كل طائفة تحب وتكره الآخرين تبعاً للطائفة والدين، وما أنت يا
رسول الله بطائفة بل أمة للنهوض...
وما أنت غطاء لمفاسد الدول الإسلامية الكبيرة من حاكمين
وسياسيين ورجال دين التي ترفع كلمات الله زوراً وتنسى الله،
وترفع الأذان بصوتٍ عالٍ (الله أكبر) ولكن الله ليس أكبر من
شهواتهم وأحقادهم ومفاسدهم ونواياهم الخبيثة...!!
يرفعون (الأذان) صوتاً في المآذن ولكنهم يصمون (الأذنين) عن
أصوات المظلومين وأصوات الحق وأصوات النصيحة، وتضج الجوامع
بالصلوات في مجتمعات إسلامية كثيرة تغط بالوساخة والنتانة رغم
أن (النظافة من الأيمان)، وأنتن منها وأوسخ الفساد الإداري
والاجتماعي في مجتمعات أكثرها مسلمين يصلون ويصومون.
ولكنك يا رسول الله حرباً عليهم، وما فرقهم عن المشركين؟!
فاليوم يشركون بالله بأسم السياسة والشهوة والمال.
من جعل القومية العربية سيدة العالم، ومن جعل الفارسية أو
التركية سيدة العالم؟!
لماذا يتفاخرون بلغاتهم وقومياتهم وينسون واقع الناس ودين الله
الذي يحرم القومية والعنصرية، ويحب الإنسان بما هو إنسان، ويحب
الناس بما هم ناس، ويكرم العقل والأخلاق بغض النظر عن الجنسية
والقومية.
وما هذا التعارك على الحدود وعلى الأشكال الهندسية التي وزعتها
بريطانيا وفرنسا في اتفاقية (سايكس-بيكو) فيما بينها إحتلالاً
بينهم، ولمّا خرجوا منها تركوا فيها فتن طائفية وعرقية
وجغرافية ليتعارك فيما بينهم عليها الأخوة وأولاد العم على
بقايا الحدود...
ألم يخلقنا الله أمة واحدة...؟!
يا رسول الله إعذرني أني أكتب حرف (ص) خلف إسمك الشريف، فأني
أَدعه رمزاً لكي يصلي عليك القارئ الكريم وفق ما يرى، فأخشى أن
لو قلت (صلى الله عليه وسلم) لفرح بها السني وحصل في قلب
الشيعي شيء منها...
وأخشى أن لو قلت (صلى الله عليه واله) لفرح بها الشيعي وحصل في
قلب السني شيء منها، فأنا أضع رمزاً ليصلي القارئ وفق ما
يحب...
رغم أنك وضحت للناس كيف يصلون عليك يومها في حديث مثبت وصحيح
ولكن رجال دين الماضي واليوم يبترون جزء ويضيفون آخر ليتماشى
مع هوى التوجه الطائفي والسياسي الذي يؤمن به، وليرضى عنه
الحاكمين.
كان النبي (ص) يطوف ذات مرة في الكعبة، وفي الكعبة أربعة
أركان، الركن اليماني والحجازي والشامي والعراقي، ولكل ركن كان
هناك دعاء، فعندما مر النبي (ص) عندما بالركن الشامي قال:
(اللهم آتنا في شامنا)...
وكان حينها رجل قصير خلف الرسول (ص) يتبعه فقال للرسول: (يا
رسول الله وعراقنا)؟! فلم يرد عليه (ص)...
وأكمل الرسول: وفي حجازنا وفي يمننا وهذا الرجل خلف الرسول
يقول له وعراقنا، لكن الرسول لم يرد عليه، وعندما انتهى الرسول
(ص) من الطواف نادى على هذا الرجل وقال له: (أعراقي أنت)؟!
قال له: (نعم أنا عراقي).
فقال له (ص): (عندما أراد العراقيون أن يحرقوا إبراهيم أراد أن
يدعو الله عليهم، ولو دعا الله عليهم لاستجاب، فبعث الله له
جبريل وقال له، قل له: يا إبراهيم ربك يقول لا تدع على أهل
العراق، وقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي)...!!
معذرة يا رسول الله فقد صار العراق فيما مضى تاريخياً وفيما
مضى قريباً وفي اليوم مذبحة بأهله يسومه سياسييه سوء العذاب
وأسوأ منهم سياسيي ومخابرات دول الجوار الأسلامية اليوم ومن
خلفهم دول ومنظمات أجنبية من أجل تدمير العراق وحرقه بأهله
وتسهيل دخول الإرهابيين عليه ودعمهم مادياً ومخابراتياً
والسماح لرجال دين الفتنة والقتل بتغذية الأفكار الأرهابية
والفتنة من على أراضيها الأسلامية لمحاربة العراق وتدميره.
جاء النبي محمد (ص) لأجل الإنسانية ولنشر الخير والفضيلة وطلب
العلم والأخلاق الحسنة والأمانة والعدالة والحرية ولم يرسل
الله محمداً (ص) ليجعل الناس تصلي وتصوم وإنما بعثه ليتمم
مكارم الأخلاق، وبعثه للتعليم، وبعثه لتخليص الإنسان من ظلم
الإنسان، وما الصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج وغيرها من
العبادات إلا منهج إختباري، تهذيبي، تقويمي، عبادي، ولن ينال
الله منها شيئاً ولكن يناله التقوى منكم.
التقوى أي أن تكون تقياً في حدود الله التي أتى من أجلها النبي
محمد (ص)، لا صلاة تبكي بها أو تتباكى وفي داخل نفس النفس التي
تبكي تلقاها نفس سوداء قاسية قاتلة سارقة بغيضة محترقة بنار
الكراهية والعدوان والسلطة والطائفية والقومية والعنصرية
والمحسوبية ومصادرة حقوق الناس.
دخل النبي (ص) ذات يوم لمسجد المدينة، فشاهد جماعتين من الناس،
كانت الجماعة الأولى منشغلة بالعبادة والذكر والأخرى بالتعليم
والتعلّم، فألقى عليهما (ص) نظرة فرح واستبشار وقال للذين
كانوا برفقته مشيراً للفئة الثانية –فئة التعلّم-: (ما أحسن ما
يقوم به هؤلاء)...!!
ثم أضاف قائلاً: (إنما بعثت للتعليم) ثم ذهب (ص) وجلس مع
الجماعة الثانية –جماعة التعليم-.
أرسل الله النبي محمد (ص) للناس كافة كرسول خير ورحمة لا أن
يقتل ويتحارب ويتعارك بسبب أسمه الناس اليوم مما جعل الإسلام
ينظر إليه بأنه دين الكراهة والقسوة والعنف والقتل ممن قاسوا
الإسلام بتصرف الناس ولم يدركوا معنى الإسلام الحقيقي.
الرسول اللين القلب والمتواضع والذي يدخل على مجلسه أحدهم
فيستفسر من الحاضرين (أيكم محمد) لعدم وجود ما يميزه (ص) عن
غيره، وقد نهى (ص) أصحابه من القيام له حين دخوله لكيلا تحسب
سنة لمن يأتي بعده، وتواضعاً منه (ص).
حصل ذات يوم أن قام بعض الصحابة لدى دخوله (ص) جهلاً منهم،
فأنزعج (ص) من ذلك، وكان بالمجلس حسان بن ثابت شاعر الأسلام
فأراد تلطيف الأجواء فقال:
قيامي للحبيب عليّ فرضٌ ... وترك الفرض ما هو مستقيمُ
عجبت لمن له عقلٌ وفهمٌ ... يرى هذا الجمال ولا يقومُ
معذرة يا رسول الله، فمن يحكم بأسمك اليوم مميز عن من حوله
جداً جداً جداً جداً، بل يسرق قوت شعبه لأجل أن يتنعم هو
وحاشيته بما لذ له وطاب من عوائد كرسي الحكم والفتوى وهو يذكرك
أيضاً ويصلي عليك...
في الثامن والعشرين من صفر طارت حمامات الروح لجنة قد رآها
الرسول بمعراجه لله قبل أن يتوفاه الله ليخلد فيها...
السلام عليك يا رسول الله يوم ولدت فكنت خير مولود...
والسلام عليك يوم بعثت بالحق نبياً فكنت خير مبعوث...