سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:من يظلم الناس بلسانه أو يده فهو مسلوب الإيمان

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة يوم السبت الموافق للسادس عشر من شهر رجب الأصبّ 1429 للهجرة جمع من الأخوات والإخوة أعضاء حملة (نور الرضا سلام الله عليه) من السعودية، فأفاض سماحته عليهم بتوجيهاته القيّمة وقال:

من كانت يده ظالمة ولسانه ظالماً فهو مسلوب الإسلام ومسلوب الإيمان. فقد جاء في الروايات الشريفة: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ سلام الله عليه: يَا سُلَيْمَانُ أَ تَدْرِي مَنِ الْمُسْلِمُ؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ .
وقال سماحته: إن أحد الأخيار نقل عن والده ـ وكان من الأخيار أيضاً ـ بعد وفاته وقال: لقد أبطأ عليّ أبي في عالم الرؤيا، وحاولت كثيراً في أن أراه بعد الموت، حيث قرأت الآيات القرآنية الشريفة التي إذا قرأها الإنسان يرى في منامه ما يريد، وقرأت الأدعية والأذكار المأثورة عن أهل البيت صلوات الله عليهم في هذا المجال، قرأت كل ذلك لمدة شهر، وشهرين وثلاثة وهكذا حتى ستة أشهر، لكني لم أفلح، فيئست وتركت ذلك، حتى إذا مضت سنة عن وفاة والدي وإذا في ليلة من الليالي ودون أن أقرأ شيئاً رأيت أبي في عالم الرؤيا، فقلت له: لقد حاولت كثيراً في أن أراك في عالم الرؤيا ولكني لم أفلح.
فقال والدي: وأنا أيضاً سألت الله تعالى من بعد الموت أن أراك في المنام فلم يؤذن لي.
قلت: كيف حالك؟
قال: الحمد لله كل شيء هنا جيد لي إلا مسألة واحدة وأرجو منك أن تخلصني منها.
قلت: ما هي؟
قال: كنت في الدنيا أمازح أحد الأشخاص بأن أناديه بكلمة لم تكن سبّاً أو شيئاً مشيناً ولكن كان ذلك الشخص ينزعج منها ويتألم، فصار جزاء تفوّهي بهذه الكلمة هنا في هذا العالم الذي أنا فيه هو أنه يأتيني عقرب بعدد تفوهي بتلك الكلمة فيلدغني من لساني، وقيل لي: هذا عقاب أذيتك لفلان وستبقى على هذه الحالة إلا إذا رضي عنك، فأرجو منك أن تذهب لذلك الشخص ـ وذكر اسمه ـ وتترجاه في أن يرضى عنّي.
يقول الابن: وعندما كان أبي يتكلم وإذا بعيناه تشخص إلى جانب واصفرّ لونه، فنظرت فإذا بعقرب كبيرة (وكانت بحجم البغل) تتجه صوب أبي وهو يرتجف ويهتز، فحاولت أن أدفعها عنه فلم أستطع، فدنت منه وأخرج أبي لسانه دون اختيار منه فلدغته وذهبت. فجلست من النوم مبهوتاً ومتحيراً هل ما رأيته في المنام كان صحيحاً ؟
على كل حال، ذهبت في صباح ذلك اليوم إلى الشخص المذكور وأخبرته بالقضية، فقال: نعم، ورحم الله والدك فإنه كان يمازحني بتلك الكلمة ولكنّي كنت حسّاساً تجاهها وكنت أتألّم منها.
قلت له: إن أبي الآن في عذاب، فأرجو منك أن ترضى عنه.
قال: اللهم اغفر له، فقد رضيت عنه.
يقول الابن: رأيت أبي في عالم الرؤيا مساء ذلك اليوم، فشكرني كثيراً على ما فعلته.
وعقّب سماحة السيد قائلاً: إن الذي يدمن على شرب الخمر خمسين سنة إذا تاب إلى الله سبحانه توبة نصوحاً فإن الله جلّ وعلا يقبل توبته، أما الذي يظلم أحداً من الناس حتى إن كان ظلماً صغيراً فإن الله عزّ شأنه أقسم على نفسه أن لا يغفر له حتى يغفر له الذي وقع عليه الظلم.
صحيح أن الكلمة الجارحة تمر عبر ثوان ولكن الله تعالى بعدله يدافع عن المظلوم وإن كان الظلم صغيراً.
وخاطب دام ظله الضيوف الكرام مؤكدّاً: أنتم

 أيها المؤمنون والمؤمنات في سفرة عبادة وطاعة وتوجّه إلى الله تبارك وتعالى وإلى أهل البيت صلوات الله عليهم، حاولوا أن تكون تحفتكم من هذه السفرة العبادية بأن تعزموا على أن لا يتأذّى أحد من لسانكم أو أيديكم، واطلبوا من الله عزّ وجلّ ومن أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم وبالخصوص من كريمة أهل البيت مولاتنا فاطمة المعصومة عليها السلام ومولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه العون على ذلك.
بعد ذلك تحدّث في الجمع أيضاً فضيلة السيد حسين الشيرازي دام عزّه وتطرّق إلى موضوع (الأمل برحمة الله تعالى) من خلال استشهاده بالآية الكريمة التالية: «قُلْ ياعِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» .