يوم الأسرة
واحد من عديد الأحاديث الشريفة التي ينقلها جميع المسلمين عن رسول الله (ص)
يغيث أصحاب الفكر والقلم من عجز التعبير عما يجول في وجدانهم من تمنيات
الاقتراب من وعي أبعاد حياة سيدة نساء العالمين (فاطمة),
فإن حياة الزهراء (ع) بسنواتها القليلة بعددها والعميقة بإشراقاتها القيمية
قد رسمت لوحة إنسانية زاهرة بألوان الفضيلة والصفاء والإيثار والعطاء ..
وابتداء من "بضعة مني" ووصولاً الى "أم
أبيها" يجد المتأمل نفسه أنه يستقرئ سفر (امرأة
- أمة) يعبق بالمواقف والمآثر على مستوى الرسالة والسياسة والفرد
والأمة والحاضر والمستقبل, كما إن تلك السنوات الفاطمية ثرية بالثبات على
حكم القرآن وما جاء به النبي (ص) وما نهى عنه, وفي الوقت نفسه, فقد تضمنت
حياة البتول (ع) حركة اجتهادية في غاية الأهمية تتجه نحو ترسيخ منظومة
إيمانية متواصلة الاستقراء لرسالة السماء, وتتجدد مع المتطلبات المتنامية
لوعي الإنسان وحياته.
إن المهم في قراءة حياة البتول (ع) هو: أولاً: البحث عن الآلية التي تحكم
الارتباط بين الانتماء (الروحي - العاطفي) الى فاطمة (ع) والانتماء إليها
كـ: (منهج وواقع وسلوك), وثانياً: تفعيل وسائل البحث التاريخي والمعرفي
لاستكشاف الجانب الإنساني للسيدة فاطمة (ع) لما للقيم الإنسانية من دور
كبير في استقطاب العقول والقلوب وشدها باتجاه الاقتداء, وهو منهج (معرفي –
تربوي) ينمي قدرة الفرد على فهم النظرية ووعي تطبيقها.
وإذ تعيش مجتمعاتنا – اليوم – هماً ثقافياً قد يصل الى قلق أخلاقي .. يجدر
بالمحتفين بمولد الزهراء (ع) بلورة هذا الحدث النبوي السعيد في مناسبة
(إيمانية – تربوية) .. يحتفي من خلالها المجتمع بـ (يوم
الأسرة) لما تشكله الأسرة الكريمة من أساس للأمة الفاضلة, فـ (المرأة)
التي هي محور الأسرة وقطب استقرارها وتماسكها وينبوع فضيلتها ونجاحها لا
يمكن أن تتمكن (المرأة) من توظيف طاقاتها في تنمية ذاتها وثقتها بنفسها
باتجاه تحقيق وجودها الشخصي وبناء أسرة فاضلة وأمة حية إلا بأن يكون من
يشاركها الحياة من أب وزوج وأخ وولد داعماً لها .. يعترف بحريتها ..
ويحترم عقلها .. "وَقُلِ اعْمَلُواْ".