القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

نصف الإيمـــــان

 

إضاءات من محاضرة لسماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)

  وردت في المداراة أحاديث وروايات كثيرة، يظهر منها مدى مكانة المداراة في الإسلام, منها: ماروي عن النبي (ص) قوله: "من عاش مدارياً مات شهيداً". وقوله (ص): "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض". وقوله (ص): " بعثت بمداراة الناس". وكذلك: ماروي عن الإمام الحسن المجتبى (ع): "مداراة الناس نصف الإيمان". كما يختلف الناس في أشكالهم وألوانهم كذلك يختلفون في أخلاقهم وأذواقهم، ولا يكاد يوجد إنسان يشبه الآخر في كل الجوانب، والمداراة هي واحدة من الجسور التي يمكن عبرها التأثير في الناس، وهي تختلف عن المداهنة. فعن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "لا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا، ولا تداهنوا في الحق فتخسروا". إن الفرق الرئيسي بين المداراة والمداهنة أن المداهنة لا تكون في طريق التربية والهداية. ومن يداهن شخصاً يعصي الله تعالى، ليس غرضه مراعاة الأهم والمهم، بل كسب رضا العاصي على أي حال، فيجاريه من أجل مصالح شخصية، من قبيل أن يحصل على احترام العاصي أو ودّه، أو يحصل منه على مكسب مادي كأن يعطيه مالاً. والمداهنة مذمومة ويحاسب الناس عليها، ولذلك روي فيما أوحى الله تعالى الى النبيّ شعيب (ع): "إني معذّب من قومك مائة ألف، أربعين ألفاً من شرارهم وستين ألفاً من خيارهم، فقال: ياربّ هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فأوحى الله (عز وجل) إليه: داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي". أما المداراة فهي من الدراية والعلم والمعرفة والتوسل بطرق الهداية لجلب الإنسان الى الحق او إبقائه عليه. وبعبارة أخرى: المداراة أن يكون موقف الإنسان تجاه الناس موقفاً يخدم في استقطاب الناس وهدايتهم الى الإسلام والأخلاق والفضيلة بشتى السبل المشروعة.

 

  قسّم المسلمون الأوائل من حيث الأدوار الى أربعة أقسام، فبعض امتاز بالقِدَم في الانتماء فقط دون أن يكون له قَدَم ودور وموقف مشهود، وبعض وإن لم يكن له قِدَم بأن كان حديث العهد في الإسلام إلا انه امتاز بالقَدَم والدور، وثالث جمع بين الفضيلتين، ورابع كان فاقداً لهما. ومثال الفريق الثاني، الذي له قَدَم وإن لم يكن له قِدَم: ذاك الذي أسلم في الحرب مع رسول الله (ص) وتشهد الشهادتين ثم قتل دون أن تمهله الحرب لصلاة بعدها أو صيام. كما يمكن أن يكون "الحر بن يزيد الرياحي" مصداقاً لذلك, لأنه كان في معسكر قد شهروا السيف في وجه الإمام الحسين (ع)، أي كان في صفوف ناصبي العداء لأهل البيت (ع)، ولكنه تاب قبل بدء المعركة, واستشهد ربما قبل أن يصلي صلاة صحيحة بعدما انحاز الى لواء أهل البيت (ع)، لأنه - وكما يروى عنه - قال للإمام الحسين (ع): "يا بن رسول الله، كنتُ أول خارج عليك فأذن لي لأكون أول قتيل بين يديك". أما مثال الفريق الأخير، وهو الذي لا قِدَم له ولا قَدَم، كالشيخ الذي يدخل الإسلام ويبدأ الالتزام وقد ناهز عمره السبعين – مثلاً - فتراه يصلي ويصوم ويؤدي العبادات, ولكنه لا يتحمّل الشدة في الدين، وربما انفلت عنه عند تعرضه لأبسط امتحان، أو ارتكب المعصية مع أوّل شدّة تمرّ عليه، فمن الجدير المداراة لأمثال هؤلاء، لضعف إيمانهم، كما ينبغي المداراة للشباب أيضاً من أجل عدم انفلاتهم عن الطريق وتوغلهم في المعاصي.

 

  كنتُ قد عقدت مجلساً في كربلاء المقدسة – منذ زمن بعيد- لمجموعة من الشباب لبيان أصول الدين والأحكام والآداب الإسلامية. وكان يحضره الى جانب طلاب العلوم الدينية شباب من طلاب المدارس الحديثة وبعض المثقفين. وفي إحدى الجلسات لفت انتباهي شاب لم أعهد حضوره من قبل ولم أعرفه، رأيته متختماً بخاتم من ذهب, ويظهر أنه كان جديد عهد بالزواج, إلا إني رأيت عدم التعجل في نهيه عن التختم بالذهب، لاعتبار كونه جديد عهد في حضوره المجلس، فضلاً عن عدم معرفتي به، فخشيت أن لا يحضر المجلس بعد ذلك إذا نهيته في أوّل تعرّفي به. ولم تكن خشيتي - بالطبع- من عدم حضوره المجلس، إلا لأنه بعدم حضوره قد يتخذ مسالك غير سليمة. وبعد أن نقلت القضية لوالدي (رحمه الله) قال: "حسناً فعلت، دعه يحضر أولاً، ويستمر في حضوره ليتعلم أصول الدين وفروعه، وما يترتب عليه من أوامر ونواه، وبعد أن يقوى إيمانه وترتقي إرادته في الإقدام على ترك المنكرات يمكنك أن تطرح عليه المسألة، وتقول له أنه لا يجوز له ذلك. فاحتمال عدم حضوره المجلس وارد لو نهيته الآن". فهذا يعد من معاني المداراة، (تقديم الأهم على المهم، عند التزاحم، من أجل هداية الناس الى الإسلام أو إبقائهم عليه وعلى أصوله وأحكامه). ومهما يكن، فالمداراة ليست كالمداهنة التي لا ترجو هدفاً كهذا, فترى صاحبها يتوخى من وراء سكوته على الباطل أن يصل الى تحقيق منافع شخصية دنيوية صرفة.

 

 يظهر من الروايات أن النبي يونس (ع) كان قد ترك المداراة وفعل غير ما ينبغي فعله من باب الأولوية "فالتقمهُ الحوتُ" ونزل به ما نزل. فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "كان رسول الله (ص) في بيت أم سلمة في ليلتها، ففُقد من الفراش، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائماً رافعاً يديه يبكي ويقول: اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني أبداً. اللهم لا تردّني في سوء استنقذتني منه أبداً. فانصرفت أم سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله (ص) لبكائها، فقال لها: ما يبكيك يا أم سلمة؟ فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ولم لا أبكي وأنت بالمكان الذي أنت به من الله، قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله أن لا يشمت بك عدواً ولا حاسداً وأن لا يردّك في سوء استنقذك منه أبداً، وأن لا ينزع عنك صالح ما أعطاك أبداً، وأن لا يكلك الى نفسك طرفة عين أبداً. فقال: يا أم سلمة، وما يؤمنني، وإنّما وكل الله يونس بن متّى الى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان منه". فما كان ينبغي ليونس (ع) أن يستميل قومه للإيمان ثم يتركهم بعد مدة قصيرة، بل كان الأولى مداراته لهم أكثر، لكنه ترك الأولى, لأن الله تعالى – كما يقول النبي (ص) – في الحديث المتقدم – أوكله الى نفسه طرفة عين! وهذا الأمر يلزم علينا ملاحظته أيضاً، لأننا في كثير من الأحيان قد نغضب لله تعالى, ولكنه غضب عن جهل مركب – وإن كان لله – لذا يجب علينا أن لا نظهر غضبنا بسرعة لئلا يحدث – ربما – ما لا تحمد عقباه. وهذا من المداراة أيضاً. ثم ان الناس إمّا مؤمن أو كافر أو منافق، وكلّهم بحاجة الى المداراة، فأما المؤمن فهو بحاجة الى المداراة ليزداد إيماناً، والكافر يحتاجها ليسلم، والمنافق ليُقلع شيئاً فشيئاً عن نفاقه ويصير مؤمناً, والمسلم بكلا قسميه يحتاج للمداراة ليثبت على إسلامه ويقويه. ومن يتتبع سيرة الرسول الأعظم يجده (ص) قمة في مداراة الناس على مختلف مشاربهم، حتى إنه (ص) قلما كان يستعمل كلمة "حرام" في وصف ما يجب اجتنابه، بل كان يستبدلها بكلمات أخرى من قبيل: "إني لا أفعل ذلك" و "إني أكره" لخفة وقعها على السامع، فكان الناس يعرفون الحرام من خلال هذه التعبيرات دون أن يحصل لهم أي ردّ فعل على ذلك. ومن الأمثلة على مداراة الناس في منهاج الرسول (ص) عدم قتله لمنافقين كانوا يستحقون القتل، لئلا يساء فهم الإسلام من بعض الناس، فيتركوه. فقد روي عن النبي (ص) قوله: "لولا أني أكره أن يقال: إن محمداً استعان بقوم حتى إذا ظفر بعدوه قتلهم، لضربت أعناق قوم كثير". لاشك أن رسول الله (ص) لا يقدم على قتل أحد إلا إذا كان مستحقاً للقتل، لأن القتل أمر دائر بين الواجب والحرام – حسب تعبير الفقهاء - ولا يوجد قتل مستحب أو مكروه أو مباح، كما هو الحال في الفرائض كالصوم – مثلاً - فهناك صوم واجب وصوم حرام وصوم مستحب وصوم مكروه، أما القتل فليس فيه سوى الواجب كمن هدر دمه، أو الحرمة كمن عصم دمه. لذا فقوله (ص): "لضربت أعناق قوم كثير" يعني لاستحقاقهم القتل بالحكم الأولي، غير أن النبي (ص) لم يجر الحكم لأمر أهم, وهو عدم لحوق تهمة بالإسلام قد تؤدي الى ابتعاد الناس عنه. وهذا يوضح ما للمداراة من أهمية في الشريعة. فكما إن الإنسان يتعامل في الأمور المادية والشخصية على أساس الترجيح بين الأهم والمهم، كأن يعطي تارة مبلغاً كبيراً من المال لأحد ولا يعطي مثله لغيره، وذلك حسب ما يراه من المصلحة والأهمية، أو تارة ينفق من وقته ساعات لشخص ما، ولا ينفق إلا دقائق معدودة لآخر، فكذلك الحال في المداراة حيث ينبغي النظر الى الأهم والمهم وتقديم الأول على الثاني.

 

  يروى أنه بعد رجوع النبي (ص) من غزوة حنين – وقد نصره الله تعالى على المشركين بعد فتح مكة - جاء بالغنائم فنزل بالجعرانة بمن معه من الناس وقسّم ما أصاب من الغنائم بين المؤلفة قلوبهم من قريش ومن سائر العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير. قال محمد بن إسحاق: "فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير، ومعاوية ابنه مائة بعير، وحكيم بن حزام من بني أسد بن عبد العزى مائة بعير".. قال: "وغضب قوم من الأنصار لذلك وظهر منهم كلام قبيح، حتى قال قائلهم: لقي الرجل أهله وبني عمه ونحن أصحاب كل كريهة"، فلما رأى رسول الله (ص) ما دخل على الأنصار من ذلك، أمرهم أن يقعدوا ولا يقعد معهم غيرهم، ثم أتاهم (ص) شبه المغضب يتبعه علي (ع) حتى جلس وسطهم, فقال: "ألم آتكم وأنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله بي؟ (الى أن قال): بل لو شئتم قلتم: جئتنا طريداً مكذَّباً فآويناك وصدقناك، وجئتنا خائفاً فآمناك". فارتفعت أصواتهم، وقام إليه شيوخهم فقبلوا يديه ورجليه وركبتيه، ثم قالوا: "رضينا عن الله وعن رسوله، وهذه أموالنا أيضاً بين يديك فاقسمها بين قومك إن شئت". فقال: "يا معشر الأنصار، أوجدتم في أنفسكم إذ قسمت مالاً أتألف به قوماً ووكلتكم الى إيمانكم، أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم ورجعتم أنتم ورسول الله في سهمكم..؟ لقد نبههم رسول الله (ص) بما غفلوا عنه وذكّرهم ما نسوه، وأعلمهم ان ما قام به من إعطاء المال الكثير لأولئك الناس بعد أن خصّهم بالغنائم دون الأنصار إنما كان لغاية تأليف قلوبهم للإسلام، ولإظهار عظمة الإسلام، ولكي يكسر حالة العداء فيهم، وفي الوقت نفسه استثار (ص) عواطف الأنصار بقوله: "ألا ترضون أن يكون رسول الله في سهمكم".

 

  يرى المتتبع لسيرة النبي الاعظم (ص) أن مواقفه كانت تتناسب مع الظروف المحيطة به، فكانت له سيرة خاصة عندما اجتمع حوله نفر من المسلمين، وكانت له سيرة ثانية عندما جاء مهاجراً الى المدينة، وثالثة بعدما شرع في توسيع رقعة الدولة الإسلامية ومحاربة الكفر والطغيان لنشر تعاليم السماء, فكان في بداية دعوته (ص) يذهب الى الناس في أي مكان يراهم فيه سواء على الصفا أم على المروة أم في المسجد الحرام أم في الطرقات والأسواق أيام الحج, ويدعوهم منادياً: "يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا". أما بعد أن اجتمع حوله عدد أكثر من الناس، صارت سيرته (ص) وفق ما يتناسب وعدد المسلمين، واختلف الأمر أيضاً عندما هاجر الى المدينة، لأنه في البداية عندما لم يكن ذا عدّة وعدد كان عليه أن يدعو الناس الى توحيد الخالق وعبادته وفق المنهج التبليغي الصرف، وبعدما هاجر الى المدينة وكثر أتباعه الذين آمنوا به فضلاً عن شيوع أمر نبوّته أخذ يسير في نشر الإسلام بين الناس بما يستلزمه الموقف استناداً الى العدّة والعدد، كما انبسط الأمر له (ص) في زيادة تفعيل أحكام الشريعة بين المسلمين، لذا فإن الظروف الاجتماعية كثيراً ما تتحكم في مثل هذه الأمور، وهذا ليس معناه أن الحلال يصبح حراماً وبالعكس، بل اللازم ملاحظة مدى استعداد الناس وقبولهم للحق، وإرجاء الحكم الشرعي لا يعني إبداله أو إبطاله بأي حال من الأحوال. إن المداراة تتطلب معرفة طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده في اختيار ما يتناسب معها. فأسلوب هداية الناس لا يعني السكوت عن الحرام أو ترك الواجب، بل يعني التدرج في مراحل بيانه ونحو ذلك، لكيلا يقع المداري والمدارى كلاهما في حرام أهمّ منه وأشد. وبما إن الناس – بما فيهم المؤمنون – ليسوا كلهم عدولاً فضلاً عن عدم علمهم لجملة ممّا له مدخل في التشريع، لذا يلزم على من يريد هدايتهم أن يتحلى بأعلى قدر من المداراة في تعامله معهم. وإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ليرحمهم، فيلزم على من يريد هدايتهم أن يكون مدارياً لهم الى آخر لحظة ليتمكن من توجيههم نحو الله تعالى، فيكون قوله وفعله جامعاً للناس وهادياً لهم، لأنه مسؤول على أن لا ينفرّهم عن الحق.


 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه