التعددية

ان ظاهرة تعدد الاحزاب لهي ظاهرة واقعية في كل المجتمعات، اذ لا يكاد يخلو حكم او مجتمع في العالم من الاحزاب السياسية وقد تكون ظاهرة ظرويه في بعض المجتمعات ، والاسلام بماأنه هوالبديل الافضل عن  كافة الانضمة العالميه اليوم لا بد ان تكون لديه وجهة نظر ،او طريقه خاصة في استيعاب الاحزاب، وصهرها ضمن نضامه العالمي.

فالإسلام لا يرفض ـ بشكل مبدئي ـ ظاهرة الأحزاب بل هو يهذب مناهجها، ويؤطرها بأطر صحيحة، كي تعمل لصالح النظام العالمي الإسلامي ولصالح الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة.

ولعل ظاهرة الأحزاب ليست ظاهرة جديدة في الإسلام، بل نحن نرى مثل هذه الظاهرة في زمن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وما بعده أيضاً، نعم إنها كانت تختلف في البناء والشكل والهدف، ففي التاريخ: إنه كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله يعتمد على جهتين وكتلتين، هما: الأنصار والمهاجرون، نعم إن الأنصار والمهاجرين كانايعملان من أجل هدف واحد، حيث لا يوجد لدينا في الإسلام تصادم في الأهداف والإرادات، بل كل الأحزاب تعمل على توعية المجتمع ونشر مفاهيم الدين المبين، وقيادة الأمة نحو مستقبل أفضل.

وبكلمة واحدة نقول: إن الأحزاب تعبير عن التعددية التي دعا إليها الإسلام للتنافس في البناء والتقدم، وعدم حكر الساحة لجهة واحدة أو شخص واحد، المولد للاستبداد والدكتاتورية، فالإسلام يؤكد على ثقافة التعددية والحرية قبل كل شيء، ثم يجيز لهم التحزب والتنافس، وقاية من سقوط الأحزاب في بؤرة التنافس الأعمى، مثل تكفير كل منهم الآخر، والعمل على هدم بعضهم البعض، والصراع السلبي على كرسي الحكم، كما نجده اليوم في الظاهرة الحزبية المنتشرة في البلاد الإسلامية.

 

عنوان لاحزاب الااسلامية:

وإن مما يؤخد على هذه الأحزاب وخاصة غير الإسلامية منها كالبعثية.

والشيوعية، هو خروجها عن الحدود الشرعية فهي تصنع.

جملة من القوانين الوضعية، كدستور للحكم، يفرض تحكيمها على الشعوب، فكل حزب لديه جملة من التشريعات التي تخالف الإسلام وقوانينه السمحة، ويحكم بها عند تسلطه على رقاب الشعب، بينما لدينا في الإسلام عامل الثبات الدائم، وهو أن الله عزوجل خالق الإنسان وهو العالم بمصالحه فهو المشرع الوحيد، ولا تشريع مقابل تشريع الله سبحانه، قال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)
بل إن كل التشريعات الإنسانية تكون ناقصة دوماً، وهذا ما تشهد به التجربة، وأوضح من ذلك هو تصريح القرآن (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)

فالحقيقة التي صرح بها القرآن الحكيم وبكل تأكيد: أن كل حكم غير حكم الله هو حكم جاهلي ناقص لا يوصل الشعوب إلى عزوسعادة، ولا إلى استقرار واطمئنان، بل بالعكس بذيقهم الويل والدمار، والشقاء والحرمان، كما جربناه على مدى قرابة قرن من الزمان الحاصر.

 

الحزب مجال للتنافس الشرعي:

الحزب هو المؤسسة التربوية السياسية التي تقوم بخدمة الناس، فوظيفته الأولية ومهمته الرئيسية: تقديم الخدمات الإنسانية، والثقافية، والاقتصادية، والعمرانية، لكافة أبناء الشعب، وليس الحزب لمجرد الوصول إلى الحكم والارتقاء إلى المناصب الحكومية، وإن كان لا يتنافى معه لو انتخبهم الشعب للتصدي للحكم وتشكيل الحكومة.

 فالحزب إذن مؤسسة سياسية تخدم الناس في طول الحكم وليس في عرضه، والمراد هنا بالتعريف: الأحزاب الإسلامية والوطنية، دون الإلحادية والإرهابية.

ثم إن من مهمات هذه الأحزاب هو: أن تتنافس فيما بينها انطلاقاً من الإيمان بالله واليوم الآخر، وتنافسها يكون في طاعة الله عزوجل، كما عمل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عام الأحزاب عند حفر الخندق من أجل نصرة الإسلام. وعندما اختلف المسلمون على سلمان الفارسي رحمه الله حيث كان رجلاً قوياً ذا بصيرة ورأي فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله (سلمان منا أهل البيت)

 

صخرة مروة:

فقد روي: إن النبي صلى الله عليه وآله خط الخندق عام الأحزاب، وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلا قويا، فقال المهاجرون: سلمان منا. قالت الأنصار: سلمان منا. فقال النبي صلى الله عليه وآله (سلمان منا أهل البيت).

قال عمرو بن عوف: كنت أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني، وستة من الأنصار، في أربعين ذراعا، فحفرنا حتى إذا كنا بجب ذي ناب، أخرج الله من باطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا، وشقت علينا فقلنا: يا سلمان، إرق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها، فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيه بأمره، فإنا لا نحب أن نتجاوز خطه.

قال: فرقي سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله، خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق، فكسرت حديدنا، وشقت علينا حتى ما يحيك فيها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نتجاوز خطك.

قال: فهبط رسول الله صلى الله عليه وآله مع سلمان الخندق والتسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله المعول من يد سلمان، فضربها به ضربة صدعها، وبرق منها برق أضاء ما بين لا بتيها، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرة فتح، وكبر المسلمون  ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وآله ثانية فبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرة فتح، وكبر المسلمون. ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وآله ثالثة فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله تكبيرة فتح وكبر المسلمون، وأخذ بيد سلمان، ورقي. فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يارسول الله، لقد رأيت منك شيئا ما رأيته منك قط؟!

فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القوم وقال: (رأيتم ما يقول سلمان؟)

فقالوا: نعم.

 قال: (ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور صنعاء، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا)

فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صدق، وعدنا النصر بعد الحصر.

 فقال المنافقون: ألا تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل، ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق، ولا تستطيعون أن تبرزوا؟!

فنزل القرآن: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرضى ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا.

 

وفي يوم عاشوراء:

وكما عمل الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء عندما أبتدأ جيش ابن زياد بشن الحرب عليه، حيث قام الإمام عليه السلام بتوزيع أفراده إلى مجموعتين متنافستين على الابتداء بالتضحية في سبيل الله، هم (بنو هاشم) و(الأصحاب) بحيث أعطى راية لكل منهما ثم أعطى راية بني هاشم بيد العباس (سلام الله عليه) فالأحزاب الإسلامية لابد أن يكون هدفها العمل في طاعة الله، أما آلية العمل وشكلها فهذا ما يختلف من زمان إلى آخر. ومن عصر إلى عصر.

ثم لا بد أن تمتاز الأحزاب الإسلامية بضمان حرية الرأي والتعددية السياسية.

بينما نلاحظ كيف عمل الأمويون والعباسيون على اختلاق أحزاب وتيارات غير شرعية داخل الأمة الإسلامية هدفها تهميش الإسلام ومبادئه، كالمرجئة، ثم كان الهدف من إنشاء وتأسيس هكذا أحزاب هو المادة والدنيا والرئاسة والتسلط على رقاب الناس، ومحاولة إبعاد الناس عن الاتصال بأهل البيت عليه السلام فقد أبتدعت الدولة الأموية وكذلك العباسية أحزاب دخيلة، وقررت أن تكون بمثابة كيانات، تقابل كيان أهل البيت عليه السلام وتعارض وجودهم وتواجدهم.

ثم عملت السطات الأموية والعباسية على الاستبداد بالحكم وانتهاج سياسة الحزب الواحد الحاكم، وهو الحزب الأموي أو العباسي، وضرب كافة المعارضين الذين ينادون بالإصلاح ويدعون إلى تقوى الله عزوجل، وإن كان رجل الإصلاح هو أبن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله كما حصل لهم ذلك مع كل واحد واحد من الأئمة الأطهار عليهم السلام وبالأخص مع سيد الشهداء الإمام الحسين سلام الله عليه فإن الأئمة عليهم السلام كانوا يريدون للناس حياة طيبة هادئة، خالية من مظاهر الظلم والاستبداد والجور والعنف والإرهاب.

وهذه الحياة لاتتحقق في ظل حكم بني أمية، أو حكم بني العباس المستبدين بالحكم، والمتسلطين بالظلم، ولذلك كانوا عليهم السلام يحاربون ظلمهم بصورة مباشرة، كما هو الحال في الإمام الحسين عليه السلام، أو بصورة غير مباشرة كما هو حال بقية الأئمة عليه السلام، لأنهم كانوا يعلمون أن التسلط الفردي على جهاز الحكم، يلغي كل الفرص التي تدعو أفراد الأمة إلى أن تتنافس فيها نحو الخير والفضيلة.

نعم أن ثمار التعددية والأحزاب السياسية المتثقفة بالثقافة التنظيمية الصحيحة تعود للأمة ذاتها. ومن هنا نرى ضرورة التعددية الحزبية مع رعاية الموازين الشرعية.

 

من فوائد التعددية الحزبية:
أولاً: الحيلولة دون إقامة أحزاب سرية، فإن الأحزاب السرية كثيراً ما تشكل خطراً على الأمة، ذلك لأن إقامة الأحزاب تحت الأرض وبشكل سري تكون عادة في الدول التي تتسم بالدكتاتورية أو في دول الحزب الواحد، والتي تكره الناس على الانتماء إلى الحزب الحاكم فقط والقبول به، ولا تسمح لأحد بالانتماء إلى حزب آخر، أو تأسيس حزب غيره في الدولة التي لا تسمح فيها الحكومة بتعدد الأحزاب، بل تجبر الناس على القبول بالحزب الواحد وهو الحزب الحاكم، فإنه مضافاً إلى أن إجبار الناس على هذا الأمر بحد ذاته لا شرعية له ويمثل صفة طاغوتية لهذه الحكومة، تبدأ بعض المجاميع الشعبية بالتحرك لإنشاء حزب أو تكتل سري لمواجهة الحزب القائم الحاكم المتسلط على رقاب الناس. وبالمقابل تبدأ الحكومات بمنع هذه المجاميع وزجها في السجون. بالإضافة إلى مصادرة الحريات، وكبت الأنفاس، وسحق كرامة الإنسان، وهذا يوجب الكثير من المآسي والويلات.

أما البلاد التي تتوفر فيها نسبة لا بأس بها من الحرية والتعددية، فكل حزب يطرح برامجه وخططه في العلن، والناس مخيرون في الانضمام إلى أي حزب شاؤوا، وبما يرونه من المصلحة، ولم يحصل ـ عادة ـ ما في بلادنا من سحق حقوق الإنسان وكرامته.
إذن، فالتعددية الحزبية توفر جواً مستقراً مريحاً للمجتمع، بخلاف حكومة الحزب الواحد، فإنها تخلق جواً قلقاً مضطرباً يسوده الإرهاب والعنف.

ثانياً: يجب أن نعرف أن السياسة مثل العلوم الأخرى، تحتاج إلى ثقافة وتربية، فكما أن الجامعة والمدرسة يهتم كل منهما بالجانب العملي والعلمي للطالب، فالسياسة كذلك. فمن أراد أن يصل إلى رئاسة الدولة، لابد له من ممارسة بعض الأدوار السياسية، التي تخدمه غداً، وخير تطبيق لهذا المعنى هو عندما ينضم الفرد إلى الحزب، فإنه سينمو فكرياً وسياسياً، ويكون قادراً على تسلم المراكز القيادية، لما مر به من تجربة داخل الحزب، حيث سيتعلم ما معنى الشخصية السياسية، وما هي مواصفاتها ومؤهلاتها، كما ويرى نواقصه، وما يحتاج إليه، ويدرك سياسة الدول، واختلاف الآراء، وتعدد الحكومات، وأساليب سياستها، وغيرها من الأمور.

أما إذا كانت سياسة الدولة سياسة الحزب الواحد، فإنها سوف تسير على سياسة واحدة، جامدة غير مرنة، لأنها تمثل فكرة الحزب الواحد نفسه الذي لا يلبي تطلعات وآمال كل طبقات الشعب ـ كما هو الحال بالنسبة للعراق ـ وسوف ينشغل أفراد الأمة بمعارضة هذا الحزب ومقارعته، مما يفوت عليهم الفرصة في اكتساب الثقافة السياسية المطلوبة ونموها التي تؤهلهم لقيادة المجتمع وبناء البلد وبالشكل المطلوب.

 

حرية الرأي والتعددية في ظل الإسلام:

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (من استبد برأيه هلك)

لقد جاء في الأخبار والأحاديث الشريفة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان أحياناً يخبر عن شخص بأنه سيخلق فتنة بين المسلمين، أو سيحدث ديناً باطلاً، ثم لا يعمد إلى قتله، ولا يجيز للمسلمين أن يمسوه بأذى.

وهذا يدخل في سياسية العفو العظيمة، وحرية إبداء الرأي، وتحمل المعارضة السياسية. وهو مما أتاح للرسول صلى الله عليه وآله تأسيس الدولة الإسلامية في وسط عظيم من عواطف الناس واختلاف آرائهم، فلو كان النبي صلى الله عليه وآله يقتل هذا ويقتل ذلك، لسبب أو لآخر لما تأسست دولة الإسلام، ولا استحكمت أصولها وروى الشيخ المفيد رحمه الله.

في الإرشاد قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله غنائم حنين أقبل.

رجل طويل آدم أجنأ بين عينيه أثر السجود،فسلم  ولم يخص النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: قد رأيتك وما صنعت في هذه الغنائم.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله (وكيف رأيت)؟

قال: لم أرك عدلت!

فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: (ويلك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون)؟!

فقال المسلمون: ألا نقتله؟

قال: (دعوه، فإنه سيكون له أتباع يمر قون من الدين كما يمرق السهم من الريمه، يقتلهم الله على يد أحب الخلق إليه من بعدي)

فقتله أمير المؤمنين عليه السلام، فيمن قتل يوم النهروان من الخوارج أما سياسة حكومات اليوم فإنها ما إن تسمع بأن فلاناً ينوي أو يفكر بأمور لعلها تعارض سياسة الدولة، حتى تباكره السلطات بالقبض عليه والزج به في مطامير السجون.

 

الإسلام وسياسة الانفتاح

لقد كانت دولة أمير المؤمنين عليه السلام كدولة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله سياسة وانفتاحاً، فقد فسح الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله باب الحرية الإنسانية لأهل المدينة على مصراعيها، فكما كان يعيش في المدينة في زمن الرسول صلى الله عليه وآله المسلمون وغيرهم من اليهود والنصارى والمنافقين مختلطين في دورهم وأسواقهم، يتعاملون ويمارسون حرياتهم المتبادلة في ظل الإسلام عيشة سعيدة هانئة في عزة ورفاه في عصر أمير المؤمنين عليه السلام، ولقد كانت سياسته تستوعب الخصوم والأعداء، وتستقطب المناوئين والمعارضين، وتحاول التوصل معهم سلمياً إلى حلول مرضية. ومما يذكر أن (ابن الكواء) كان رجلاً منافقاً، خارجياً، مشاكساً لأمير المؤمنين عليه السلام، وذلك في قمة قدرة الإمام عليه السلام الشاملة، وفي أوج دولته الواسعة، التي كانت ذلك اليوم أوسع دولة على وجه الأرض، فكان ابن الكواء يلقي اعتراضاته على أمير المؤمنين عليه السلام في الأوساط العامة، وبصورة شديدة وحاقدة وبكل حرية...

فقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان في صلاة الصبح فاعترضه ابن الكواء رافعاً صوته من خلفه بالقرآن: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)

فأنصت أمير المؤمنين عليه السلام تعظيماص للقرآ، حتى إذا فرغ ابن الكواء من الآية عاد الإمام عليه السلام إلى قراءته....

فاعترضه ابن الكواء ثانية وأعاد نفسه الآية.
فأنصت الإمام عليه السلام للقرآن مرة ثانية حتى إذا أتم ابن الكواء الآية عاد الإمام لمواصلة صلاتة.

فأعاد ابن الكواء الآية ثالثة.

فأنصت الإمام تعظيما للقرآن.

 فلما أتم ابن الكواء قراءة الآية للمرة الثالثة، قرأ الإمام عليه السلام وكأنه يجيب على اعتراضه: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)

ثم أتم السورة وركع.

فهل هناك انفتاح كهذا الانفتاح؟

وهل هناك حرية كهذه الحرية؟

بحيث تسمع لرجل منافق أن يرد على الرئيس الأعلى للدولة ويتعرض له بنسبة الشرك وحبط الأعمال! ولمن لعلي بن أبي طالب عليه السلام الذي هو عين الإيمان ولولاه لم يعرف المؤمنون، ثم ينصت له الإمام عليه السلام ويتم صلاته، وكأن لم يكن شيئاً مذكوراً؟!.

 

عفو عن ذنب:

ويروى أن امرأة ذات مسحة من الجمال مرت على جماعة فرمقها القوم بأبصارهم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام (إن أبصار هذه الفحول طوامح وإن ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فاليلامس أهله، فإنما هي أمراة كامرأته).

فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه!

فوثب القوم ليقتلوه. فقال عليه السلام: (رويداً، إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب).

 

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معها