موقع يازهراء سلام الله عليها
القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


 اللقاء السعودي ـ البابوي والقواسم المشتركة

 الدكتورة مضاوي الرشيد 12 / 11 / 2007

قد يتساءل البعض عن الخصائص المشتركة التي تجمع بابا الفاتيكان مع العاهل السعودي في لقاء قصير اخذ ابعادا اعلامية صورته وكأنه مبادرة لحوار الثقافات والتسامح الديني وتجاوز الازمة التي خلفتها محاضرة البابا في جامعة المانية، حيث ظهرت صورة الاسلام وكأنه دين عنف. وها قد وصل خادم الحرمين الشريفين الي الصرح البابوي كمثال للتسامح رغم الازمة بين الفاتيكان والعالم الاسلامي والاحتجاجات التي صدرت في مختلف انحاء هذا العالم. ولكن يبدو ان المؤسسة الكنسية في روما استطاعت ان تحتضن الازمة وتتجاوز ابعادها عندما استجابت السعودية للدعوة الي لقاء بابوي ـ سعودي.

من اهم العوامل المشتركة بين بابا الكنيسة الكاثوليكية والعاهل السعودي ينبثق من كون الاثنين ينتخبان بطريقة سرية يشارك في انتخاب الاول مجموعة من كاردينالات روما ويعلن عن الفائز الاول بعد استشارة المجموعة بالشأن الكنسي وهكذا هو الحال في طريقة تعيين الملك السعودي القادم، حيث ثبت نظام البيعة السعودية مبدأ السرية وأناط مهمة تعيين الملك الجديد بمجموعة مغلقة سرية مهمتها الاعلان عن تنصيب ملك جديد في حالة المرض او الوفاة.

وبينما ينتخب البابا من قبل الكاردينالات نجد ان الملك السعودي القادم سينتخب من قبل مجموعة من الامراء بعد التأكد من حقيقة الوفاة من قبل طاقم طبي. وهكذا هي الحال في الفاتيكان، حيث ينادي الكاردينال الكبير البابا المتوفي باسمه ثلاث مرات فان لم يجب تعلن الوفاة علي بقية الحضور ويتم استدعاء طاقم طبي للتأكد من الوفاة. بالاضافة الي طريقة الانتخاب السرية نجد ان هناك ايضا عوامل اخري مشتركة بين الكنيسة البابوية ونظيرتها السعودية.

من اهم القواسم المشتركة تشظي سلطة البابوية والسعودية وظهور تيارات دينية جديدة تنبثق عن الكنيسة الرئيسية وتنافسها في عقر دارها او في المناطق النائية البعيدة عن المركز الكنسي. من اخطر ما يهدد سلطة الكنيسة البابوية اليوم هو تيارات منشقة عنها خاصة في افريقيا وامريكا اللاتينية وآسيا، حيث لم تعد قبضة الكنيسة المركزية متماسكة ومحكمة مما ادي الي تفكك خطابها الديني وسلطتها الروحية علي شعوب تختلف في تركيبتها وتراثها عن ذلك المتواجد في المركز الرئيسي. ظهرت خلال الستينات والسبعينات من القرن المنصرم تيارات كاثوليكية انتفضت علي الكنيسة الأم وتحالفت مع قوي شعبية مناوئة للخط الكنسي وتمثل هذا التحالف في تبلور اللاهوت التحرري وتبنيه من قبل ناشطين سياسيين يعارضون حكم الدكتاتوريات في امريكا اللاتينية والجنوبية بالاضافة الي مناطق اخري كالفيلبين، حيث تحالف بعض القساوسة الكاثوليك مع التيارات المناوئة للسلطة المركزية وتبني هؤلاء خطاب التحالف مع المضطهدين والمحرومين وحرضهم علي الثورة علي التسلط الكنسي المركزي.

وتعرضت الكنيسة الكاثوليكية بعد ذلك الي منافسة كبيرة من قبل الكنائس البروتستانتية والتي امتد نفوذها الي مناطق واسعة كان النفوذ الكاثوليكي فيها مستتبا ومسيطرا بشكل واضح وصريح. جاء التبشير البروتستانتي في افريقيا وآسيا وامريكا الجنوبية المدعوم من مركزه القوي في الولايات المتحدة ليسحب البساط من تحت اقدام قساوسة روما في المناطق التي انفتحت حدودها امام التبشير الديني خاصة في الهند وكوريا والآن يحتدم الصراع في الصين خاصة بعد ان فتحت هذه الاخيرة ابوابها للدين بشكل عام.

وتجري حاليا منافسة قوية بين شقي المسيحية وتسابق واضح علي قلوب الصينيين. ويقدر بعض المراقبين ان اكبر مجموعة مسيحية في العالم ستكون صينية في المستقبل، حيث قد يستجيب اربعمئة مليون صيني للتبشير المسيحي وليس من الواضح ان يعتنق هؤلاء المسيحية الكاثوليكية وستبقي المجموعة الاكبر مكونة من المسيحيين البروتستانت وخاصة التيارات الكاريزمية ومعتنقي مبدأ الايفانجليكل والمسيحي المولود مرة ثانية. تشظي المسيحية في العالم وابتعاد الكثيرين عن الدين المؤسساتي المركزي والمقيد بقرارات الفاتيكان يشكلان ظاهرة عالمية قد تسمي ديانة ما بعد الحداثة وهي اشبه ما تكون بحالة استهلاكية وخصخصة للروحانيات تنأي بنفسها عن الديانة المنظمة والمحصورة في مرجعيات محددة مسبقا.

ديانة ما بعد الحداثة تنطلق من مرجعية ذاتية وتنظر للدين كسلعة في سوبرماركت كبير، حيث يستطيع الفرد اختيار اتجاهات متناقضة يجمعها في سلته الروحية ليكون حفنة روحية خاصة به غير مقيدة بتعليمات روما وتوصياتها. انطلقت هذه الاتجاهات اول ما انطلقت في الولايات المتحدة وخاصة كاليفورنيا، حيث تشكلت كيانات دينية مستقلة ومخضرمة بدأت تنتشر في العالم المسيحي بشكل سريع اذ انها دعمت بأموال وجهد من قبل القائمين عليها والمشاركين في ترويج خطابها واستفادت هذه التيارات التبشيرية الجديدة من الهيمنة الامريكية علي مناطق شاسعة وتوسع النفوذ الامريكي الاقتصادي والعسكري. تستعمل هذه التيارات زبائن محليين يقومون بالمهمة نيابة عن المركز الامريكي وما حصل للتبشيريين الكوريين في افغانستان، حيث اختطفت مجموعة منهم من قبل الطالبان خير دليل علي هذا المد الذي بدأ ينتشر في العالم مهددا بذلك هيمنة الكنيسة الكاثوليكية ومقلصا لحدود خطابها القديم.

واذا عدنا للسعودية وتصويرها لنفسها انها الحاضنة للخطاب الديني الاسلامي والذي تكرس اموالا طائلة لنشره عن طريق الدعوة والعمل الخيري سنجد انها هي ايضا تواجه تحديا من قبل تيارات اسلامية ترفض مأسسة الدين وتأطيره في مجامع فقهية محدودة العضوية قد لا يمتثل لفتاويها او توصياتها جميع المسلمين خاصة اولئك الذين يتمردون علي المركزية الدينية ورغم عدم وجود كنيسة سعودية الا ان تاريخها الحديث يدل علي انها تحاول فرض مركزية دينية هي ايضا لها منافسوها إما من قبل المنشقين عنها او من قبل من هو خارج اطارها منذ البداية.

يشهد العالم الاسلامي حالة مشابهة لنظيره المسيحي، حيث يبدو واضحا تشظي الخطاب الديني وتنافس المرجعيات واتباعها علي الساحة الاسلامية. يغذي هذا التنافس الاموال الداعمة لهذا التيار او ذاك بالاضافة الي تململ الشعوب الاسلامية من هيمنة الخطاب الواحد والذي قد لا يكون مقبولا من قبل ثقافات محلية متفاوتة ومغايرة لثقافة المركز. ونجد ان التنافس يتمركز في محاور جغرافية معروفة من شمال افريقيا الي اندونيسيا، حيث تطورت ونمت ثقافات دينية تختلف اختلافا تاما عن المركز السعودي في تنظيرها الديني وطقوسها وعباداتها. ومؤخرا تبلورت ظاهرة الدعاة الاسلاميين الذين يخصخصون الدين والتقوي مستعينين في ذلك بالاعلام الحديث والتواصل مع جمهورهم عن طريق اللقاء المباشر والتواصل الشخصي المستمر.

هذا بالاضافة الي التيارات المنشقة عن المركز السعودي الرسمي والتي انبثقت من رحمه كالتيارات السلفية المتشعبة المناهضة للاسلام الرسمي السعودي، بل المعادية له خاصة فتاويه السياسية وحلفه المستمر مع السلطة السياسية وعدم قدرته علي افراز فكر لا يخضع للسياسة ونفعيتها وآنية قراراتها.

يتضح لنا من خلال هذا العرض المختصر ان الاديان السماوية المتمثلة بالمسيحية والاسلام والمبنية علي مرجعية النصوص قابلة لتجديد ذاتها من اجل استمراريتها. ومهما حاول البشر ان يربطوها بمرجعيات بشرية وسلطة مركزية نجدها تفلت من ايدي هؤلاء وتحرر ذاتها من سيطرة المراكز البشرية وخاصة الروحية والسياسية والمالية. وهي بذلك تنتصر لمبدئها وركيزتها الالهية متجاوزة بذلك احتكار الانسان لتفسير النص الديني المدعوم سياسيا والمحصور مؤسساتيا.

وان عدنا للقاء البابوي ـ السعودي سنجد انه لقاء آني لن يغير مسيرة او يقلب سننا كونية. فالبابا اليوم لا يمثل المسيحية عالميا وكذلك خادم الحرمين الشريفين ومؤسسته الدينية. ولا بأس ان يتحاور الاثنان ويلتقيا في روما ولكنهما سيجدان انهما اصحاب سلطة تتراجع امام تغييرات اجتماعية وعالمية ليست في مصلحتهما، بل هي تقلص هذه المصلحة وتؤدي الي تآكل شرعيتهما شيئا فشيئا. وسيجد الاثنان انهما في معركة ليست بين المسيحية والاسلام يحاولان تجاوزها، بل هما في معركة مع ابناء جلدتهما والمنشقين عليهما من كلا الطرفين. انها معركة الانسان مع من يحاول ان يحتكر تفسير الدين وهي معركة أزلية لن يحلها لقاء بالفاتيكان او غيره.

كاتبة ومحاضرة سعودية في الأنثروبولوجيا الاجتماعية
بكلية كينغز، جامعة لندن

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه