الزهراء التي نطهر بولايتها!

يسطع نور مولاتنا الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها ويشعّ متلألئاً بين أنوار المعصومين الأربعة عشر سلام الله عليهم بشكل فريد ومميَّز واستثنائي، فمع كامل الإيمان بأنهم جميعاً نور واحد كما دلّت عليه الأخبار المتظافرة؛ إلا أنه تبقى للزهراء سلام الله عليها مزايا وخصائص ليست لسائر المعصومين سلام الله عليهم، تلك المزايا والخصائص التي كلما غاص فيها اللبيب باحثاً ومتفكراً وجد نفسه يغوص في بحر الحيرة والتعجب!
وكيف ينقضي عجبنا وتتبدّد حيرتنا إذا كان ذلك المقام الشامخ العظيم أكبر حتى من مستوى إدراك الأنبياء والملائكة وسائر المعصومين سلام الله عليهم ما خلا رسول الله وأمير المؤمنين سلام الله عليه؟! وكيف نتوقع لعقولنا أن تستوعب أو تدرك أو تحيط بتلك الهالة النورانية المصطفاة التي تدور الأكوان والخلائق على محورها؟!
يمكننا أن نتحدث عمن نشاء من الأئمة والأنبياء سلام الله عليهم، وما من شكّ أنّ كلامنا يظلّ قاصراً، ولكن هذا القصور يتضاعف تضاعفاً هائلاً بمجرّد أن يصل حديثنا إلى الزهراء البتول سلام الله عليها، فنجد أن العقل يكاد أن يتوقّف معلناً عجزه عن تفسير خصائص هذا المقام العظيم للزهراء سلام الله عليها، لأن ما ورد فيها لم يرد في غيرها.
وعلى هذا فكلّ ما يمكننا فعله هو أن نحاول الاقتراب قدر الإمكان من فهم عظمتها سلام الله عليها مع إقرارنا المسبق بأن عقولنا قاصرة وأفهامنا ناقصة.
كمثال على ذلك:
إذا تفحَّصنا المأثور من زيارات المعصومين الأطهار سلام الله عليهم وجدناها متقاربة النسق، متشابهة الألفاظ، فتبدأ الزيارة بالسلام عادة، أو بالصلاة، كأن يقال: {السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله..} أو {السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجّته على عباده..} أو {السلام من الله على محمد رسول الله أمين الله على وحيه ورسالاته..} أو {سلام الله وسلام ملائكته المقرّبين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين... عليك يابن أمير المؤمنين..} إلى آخرها من عبارات الزيارات المختلفة للمعصومين الأربعة عشر سلام الله عليهم، وأقربائهم وأوليائهم وأصحابهم.
وتكاد لا تجد زيارة إلاّ وتبدأ بالصلاة والسلام، ويرد فيها كثيراً ذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر..} كما كثيراً ما يرد اللعن لأعداء الدين وأعدائهم {لعن الله من قتلك..} أو {اللهم العن أوَّل ظالم ظلم حقَّ محمد وآل محمد..} وما شابه ذلك.
ثم نرى الزيارات تأتي على نسق متقارب، فتتدرّج بالقارئ في أوصاف الإمام أو الوليّ المزور وأنّه ـ يرث الأنبياء والمرسلين ومن سبقه من الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، وأنه قد جاهد في سبيل الله ودعا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة. وتأتي الزيارة على ذكر حياته وما عانى فيها من المحن وصبره عليها، {السلام عليك يا باب الله، أشهد أنك... تلوت الكتاب حقّ تلاوته وجاهدت في الله حقّ جهاده وصبرت على الأذى في جنبه محتسباً وعبدته مخلصاً حتى أتاك اليقين..}.
هكذا هي زيارات أهل البيت سلام الله عليهم، تأتي على لحن واحد، ونمط متشابه، تجعل الزائر يعيش في أجواء الإمام المزور سلام الله عليه إلى أبعد حدّ، فيلقّن نفسه بفضائله ومناقبه، ويردّد على لسانه ما تعرّض له من الجور، ويتبرّأ من قاتليه ومناوئيه. وما جعل الأئمة سلام الله عليهم الزيارات على هذا النحو إلا لتؤثّر تأثيراً تربوياً على النفوس فتشحنها بالمفاهيم العقائدية والولائية والإيمانية.
أما عندما يأتي دور الصديقة الزهراء ـ أرواحنا فداها ـ فنجد الأمر مختلفاً بكلّ المقاييس! فوحدها الزهراء سلام الله عليها تأتي زيارتها على نمط خاصّ، ونسق عجيب، وعبارات وألفاظ استثنائية، وإيقاع غريب، لا يشابه أيّاً من زيارات المعصومين الأخرى.
إنّه لحن لا مثيل له، وإيقاع يحار فيه كلّ من يقرأه ويتدبّر فيه، يجعلك تهيم في بحر من التموّجات الروحية المتمازجة، ويأخذك بعيداً في عالم الغيب والماورائيات، ويزخّ في نفسك زخّات من آفاق الملكوت الإلهي.. كلّ هذا في كلمات لا تتعدى ثلاثة أسطر! فلعلها من أخصر الزيارات المروية، ومع ذلك فإنها تنطوي على أسرار ومعانٍ عميقة هائلة، ربما يحتاج المرء لأن يصرف عمره كله في محاولة فهمها وتفسيرها.. ومع هذا فلن يصل إلى غايته!
هذه الزيارة يرويها الشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) في التهذيب عن الإمام أبي جعفر سلام الله عليه [ومع أن إطلاق كنية (أبي جعفر) تنصرف في الذهن أوّلاً إلى الإمام الباقر ـ سلام الله عليه ـ إلا أننا نرى أن المقصود هو الإمام الجواد سلام الله عليه؛ بقرينة الراوي الأخير (إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي) فهو ممن اقتصرت روايته، وهذا يقوّي جدّاً أن تكون الرواية عن الجواد دون الباقر سلام الله عليهما، وذلك لأن «العريض» قرية من قرى ضواحي المدينة، وأول من نسب إليها باسم{العريضي} كان علي بن جعفر (ابن الصادق وأخا الكاظم سلام الله عليهما) فسمّي بعلي العريضي، وهو جدّ السادة العلويين الحاملين لهذه النسبة {محمد العريضي}. وإنه سيّد؛ لقول الإمام له: {إذا صرت إلى قبر جدّتك..} فيقوى أنّ عصره متأخّر عن عصر الباقر سلام الله عليه وأنه كان معاصراً للجواد سلام الله عليه؛ فتكون روايته عنه فتأمل]. وهذا نصّها:
«عن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي قال: حدثني أبو جعفر سلام الله عليه ذات يوم، قال: إذا صرت إلى قبر جدّتك فقل: يا ممتحنَة! امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك به صابرة، وزعمنا أنّا لك أولياء ومصدّقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلّى الله عليه وآله وأتانا به وصيّه سلام الله عليه، فإنّا نسألك إن كنا صدّقناك إلا ألحقتِنا بتصديقنا لهما لنبشِّر أنفسنا بأنّا قد طَهُرنا بولايتك»! (التهذيب ج6 ص10).
الله أكبر!
هلاّ استطاع أحد أن يفسّر لنا هذه الكلمات العظيمة بشكل تام؟ وهل بمقدور أحد أن يدّعي معرفته بالمعاني والمقاصد التي انطوت عليها هذه الكلمات النورانية؟ بالطبع لا أحد يستطيع.. فكل ما باليد ليس سوى أن نحاول الالتفات إلى بعض المعاني على وجه الملاحظة.
أول ما نلاحظه في هذه الزيارة أنها جاءت بشكل مختلف كلّياً عن مجمل زيارات المعصومين الأخرى، إلى درجة أنها لم تبدأ حتى بالسلام، ولم يرد ذكر السلام فيها إطلاقا! وأوّل كلمة نجدها تفاجئنا في النصّ هي: {يا ممتحنَة..}!
إنه خطاب ذو لهجة مغايرة لا يترك لك مجالاً إلا أن تهتزّ من الأعماق! وبعبارة أخرى؛ فإنك في سائر زيارات المعصومين سلام الله عليهم تجد نفسك ساكنة هادئة إلى مستوى معقول، لأن طبيعة الخطاب الذي توجهه لإمامك يساعد على ذلك. فجلّ زيارات المعصومين ـ على سبيل المثال ـ يتكرر فيها إلقاء السلام؛ خصوصاً في العبارات الأولى: {السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله.. السلام عليك يا وارث نوح نبي الله.. السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله..}.
هذا التكرار يساعد على تحقيق مستوى من الاستقرار النفسي، أما في زيارة الزهراء سلام الله عليها فإن نفسك لا تكون مستقرة! بل تشعر بهزّات من الأعماق، لأنك أول ما تبدأ به في خطابك تجاه مولاتك هو قولك لها: {يا ممتحنَة..}! وهنا يزلزلك الخطاب ويوقد فيك نار الاضطراب! فيستثير فيك عظمة الامتحان الذي تعرّضت له الزهراء سلام الله عليها حتى طغى ذلك على صفتها، لتكون أوّل كلمة توجّهها لها: {يا ممتحنَة..} هكذا فوراً ومن دون أية مقدّمات!
ولن تترك لك تتمّة العبارة الأولى مجالاً للهدوء! لأنك إذا جعلت تفسيرك الذهني لتلك الكلمة أنها تعرّضت لتلك البلايا والمصائب في دار الدنيا وكان ذلك امتحاناً واختباراً إلهياً لها؛ فإنك بمجرد أن تواصل الخطاب فسيتلاشى عندك هذا التفسير وتراه أصغر من أن تقتنع به! لأنك ستقول: {يا ممتحنة! امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك..}!!
فأين سيطوف بك خيالك لتفسير هذه العبارة؟ وأين يسعك أن تعثر على إجابة وافية لها؟
كيف يمتحنها الله قبل أن يخلقها؟ أكان ذلك في عالم الأنوار مثلاً عندما خلق الله أهل البيت ولا أحد سواهم بعد؟ أم كان في عالم الذر حيث أشهد الله تعالى بني آدم على أنفسهم قائلاً: {ألست بربكم قالوا بلى..}؟ أم في عالم آخر؟!
وما هي طبيعة الامتحان الذي امتحنها به الله تعالى قبل أن يخلقها؟! هل مصائب الزهراء سلام الله عليها في دار الدنيا وما تعرّضت له من الجور على يدي أهل السقيفة ليس هو الإختبار الوحيد وهنالك اختبارات قبله.. وربما بعده؟!
أم هل نفسّر النص على أنّ معنى الإمتحان الإلهي ـ قبل الخلقة ـ أنّ الله تعالى علم بعلمه الإحاطي المسبق أن الزهراء ستنجح في الامتحان الذي سيعرّضها إليه، فجاء النص على هذا النحو؟
يمضي بك النصّ لتزداد عندك التساؤلات وليدور فكرك في دائرة الحيرة، وفي غمرة هذه التساؤلات تنقدح في ذهنك شرارة تساؤل صعب كبير: مهلاً! كيف يكون امتحانٌ في غير دار الدنيا أصلاً؟! أليست الدنيا دار الامتحان فقط؟! هل تعرّضت الزهراء لامتحان استثنائي قبل ذلك.. امتحان من نوع خاص؟!
ينبئك النص بأن الله تعالى وجد الزهراء صابرة لما امتحنها به قبل أن يخلقها! فلا تجد نفسك إلا عاجزاً عن التفسير وإيجاد المعنى الحقيقي لما تقوله بنفسك أثناء زيارتها!
ولا تكاد تضرب صفحاً عن هذه التساؤلات؛ حتى تصعقك كلمة {وزعمنا أنّا لك أولياء..}!! فتقول في قرارة نفسك: ما معنى هذا؟ هل موالاتنا للزهراء سلام الله عليها مجرد زعم؟!
حسب اللغة؛ فإن الزعم هو الادعاء المحتاج إلى دليل للإثبات، فالأصل فيه الكذب إلا أن يثبت الصدق بدليل. إذا عرفنا ذلك؛ أدركنا مدى خطورة هذه الكلمة وهذه العبارة {وزعمنا أنّا لك أولياء..}، فالحقيقة هي أننا نزعم أننا موالون للزهراء سلام الله عليها ولكن إثبات أننا مخلصون في موالاتنا يبدو صعباً على نفوس ملوَّثة بالذنوب مثل نفوسنا!
ولننتبه إلى ما عبّرت عنه الزهراء (أرواحنا فداها) بنفسها في هذا الشأن، فقد رُوي أن رجلاً أرسل امرأته إلى فاطمة سلام الله عليها وقال لها: اذهبي إلى فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله فاسأليها عني؛ أني من شيعتكم أم لست من شيعتكم؟ فسألتها فقالت: {قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، وتنتهي عمّا زجرناك عنه، فأنت من شيعتنا، وإلاّ فلا}! (البحار ج65 ص155).
وبملاحظة هذا المعنى، يمكن أن نعرف ما ينتابنا عندما نتوجّه إلى الزهراء سلام الله عليها بالزيارة ونقرأ هذه العبارة: {وزعمنا أنّا لك أولياء..}، فإنها حقّاً صعقة كبرى نوجّهها لأنفسنا بأنفسنا! فنعترف بأننا نزعم الموالاة والتشيع - تلك الدرجة العالية الرفيعة - في حين لا نزال نرتكب الخطايا والذنوب التي تنزع عنا هذه الصفة الجليلة.
ولا نعترف بذلك، ولا نوجّه هذه الصعقة لأنفسنا إلا أثناء زيارتنا للزهراء سلام الله عليها دون سائر المعصومين سلام الله عليهم. لهذا تكون هذه الزيارة مغايرة، ولهذا نقول أنها تحرّك كوامن الضمير وتستثير المشاعر وتدفعنا نحو محاسبة النفس أكثر.
مع هذا؛ يعطينا نصّ الزيارة بارقة أمل عندما نمضي بتلاوة سائر الكلمات: {وزعمنا أنا لك أولياء، ومصدّقون وصابرون، لكل ما أتانا به أبوك صلّى الله عليه وآله، وأتانا به وصيّه سلام الله عليه، فإنا نسألك إن كنّا صدّقناك؛ إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما، لنبشِّر أنفسنا بأنّا قد طهُرنا بولايتك}!
سبحان الله!
تكون الزهراء البتول سلام الله عليها هي المسؤولة عن إلحاقنا بأبيها صلّى ‏الله ‏عليه‏ وآله وبعلها سلام الله عليه، ويكون قيد الشرط في كلّ ذلك تصديقها هي! فما أروع هذا المقام الفاطميّ الشامخ!
ثم دع خيالك يسرح الآن في أرحب فضاء وأنت تردد: {لنبشِّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك}! وفكّر في سرّ هذا التطهير الإكسيري النابع عن ولاية فاطمة سيدة نساء العالمين! أهو تطهير طريقي أم موضوعيّ بحد ذاته؟ أهو تطهير تكويني؟ أم هو تطهير شرعي حكمي؟ أم هذه كلّها مجتمعة؟ أم هو تطهير من جنس خاص يغيب عن محتوى معرفتنا القاصرة؟!
نحن نعرف أنّ من يتعدّى حدود الله تعالى، بشرب الخمر مثلاً والعياذ بالله، لا بد له من أن يتطهّر، فيكون تطهيره بإقامة الحدّ عليه، ولهذا نجد في التاريخ أن بعض من الذين تعدّوا الحدود كانوا يذهبون إلى رسول الله أو أمير المؤمنين سلام الله عليه ويقولون: {يا رسول الله طهّرنا.. يا أمير المؤمنين طهّرنا..} وهم يقصدون إقامة الحدّ عليهم في الدنيا لئلاّ تبقى تلك المعصية مسجَّلة في صحائف أعمالهم يوم القيامة فيؤاخذوا عليها ويزجّ بهم في النار، نستجير بالله تعالى منها. فهل ولاية الزهراء سلام الله عليها ضرب من هذا القبيل، أعني أنها كالحدّ الذي يطهّر صاحبه مما اقترفه من صغائر الذنوب وعظائمها؟
لعلّ أحداً يُشكل على ذلك القول بأنّ الحدّ ضرب من العذاب، فكيف يشبَّه بولاية الزهراء سلام الله عليها؟ والجواب: إنما كان التشبيه من جهة كونه تطهيراً لا من هذه الجهة، فما ولايتهم إلا أحلى من الشهد والعسل، إلا أن فيها عذاباً أيضاً! لأن من يواليهم حقّاً يتعرّض إلى صنوف الجور والظلم في الدنيا، كما ورد عن مولانا الأمير سلام الله عليه: {من أحبّنا أهل البيت فليستعدَّ للبلاء}! (البحار ج8 ص740 والغارات ج2 ص588 وشرح النهج ج1 ص371).
ورحم الله الفقيه السيد ناصر حسين الموسوي الهندي الذي قال:

إن كنت من شيعة الهادي أبي حسن

حــــقّاً فـــأعدد لـــريب الــدهر تجنــافـــا

إنّ الـــبلاء نـــصـــيب كــــلّ شـــيعـــته

فـــاصبـــر ولا تـــكُ عـــند الـهم منــصافا

نحن ملوّثون بالمعاصي والذنوب والموبقات، فكيف تطهّرنا ولاية الزهراء سلام الله عليها؟ هل المعنى من هذا التطهير أنّ ولايتها تقودنا طريقياً نحو الامتناع عن اقتراف الذنوب والبعد عن المحرّمات بالنظر إلى التزامنا بأوامرها ونواهيها؟ أم هل المعنى أنه مادة موضوع مستقل يحطّ الذنوب حطّاً كالاستغفار مثلاً؟ أم هل المعنى أنه يغيّر تكوينياً من أرواحنا وينقّيها من نوازع الشرّ ويغذّي نوازع الخير فيتحقّق التطهير؟ أم هو حكم شرعيّ خاصّ كطهارة المؤمن مقابل نجاسة الكافر؟ أم ماذا.. وماذا؟!
يبقى الخيال سارحاً في هذه الكلمة وهذه البشارة العظيمة، ويبقى الباب مفتوحاً أمام جميع التفسيرات والاحتمالات المعنوية، لكنه شيء يأتينا من وراء الغيب.. والأمل هو أن نبشّر أنفسنا بأننا قد طهرنا بولاية فاطمة سلام الله عليها.
هكذا نجد أن زيارة الزهراء تختلف عن زيارة سائر المعصومين سلام الله عليهم، وهكذا نجد أن خطاب الزهراء يختلف عن خطاب من عداها، وهكذا نجد أن المعاني التي جاءت للزهراء تختلف عن المعاني التي جاءت لغير من أهل بيتها. وإننا لو بحثنا في طول وعرض الأخبار والآثار لما وجدنا لهذه العبارات مثيلاً بالنسبة لأيّ من المعصومين سلام الله عليهم.. إلا الزهراء البتول أم أبيها روحي فداها.
وهذا كان نموذجاً واحداً فقط يدلّل على ما ذهبنا إليه في صدر الموضوع من أن شمس الزهراء تتلألأ بشكل استثنائي خاصّ يتميز عن سائر الشموس المحمدية العلوية. وإلا فالأمثلة كثيرة في هذا المضمار، وسنرى مع قليل من البحث والفحص أن ما جاء في الزهراء لم يجئ في غيرها. فإن الله تعالى قد نادى في الملأ الأعلى: {أنا الفاطر وهي فاطمة.. وبنورها ظهرت الأشياء من الفاتحة إلى الخاتمة}!! (الخصائص الفاطمية ص1).
..صلى الله على البتول الزهراء التي بولايتها تطهر نفوسنا، وعلى أبيها وبعلها وبنيها، ولعنة الله على أعدائها وأعدائهم إلى يوم الفصل والحساب، آمين يا رب الأرباب.

 

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم