الوهابية امتداد للمبتدعة السلفية

 

بسم الله وبالله ، وبه نستمد العون والتوفيق والسداد ..

لو أمعنت النظر أخي القارئ لوجدت البدع والخرافات التي عاشها المتمسلفون مدى أعصرهم تشير إشارة واضحة إلى أنهم أولى بتطبيق فتاواهم التكفيرية على أنفسهم وسلفهم قبل تكفير وتضليل أي مسلم سواهم !!

و سنلقي بصيصاً من الضوء على بعض العينات من بدع المتمسلفين ونحاكمهم حسب مبدؤهم الذي حاكموا به غيرهم ، ونلزمهم بما ألزموا به أنفسهم ..

وسنكتفي في هذه المقالة بتوثيق البدع التي قام بها المتمسلفون وهي التي تستلزم لديهم التكفير حسبما طبّقوه على المسلمين ، لنجري على رقابهم السيف الذي سلوه في وجه المسلمين قاطبة ؛ إذ انقلب السحر على الساحر !!

وقبل كل شيء نأخذ هذا الاعتراف من ابن تيمية بوجود كثير من الغلوّ والشرك والبدع عند « المنتسبين » لأهل السنة حسب لفظه ، وهذا مؤيد لما أوردناه من ظهور البدع في جنازته مباشرةً ، ولا عجب في ذلك إذ كان هو بنفسه مبتدعاً محترفاً وإن اختلفت نوع البدعة :

قال ابن تيمية في منهاج السنة ج1 ص 482 : « فإن قيل : ما وصفت به الرافضة من الغلوّ والشرك والبدع موجود كثير منه في كثير من المنتسبين إلى السنّة ، فإن في كثير منهم غلواً في مشايخهم وإشراكاً بهم وابتداعاً لعبادات غير مشروعة ، وكثير منهم يقصد قبر من يحسن الظنّ به إمّا ليسأله حاجاته ، وإمّا ليسأل الله به حاجةً ، وإمّا لظنّه أن الدعاء عند قبره أجوب منه في المساجد ، ومنهم من يفضّل زيارة قبور شيوخهم على الحج ، ومنهم من يجد عند قبر من يعظّمه من الرقة والخشوع ما لا يجده في المساجد والبيوت ، وغير ذلك مما يوجد في الشيعة . ويروون أحاديث مكذوبة من جنس أكاذيب الرافضة ...

قيل : هذا كلّه ممّا نهى الله عنه ورسوله ، وكلّ ما نهى الله عنه ورسوله فهو مذموم منهي عنه !! » .

وعلى هذا فإن ما يكفر به الشيعة وغيرهم هو موجود بنفس نوعيته في بيئة ابن تيمية ، وحينما تعلّق الأمر بالسنة المحيطين به خفف حكمه إلى « مذموم منهي عنه » فقط ، ولعله فعل ذلك تقيـة !!

والعجب أنه تعرّض أيضاً لزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وموهناً للمسلمين عن زيارة قبره الشريف ، فقال في كتابه منهاج السنة ج2 ص 441 :

« والأحاديث المأثورة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في زيارة قبره ، كلّها ضعيفة بل موضوعة ... » !!!.

وهذا يقتضي أن أولئك السلفية الذين زاروا قبر ابن تيمية وترددوا عليه أياماً متعددة ليلاً ونهاراً وصلوا عليه لا بد أنهم يعتقدون بأفضليته على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ زيارة قبر الرسول لا تجوز لديهم إلا بعنوان زيارة المسجد في الوقت الذي يأنسون بزيارة قبر شيخهم كبير « المكفراتية » !!

ولنوثق مدى بدعية السلفية الذين شهدوا الجنازة من علماء وعوام ، ونساء ورجال ، وأطفال وكبار ، ومن تبعهم من بإحسان وأقر صنيعهم بعد الإمعان ، ولم يبس بكلمة من اللسان ، في إدانة من يجب أن يدان !!

وليكن التوثيق من خلال خمس شخصيات هامة لها وقع جيد عند السلفية ، وهم الإمام ابن كثير ، وابن العماد الحنبلي ، وابن الوردي ، والإمام الذهبي ، والحافظ عمر البزار فهم من المتعاطفين مع شيخ الإسلام المبتدع الهمام ابن تيمية :

أولاً : الإمام ابن كثير ، في كاتبه « البداية والنهاية » ، الجزء الرابع عشر ، ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ، وفاة شيخ الإسلام أبي العباس تقي الدين أحمد بن تيمية (( مختصراً )) :

« ... وجلس جماعة عنده قبل الغسل وقرؤا القرآن وتبركوا برؤيته وتقبيله !! ..
ثم انصرفوا ثم حضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذلك !! ..

ثم انصرفن واقتصروا على من يغسله فلما فرغ من غسله اخرج ثم اجتمع الخلق بالقلعة والطريق إلى الجامع وامتلأ الجامع أيضا ! وصحنه والكلاسة وباب البريد وباب الساعات إلى باب اللبادين والغوارة وحضرت الجنازة في الساعة الرابعة من النهار أو نحو ذلك ووضعت في الجامع والجند قد احتاطوا بها يحفظونها من الناس من شدة الزحام ..

وصلى عليه أولا بالقلعة تقدم في الصلاة عليه أولا الشيخ محمد بن تمام ثم صلى عليه بالجامع الأموي عقيب صلاة الظهر !! ..

وقد تضاعف اجتماع الناس على ما تقدم ذكره ثم تزايد الجمع إلى أن ضاقت الرحاب والأزقة والأسواق بأهلها ومن فيها ثم حمل بعد أن صلى عليه على الرؤوس والأصابع وخرج النعش به من باب البريد ..
واشتد الزحام وعلت الأصوات بالبكاء والنحيب !! ..
وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائهم وثيابهم وذهبت النعال من أرجل الناس وقباقيبهم !! ..
وعظم الأمر بسوق الخيل وتضاعف الخلق وكثر الناس ووضعت الجنازة هناك وتقدم للصلاة عليه هناك أخوه زين الدين عبد الرحمن !! ..
فلما قضيت الصلاة حمل إلى مقبرة الصوفية !! فدفن إلى جانب أخيه ..
وأغلق الناس حوانيتهم ولم يتخلف عن الحضور إلا من هو عاجز عن الحضور !! ..
وحضر نساء كثيرات بحيث حزرن بخمسة عشر ألف امرأة !! ..
غير اللاتي كن على الأسطحة وغيرهن الجميع يترحمن ويبكين !! عليه فيما قيل ..
وأما الرجال فحزروا بستين ألفاً إلى مائة ألف إلى أكثر من ذلك إلى مائتي ألف
وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله !! ..
واقتسم جماعة بقية السدر الذي غسل به !! ..
ودفع في الخيط الذي كان فيه الزئبق الذي كان في عنقه بسبب القمل مائة وخمسون درهما !! ..
وقيل إن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها خمسمائة درهما !! ..
وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير !!
وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلاً ونهاراً يبيتون عنده ويصبحون !!..
ورثاه جماعة بقصائد جمة ... فاجتمع عند الشيخ في قاعته خلق من أخصاء أصحابه من الدولة وغيرهم من أهل البلد والصالحية فجلسوا عنده يبكون ويثنون (( على مثل ليلى يقتل المرء نفسه )) !!
وكنت فيمن حضر هناك مع شيخنا الحافظ ابي الحجاج المزي رحمه الله وكشفت عن وجه الشيخ ونظرت إليه وقبلته وعلى رأسه !! ..
ثم شرعوا في غسل الشيخ وخرجت إلى مسجد هناك ولم يدعوا عنده إلا من ساعد في غسله منهم شخينا الحافظ المزي وجماعة من كبار الصالحين الأخيار أهل العلم والإيمان !! ..
فما فرغ منه حتى امتلأت القلعة وضج الناس بالبكاء !! ..
فصرخ صارخ وصاح صائح هكذا تكون جنائز أئمة السنة !!! ..
فتباكى الناس وضجوا عند سماع هذا الصارخ ..
والنساء فوق الأسطحة من هناك إلى المقبرة يبكين ويدعين ويقلن هذا العالم !! ..
وما علمت أحدا من أهل العلم إلا النفر اليسير تخلف عن الحضور في جنازته !! وهم ثلاثة أنفس وهم ابن جملة والصدر والقفجاري ، وهؤلاء كانوا قد اشتهروا بمعاداته فاختفوا من الناس خوفاً على أنفسهم !! ..
بحيث إنهم علموا متى خرجوا قتلوا وأهلكهم الناس !! ..
وتردد شيخنا الإمام العلامة برهان الدين الفزاري إلى قبره في الأيام الثلاثة !! .. وكذلك جماعة من علماء الشافعية ... » !!!

ثانياً : ويمكن أيضاً مراجعة كتاب « شذرات الذهب في أخبار من ذهب » لابن العماد الحنبلي ، ج 6 ص 80 ، أحداث سنة ثمان وعشرين وسبعمائة .. ففيه مختصر لما ورد في البداية والنهاية ..

ثالثاً : ويذكر القنوجي بعض ما حصل حول الجنازة في كتابه « أبجد العلوم » ‏، المجلد الثالث : الرحيق المختوم، من تراجم أئمة العلوم ، علماء الفقه ، تقي الدين بن تيمية، الحراني، الحنبلي :« قال ابن الوردي : وفيها ، أي : سنة 723، ليلة الإثنين والعشرين من ذي القعد ، توفي شيخ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه - معتقلا بقلعة دمشق ، وغسل ، وكفن ، وأُخرج ..
وصلى عليه أولاً : بالقلعة الشيخ محمد بن تمام ، ثم : بجامع دمشق !! بعد الظهر، من باب الفرج واشتد الزحام في سوق الخيل ، وتقدم عليه (3/ 135) في الصلاة هناك أخوه ..
وألقى الناس عليه مناديلهم وعمائمهم للتبرك !! ..
وتراصّ الناس تحت نعشه، وحضرت النساء خمسة عشر ألفا !! ..
وأما الرجال فقيل : كانوا مائتي ألف ، وكثر البكاء عليه !! ..
وختمت له ختم عديدة ، وتردد الناس إلى زيارة قبره أياما !! » ..

رابعاً : الإمام الذهبي : فلقد كشف لنا جانب آخر من البدع السلفية من حيث تعظيمهم للقبور وتصنيف أهميتها ، فانظروا إلى قوله بترجمة معروف الكرخي في كتابه سير أعلام النبلاء ج 9 ص 343 :
« وعن إبراهيم الحربي قال : قبر معروف الترياق المجرّب . يريد إجابة دعاء المضطرّ عنده ، لان البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء ... » .
وقوله بترجمة غير واحد مثلاً ج 18 ص 101 : « كان يتبرّك بقبره » ، وكذلك ج 19 ص 53 : « قبره مشهور يزار ويدعى عنده » ، وج 20 ص 96 : « قبره يقصد للزيارة » .

ويكفينا هنا قول الذهبي وقد ملّ أسلوب أستاذه في تبديع الآخرين في الوقت الذي هو أحرى بالتبديع وكأنّه يقصد التعريض بابن تيمية ، في كتابه « سير أعلام النبلاء » ج 3 ص 484 :

« فو الله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصّياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء ، إلاّ وهو محبّ لله ولرسوله ، فحبّه المعيار والفارق بين أهل الجنة والنار ، فزيارة قبره « ص » من أفضل القرب ... فشدّ الرحال إلى نبيّنا مستلزم لشدّ الرحل إلى مسجده ، وذلك مشروع بلا نزاع ، إذ لا وصول إلى حجرته إلاّ بعد الدخول إلى مسجده ، فليبدأ بتحيّة المسجد ، ثم بتحيّة صاحب المسجد ، رزقنا الله وإيّاكم آمين » ...

نعم لقد تخلى الذهبي عن ذلك المبدأ العقيم الذي أدى بمتبعيه إلى الاستخفاف بمقام سيد الخلق وأشرف الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ، كما أدّى مبدأ التجسيم لديهم إلى الاستخفاف بالذات الإلهية ، وذلك السيف الذي طالما أشهروه في وجوه المسلمين ها قد وضعنا على نحورهم على بركة الله !!

خامساً : الحافظ عمر بن علي البزار في كتابه « الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية » ، الفصل الرابع عشر في ذكر وفاته :
« قالوا ولم يتخلف أحد من غالب الناس فيما اعلم إلا ثلاثة أنفس كانوا قد اشتهروا بمعاندته فاختفوا من الناس خوفاً على أنفسهم !!!
بحيث غلب على ظنهم انهم متى خرجوا رجمهم الناس فأهلكوهم ! !.
فغسل رضي الله عنه وكفن.
قالوا وازدحم من حضر غسله من الخاصة والعامة على الماء المنفصل عن غسله حتى حصل لكل واحد منهم شيء قليل .
ثم أخرجت جنازته فما هو إلا أن رآها الناس فأكبوا عليها من كل جانب !!
كلاً منهم يقصد التبرك بها
حتى خشي على النعش أن يحطم قبل وصوله إلى القبر » ..
« ثم حمل بعد ذلك إلى قبره فوضع وقد جاء الكاتب شمس الدين الوزير ولم يكن حاضرا قبل ذلك
فصلى عليه أيضا ومن معه من الأمراء والكبراء ومن شاء الله من الناس » ..
« ودفن في ذلك اليوم رضي الله عنه أعاد علينا من بركاته » ..
« ثم جعل الناس يتناوبون قبره للصلاة عليه !! من القرى والأطراف والأماكن والبلاد مشاة وركبانا »

ولهذا الموضوع تتمة

 

 

 

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معها