سماحة السيد دام ظله:
يجب على الجميع العمل الجاد وبكل الوسائل والطرق من أجل إعادة بناء مراقد أئمة البقيع سلام الله عليهم

بمناسبة مرور الذكرى السنوية الثانية والثمانين على جريمة هدم قبور أئمة أهل البيت النبوي الطاهر سلام الله عليهم في البقيع، في الثامن من شهر شوال (عام 1343 هجرية) من قبل الفئة الوهابية المنحرفة ،تحدث سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله قبل الشروع في إلقاء درس البحث الخارج في مسجد الإمام زين العابدين سلام الله عليه بمدينة قم المقدسة في 7 شوال المكرم 1424 للهجرة، عن هذه الحادثة الأليمة والمصاب الجلل، وقال:

في مثل هذا اليوم (الثامن من شوال) وقبل 81 عاماً وجّه الوهابيون إهانة كبرى لرسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته سلام الله عليهم بل للقرآن والإسلام، ومازالت هذه الإهانة قائمة ومستمرّة، وذلك بهدمهم قبور أئمة أهل البيت عليهم السلام في البقيع في المدينة المنورة.

بعد ذلك ذكّر سماحته الحاضرين والمؤمنين كافة بأهمية دورهم في التذكير المستمرّ بهذه الجريمة، والدعوة إلى وقفها، والعمل من أجل إعادة بناء قبور أئمة البقيع عليهم السلام وقال:

لا يقول أحد: وما هي الفائدة مادام الوهابيون مصرّون على جريمتهم؟

لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسقطان لمجرد احتمال عدم التأثير، كما أن التأثير لا يشترط أن يكون من خلال صوت واحد، بل إن مجموع الأصوات هي التي قد تؤثّر إذا ضمّت إلى بعضها؛ ولذلك فإنه حتى الصوت الواحد يكسب قيمته من خلال مجموع الأصوات.

وقرّب سماحته المسألة للطلاب عبر بيان الفرق بين ما يصطلح عليه العلماء بالعام المجموعي والعام الاستغراقي وقال: في العام الاستغراقي يحظى كل فرد من أفراده بقيمة مستقلّة، أما في العام المجموعي فإن مجموع قيم الأفراد تشكل قيمة المجموع، ولا يكون لذلك المجموع قيمة من دون قيم أفراده جميعاً، فالألف مثلاً لا يكون ألفاً إلا إذا تكوّن من ألف عنصر، ولو نقص واحد لما عاد المجموع ألفاً، وهكذا نرى أنه حتى الواحد يساهم في قيمة الألف.

ثم قال سماحته: والمورد الذي نتحدّث عنه هو من هذا القبيل أي العام المجموعي.

واستشهد سماحته لذلك بقوله تعالى: «وإذ قالت أمّة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذّبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتّقون» (الأعراف: 164) وقال: هذه الآية نزلت بشأن بني إسرائيل ولكنها تتعلّق بمفهوم الموعظة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورة عامة، فإن دعاة الموعظة أجابوا المتقاعسين عنها، المدّعين احتمال عدم تأثيرها بدليلين:

الأول: ضرورة براءة الذمّة أمام الله تعالى فقالوا: (معذرة إلى ربكم). أي أن علينا أن نلقي الحجة عليهم ونبرئ ذمّتنا أمام الله تعالى في يوم القيامة.

والدليل الثاني: أنه ما أدراكم أن الموعظة العامة – أو كما قلنا: العام المجموعي - لا يؤثّر على فرض أن المفرد لا يؤثر؟! وذلك قولهم: (ولعلهم ينتهون).

وقال سماحته: نحن أيضاً يجب أن نبرئ ذمّتنا، كما علينا أن لا نيأس؛ بل ينبغي أن نأمل أن تتحقق نتيجة مساعي الذين سعوا قبلنا ومساعينا في زماننا وعلى أيدينا فنحظى بشرف وثواب إتمام التأثير؛ والا فسيكون من نصيب غيرنا.

وأضاف سماحته: لقد بدأ الأخ الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدّس سره) بنشاط في هذا المجال قبل 40 عاماً وتابعه حتى استشهاده، ولكن هذا لا يعني أن نتخلّى من مواصلة ذلك الهدف المقدّس.

ودعا سماحته المؤمنين الاتعاظ في هذا المجال بتاريخ صدر الإسلام وما جرى على أمير المؤمنين عليه السلام؛ فبعد أن كان جليس البيت لمدة 25 سنة، هرع إليه الناس يطلبون منه أن يتسنّم الخلافة ويقودهم، فما أحسن لو توجّهوا إليه من أوّل يوم، إذن لتحقق قوله تعالى «لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم».

وقال سماحته في جانب آخر من حديثه: إن عالم اليوم يختلف عن السابق كثيراً، من حيث الحرية المتاحة وكثرة وتنوّع وانتشار وسائل الإعلام وسهولة الاستفادة منها وتأثيرها على الرأي العام العالمي، وهاهي الأديان والمذاهب والأحزاب المنحرفة كلها تستفيد من هذه الحرية ومن وسائل الاتصالات لنشر أفكارها الباطلة، فأحرى بالمؤمنين لا سيما العلماء والمفكرين وأصحاب القلم والمبلّغين أن يستفيدوا من هذه الحرية وهذه الإمكانيات الموجودة وأن يعيروا هذه القضية أهمية قصوى، ولا ينبغي لهم أن ييأسوا بل عليهم أن يعلموا أن هذه القطرات ستتجمع وتشكّل موجاً عظيماً قادراً على التغيير بإذن الله تعالى.

وخلص سماحته إلى أن على جميع المؤمنين علماء وكسبة وغيرهم رجالاً ونساء وشيوخاً وشباباً في هذه البلاد وغيرها أن يسعوا ليحققوا هذا العام المجموعي الذي يكون مؤثّراً إن شاء الله تعالى، وأن يستفيد كلّ منهم من كلّ فرصة متاحة وأينما حلّ وارتحل؛ بأن يطرح هذه المظلومية ويدعو لإزالتها.

 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معها