موقع يازهراء سلام الله عليها                          www.yazahra.org

السعودية تقمع بلدة العوامية وتكرس منهج التكفير

08/05/2007

في ظل تشدق السلطات السعودية المتكرر بانتهاج مبدأ التسامح والحرية الدينية والفكرية ومكافحة التمييز العنصري الطائفي التكفيري الطاغي في المملكة لم يطرأ على المشهد الحقوقي للشيعة في  السعودية أي تغييرات جوهرية خلال عام 2006م- يمثل الشيعة وفقا لإحصاءات غير رسمية من 20% إلى 24% من سكان المملكة- عدا بعض التقدم في الحقوق الدينية في بعض المناطق دون غيرها والمشوبة من جانب المؤسسة الدينية الرسمية بفتاوى التكفير التي أطلقها العلماء السلفيون الرسميون المرتبطون بعلاقات قوية مع السلطات ويشغلون مناصب رسمية في الحكم، ولم يسجل تقدم ملحوظ في الهموم الحقوقية التي تحملها الأقلية الشيعية منذ انتمائها للوطن السعودي عام 1913م.

العائلة المالكة من جانبها لم تقدم أية ضمانات لمواطنيها الشيعة بشأن الفتاوى التي صدرت في العام 2006م ولم تتخذ أي إجراءات قانونية تجاه مطلقي هذه الفتاوى كونهم يتمتعون بالحصانة التي يوفرها لهم نظام الحكم في المملكة، كما إن التقدم المحدود المتسم ببعض الإيجابية في شأن حرية إقامة الشعائر الدينية لم يشمل كافة المناطق الشيعية وإنما اقتصر على المناطق الشيعية الرئيسة في شرق البلاد «القطيف والأحساء» وبتفاوت كبير بينهما أيضا، فالمنع والكبت والصد والاعتقال الفوري للقائمين على ممارسي الحقوق الدينية ما يزال سيد الموقف في نجران والمدينة المنورة وحائل وباقي المناطق التي يقطنها الشيعة، وما يزال سكان إقليم الأحساء الذي يشكل الشيعة من سكانه النسبة المطلقة يؤدون شعائرهم بحرية دون مستوى أقرانهم في القطيف..

ويرجع البعض من سكان محافظة القطيف «شرق الرياض 450 كيلو» بحسب التقرير الحقوقي الثاني لعام 2007 هذا الوضع إلى تحمل الأهالي سنوات طويلة من السجن والمصادرة ودفع الغرامات المالية والعقوبات الرادعة الأخرى، وكان من نتيجة الإصرار على أداء الشعائر الدينية وتحمل تبعات رفض تنفيذ الأوامر الحكومية، أن السلطات المحلية رضخت لمواطنيها الشيعة ولم تعد تتعرض لهم فيما يتعلق بالشعائر الدينية بعد أن رأت إصرارهم على ممارستها ووجدت أن ممارسة كافة أنواع العقوبات لم تحقق أغراضها رغم العمل بها منذ عشرات السنين.

وفي سياق مصادرة الحقوق المدنية والدينية للشيعة في المملكة طوقت قوى الأمن السعودي جميع مداخل بلدة العوامية بمحافظة القطيف عبر إقامة نقاط تفتيش ثابتة أعقبت ازالة مصلى

وساحة الاحتفالات بالبلدة وإطلاق مجهولين النار على مركز للشرطة.

وروى شهود عيان لشبكة راصد الأخبارية أن دوريات الشرطة تحكم قبضتها على جميع مداخل ومخارج البلدة وتخضع العابرين لعملية تفتيش دقيقة.

وافادت أنباء غير مؤكدة بالقبض على أحد المطلوبين في قضية جنائية ممن لا علاقة لهم بأحداث مطلع الأسبوع.

وتأتي حواجز التفتيش في أعقاب ازالة مصلى العيد بساحة كربلاء بالبلدة وورود أنباء عن وجود اطلاق نار كثيف باتجاه مركز الشرطة.

وكانت السلطات البلدية مدعومة بالمئات من قوى الأمن قد جرفت المصلى وأزالت جميع معالم ساحة كربلاء الشهيرة والمخصصة لأقامة الاحتفالات.

العوامية:السلطات تهدم مصلى العيد

وأفادت الأنباء الواردة من العوامية بمحافظة القطيف أن جرافات تابعة للبلدية شرعت في ازالة مصلى العيد بالبلدة تحت حراسة المئات من رجال الشرطة والمباحث.

وروى شهود عيان لشبكة راصد الأخبارية أن المصلى الذي يقع في ساحة كربلاء وسط البلدة أخذ يتهاوى تحت ضربات الجرافات والفرق الفنية المرافقة.

ويقول أهالي أن أعمال الهدم وتفكيك المصلى بدأت صباحا بعد اغلاق تام لجميع المنافذ المؤدية للموقع تحت حراسة مشددة من أكثر من ثلاثمائة من رجال الشرطة والبحث الجنائي والمباحث العامة المدججين بالسلاح.

كما رافقت الحافلات الأمنية فرق أخرى من البلدية وشركة الكهرباء وفنيي الحدادة والشاحنات الكبيرة لغرض ازالة الانقاض.

وأورد شهود بأن سلطات الأمن باشراف مدير شرطة محافظة القطيف منعت بالقوة الأهالي من التجمهر وأنها اعتدت أثناء ذلك بالضرب على مواطن يدعى علي آل سعيد.

والمصلى الذي يعد الوحيد في المناطق الشيعية الذي يستخدم لصلاة العيدين وساحة للاحتفالات العامة مقام على نفقة الأهالي على أرض وقفية.

وسبق للسلطات أن قامت بالضغط على الأهالي قبل عدة أشهر لتفكيك المصلى بعد احتجاز الامام والمشرف على المصلى الشيخ نمر باقر النمر.

جرافات في كربلاء استمرار لنهج التكفير

وسط احتفالية إعلامية واسعة أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء التركي خبر إلقاء القبض على العديد من الخلايا الإرهابية "التكفيرية" التابعة لتنظيم القاعدة والتي كانت تنوي تنفيذ مخططات تخريبية واسعة، الأمر الذي جدد الحديث بقوة عن "الأمن الفكري" وضرورة "تجفيف المنابع" واجتثاث الفكر التحريضي المتطرف، وبعبارة مقابلة على حد ما نفهم، دعوة للعمل على إشاعة روح التسامح والوسطية الدينية، وهذا بحد ذاته يعد سمة متقدمة في الحرب على الإرهاب الديني العنفي والفكري.. فيما لو نال اهتمام وتنفيذ المعنيين على أمن المجتمع فكريا وماديا على أرض الواقع.

إلا أن الممارسات على الأرض ما انفكت تأتي مخيبة للآمال، دالّة على العكس من ذلك تماما، عبر تمظهرات الفكر الذي ما انفكينا نحتفي بالقبض على أتباعه المتطرفين يشق طريقه بالجرافات هذه المرة، وبغطاء أمني واسع، ليسحق قيم التسامح الديني والتنوع المذهبي في المملكة.

ويمكن القول بالمختصر المفيد، أن ما يجري للأماكن التاريخية ذات الطابع الديني في مكة المكرمة والمدينة المنورة مثلا، وما يحدث في المناطق ذات الكثافة السكانية المذهبية من ممارسات بحق الناس، والتي كان آخرها إزالة حسينية ومصلى العيد في ساحة كربلاء بالعوامية في محافظة القطيف بطريقة همجية باستخدام الجرافات، لا ينبئ عن حالة صحية في التعامل مع الشأن الديني عموما، وفي شقه المذهبي تحديدا، فما حدث جر إلى الأذهان -قسرا- صورا لجرافات تقوم بأعمال الهدم في فلسطين المحتلة، صور لا شك ستكون في غاية الإزعاج لـ "سائقي" هذه الجرافات!.

ولعل هناك من يجادل، بأن الأمر برمّته لا يستحق هذا التهويل، ففي كل بلاد الدنيا تتخذ السلطات إجراءات بحق الأبنية المخالفة، ولذا لا يجب التعامل مع هذه الحوادث بأكثر من ذلك، وليسمح لي أصحاب هذا المنطق بالقول؛ إما أنهم لا يشخصون الواقع كما هو، أو أنهم يعيشون خارج الكوكب، إذ لم يكن في عرف العقلاء على الإطلاق التعامل مع الأماكن الدينية بالطريقة التي رأينا، فهناك قدرا من الاحترام المعنوي لمثل هذه الاماكن، اللهم إلا في أماكن نادرة من العالم لا يقام فيها أي وزن يذكر للبشر فضلا عن الحجر، هذا أولا. ثانيا؛ وردا على ذات المنطق الآنف، هلموا دلونا على قانون بلدي واحد ينظم اقامة هذه الأماكن بطريقة منظمة ومشروعة كما هو الحال في أرض الله الواسعة، قبل أن تلوموا من يشيدها أو تحتجزوا القائمين عليها وتغلقوها.. والأفظع قبل أن تهدموها؟

ويضيف موقع راصد: إن ما شهدته ساحة كربلاء يعد علامة سوداء فارقة في تاريخ الأجهزة الإدارية في المنطقة، والتي لم تكن بعيدة كل البعد عن قيم التسامح الديني فحسب، بل كانت على الطرف البعيد كليا عن أدنى سلوك إداري روتيني -ولن أقول حضاريا- يتطلب البحث عن سبل تسوية الأمور بالتي هي أحسن في كل الأحوال، بدلا من اللجوء لأعمال استعراضية ملؤها الاستفزاز والاستخفاف.

 إن هذه الخطوة الهمجية والتي جاءت في اليوم التالي مباشرة لإعلان القبض على الخلايا الإرهابية، نالت الشئ الكثير من صورة المملكة على الصعيد الحقوقي بالقدر الذي ربما بدد أي نصر معنوي حققته عمليات القضاء على البؤر الإرهابية، لأن الفكر المحرك للارهاب هو صنو لعقلية الملاحقة والاغلاق والهدم لدى الطرف الآخر من المعادلة.

ويبرز في هذا المقام تساؤل هام حول أهداف عملية الهدم وتوقيتها، خصوصا وهي تأتي في معمعة الاحتفاء بانجاز أمني كبير ضد تنظيم القاعدة، أهو استغلال للظرف فيهدم المصلى حتى "يضيع في العجة"، أم هو محاولة لارسال رسالة للمتشددين بأنهم ليسوا هم الوحيدون المعنيون بالملاحقة، أم أن المعنيين هنا ليسوا بوارد هذه الحسابات مطلقا.. "بس هي جات كده".

ويضيف الموقع: نعتقد بقوة بأن تأصيل حالة التسامح وقبول التنوع والاعتراف بالتعددية التي شائتها ارادة الخالق، لا يتأتى باختلاق المعارك الوهمية عبر احتجاز شيخ هنا أو فتى هناك لأسباب "قراقوشية" عجيبة غريبة، بدعوى اقتناء صورة زعيم ديني هنا أو فتح أبواب حسينية هناك، وبالعربي الفصيح؛ إن حالة التسامح أبعد ما تكون عن لغة "الجرافات" والإجراءات التعسفية بحق البشر والحجر.

من هنا وقد كثر الكلام محليا عن ضرورة إعادة النظر في جذور الإرهاب، لابد من القول أن بعض أسباب التطرف الديني في هذا البلد يكمن في شيوع الأحادية الفكرية، وانتشار ثقافة إقصاء الآخر، وازدراء المقدسات الدينية لدى البشر، واعتماد المعالجة العنفية إزاء التنوع الديني والثقافي، وهذه المعاني بأجمعها إذا كان هناك من هو أولى باعادة النظر في طريقة تناولها واحترامها فهم "سائقو" الجرافات وشاحنات رفع الأنقاض.. أنقاض التسامح الديني! عدى عن ذلك سيظل الحديث عن الأمن الفكري وتجفيف منابع الارهاب قبض ريح أو حرثا في البحر.

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه