موقع يازهراء سلام الله عليها                          www.yazahra.org

بعد الإعتداء الثاني على المراقد المقدسة في سامراء: جنون العقلانية!


المهندس حسين جهاد

 الإعتداء الثاني على المراقد المقدسة في سامراء وكما كان الأول في شباط 2006 يستهدف الوحدة الوطنية ومستقبل العراقيين لأنها رمز مقدس جامع لهم ومن لا ماض له لا مستقبل له كما يستهدف الوحدة المفككة للأمة المسلمة كما يستهدف الوحدة للأمة العربية لأنها تمثل تاريخهم ومصدر إلهامهم كما يستهدف البشرية لأن مثل هذه المعالم الحضارية تعتبر تراثا ًمشتركا للبشرية جمعاء. إذن العالم كله مستهدف ولامناص من وقفة تتجاوز الاستنكار ودعوات التهدئة وضبط النفس الى المعالجة و الوقاية والردع السلمي الفاعل المتزن للإنتقال من الدفاع الى الهجوم العقلاني الرادع لإجهاض محاولات المجرم في زرع عقدة الإضطهاد فالإندحار لإجبار الضحية الى الإنزلاق في تقليد الجلاد فالانخراط في دوامة العنف العمياء الدموية العدمية الشاملة والرسائل التي تنذر بهذا الخطر الكبير ليست بقليلة كالدفاع عن جنون العقلانية! وذريعة أن جنون العقلانية هي الطريق الوحيد الأخير لإنقاذ التيارالعقلاني في العراق وإيقاف مسلسل تدمير المقدسات لأنه خُذِلَ وقيد الى الإنسداد!! واستبيحت كل مقدساته هذه تنظيرات خطيرة جداً وتعكس مدى الصدمة والحيرة والإحباط ويجب التعامل معها بجدية وعلى وجه السرعة لأنها تعني فيما تعني نهاية التيار العقلاني المبدئي الواقعي بالإنقلاب على الحركة الدستورية الديمقراطية الوطنية والتي انطلقت عام 1920 بعد انتصار ثورة العشرين ولتجزئة العراق، وانتشار الإرهاب في المنطقة فالعالم لتقسيم السعودية وتقسيم و ... الخ.

ماذا ننتظر إذن ؟

البدء بخطوات عملية لحل الأزمة العراقية بدلا ً من إدارتها وتدويرها في مستويات تكتيكية تزيد الطين بلة مثل المصالحة الوطنية القسرية والتسليح الفوضوي للعشائر وخارج إطار الدولة بما لا يساعدها على إعادة إنتاج نفسها كمؤسسة من مؤسساة المجتمع المدني، والاستسلام للعبة المطالبة والمغالبة التي يلعبها التيار المناهض للعقلانية، ودفع الملف العراقي نحو دهاليز التدويل غير البرئية عادة و... الخ مما يستدعي التأمل والمراجعة فالمعالجة في مقالات ودراسات ميدانية تطبيقية مستقلة.

أما فيما يرتبط بالجريمة النكراء الثانية على المراقد المقدسة في سامراء فلا بد من:

- كشف ومحاكمة ومعاقبة المنفذين والمخططين والداعمين والمشجعين لهم بالقول أو الفعل أو المال أو الإعلام أو منح الشرعية أو المشروعية .

- إقرار حزمة من القوانين الوطنية والإقليمية والدولية لتكريس الحصانة الكاملة للأماكن والمراقد المقدسة والمعالم الحضارية التي اعتبرتها إتفاقيات اليونسكو إرثاً مشتركا ً للإنسانية يجب إحترامه وحمايته وصيانته .

- بسط سيطرة الدولة على سامراء وتأمين الطريق إليها للبدء بإعادة إعمار مرقد الإمامين العسكريين عاجلا ً لما تمليه الثوابت الدينية والوطنية والقومية والانسانية وتضميد الجراح وتهدئة المشاعر وإمتصاص الغضب العارم وتدعيم السلم الأهلي وترسيخ الوحدة الوطنية .

- تكثيف الجهود في مشروع بناء الدولة العراقية الديمقراطية الدستورية وترشيد أداء الحكومة والبرلمان لتقديم إنجازات أمنية خدمية إقتصادية عمرانية ديمقراطية ملموسة للشعب تنعش الأمل وتبعث التفاؤل وتقبر الإحباط واليأس، فالخصم يراهن على فصل الشعب عن الحكومة للإنقلاب الكامل، فكلما ازداد الإنجاز وتجسد كلما تراجع الإرهاب.

- التوافق على إعادة إنتشار القوات المتعددة الجنسية، جدولة الإنسحاب، تسليم الملف الأمني العسكري الى الدولة العراقية، وتفرغ تلك القوات للسيطرة الكاملة على الحدود العراقية .

- إستكمال السيادة العراقية وتنجيز الإستقلال وتجسيد ذلك ميدانياً وتسويقه فمع ذلك يتراجع الإرهاب، ويتم سحب ذرائعه، وتتوقف المزايدات على الوطنية للتسلق الى السلطة ويؤسس لبناء علاقات ستراتيجية ودية مستقرة مستدامة بين العراق ودول تلك القوات وعلى أساس المنفعه المتبادلة والمصالح المشتركة ويمهد للشيء نفسه مع جيران العراق واشقائه.

- إقرار البرلمان العراقي لقانون جديد للأحزاب يلزمها بشفافية التمويل وبدمقرطة نفسها بنفسها داخلياً وتحولها الى أحزاب برامجية، ويضمن تمويل البرلمان للأحزاب الديمقراطية البرامجية.

- التوافق على إلغاء المحاصصة والتوافق والطائفية، تفعيل المحكمة الدستورية، تعجيل بناء السلطة القضائية المستقلة، تأجيل تطبيق البند الخاص بكركوك في الدستور لمراجعة آليات و جدولة التطبيق .

- إعادة النظر في قانون الإنتخابات وإجراءاتها بما ويخدم إلغاء الطائفية والمحاصصة والتوافق ويشجع على توسيع المشاركة السياسية ويمنع من التكلس الديمقراطي والنخبوية والشلل في الحكومة والمعارضة معا، ويضيق فرص الترشيح والفوز للأحزاب والكتل التي لا تلتزم في قيادة أحزابها داخلياً بالطرق والآليات الديمقراطية والبرامجية .

- التوافق على تكريس الفيدرالية الديمقراطية الإدارية التي تستند على اللامركزية والتعددية القومية والعرقية والطائفية والدينية .

- التريث في إقرار مشروع قانون النفط والغاز العراقي لإتاحة الفرصة الكافية لمراجعته ودراسته والتوافق عليه ومعالجة ثغراته لأنه في صورته الحالية يمهد للمزايدات والتطبيق المشوه ويخلق صراعات داخلية جديدة إضافة الى صراعات واختلافات طويلة عريضة بين العراق والشركات الأجنبية التي ستستثمر في القطاع المذكور وبالتالي مع الدول والحكومات ذات العلاقة بتلك الشركات أضف الى ذلك ان العقود حتى لو وقعت فأن باب الطعن فيها يبقى مفتوحا لأنها عقدت في ظروف غير طبيعية طبقا للقانون الدولي أو ما في رتبته .

أما التيار العقلاني المبدئي الواقعي في العراق بمكوناته وأنصاره وأصدقائه فيجب أن يضع خارطة طريق لإنقاذ الديمقراطية الدستورية من الإنسداد ورص الصف وتوزيع الأدوار والشراكة المتكافئة بالأدوات الديمقراطية والعمل الإعلامي المكثف المتناغم المتآزر مع العمل الدبلوماسي الفعال في المحيط المحلي والإقليمي والدولي وبعيداً عن الإرتجال والإنفعال، فالعمل الإعلامي لوحده لا يحقق إنجازاً سياسياً وكما هو العمل السياسي لوحده، وكما هو العمل الدبلوماسي لوحده، وكما هو العمل الدبلوماسي الذي لا أوراق في يده، وكما هو حال الدبلوماسي مكشوف الظهر، فالعلاقة بين الإعلام والدبلوماسي في دائرة الإنجاز السياسي علاقة تكاملية، الأول يضغط ويوصل الحقيقة الى الجمهور و الرأي العام ويرسل الإشارات والرسائل الى صناع القرار كي يعبد الطريق الى الحصاد للثاني بتشبيك المصالح وتبادل الأوراق بمساعدة جماعات الضغط وأصحاب المصالح .

دور وأهمية الإعلام وجماعات الضغط وأصحاب المصالح في منظومة الإنجاز السياسي بالنسبة للعمل الدبلوماسي ونجاحه يشبه الى حد كبير دور القوة الجوية بالنسبة لتقدم القوة البرية في منظومة العمل العسكري حيث ان القوات البرية لا يمكنها ان تتقدم قبل إقدام القوة الجوية بضرب الدفاعات والتحضات والمواقع الحساسة للعدو كما انها لا تتقدم إلا مع الغطاء الجوي الذي توفره القوة الجوية اثناء تقدمها كما تظل تراقب درجة أمان القوات البرية بعد تقدمها تمهيداً لخطوة التقدم اللاحقة .

 


 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه