بيوت أذن الله لها بالكرامة

لا يخفى على كلّ موالٍ أن في كرامات ومناقب أهل البيت سلام الله عليهم عبراً ومواعظ قيّمة للناس منها ترسيخ العقائد بهم ودرك بعض مقاماتهم الرفيعة، فضلاً عن توثيق العلاقة بين الناس وأئمتهم الأطهار سلام الله عليهم.
إحدى كرامات الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين سلام الله عليها التي جمعت جميع هذه الخصال هي الكرامة التالية:
يقول أبو سعيد الخدري: أصبح علي بن أبي طالب سلام الله عليه ذات يوم، فقال: يا فاطمة هل عندك شيء تغذّينيه؟ قالت: لا... ما كان شيء أطعمناه مذ يومين إلا شيء كنت أوثرك به على نفسي وعلى ابني هذين الحسن والحسين سلام الله عليها.
فقال علي سلام الله عليه: يا فاطمة ألا كنت أعلمتِني، فأبغيكم شيئاً؟ فقالت: يا أبا الحسن إني لاستحي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه.
فخرج علي بن أبي طالب سلام الله عليه من عند فاطمة، فاستقرض ديناراً، فبينا الدينار في يده يريد أن يبتاع لعياله ما يصلحهم، فتعرّض له المقداد بن الأسود في يوم شديد الحر، قد لوّحته الشمس من فوقه وآذته من تحته، فلما رآه علي بن أبي طالب سلام الله عليه أنكر شأنه، فقال: يا مقداد، ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟ قال: يا أبا الحسن خلّ سبيلي ولا تسألني عما ورائي.
فقال: يا أخي إنه لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك.
فقال: يا أبا الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن حالي.
فقال له: يا أخي إنه لا يسعك أن تكتمني حالك. فقال: يا أبا الحسن، أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمداً بالنبوة، وأكرمك بالوصية، ما أزعجني من رحلي إلا الجهد، وقد تركت عيالي يبكون من الجوع، فلما سمعت بكائهم لم تحملني الأرض، فخرجت مهموماً راكباً رأسي، حالي وقصّتي. فانهملت عينا عليّ سلام الله عليه بالبكاء حتى بلّت لحيته.
فقال له: أحلف بالذي حلفت، ما أزعجني إلا الذي أزعجك من رحلك، فقد استقرضت ديناراً، آثرك به. ورجع حتى دخل مسجد النبي صلّى الله عليه وآله فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب.
فلما قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله المغرب مرّ بعلي بن أبي طالب سلام الله عليه وهو في الصفّ الأول، فغمزه برجله، فقام علي سلام الله عليه متعقّباً خلف رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى لحقه على باب من أبواب المسجد، فسلّم عليه، فردّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليه السلام.
فقال: يا أبا الحسن، هل عندك شيء نتعشّاه فنميل معك؟ فمكث مطرقاً لا يحير جواباً حياء، من رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو يعلم ما كان من أمر الدينار ومن أين أخذه، وأين وجّهه، وقد كان أوحى الله تعالى إلى نبيّه صلّى الله عليه وآله أن يتعشَّى الليلة عند عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه.
فلما نظر رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى سكوته، قال: يا أبا الحسن ما لك لا تقول: لا، فأنصرف، أو تقول: نعم، فأمضي معك؟ فقال- حياء وتكرّماً-: فاذهب بنا، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله يد علي بن أبي طالب سلام الله عليه فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء سلام الله عليها وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخاناً.
فلما سمعت كلام رسول الله صلّى الله عليه وآله في رحلها، خرجت من مصلاّها، فسلّمت عليه، وكانت أعزّ الناس إليه، فردّ عليها ومسح بيده على رأسها، و قال لها: يا بنتاه، كيف أمسيت رحمك الله؟
قالت: بخير، قال: عشّينا غفر الله لك.
فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي النبي وعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهما وآلهما، فلما نظر علي بن أبي طالب سلام الله عليه إلى الجفنة والطعام وشمّ ريحه، قال: يا فاطمة، أنَّى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط، ولم أشمَّ مثل ريحه قط، ولم آكل أطيب منه قَطّ؟
قال: فوضع رسول الله صلّى الله عليه وآله كفّه الطيّبة بين كتفي علي بن أبي طالب سلام الله عليه، فغمزها، ثم قال: يا عليّ، هذا بدل دينارك من عند الله (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب). ثم استعبر باكياً وقال: الحمد لله الذي أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما، ويجريك يا علي مجرى زكريا، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً).

 

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم