعاد ذلك الشخص كلامه لمرّات ومرّات والإمام صلوات الله عليه يسكت احتراماً للقرآن ثم يواصل بعد سكوت ذلك الشخص. وبعد انتهاء الصلاة، لم يقتل أمير المؤمنين صلوات الله عليه ذلك الشخص، ولم يسجنه ولم يعذّبه ولم يصادر شيئاً من أمواله! وهكذا عاش المؤمنون تحت حكومة أمير المؤمنين صلوات الله عليه وتحت زعامته. وبعدها ابتلوا بمثل معاوية مع عنفه الشديد.

لتتعلّم الحكومات من الإمام عليّ

إذن، ليتعلّم من أمير المؤمنين صلوات الله عليه الكل، أي رئيس العائلة بالنسبة إلى عائلته، ورئيس العشيرة بالنسبة إلى عشيرته، ورئيس القرية بالنسبة إلى قرية، ورئيس المدينة بالنسبة إلى مدينة، ورئيس حكومة بالنسبة إلى المناطق التي يحكمها، ولا يكونوا كمعاوية بن أبي سفيان الذي كان يصنع مثل تلك الجرائم التي مرّ ذكرها آنفاً، ويسمّي نفسه باسم الإسلام!

كما إنّ تبليغ تلك الفضائل لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، وتبيين تلك المثالب والرذائل لمعاوية وأمثاله، من الواجبات على الجميع، وخصوصاً في زماننا الحالي الذي تتوفّر فيه الوسائل لإيصال فضائل أهل البيت صلوات الله عليهم، وإيصال رذائل أعدائهم، وإيصال التولّي والتبرّي وكلاهما من شؤون أصول الدين، كل حسب إمكانه، وبمقدار ما يتمكّن، حتى بوصول ذلك تتمّ الحجّة على البشر.

أسأل الله سبحانه وتعالى، في هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، أن يوفّق الجميع، وخصوصاً الشباب المؤمن الغيارى، لأداء هذا الواجب العظيم وهذا البلاغ المبين بالنسبة إلى التولّي والتبرّي. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم