موقع يازهراء سلام الله عليها                          www.yazahra.org

إشـراقــات علويــة

يمر المسلمون في هذه الأيام بمرحلة عصيبة وحساسة ومفصلية قد تحمل في ثناياها تغيرات وتبدلات واضحة,ما يستوجب إعمال العقل والتزام الحكمة, والعمل على تأهيل مفهوم الدولة ومؤسساتها,وإشاعة ثقافة الحرية والشورى والأخوة والسلام والاستقرار, وإعطاء الفرصة الحقيقية لـ"الآخر" في التعبير عن رأيه واحترام إنسانيته, وما عسانا لبلوغ ذلك إلا أن نتأمل في سيرة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ونظرته الى الإنسان والحياة, ومنهجه في الحكم والإدارة والسياسة, ونحن نستقبل الثالث عشر من شهر رجب الأصب, ذكرى المولد العلوي العطر بأريج النبوة الخاتمة والإمامة المعصومة المطهرة, فقد كان الإمام علي بن أبي طالب (ع) خلال حكومته على أكبر دولة في التاريخ مبتلى بأفراد شغلهم الشاغل التطاول على الإمام (ع), ومجادلته بالباطل, ومقاطعة أحاديثه وخطبه ومناقشته بالأساليب المنكرة، أمثال (ابن الكوا) و (عمرو بن حريث) و(بني أمية) وغيرهم الذين كانوا قد جندوا كل طاقاتهم لإيجاد المشاكل لحكومة الإمام (ع)، مع أنه (ع) كان منصوباً من قبل الله تعالى, وكان قد بويع من قبل كافة الأمة وبإجماعها إلى درجة أنه لم يخالف بيعته حتى شخص واحد، كما تذكر روايات الخاصة والعامة, وإنه (ع) أمر جماعة من  أصحابه وخواصه أن يتخللوا الصفوف ويبحثوا عما إذا كان هناك من لا يرضى بخلافته, فقال الناس بأجمعهم: "يا أمير المؤمنين سمعاً لك وطاعة".

وهناك من حضر مجلس البيعة وبايع الإمام (ع), ونكث بيعته فيما بعد كما يعترف به تاريخ المسلمين من الشيعة والسنة، ورغم ذلك الغدر والتعدي المتواصل عاش الناكثون في ظل حكومة الإمام (ع) بكامل الحرية.

هذا المنهج العلوي في التعامل مع الرعية والمعارضين والمعتدين مما لا يجده الإنسان في التاريخ أبداً إلا في السيرة العلوية، وحتى أفضل الديمقراطيات في العالم اليوم, والدول المتحضرة التي تعيش التمدن والحرية والكرامة الإنسانية, لا تملك عشراً من معشار ما نقرؤه في تاريخ أمير المؤمنين (ع) في أسلوب الحكم ومبادى الحرية والكرامة الإنسانية.

وفي المنهج العلوي نموذج آخر لم يبلغه العالم إلى اليوم على تمدنه وحرياته، وهو ما كتبه الإمام (ع) إلى واليه على مكة المكرمة (قثم بن العباس) من أوامر وتوصيات, والتي يأتي من جملتها قوله (ع): "وجالس لهم – الناس – العصرين, فافت المستفتي, وعلم الجاهل, وذاكر العالم".

وقديماً قيل: "تعرف الأشياء بأمثالها, وتعرف الأشياء بأضدادها", فكل شيء إذا أريد فهمه فلا بد من معرفة ما يشبهه أو معرفة ما يضاده. وحيث إن أمير المؤمنين (ع) ليس لأسلوبه السياسي ونهجه في الحكم والسلطة شبيه ولا نظير, فلابد من ملاحظة سياسات الحكومات المناوئة له, وذلك تتميماً للفائدة المبتغاة لمعرفة عظمة مشروع الإمام السياسي الذي خلده التاريخ, ليعلم العالم أن جذور ما عانى منه المسلمون في القرون التي مضت وما نعانيه اليوم من أصناف الفساد في البر والبحر كفيل بحل أزماته ومشاكله المنهج الإلهي لأهل البيت (ع).

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه