نفحات فاطميّة

فاطمة عليها السلام تتفقّد أباها

نور فاطمة عليها السلام

الزوجة والحياة الزوجية

إلهي سمّيتني فاطمة

الفائزون في القيامة

مولد الزهراء سلام الله عليها

السعيد حقّاً

سليني أعطك

فاطمة حوراء انسية

الصلاة على فاطمة عليها السلام

محبّوا فاطمة عليها السلام وعترتها

رائحتها رائحة الجنّة

العطر المخصوص لفاطمة عليها السلام

أحببت أن يعرف قدري

خلقت من تفاحة الجنّة

في الحياة وبعدها

مقام فاطمة عليها السلام في القيامة

أسماؤها صلوات الله عليها

لا أبكى الله عينيك

خصال شيعتنا

 

 

عزيزي الزائر!

ستقرأ فيما يلي باقات عطرة من كلمات سيّدة نساء العالمين، وبضعة سيّد الأوّلين والآخرين، وأُمّ الأئمّة الطاهرين، سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها. إنتخبناها لك من كتاب (كلمة فاطمة الزهراء) لمؤلّفه الأديب اللامع، والشاعر الفذّ، والخطيب المفوّه، والعالِم العامل، والفقيه المعمّم، والشهيد المظلوم السيّد حسن الشيرازي قدّس سرّه الذي أُغتيل وهو في قمّة العطاء الأدبيّ والفقهي، والفكري والثقافي على يد عصابة الإجرام والفساد البعثيين المجرمين من زمرة صدام السفّاح عام 1980 ميلادية في العاصمة اللبنانية بيروت.

فاطمة عليها السلام تتفقّد أباها

قالت فاطمة عليها السلام لرسول الله صلّى الله عليه وآله:
ياأبتاه أين ألقاك يوم الموقف الأعظم ويوم الأهوال ويوم الفزع الأكبر؟
قال: يافاطمة عند باب الجنّة ومعي لواء الحمد وأنا الشفيع لأُمّتي إلى ربّي.
قالت: ياأبتاه فإن لم ألقك هناك؟
قال: القيني على الحوض وأنا أسقي أُمّتي.
قالت: ياأبتاه إن لم ألقك هناك؟
قال: القيني على الصراط وأنا قائم أقول: ربّ سلّم أُمّتي.
قالت: فإن لم ألقك هناك؟
قال: القيني وأنا عند الميزان أقول: ربّ سلّم أُمّتي.
قالت: فإن لم ألقك هناك؟
قال: القيني على شفير جهنّم أمنع شررها ولهبها عن أُمّتي، فاستبشرت فاطمة بذلك، صلّى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.

إلهي سمّيتني فاطمة

عن محمّد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لفاطمة عليها السلام وقفة على باب جهنّم، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كلّ رجل مؤمن أو كافر، فيؤمر بمحبّ قد كثرت ذنوبه إلى النار فتقرأ فاطمة بين عينه محبّاً، فتقول:
إلهي وسيّدي سمّيتني فاطمة وفطمت بي من تولاّني وتولّى ذرّيتي من النار، ووعدك الحقّ وأنت لا تخلف الميعاد.
فيقول الله عزّوجلّ: صدقت يافاطمة، إنّي سمّيتك فاطمة وفطمت بك من أحبّك وتولاّك وأحبّ ذريتك وتولاّهم من النار، ووعدي الحقّ وأنا لا أُخلف الميعاد.
وإنّما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأُشفّعك ليتبيّن لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك منّي ومكانتك عندي، فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فخذي بيده وأدخليه الجنّة.

السعيد حقّاً

قالت فاطمة صلوات الله عليها: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله عشيّة عرفة فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بكم وغفر لكم عامّة ولعلي خاصّة، وإنّي رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي هذا جبرئيل يخبرني أنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد: من أحبّ علياً في حياته وبعد موته، وإنّ الشقيّ كلّ الشقيّ حقّ الشقيّ: من أبغض علياً في حياته وبعد وفاته.

الصلاة على فاطمة عليها السلام

عن علي عليه السلام عن فاطمة سلام الله عليها: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يافاطمة من صلّى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنّة.

العطر المخصوص لفاطمة عليها السلام

عن زيد عن أبيه علي بن الحسين بن علي سلام الله عليهم قال: حدّثتني فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليهما وآلهما قالت: لمّا أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله نسائه أن يزيّنّ ويصلحن من شأن فاطمة، قالت أُمّ سلمة: فسألت فاطمة: هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك؟ قالت: نعم، فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قطّ، فقلت: ما هذا؟ فقالت:
كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله فيقول لي: يافاطمة هات الوسادة فاطرحيها لعمّك، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه.
فسأل علي عليه السلام رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ذلك، فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل.

في الحياة وبعدها

عن يزيد بن عبدالملك، عن أبيه، عن جدّه قال: دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني بالسلام ثمّ قالت:
ما غدا بك؟
قلت: طلب البركة.
قالت: أخبرني أبي وهو ذا هو أنّه من سلّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنّة.
قلت لها: في حياته وحياتك؟
قالت: نعم وبعد موتنا.

لا أبكى الله عينيك

عن ابن عباس عن سلمان الفارسي قال: كنت واقفاً بين يدي رسول الله أسكب الماء على يديه، إذ دخلت فاطمة وهي تبكي، فوضع النبي صلّى الله عليه وآله يده على رأسها، وقال: ما يبكيك؟ لا أبكى الله عينيك ياحوريّة. قالت:
مررت على ملأ من نساء قريش وهنّ مخضّبات، فلمّا نظرن إليّ وقعوا فيّ، وفي ابن عمّي، فقال لها: وما سمعت منهنّ؟
قالت: قلن: كان قد عزّ على محمّد أن يزوّج ابنته من رجل فقير قريش وأقلّهم مالاً.
فقال لها: - والله يابنيّة، ما زوّجتك، ولكنّ الله زوّجك من علي، فكان بدوه منه.
وذلك أنّه خطبك فلان وفلان فعند ذلك جعلت أمرك إلى الله تعالى وأمسكت عن الناس، فبينا صلّيت يوم الجمعة صلاة الفجر إذ سمعت حفيف الملائكة، وإذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفّاً من الملائكة متوّجين، مقرّطين مدملجين.
فقلت: ما هذه القعقعة من السماء ياأخي جبرئيل؟
فقال: يامحمّد! إنّ الله عزّ وجلّ اطّلع إلى الأرض اطّلاعة، فاختار منها من الرجال علياً عليه السلام، ومن النساء فاطمة عليها السلام، فزوّج فاطمة من علي.
فرفعت رأسها وتبسّمت بعد بكائها، وقالت: رضيت بما رضي الله ورسوله.
فقال صلّى الله عليه وآله: ألا أُزيدك يافاطمة، في علي رغبة؟
قالت: بلى.
قال: لا يرد على الله عزّ وجلّ ركبان أكرم منّا أربعة:
أخي صالح على ناقته، وعمّي حمزة على ناقتي العضباء، وأنا على البراق، وبعلك علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة.
فقالت: صف لي الناقة من أي شيء خلقت؟
قال: ناقة خلقت من نورالله عزّ وجلّ، مدبجة الجنبين، صفراء، حمراء الرأس، سوداء الحدق، قوائمها من الذهب، خطامها من اللؤلؤ الرطب، عيناها من الياقوت، وبطنها من الزبرجد الأخضر، عليها قبّة من لؤلؤة بيضاء، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، خلقت من عفو الله عزّ وجلّ.
تلك الناقة من نوق الله، لها سبعون ألف ركن، بين الركن والركن سبعون ألف ملك، يسبّحون الله عزّ وجلّ بألوان التسبيح، لا يمرّ على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا: من هذا العبد؟ ما أكرمه على الله عزّ وجلّ أتراه نبيّاً مرسلاً، أو ملكاً مقرّباً، أو حامل عرش، أو حامل كرسي؟!
فينادي منادٍ من بطنان العرش: أيّها الناس! ليس هذا بنبي مرسل، ولا ملك مقرّب، هذا علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، فيبدرون رجالاً رجالاً، فيقولون:
إنّا لله وإنّا إليه راجعون، حدّثونا فلم نصدّق، ونصحونا فلم نقبل، والذين يحبّونه تعلّقوا بالعروة الوثقى، كذلك ينجون في الآخرة.
يافاطمة! ألا أزيدك في علي رغبة؟
قالت: زدني ياأبتاه.
قال النبي صلّى الله عليه وآله: إنّ علياً أكرم على الله من هارون، لأنّ هارون أغضب موسى، وعلي لم يغضبني قطّ، والذي بعث أباك بالحقّ نبياً ما غضبت عليه يوماً قطّ، وما نظرت في وجه علي إلاّ ذهب الغضب عنّي، يافاطمة! ألا أزيدك في علي رغبة؟
قالت: زدني يانبي الله!
قال: هبط عليّ جبرئيل وقال: يامحمّد! اقرأ علياً من السلام، السلام.
فقامت فاطمة عليها السلام وقالت:
رضيت بالله ربّاً، وبك ياأبتاه نبياً، وبابن عمّي بعلاً وولياً.

نور فاطمة عليها السلام

روي عن حارثة بن قدامة، قال: حدّثني سلمان، قال: حدّثني عمّار، قال: أُخبرك عجباً؟ قلت: حدّثني ياعمّار! قال: نعم، شهدت علي بن أبي طالب عليه السلام وقد ولج على فاطمة عليها السلام، فلمّا أبصرت به نادت:
أُدنُ لأُحدّثك بما كان، وبما هو كائن، وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة.
قال عمّار: فرأيت أمير المؤمنين عليه السلام يرجع القهقرى، فرجعت برجوعه إذ دخل على النبي صلّى الله عليه وآله، فقال له: أُدنُ ياأبا الحسن، فدنا، فلمّا أطمأنّ به المجلس، قال له:
تحدّثني أم أُحدّثك؟ قال: الحديث منك أحسن يارسول الله.
فقال: كأنّي بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك: كيت وكيت فرجعت.
فقال علي عليه السلام: نور فاطمة من نورنا؟ فقال صلّى الله عليه وآله: أو لا تعلم؟
فسجد علي عليه السلام شكراً لله تعالى.
قال عمّار: فخرج أمير المؤمنين عليه السلام وخرجت بخروجه، فولج على فاطمة عليها السلام وولجت معه، فقالت: كأنّك رجعت إلى أبي صلّى الله عليه وآله فأخبرته بما قلته لك.
قال: كان كذلك يافاطمة.
فقالت: اعلم ياأبا الحسن! إنّ الله تعالى خلق نوري وكان يسبّح الله جلّ جلاله.
ثمّ أودعه شجرة من شجر الجنّة، فأضاءت، فلمّا دخل أبي الجنّة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً: أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة، وأدرها في لهواتك. ففعل.
فأودعني الله سبحانه صلب أبي صلّى الله عليه وآله، ثمّ أودعني خديجة بنت خويلد، فوضعتني، وأنا من ذلك النور، أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، ياأبا الحسن! المؤمن ينظر بنور الله تعالى.

الفائزون في القيامة

قالت فاطمة صلوات الله وسلامه عليها: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: لمّا أُسري بي إلى المساء دخلت الجنّة فإذا أنا بقصر من درّة بيضاء مجوّفة، وعليها باب مكلّل بالدرّ والياقوت، وعلى الباب ستر فرفعت رأسي.
فإذا مكتوب على الباب: «لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، علي ولي القوم» وإذا مكتوب على الستر: «بخّ بخّ، من مثل شيعة علي؟».
فدخلته فإذا أنا بقصر من عقيق أحمر مجوّف، وعليه باب من فضّة مكلّل بالزبرجد الأخضر، وإذا على الباب ستر، فرفعت رأسي.
فإذا مكتوب على الباب: «محمّد رسول الله، علي وصي المصطفى».
وإذا على الستر مكتوب: «بشّر شيعة علي بطيب المولد».
فدخلته فإذا أنا بقصر من زمرّد أخضر مجوّف لم أر أحسن منه، وعليه باب من ياقوتة حمراء مكلّلة باللؤلؤ وعلى الباب ستر، فرفعت رأسي.
فإذا مكتوب على الستر: «شيعة علي هم الفائزون».
فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذا؟ فقال: يامحمّد! لابن عمّك ووصيّك علي بن أبي طالب عليه السلام يحشر الناس كلّهم يوم القيامة حفاةً عراةً إلاّ شيعة علي.
ويدعى الناس بأسماء أُمّهاتهم ما خلا شيعة علي عليه السلام فإنّهم يدعون بأسماء آبائهم.
فقلت: حبيبي جبرئيل، وكيف ذاك؟ قال: لأنّهم أحبّوا علياً فطاب مولدهم.

سليني أعطك

عن ابن عبّاس قال: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: يامعشر الخلائق، غضّوا أبصاركم حتّ تمرّ فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله. فتكون أوّل من تكسى، ويستقبلها من الفردوس اثنتا عشرة ألف حوراء لم يستقبلن أحداً قبلها ولا أحداً بعدها، على نجائب من ياقوت، أجنحتها وأزمتها اللؤلؤ، عليها رحائل من درّ، على كلّ رحالة منها نمرقة من سندس، وركائبها زبرجد؛ فيجوزون بها الصراط، حتّى ينتهون بها إلى الفردوس، فيتباشر بها أهل الجنان؛ وفي بطنان الفردوس قصور بيض، وقصور صفر، من لؤلؤة من غرز واحد. وإنّ في القصور البيض لسبعين ألف دار، منازل محمّد وآله صلوات الله عليهم. وإنّ في القصور الصفر لسبعين ألف دار، مساكن إبراهيم وآله عليهم السلام. فتجلس على كرسي من نور ويجلسن حولها، ويبعث إليها ملك لم يبعث إلى أحد قبلها ولا يبعث إلى أحد بعدها فيقول: إنّ ربّك يقرئك السلام ويقول: سليني أعطك؛ فتقول:
قد أتمّ عليّ نعمته، وهنّاني كرامته، وأباحني جنّته، أسأله ولدي وذرّيتي ومن ودّهم بعدي، وحفظهم من بعدي. فيوحي الله إلى الملك من غير أن يزول من مكانه: أن سرّها وبشّرها أنّي قد شفّعتها في ولدها، ومن ودّهم بعدها وحفظهم فيها.
فتقول: الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن وأقرّ عيني.

محبّوا فاطمة عليها السلام وعترتها

عن أبي ذرّ قال: رأيت سلمان وبلال يقبلان إلى النبي صلّى الله عليه وآله ... فقال له سلمان: يامولاي، سألتك بالله إلاّ أخبرتني بفضائل فاطمة عليها السلام يوم القيامة؟ قال: فأقبل النبي صلّى الله عليه وآله ضاحكاً مستبشراً، ثمّ قال: والذي نفسي بيده إنّها الجارية التي تجوز في عرصة القيامة على ناقة رأسها من خشية الله، وعيناها من نور الله، وخطامها من جلال الله، وعنقها من بهاء الله وسنامها من رضوان الله، وذنبها من قدس الله، وقوائمها من مجد الله؛ إن مشت سبّحت، وإن رغت قدّست، عليها هودج من نور فيه جارية إنسيّة حوريّة عزيزة، جمعت فخلقت، وصنعت ومثّلت من ثلاثة أصناف: فأوّلها من مسك أذفر، وأوسطها من العنبر الأشهب، وآخرها من الزعفران الأحمر عجنت بماء الحيوان، لو تفلت تفلة في سبعة أبحر مالحة لعذبت؛ ولو أخرجت ظفر خنصرها إلى دار الدنيا لغشي الشمس والقمر، جبرئيل عن يمينها، وميكائيل عن شمالها، وعلي أمامها، والحسن والحسين وراءها – والله – يكلؤها ويحفظها. فيجوزون في عرصة القيامة فإذا النداء من قبل الله جلّ جلاله: معاشر الخلائق، غضّوا أبصاركم ونكّسوا رؤوسكم، هذه فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله نبيّكم، زوجة علي إمامكم، أُمّ الحسن والحسين. فتجوز الصراط وعليها ريطتان بيضاوان فإذا دخلت الجنّة ونظرت إلى ما أعدّ الله لها من الكرامة قرأت:
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور * الذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب﴾.
قال: فيوحي الله عزّ وجلّ إليها: يافاطمة، سليني أعطك، وتمنّي عليّ أرضك.
فتقول: إلهي أنت المنى وفوق المنى، أسألك أن لا تعذّب محبّي ومحبّ عترتي بالنار. فيوحي الله إليها:
يافاطمة، وعزّتي وجلالي وإرتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا أُعذّب محبّيك ومحبّي عترتك بالنار.

أحببت أن يعرف قدري

قال جابر لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك يابن رسول الله، حدّثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة عليها السلام إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك. قال أبو جعفر عليه السلام: حدّثني أبي، عن جدّي، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: إذا كان يوم القيامة – إلى أن قال – فيقول الله تعالى: ياأهل الجمع، إنّي قد جعلت الكرم لمحمّد وعلي والحسن والحسين وفاطمة، ياأهل الجمع، طأطئوا الرؤوس، وغضّوا الأبصار، فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة ... فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت، فيقول الله: يابنت حبيبي، ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنّتي؟ فتقول:
ياربّ، أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم.
فيقول الله: يابنت حبيبي، ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذرّيتك خذي بيده فأدخليه الجنّة.
فقال أبو جعفر عليه السلام: - والله ياجابر، إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الردئ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة، يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا، فيقول الله عزّوجلّ:
ياأحبّائي، ما التفاتكم وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي؟
فيقولون: ياربّ، أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم.
فيقول الله: ياأحبّائي، ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة، انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة، انظروا من كساكم لحبّ فاطمة، انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة، خذوا بيده وأدخلوه الجنّة.
قال أبو جعفر عليه السلام: - والله – لا يبقى في الناس إلاّ شاكّ أو كافر أو منافق.
فإذا صاروا بين الطبقات، نادوا كما قال الله تعالى:
﴿فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم﴾.
فيقولون: ﴿فلو أنّ لنا كرّة فنكون من المؤمنين﴾.
قال أبو جعفر عليه السلام: هيهات هيهات، منعوا ما طلبوا.
﴿ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون﴾.

مقام فاطمة عليها السلام في القيامة

سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله ذات يوم على فاطمة عليها السلام وهي حزينة، فقال لها: ما حزنك يابنيّة؟ قالت:
ياأبة، ذكرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة.
قال: يابنيّة، إنّه ليوم عظيم، ولكن قد أخبرني جبرئيل عليه السلام عن الله عزّوجلّ أنّه قال: أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة أنا، ثمّ أبي إبراهيم، ثمّ بعلك علي بن أبي طالب عليه السلام، ثمّ يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور.
ثمّ يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فينادينّك: يافاطمة بنت محمّد، قومي إلى محشرك، فتقومين آمنة روعتك، مستورة عورتك.
فيناولك إسرافيل الحلل فتلبسينها، ويأتيك روفائيل بنجيبة من نور، زمامها من لؤلؤ رطب، عليها محفّة من ذهب، فتركبينها، ويقود روفائيل بزمامها.
وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح.
فإذا جدّ بك السير، استقبلتك سبعون ألف حوراء، يستبشرن بالنظر إليك، بيد كلّ واحدة منهنّ مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهنّ أكاليل الجوهر مرصّع بالزبرجد الأخضر، فيسرن عن يمينك.
فإذا سرت مثل الذي سرت من قبرك إلى أن لقينك، استقبلتك مريم بنت عمران في مثل من معك من الحور، فتسلّم عليك، وتسير هي ومن معها عن يسارك.
ثمّ تستقبلك أُمّك خديجة بنت خويلد أوّل المؤمنات بالله ورسوله.
ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التكبير.
فإذا قربت من الجمع، استقبلتك حوّاء في سبعين ألف حوراء، ومعها آسية بنت مزاحم، فتسير هي ومن معها معك، فإذا توسّطت الجمع – .
وذلك أنّ الله يجمع الخلائق في صعيد واحد – فيستوي بهم الأقدام إليك.
ثمّ ينادي منادٍ من تحت العرش يسمع الخلائق:
غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة الصدّيقة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله ومن معها.
فلا ينظر إليك يومئذ إلاّ إبراهيم خليل الرحمان عليه السلام.
وعلي بن أبي طالب، ويطلب آدم حوّاء فيراها مع أُمّك خديجة أمامك.
ثمّ ينصب لك منبر من النور، فيه سبع مراق، بين المرقاة إلى المرقاة صفوف الملائكة بأيديهم ألوية النور، ويصطفّ الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره.
وأقرب النساء عنك (معك) عن يسارك حوّاء وآسية.
فإذا صرت في أعلى المنبر أتاك جبرئيل عليه السلام فيقول لك: يافاطمة، سلي حاجتك. فتقولين:
ياربّ، أرني الحسن والحسين. فيأتياك وأوداج الحسين تشخب دماً.
وهو يقول: ياربّ، خذ لي اليوم حقّي ممّن ظلمني.
فيغضب عند ذلك الجليل، وتغضب لغضبه جهنّم والملائكة أجمعون، فتزفر جهنّم عند ذلك زفرة، ثمّ يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبناءهم، ويقولون: ياربّ: إنّا لم نحضر الحسين عليه السلام.
فيقول الله لزبانية جهنّم: خذوهم بسيماهم، بزرقة الأعين وسواد الوجوه، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الأسفل من النار.
فإنّهم كانوا أشدّ على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلوه، فيسمع شهيقهم في جهنّم.
ثمّ يقول جبرئيل عليه السلام: يافاطمة، سلي حاجتك.
فتقولين: ياربّ، شيعتي، فيقول الله عزّوجلّ: قد غفرت لهم.
فتقولين: ياربّ، شيعة ولدي، فيقول الله: قد غفرت لهم.
فتقولين: ياربّ، شيعة شيعتي، فيقول الله: انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنّة، فعند ذلك يودّ الخلائق أنّهم كانوا فاطميين.
فتسيرين ومعك شيعتك، وشيعة ولدك، وشيعة أمير المؤمنين، آمنة روعاتهم، مستورة عوراتهم، قد ذهبت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لا يظمأون.
فإذا بلغت باب الجنّة، تلقّتك اثنتا عشرة ألف حوراء، لم يتلقّين أحداً (كان) قبلك ولا يتلقّين أحداً كان بعدك، بأيديهم حراب من نور، على نجائب من نور، رحائلها (حمائلها) من الذهب الأصفر والياقوت، أزمّتها من لؤلؤ رطب، على كلّ نجيب نمرقة من سندس منضود.
فإذا دخلت الجنّة تباشر بك أهلها، ووضع لشيعتك موائد من جوهر على أعمدة من نور، فيأكلون منها والناس في الحساب ﴿وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون﴾.

فإذا استقرّ أولياء الله في الجنّة زارك آدم ومن دونه من النبيين.
وإنّ في بطنان الفردوس لؤلؤتان من عرق واحد، لؤلؤة بيضاء ولؤلؤة صفراء، فيهما قصور ودور، في كلّ واحدة سبعون ألف دار، فالبيضاء منازل لنا ولشيعتنا، والصفراء منازل لإبراهيم وآل إبراهيم عليهم السلام.
قالت: ياأبة، فما كنت أُحبّ أن أرى يومك و «لا» أبقى بعدك.
قال: يابنيّة، لقد أخبرني جبرئيل عن الله عزّوجلّ: أّنّكِ أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فالويل كلّه لمن ظلمك، والفوز العظيم لمن نصرك.
قال عطاء: وكان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية:
﴿والذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيتهم وما التناهم من عملهم من شيء كلّ امرئ بما كسب رهين﴾.

خصال شيعتنا

قال رجل لأمرأته: اذهبي إلى فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله فسليها عنّي أنا من شيعتكم أو لستُ من شيعتكم؟ فسألتها فقالت ما قال لها زوجها. فقالت فاطمة عليها السلام:
قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك وتنتهي عمّا زجرناكم عنه، فأنت من شيعتنا وإلاّ فلا، فرجعت فأخبرته.
فقال: ياويلي ومن ينفكّ من الذنوب والخطايا، فأنا إذاً خالد في النار، فإنّ من ليس من من شيعتهم فهو خالد في النار.
فرجعت المرأة فقالت لفاطمة عليها السلام: ما قال لها زوجها فقالت فاطمة عليها السلام: قولي له: ليس هكذا فإنّ شيعتنا من خيار أهل الجنّة وكلّ محبّينا وموالي أولياءنا ومعادي أعداءنا والمسلم بقلبه ولسانه لنا ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات وهم مع ذلك في الجنّة، ولكن بعدما يطهّرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها أو في الطبق الأعلى من جهنّم بعذابها إلى أن نستنقذهم – بحبّنا – منها وننقلهم إلى حضرتنا.

الزوجة والحياة الزوجية

دخل رسول الله صلّى الله عليه على فاطمة الزهراء عليها فوجدها تطحن شعيراً وهي تبكي، فقال لها: ما الذي أبكاك يافاطمة؟ لا أبكى الله لكِ عيناً؟
فقالت عليها السلام: أبكاني مكابدة الطحين، وشغل البيت وأنا حامل، فلو سألت علينا اشتر لي جارية تساعدني على الطحين، وشغل البيت.
فجلس النبي صلّى الله عليه وآله فقال: بسم الله الرحمن الرحيم ... يافاطمة! لو شاء الله سبحانه وتعالى لطحنت الرحى وحدها.
وكذلك أراد الله تعالى أن يكتب لك الحسنات، ويمحو عنك السيّئات، ويرفع لك الدرجات في الجنّة في احتمال الأذى والمشقّات.
يافاطمة! ما من امرأة طحنت بيديها إلاّ كتب الله لها بكلّ حبّة حسنة، ومحا عنها بكلّ حبّة سيّئة.
يافاطمة! ما من امرأة عرقت عند خبزها، إلاّ جعل الله بينها وبين جهنّم سبعة خنادق من الرحمة.
يافاطمة! ما من امرأة غسلت قدرها، إلاّ غسلها الله من الذنوب والخطايا.
يافاطمة! ما من امرأة نسجت ثوباً إلاّ كتب الله لها بكلّ خيط واحد مائة حسنة، ومحا عنها مائة سيّئة.
يافاطمة! أفضل أعمال النساء المغازل.
يافاطمة! ما من امرأة برمت مغزلها إلاّ كان له دويّ تحت العرش، فتستغفر لها الملائكة في السماء.
يافاطمة! ما من امرأة غزلت لتشتري لأولادها أو عيالها، إلاّ كتب الله لها ثواب من أطعم الف جائع، وأكسى ألف عريان.
يافاطمة! ما من أمرأة دهّنت رؤوس أولادها، وسرّحت شعورهم، وغسلت ثيابهم وقتلت قمّلهم إلاّ كتب الله لها بكلّ شعرة حسنة، ومحا عنها بكلّ شعرة سيّئة، وزيّنها في أعين الناس أجمعين.
يافاطمة! ما من امرأة منعت حاجة جارتها إلاّ منعها الله الشرب من حوضي يوم القيامة.
يافاطمة! خمسة من الماعون لا يحلّ منعهنّ: الماء، والنار، والخمير، والرحى والإبرة. ولكلّ واحد منهنّ آفة، فمن منع الماء بُلي بعلّة الإستسقاء، ومن منع الخمير بُلي بالغاشية، ومن منع الرحى بُلي بصداع الرأس، ومن منع الإبرة بُلي بالمغص.
يافاطمة! أفضل من ذلك كلّه رضا الله، ورضا الزوج عن زوجته.
يافاطمة! والذي بعثني بالحقّ بشيراً ونذيراً لو مُتِّ. وزوجك غير راضٍ عنك، ما صلّيت عليك.
يافاطمة! أما علمت أنّ رضا الزوج من رضا الله، وسخط الزوج من سخط الله؟
يافاطمة! طوبى لامرأة رضي عنها زوجها، ولو ساعة من النهار.
يافاطمة! ما من امرأة رضي عنها زوجها يوماً وليلة، إلاّ كان لها عند الله أفضل من عبادة سنة واحدة صيامها وقيامها.
يافاطمة! ما من امرأة رضي عنها زوجها ساعة من النهار، إلاّ كتب الله لها بكلّ شعرة في جسمها حسنة، ومحا عنها بكلّ شعرة سيّئة.
يافاطمة! إنّ أفضل عبادة المرأة في شدّة الظلمة أن تلتزم بيتها.
يافاطمة! أي امرأة رضي عنها زوجها لم تخرج من الدنيا حتّى ترى مقعدها في الجنّة، ولا تخرج روحها من جسدها حتّى تشرب من حوضي.
يافاطمة! ما من امرأة ماتت على طاعة زوجها إلاّ وجبت لها الجنّة.
يافاطمة! امرأة بلا زوج كدار بلا باب، امرأة بلا زوج كشجرة بلا ثمرة.
يافاطمة! جلسة بين يدي الزوج أفضل من عبادة سنة، وأفضل من طواف.
إذا حملت المرأة تستغفر لها الملائكة في السماء والحيتان في البحر، وكتب الله لها في كلّ يوم ألف حسنة، ومحا عنها ألف سيّئة.
فإذا أخذها الطلق كتب الله لها ثواب المجاهدين وثواب الشهداء والصالحين، وغُسلت من ذنوبها كيوم ولدتها أُمّها، وكتب الله لها ثواب سبعين حجّة.
فإن أرضعت ولدها كتب الله لها بكلّ قطرة من لبنها حسنة، وكفّر عنها سيّئة، واستغفر لها الحور العين في جنّات النعيم.
يافاطمة! ما من امرأة عبست في وجه زوجها، إلاّ غضب الله عليها وزبانية العذاب.
يافاطمة! ما من امرأة منعت زوجها في الفراش، إلاّ لعنها كلّ رطب ويابس.
يافاطمة! ما من امرأة قالت لزوجها: أُفّاً لك، إلاّ لعنها الله من فوق العرش والملائكة والناس أجمعين.
يافاطمة! ما من امرأة خفّفت عن زوجها من كآبته درهماً واحداً، إلاّ كتب الله لها بكلّ درهم واحد قصراً في الجنّة.
يافاطمة! ما من امرأة صلّت فرضها ودعت لنفسها ولم تدعُ لزوجها، إلاّ ردّ الله عليها صلاتها، حتّى تدعو لزوجها.
يافاطمة! ما من امرأة غضب عليها زوجها ولم تسترض منه حتّى يرضى، إلاّ كانت في سخط الله وغضبه، حتّى يرضى عنها زوجها.
يافاطمة! ما من امرأة لبست ثيابها وخرجت من بيتها بغير إذن زوجها، إلاّ لعنها كلّ رطب ويابس حتّى ترجع إلى بيتها.
يافاطمة! ما من امرأة نظرت إلى وجه زوجها ولم تضحك له، إلاّ غضب الله عليها في كلّ شيء.
يافاطمة! ما من امرأة كشفت وجهها لغير زوجها، إلاّ أكبّها الله على وجهها في النار.
يافاطمة! ما من امرأة أدخلت إلى بيتها ما يكره زوجها، إلاّ أدخل الله في قبرها سبعين حيّة وسبعين عقربة، يلدغونها إلى يوم القيامة. يافاطمة! ما من امرأة صامت صيام التطوّع ولم تستشر زوجها، إلاّ ردّ الله صيامها.
يافاطمة! ما من امرأة تصدّقت من مال زوجها، إلاّ كتب الله عليها ذنوب سبعين سارقاً فقالت له فاطمة عليها السلام:
ياأبتاه، متى تدرك النساء فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى؟ فقال لها: ألا أدلّك على شيء تدركين به المجاهدين وأنت في بيتك؟ فقالت: نعم ياأبتاه.
فقال: تصلّين في كلّ يوم ركعتين تقرئين في كلّ ركعة فاتحت الكتاب مرّة، و «قل هو الله أحد» ثلاث مرّات، فمن فعل ذلك كتب الله له ولها ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى.

مولد الزهراء سلام الله عليها

ولدت سيدتنا ومولاتنا فاطمة سلام الله عليها بمكّة المكرّمة يوم الجمعة في العشرين من جمادى الثانية بعد المبعث بخمس سنين كما ذكر ذلك الكليني وابن شهر آشوب وغيرهما من أئمّة التأريخ.
قال الكليني في الكافي بإسناده إلى حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر يقول: ولدت فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله بعد مبعوث رسول الله صلّى الله عليه وآله بخمس سنين وتوفّيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً وبقيت بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً.
وهناك أقوال مضطربة في ولادتها، ففي الإصابة إنّها ولدت بعد المبعث بسنة، وأقوال أُخرى لعلماء التاريخ، إنّها ولدت قبل المبعث بخمس سنين، وهو غير صحيح قطعاً.
أوّلاً لفضيلة الإسلام، وقد جاء في مروج الذهب للمسعودي: «ولد له صلّى الله عليه وآله بعد ما بعث «عبدالله» وهو الطاهر والطيّب؛ سمّي بثلاثة أسماء لأنّه ولد في الإسلام.
وقد اشتبه بعض المؤرخين وهو: صاحب أخبار الدول وآثار الأُول: أحمد بن يوسف الدمشقي الشهير بالقرماني إذ قال: (أولاد النبي صلّى الله عليه وآله) الذكور: القاسم، وبه كان يكنّى، ثمّ الطيّب ثمّ الطاهر، وعبدالله، وإبراهيم».
فجعل الطيّب والطاهر أولاداً للنبي صلّى الله عليه وآله.
وهما: أسماء لعبدالله، لأنّه ولد في الإسلام.
وجاء هذا الاشتباه أيضاً في سيرة ابن هشام، إذ قال في أولاده صلّى الله عليه وآله من خديجة: أكبر بنيه: القاسم؛ ثمّ الطيّب ثمّ الطاهر؛ ولم يذكر «عبدالله» وهما – كما أسلفنا – أسماء عبدالله لولادته في الإسلام؛ حسب ما أثبته لنا التاريخ.
فسمّي عبدالله الطيّب والطاهر، لفضيلة الإسلام، فولادة الإسلام فضيلة، وفاطمة عليها السلام هي أفضل ذرّية النبي صلّى الله عليه وآله وقد خصّها الله بجميع الفضائل، ولم تحرم من واحدة.
وفي الإصابة أنّها أصغر بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله، فهي أصغرهنّ سنّاً وأكبرهنّ شأناً وأحبّهنّ إليه ومنها نسله على حدّ قوله صلّى الله عليه وآله: «ذرّية كلّ نبي من صلبه وذرّيتي من إبنتي فاطمة».
وذرّيتها: الحسن والحسين والمحسن، وزينب وأُمّ كلثوم وسيأتي الكلام على ذلك مفصّلاً في الفصول الآتية.
ففاطمة عليها السلام ولدت في الإسلام، وحازت فضيلة ولادة الإسلام، وما قيل من أنّها ولدت قبل المبعث بخمس سنين؛ فهو غير صحيح، والأصحّ – كما أسلفنا – أنّها ولدت بعد المبعث بخمس سنين، لتواتره عندنا ومروي عن الإمام الباقر عليه السلام ذلك.
والاشتباه حصل من قبل ومن بعد، فبدّلت إحداهما بالأُخرى فعمرها الشريف يكون ثماني عشرة سنة، ثمانية في مكّة قبل الهجرة، وعشرة بالمدينة بعد الهجرة، وفي السنة الثانية من الهجرة اقترنت بعلي عليه السلام، فتنشطر حياتها شطرين، تسعة سنين عند أبيها صلّى الله عليه وآله، وتسعة سنين عند بعلها علي عليه السلام.
وزيادة في إثبات ولادتها في الإسلام وفضلها عليها السلام نورد بعض الأخبار التي يستشفّ من خلالها ذلك.

فاطمة حوراء انسية

جاء في معاني الأخبار، عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلق نور فاطمة، قبل أن تخلق الأرض والسماء، فقال بعض الناس: يانبي الله فليست هي إنسية! فقال: فاطمة حوراء إنسية. قال: يانبي الله، وكيف هي حوراء إنسية؟ قال: خلقها الله عزّوجلّ من نوره، قبل أن يخلق آدم، إذ كانت الأرواح، فلمّا خلق الله آدم، عرضت عليه. قيل يانبي الله وأين كانت فاطمة؟ قال: كانت في حقّة تحت ساق العرش. قالوا: يانبي الله، فما كان طعامها؟ قال: التسبيح والتهليل والتمجيد، فلمّا خلق الله آدم وأخرجني من صلبه، أحبّ الله عزّ وجلّ أن يخرجها من صلبي، جعلها تفّاحة في الجنّة، وأتاني بها جبرئيل، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، يامحمّد إنّ ربّك يقرئك السلام، قلت: منه السلام وإليه يعود السلام. قال: يامحمّد، إنّ هذه تفّاحة، أهداها الله عزّ وجلّ إليك من الجنّة فأخذتها وضممتها إلى صدري، قال: يامحمّد، يقول الله عزّ وجلّ: كلها، ففلقتها، فرأيت نوراً ساطعاً وفزعت منه، فقال: يامحمّد، ما لك لا تأكل؟ كلها، ولا تخف، فإنّ ذلك النور للمنصورة في السماء، وهي في الأرض فاطمة. قلت: حبيبي جبرئيل، لِمَ سمّيت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: سمّيت في الأرض فاطمة، لأنّها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبّها، وفي السماء المنصورة، وذلك قوله تعالى: ﴿يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء﴾. أي: أنصر فاطمة لمحبّيها.

رائحتها رائحة الجنّة

وفي العلل، عن ابن عباس، قال: دخلت عائشة على رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو يقبّل فاطمة، فقالت له: أتحبّها يارسول الله؟ قال: أما والله لو علمت حبّي لها، لأزددت لها حبّاً، إنّه لمّا عرج بي إلى السماء الرابعة، أذّن جبرئيل، وأقام ميكائيل ثمّ قيل لي أذّن يامحمّد. فقلت: أتقدّم وأنت بحضرتي ياجبرئيل؟ قال: نعم، إنّ الله عزّ وجلّ فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقرّبين، وفضّلك أنت خاصّة. فدنوت فصلّيت بأهل السماء الرابعة، ثمّ التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنّة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة، ثمّ إنّي صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت: يامحمّد، نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي، فلمّا صرت إلى الحجب أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنّة، فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي، فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال: هذه لأخيك علي بن أبي طالب عليه السلام والملكان يطويان له الحلي والحلل إلى يوم القيامة. ثمّ تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنّة شممت رائحة فاطمة.

المصطفى جبريل أطعمه

تفّاحـة فـي ليلة الأسرا

فتكوّنـت منـها لذاك غـدت

بين الـورى إنسـية حورا

فمن الحديث الأوّل والحديث الثاني سواء أكان بهبوط جبرئيل على النبي صلّى الله عليه وآله، وتقديمه له التفّاحة من الجنّة وانعقاد النطفة منها في الحديث الأوّل، أو عروج النبي صلّى الله عليه وآله إلى السماء وأكله الرطب وانعقاد النطفة منها في الحديث الثاني.
فالهبوط والعروج لا يكونان قبل المبعث، وإنّما هما بعد مبعثه صلّى الله عليه وآله هبط عليه جبرئيل، وبعد مبعثه عرج به صلّى الله عليه وآله إلى السماء.

خلقت من تفاحة الجنّة

وروى ابن شهر آشوب أيضاً وغيره بعدّة أسانيد من طرق العامّة والخاصّة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يكثر تقبيل فاطمة فأنكرت عليه عائشة، فقال صلّى الله عليه وآله: لمّا عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنّة فناولني رطبة من رطبها – وفي رواية تفّاحة – فأكلتها فتحوّل ذلك نطفة في صلبي فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة إبنتي.
وممّا لا شكّ فيه أنّ العروج بعد مبعثه صلّى الله عليه وآله.
وقالت عائشة: كنّا نخيط ونغزل وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة كان مشيها مشية رسول الله، وكانت لا تحيض قطّ لأنّها خلقت من تفّاحة الجنّة، ولقد وضعت الحسن بعد العصر وطهرت من نفاسها فاغتسلت وصلّت المغرب، ولذلك سمّيت الزهراء.
فقولها: خلقت من تفّاحة الجنّة، إشارة إلى انعقاد نطفتها منها حين قدّمها له جبرئيل، وذلك في الإسلام طبعاً وما قيل من أنّ خديجة كانت في الإسلام في عشرة الستين وتنقطع بويضات النسل من المرأة عند الخمسين فهو قول مردود وذلك فقد أجمعت الكتب الفقهية حتّى في الرسائل العملية أنّ المرأة غير القرشية ينتهي نسلها عند الخمسين والقرشية إلى الستّين كما أجمع المؤرخّون أيضاً أنّ عبدالله ولد في الإسلام وسمّي الطاهر والطيّب لولادته في الإسلام.
وهذا ممّا لا شكّ فيه، فإذا جوّزنا ولادة عبدالله من خديجة في الإسلام فلا مانع إذاً من ولادة فاطمة عليها السلام في الإسلام بعد عبدالله.
وقولها: وضعت الحسن بعد العصر وطهرت من نفاسها فاغتسلت وصلّت المغرب.
هذا ما أجمع عليه المؤرخّون من الفريقين، إنّها لم ترد ما في حيض أو نفاس.

أسماؤها صلوات الله عليها

وفي إعلام الورى للطبرسي، سمّاها النبي صلّى الله عليه وآله، البتول وقال: إنّها ليست كنساء الآدميين.
ومعناه ما جاء في الحديث، إنّها لم ترد ما في حيض.
وفي البحار: سمّيت طاهرة، لأنّها طاهرة من الحيض والنفاس.
وقولها: كان مشيها مشية رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقد وصفها علي عليه السلام بقوله: «كانت إذا نطقت ملأت سمعي بصوت رسول الله وإذا مشت ما تخرم مشيته».
وعصرنا اليوم العصر الذي طغت عليه المادّة لابدّ له من الرجوع والإيمان بالروحيات بمثل هذا ونحوه وقد أخذ الغرب يشعر بضرورة الإنسان إلى الإيمان بما وراء الغيب والطبيعة وهو ما يسمّى بالروح والمُثُل العليا إذ لا يمكن للإنسان أن يعيش بدون مبدأ سماوي ووازع نفسي روحي يحفظ توازنه النفسي والعقلي لمكافحة الفوضى النفسية، ولذا تجد المؤمنين أكثر اطمئناناً وأعظم يقيناً وأقلّ اضطراباً.
هذا ما أثبته لنا عظماء الدين بالأمس وما اكتشفه لنا علماء النفس اليوم.

 

موقع يازهراء سلام الله عليها يهتم بكل جديد ينفع في خدمة أهل البيت سلام الله عليهم كي نرقى ونسمو في افكارنا وآراءنا فلا تبخلوا علينا في افكاركم وآراءكم