إبـدأ بحـسنـاتي لأتـقـبل إنـتـقـادك لي
مشاركات الدكتور هادي الوراق

بسم الله الرحمن الرحيم


يـنـقـل أن الإمام السابع أبي الحسن موسى بن جعفر(ع) الذي يخاطب احد أصحاب رؤوس الأموال الضخمة آنذاك ( صفوان الجمال ) ويملك قافلة من الجمال والتي كان لجودتها وكثرتها أن يكتريها هارون العباسي ، وهذه القافلة هي بمثابة شركة للنقل البري في عصرنا الحاضر وتأجر للرؤساء والملوك وتدر أرباحا طائلة ، فيسوء الإمام الكاظم (ع) أن يقدم ذلك الرجل (صفوان الجمال) المعونة لرجل ظالم بحجم هارون العباسي الذي لم يترك بابا من أبواب الخسة والإجرام إلا وطرقها.

فيتوجه الإمام (ع) إلى صفوان الجمال بالقول ياصفوان ...( كل شيء فيك جميل إلا واحدة ).

هنا يكاد الرجل أن يطير فرحا لسماعه تقييم الإمام (ع) له .

إذ إن الإمام (ع) قد هيئه تماما من الناحية النفسية لتقبل نقده على أمر قد يكون فيه ضربة موجعة باعتبار إن الأمر يتعلق بخسارة صفقة مالية كبيرة.

فيسأل صفوان .. ((سيدي روحي فداك وما الواحدة ؟ )) فيجيبه الإمام (ع) (كرائك الجمال لهذا الظالم )

كان بإمكان الإمام عليه السلام أن يتوجه بنقـد عمل صفوان الجمال مباشرةً من دون أن يهيئه نفسياً لتقبل الإنتفاد و ذلك بذكر محاسنه الكثيرة

, لكنه عليه السلام أراد أن يعطينا درساً مهماً في فن التعامل مع الآخرين و خصوصاً عندما نريد توجيه الإنتقادات , فمن الضروري جداً ذكر المحاسن لما له من أثرٌ كبير في النفوس لكي تتقبل الإنتقادات بصدر رحب و نفسية مطمئنة و لديها الإستعداد التام للتغيير والتصحيح .

لا يخفى على أحد مدى أهمية الإنتقادات و خصوصاً البناءة لأنها تأتي من أجل البناء و التكامل و ليس الهدم و التنقيص من مقدار و مقام الآخرين , و لكن مع الأسف الشديد نرى البعض يوجه الإنتقادات فقط من أجل الإنتقاد و إظهار نفسه أمام الآخرين بأنه ناقـدٌ و لديه القدرة على التدقيق و التمحيص .

لا يوجد أحدٌ من البشر خالٍ من العيوب ، كذلك لا يوجد من بين البشر إلاّ من يريد من الله أن يستر عليه ، لذلك يكون من السوء و الفحش إشاعة الفضيحة و توجيه الإنتقادات و تتبع عثرات الناس في الوقت الذي نطلب من الله الستر علينا.

نحن بشرٌ و لسنا معصومين من الزلل فمن الطبيعي أن تكون حياتنا خليطٌ من الإيجابيات و السلبيات و هذا ليس بعيب و لكن العيب أن نجعل همنا تقصي أخطاء و عثرات الغير و ننسى إصلاح أنفسنا قال النبي محمد صلى الله عليه وآله :

( .... لا تتبعوا عثرات المسلمين فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع عثراته ومن تتبع الله عثراته يفضحه )

نـصـيـحـة

 

من الكاتب المشهور ديل كارنيغي و صاحب المألفات الرائعة (( كيف تكسب الأصدقاء)) و((دع القلق وابدأ الحياة)) و((تعلم فن الخطابة))

انه إذا أردت الدخول إلى قلب إنسان ما وتؤثر في سلوكه نحو الأفضل دون ان تثير حساسيته فعليك بذكر محاسنه أولا ثم تطلب منه تصحيح أخطائه، على أن تكون صادقا تماما في ما ذكرت من محاسن وعيوب

 

الــنــتــيـجــة

1- إن أردت الإصلاح فلا تبدأ بذكر العيوب لأنك ستزيد من إصرار الطرف الآخر على الإستمرار بالغلط , بل ربما سيتخذ موقفاً متعصباً و متعنداً و ستفقده كأبن أو أخ أو صديق لأنك ذكرت عيوبه و خصوصاً أمام الآخرين و لن تستطيع بسهولة أرجاع علاقتك به كما كانت .

2- يجب أن يكون الإنتقاد بناءاً و من أجل الإصلاح و ليس من اجل الإنتقاد فقط .

3- إختيار الوقت و المكان المناسبين لتوجيه الإنتقاد " فلا يكون في وقت غير مناسب له و تكون نفسيته غير مأهلةٌ لتقبل أي إنتقاد أو حوار و لا يكون بمكان عام و أمام الجميع لأنه لن يتقبل منك ذلك حتى لو كان فيه مصلحته .

4- حاول أن تهون الأمور و لا تعضمها في وجه من تريد إنتقاده و حسسه أن هذا امرٌ طبيعي و ممكن حدوثه من كثير من البشر .

5- حسسه أنك تهمك مصلحته و تريده أن يتكامل أخلاقياً ولا يعطي مجالاً لإنتقادات الآخرين و أنك حريصٌ على سمعته و لا ترضى له بالعيب من باب " المؤمن مرآة أخيه المؤمن " .

6- ذكره بأنك ستكون سعيداً جداً عندما يكون هو الناقد " النقد البناء " لبعض تصرفاتك و أن هذا الأمر لا يزعجك بل يدخل على قلبك السرور و الطمأنينة لأنك تجد صديقاً وفياً يحرص على إرشادك للصواب .

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم