ما علاقة
التاريخ الشخصي والمقارنة الشخصية والحياة الخاصة برأي يروم
التصحيح والإصلاح...
وما علاقة
الوظيفة والعمل والتاريخ الشخصي وتعداد العثرات والذنوب،
لإحراج كل من له رأي صحيح وقول سديد لا يقدرون على رد حكمة
رأيه، فيعددون عثراته وربما مشاكله الأسرية والزوجية أو فضح
بعض ذنوبه السابقة...
جميع البشر
يخطئون ويتعثرون وخير الخطّاءون التوابون المصححون لأخطائهم،
فليس الفخر أن لا تسقط لكن الفخر أن تنهض من بعد السقوط...
أكاد لا أغالي
إذا قلت أن مجتمعنا العربي من أكثر المجتمعات (حشرية) يحشر
أنفه في كل شيء ويتدخل في شؤون الآخرين (سياسياً ودينياً
وطائفياً واجتماعياً) وحتى على صعيد التدخل في الشؤون
الأسرية...
من الصعب
احترام الخصوصية والحرية الشخصية في هكذا مجتمع مع الأسف،
فالتدخل سافر في شؤون الآخرين وحتى على الصعيد الشخصي فمنهم من
يتتبع الأخبار والإشاعات وحكاوي أبناء المنطقة للحصول على
معلومة أو إشاعة أو تلميح ليطفأ ظمأ فضوله القاتل...!!
وحتى في السؤال
عن أحوال الشخص فكثيراً ما تتجاوز المعقول بالتدخل في خصوصياته
وأسراه الشخصية.
مجتمع تتفشى
فيه الشائعات والافتراءات والأكاذيب والخزعبلات والخرافات بشكل
كبير وعلى كافة الأصعدة الدينية والاجتماعية والتاريخية، فتصبح
حركة الإصلاح والفكر صعبة جداً حيث تنشغل بدحض تلك الخزعبلات
والأكاذيب والافتراءات التي جعلها الكثيرين عقيدة وطقوس ومنهج
فكري ومنها ما جعلوه مقدس لا يصح المساس به ومن ثم تبدأ بطرح
الأفكار الجديدة وهذا يتطلب جهدٌ جهيد...
في مجتمع هاجسه
الإسقاط والسقوط ومتابعة الفضائح وبث الشائعات وتتبع العثرات،
من الصعب أن تحترم الآراء والاختلاف بها فلا ينظر هكذا مجتمع
لما قال الشخص بل لمن هو هذا الشخص وانتهى...!!
هكذا مجتمع من
الصعب فيه احترام الرأي المخالف واحترام الحرية العامة فالحرية
الشخصية منتهكة وغير محفوظة فكيف بالحريات العامة التي تتحكم
بها مقيدات يضعها البعض كحدود تتوافق مع فكره وشهوته الخاصة
ولا يعر أدنى اهتمام لمن يخالفه بالفكر حتى لو كان من خالفه
أصح منه فكرياً ومنطقياً...
ومنهم من يتتبع
خفايا الأسطر، ويبحث في الإشارات والدلالات، لكي يعرف هل أن
الكاتب شيعياً أم سنياً وليس لمعرفة معاني الكلمات ومدى
صدقها...!!
ومنهم من يقيس
بسن الشخص وآخر بتوجهه السياسي ليقوي الفكرة او ليضعفها وآخر
يبحث عن درجته الأكاديمية ومهنته...!!
لعل قائل يقول
لربما كان الرأي كلمة حق يُراد بها باطل...؟!
والجواب: إنك
لو عرفت ذلك فهو ينم عن وعي وتفكر، ولا كلام حوله فقد عرفت
ذلك، وإنتهى...!!
ولكن مثلما
عرفت ذلك عليك أن تعرف أن لك رأياً محترم تؤمن به مثلما لغيرك
رأي ينبغي إحترامه فهو يؤمن به أيضاً...
ما علاقة
تصرفات غاندي الشخصية ومعتقده السيخي ففكره من ألهم الأجيال
حبه وحب فكره...!!
وما علاقة لون
بشرة ودولة ودين نيلسون مانديلا فرأيه السياسي والاجتماعي هو
المهم بالنسبة لمن يريد فكراً وتغييراً وصموداً...!!
وما علاقة سفور
اوبرا وينفري التي بمؤسساتها الخيرية (في أفريقيا فقط) أنفقت
ثروات طائلة وأوت عشرات الآلاف من الأسر المشردة وأنقذت عشرات
الآلاف من الأيتام وأسكنتهم وبنت لهم مدارس ومؤسسات وأشبعتهم
بعدما كانوا جياع، والبستهم بعدما كانوا عراة، في الوقت الذي
يبذّر في سفرته الرمضانية أصحاب زي ديني ونساء محجبات ملايين
الدولارات من طعام يلقى في سلة القمامة، بعد وجبة الإفطار
الدسمة...!!
ما علاقة أن
محمد باقر الصدر شيعي الطائفة ففكره وكتبه الخالدة (فلسفتنا)
(إقتصادنا) (البنك اللاربوي في الإسلام) ونهضته الفكرية
والثورية الخالدة ضد الظلم البعثي الصدامي هي من خلدته...
وما علاقة أن
سيد حسن البنا سني الطائفة ففكره من ألهم شباب وجيل نهض ليؤسس
حركة تكاثرت رغم البطش والتنكيل بهم...
أيوجد داعٍ
لترك رأي مفكر لمجرد أنه سني وأنت شيعي أو لأنه مسيحي وأنت
مسلم وبغض النظر عن روعة وبراعة الفكر فتتركه لمجرد خلاف لك
معه بالتوجه الديني والطائفي...؟!