القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
  مواقع اسلامية
خدمات لزوار الموقع
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز


قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

 

المهدوية عقيدة لا فكرة

 

 

كتبه: حجة الإسلام والمسلمين الأستاذ الشيخ عبد الكريم الحائري.
إحدى الأمور المهمة في الشريعة الإسلامية هي أن مسألة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف عقيدة، وليست فكرة قابلة للمناقشة كما قد يطرحها البعض خلافاً للواقع ـ إن مسألة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف عقيدة من صميم الإسلام وقد اتفق عليها الشيعة والعامة ولا يكاد يتنازع فيها اثنان من المسلمين.
نعم هناك بعض الفوارق البسيطة مثل اعتقاد الإمامية أن الإمام المنتظر هو الإمام المهدي ابن الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه من ذرية النبي صلّى الله عليه وآله، وأنه وُلد سنة مئتين وخمسة وخمسين للهجرة النبوية الشريفة، بينما ذهب جماعة من المسلمين أنه ليس من الضرورة أن يكون الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ابنَ الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه، وأنه سيولد في آخر الزمان ويظهر وتنطبق عليه الأحاديث الشريفة. فالاختلاف ليس في أصل العقيدة المهدوية الشريفة.

نظرة في مصنّفات العامّة

عندما نراجع مصنفات العامة نجد أنهم كتبوا في الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف قبل ولادته، فمن المؤلفات القديمة عندهم والتي كتبت قبل ولادة الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف بثلاثين سنة تقريباً ما كتبه الحافظ نعيم بن حماد المروزي المتوفى سنة مئتين وسبعة وعشرين - وكان معاصراً للفضل بن شاذان وهو من أساتذة البخاري - جمع فيه الأحاديث النبوية المبشرة بوجود الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف وكيفية ظهوره ومعالم حكومته.
كما كتب أكثر من عشرين عالماً من علمائهم: أنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف ولد في سنة مئتين وخمسة‌ وخمسين أو مئتين وستة وخمسين - راجع كتاب «من هو المهدي»، فصل ما كُتب عند علماء السنّة - وبعضهم ذكر أنه سيولد في آخر الزمان.
فمما كتب في أحوال الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف من علماء العامة:
1. عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر.
2. المنار المنيف في الصحيح والضعيف، لابن القيم الجوزية.
3. الصواعق لابن حجر الهيثمي، وقد أثبت فيه أن العقيدة المهدوية من واقع الإسلام.
4. النهاية لابن كثير، ذكر فيه الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف كأحد الخلفاء الراشدين المهديين وأنه يكون في آخر الزمان.
5. الحاوي للفتاوي لجلال الدين السيوطي ذكر فيه مجموعة من الأحاديث حول الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف وشرحها.
6. المناوي صاحب (فيض القدير) ذكر أخبار الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف وقال: أخبار المهدي كثيرة شهيرة.
7. خير الدين الآلوسي في كتابه (غاية المواعظ) ذكر أن خروج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف على القول الأصح عند أكثر العلماء ولاعبرة بمن أنكر، أي أنكر هذه العقيدة.
8. طبعت في الشام قبل خمس سنوات تقريباً إحدى المخطوطات القديمة باسم (العرف الوردي في حقيقة المهدي) للملا القاري.
9. الشوكاني في كتاب (التوضيح فيما جاء في المنتظر والدجال والمسيح)، وبعد ذكره للأحاديث الواردة في الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف قال: بلغت مبلغ التواتر. ومن المعلوم أن الأحاديث المتواترة لا يمكن أن يتدخل فيها الكذب ولا بدّ من التعبّد بها.
10. ناصر الألباني في موسوعتة الكبيرة في الحديث الصحيح والحديث الضعيف، ذكر أن مسألة خروج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف وردت فيه أحاديث كثيرة وصحيحة، فصنّف أحاديث الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ضمن الأحاديث الصحيحة، وأشار إلى أنها أحاديث كثيرة.
11. المهدي في السنة، لأستاذنا سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله وهو كتاب جدير بالمطالعة، إذ أنه جمع فيه رغم صغر حجمه الأحاديث الواردة في الصحاح الشريفة وفي السنن المعتمدة الواردة في الإمام الحجة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

من أسباب محاربة العقيدة المهدوية

هناك فرقة قليلة لا يمكن عدّها على المحدثين من علماء العامّة أنكرت العقيدة المهدوية، فقد ذكر ابن خلدون - أحد علماء العامة في القرن الثامن للهجرة - في مقدمته عند تعرّضه لمسألة الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ثمانية وعشرين حديثاً أردفها واحداً بعد الآخر وقدح في سندها، ثم ذهب في نهاية بحثه إلى أن العقيدة المهدوية هي من فكر العلويين والهاشميين لأنهم كانوا مضطهَدين مطاردين فكانوا يروّضون أنفسهم بفكرة كهذه.
وقد ردّ عليه جماعة من علماء العامة؛ منهم العالم الخبير أحمد بن صدّيق المغربي في كتابه (الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) أنكر فيه على ابن خلدون بما يلي:
أولاً: أنه ليس من المحدثين ولا من شأنه تصحيح الحديث أو تضعيفه.
ثانياً: ارتقى المغربي بالأحاديث التي ذكرها ابن خلدون وأوصلها الى المائة وقال: إن ابن خلدون ذكر ثمانية وعشرين حديثاً أجحف فيها، وإلا فهي أحاديث كثيرة نذكر جملة منها لا جميعها؛ فيدلّ على عدم تمكّنه من إحصائها، وإنما ذكر المقدار الذي بين يديه من الكتب.
والسؤال هنا: لماذا يحارب البعض العقيدة المهدوية؟
في جوابه نقول: في بعض الأوقات كان الردّ على أحاديث المهدوية من دافع انفعال وقتي حين ظهرت جماعة جهماني في المسجد الحرام كما حصل للشيخ عبدالله بن زيد المحمود رئيس المحاكم في قطر حيث كتب كتاباً باسم (لا مهديَّ يُنتظر بعد الرسول خير البشر) في الردّ على هولاء الجماعة. وقد ردّ عليه مدرّس الجامعة الإسلامية بالمدينة في مجلة (الجامعة) في العدد الخامس والأربعين في محرم الحرام سنة ألف وأربعمائة - فكتب خمسين صفحة مليئة بالمطالب الجميلة - علماً أنه يختلف في بعض وجهات النظر مع الشيعة - أثبت هذه العقيدة مشيراً إلى أنه ورد في الأحاديث النبوية أحاديث لا يمكن التشكيك فيها، وكون ذلك من عقيدة الشيعة لا يبرر لنا مخالفتهم.
كما ردّ عليه إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف في خطبة الجمعة وآخرين منهم الشيخ ابن باز المفتي العام للديار المقدسة.

ضرورة الإعتقاد بالمهدوية

بعد معرفة هذه العقيدة التي لا يختلف فيها اثنان من المسلمين يحقّ لنا أن نتساءل قائلين: هل للمسلم الذي لم يصل فهمه إلى معرفة حقيقة العقيدة المهدوية أن ينكرها لشبهه ما؟
الجواب: بالطبع ليس من الصحيح التشكيك في هذه العقيدة لمجرد بعض الشبهات، خاصة بعد ملاحظة الأحاديث الكثيرة الواردة فيها، فالشبهة مقابلها تكون شبهة مقابل البديهة...
بل ينبغي أن لا تعشعش الشبهات في أذهان المسلمين إزاء عقائد كهذه، فالذي لا يعرف مثلاً فلسفة الغيبة أو أنه هل من الممكن أن يطول عمر الإمام إلى هذا الحد، وهل من المعقول أن يكون هو عجّل الله تعالى فرجه الشريف القائد العام لدولة عالمية واحدة تحكم كل الأرض؟ وماشابه ذلك من التشكيكات، عليه أن يرجع إلى أهل العلم؛ لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. (سورة الأنبياء،7)
فمن صفات المؤمنين في القرآن الكريم الإيمان بالغيب؛ قال تعالى (ويؤمنون بالغيب). لذا ينبغي لمن لا يستطيع الوصول إلى الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف أو يراه، أن يؤمن به؛ إذ أنه ليس للجاهل إنكار ما لم يعرفه وإلا لزم أن ننكر كثيراً من الأمور، ومنها مثلاً ولادة نبي الله عيسى من غير أب، فعادة ما لا يصدّق الناس بأمور كهذه، ولكن ينبغي لهم أن لا ينكروا ما لم يألفوه، فإنّ كثيرا من الأمور لا يألفها الإنسان ولكنه يؤمن بها. وعلى كلّ فإنّ مسألة الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف عقيدة وردت بها الأحاديث الصحيحة وأشير فيها إلى ولادته وكيف يعيش وأين وغير ذلك من الأمور التي ربما لا يستقلّ العقل بإدراكها، وقد ذكر بعض أكابر العلماء أنّ الأحاديث الواردة في الإمام الحجة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف من الفريقين تبلغ ستة آلاف حديث.
لذا ينبغي لنا أن نأخذ هذه العقيدة من الإسلام المقدس، وما لم يصل إليه عقلنا علينا أن لا ننكره بل ننتبع الإسلام فيه ونأخذه من باب التعبد.

من فوائد الاعتقاد بالقضية المهدوية

بعد إيضاح ضرورة الاعتقاد بالقضية المهدوية يطرح سؤال مهمّ يتردّد على ألسن كثير من الناس هو: ما هي فائدة الاعتقاد بالقضية المهدوية في عهد الغيبة؟
هناك العديد من الفوائد المهمة لهذه العقيدة نشير إلى بعضها على نحو الاختصار:
إن العالم يواجه مستقبلاً غامضاً لا يُعلم ما هو مصيره، وماذا سيؤول إليه أمره؟ والإيمان بالعقيدة المهدوية يوضّح لنا هذا المستقبل الغامض ويبشّرنا بمستقبل زاهر تحت راية حكومة العدل التي يقيمها الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
من جانب آخر: إنّ العقيدة المهدوية تطمئن المؤمنين بانتهاء المعاناة في يوم ما وتبشّرهم بالفرج المؤكَّد، كما أنها إنذار خطير للمخالفين ممن يخالفون الدين؛ بقطع دابرهم والخزي في الدنيا قبل الآخرة.
بالإضافة إلى ذلك، القضية المهدوية تهيّئ المؤمنين لاستقبال المنقذ وتجعلهم يعدّون أنفسهم دائماً للمصلح المنتظر، وبالتالي فإنهم ـ لا إرادياً ـ سيمهّدون الأرضية الصالحة لوجوده الشريف.

إشكالات حول القضية المهدوية

بين الفترة والأخرى تظهر على الساحة بعض التشكيكات التي تهدف إلى زعزعة عقائد المسلمين وصرفهم عن العقيدة المهدوية التي جاء بها الإسلام الحنيف وأكّدتها الروايات الشريفة، خاصّة بعد طول الغيبة التي جَعلت قلوب بعض الناس تتّصف بالقساوة وييأسون من الفرج، ويشكّكون في قضية الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
وقد ازدادت ظاهرة التشكيك في القضية المهدوية بعد امتداد مدّة الغيبة، فصار بعض الناس يشكك فيها قائلاً: هل يستطيع الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف أن يقود العالم؟ وكيف يمكن لشخص واحد أن يحقّق ذلك من غير مشاكل؟ وأصلاً: من يقول إنه حيّ؟ وما هي فائدته لنا وهو غائب عنّا؟ ومتى سيظهر؟
وغير ذلك من التساؤلات التي تخلق هالة كبيرة في نفوس الناس إزاء فوائد وجود المصلح، ولذا ينبغي للناس في ظروف كهذه أن يلتجئوا إلى الله عزّ وجلّ لأنه وعد في القرآن الكريم فقال: {ليظهره على الدين كله}، علماً أن الدين لم يظهر على الدين كلّه حتى الآن، وقال أيضا سبحانه وتعالى {ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين} فلابد أن نحيل هذه التساؤلات إلى الإرادة الإلهية، إذ ان الله تعالى إذا أراد شيئاً {أن يقول له كن فيكون} ولا يبقى مجال للتشكيك في أنه هل من الممكن أن يقود شخص واحد العالم، أو أنه حي أم لا، وغيرها من التشكيكات.
فالبعض يلجأون إزاء تشكيكات كهذه إلى تحليل بعض القضايا فيزيائياً أو طبياً، كأن يبحث: أَللبدن قدرة العيش طيلة هذه المدة أم لا؟ ويدخل في مطبات وإشكالات كثيرة لا أول لها ولا آخر، إلا أن الأفضل هو أن نحيل القضية إلى القرآن الكريم ونرجع للإرادة الإلهية التي تحلّ لنا جميع الإشكالات. وعلى سبيل المثال: من الأحاديث المتّفق عليها بين الفريقين وقوله صلّى الله عليه وآله: (لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطوّل الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً منّي أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً). (بحار الأنوار ج51 ص85).
فلما نراجع الأحاديث الشريفة نجد أنها تفسر كيف يكون ذلك، فتعبّر عنه وأصحابه بالقول: (لهم سيوف من حديد لا كحديدكم، أو لا كسيوفكم) وأن سيوفهم إذا ضرب بها جبل قدّته نصفين، لأنهم حازوا على القدرة الإلهية الخارقة التي تفوق جميع القوى الأخرى، كقوّة الأشعة الحمراء وفوق الحمراء أو البنفسجية وما دون البنفسجية وأمثال ذلك.
من جانب آخر فقد دلّت الأحاديث الشريفة أن الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف يعرف أعداءه، فيقاتلهم ويشخّص أنصاره فيؤازرهم، وهذا يدلّ على أنه ذو بصيرة نافذة ليس كسائر الناس العاديين، ناهيك عن تسخير الكون لنصرته، حيث ورد في الأحاديث أنّ الصخرة تقول: خلفي رجل ينكر المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، أو من أعداء الإسلام. علاوة على ذلك فقد دلّت الأحاديث أن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف يُنصر بالرعب، فكلّ عدوّ عندما يسمع عنه يرتجف رعباً كما كان المشركون في زمن النبي صلّى الله عليه وآله حينما يسمعون بالصولة الحيدرية يرتجفون كذلك في زمانه، حيث يأخذ أعداءه الرعب مسيرة شهر.
كما أنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف يؤيَّد بجبرئيل والملائكة المسوَّمين والصيحة السماوية مثلما أُيّد النبي صلّى الله عليه وآله بذلك، فضلاً عن قوّته البدنيه الخارقة التي ورد في الحديث الشريف أنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف لو مَدّ يده إلى أعظم شجرة في الأرض لقلعها. (بحار الأنوار ج52 ص322).
فالأشجار المعمرة التي يبلغ محيط قطرها أكثر من خمسة أمتار وربما بلغت جذورها خمسين متراً في الأرض أو أكثر، إذا مسكها الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف يقلعها بقوّته الربانية.
وفي الخبر الشريف: أن أصحابه أطوع له من الأمة لمولاها، ولذا ورد (أن النبي صلّى الله عليه وآله كان جالساً بين أصحابه فقال: وا شوقاه إلى إخواني. قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك؟ فقال: أنتم أصحابي، إخواني قوم يأتون من بعدي يهربون بدينهم من شاهق إلى شاهق، ويصلحون إذا فسد الزمان). فالنبي صلّى الله عليه وآله يعبّر عن أصحاب الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف أنهم أصحابه؛ لشدة إيمانهم. (الأحكام ج1 ص211).
ومما ورد في الأحاديث بين الفريقين أن الله عزّ وجلّ يؤيّد الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف بنبيّ من أنبيائه من أولي العزم يصلّي خلفه وهو نبيّ الله عيسى بن مريم، الأمر الذي يدلّ على أفضلية الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وكما كان عيسى بن مريم يحيي الموتى بإذن الله عزّ وجلّ كذلك هو الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف...
وبغضّ النظر عن ذلك كلّه، فمن الأمور المهمة في قضية الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف، التمكين التكويني الذي وعد الباري تعالى به فقال: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً}. (سورة النور:55).
وعلى كلّ فإن الرجوع إلى الأحاديث الشريفة في القضية المهدوية والاعتقاد بأن الله تعالى وراء مسألة الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف يزيح هالة الإبهامات التي قد تخلق الشكوك عند بعض المؤمنين.

إشكال عدم ولادة الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف ودفعه

من المباحث المهمة في القضية المهدوية البحث هل وُلد الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف؟
و هذا البحث وثائقيّ وليس عقلياً؛ لذا ينبغي الرجوع فيه إلى التأريخ وتتبع الأخبار في ولادته، فقد ذكر المرحوم الشيخ عباس القمي رضوان الله تعالى عليه في «منتهى الآمال» أن أكثر من ألف شخص رأوا الإمام بعد ولادته، وهذا يكشف عن وجود أخبار متواترة بأن الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف قد وُلد.
ولقائل أن يقول: ما الدليل على أن المولود هو ابن الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه؟
مقابل إشكال كهذا نقول: أولاً: الإخبار المتواتر عن ولادته على أنه من ولد الإمام العسكري سلام الله عليه.
ثانياً: إخبار النبي الاكرم صلّى الله عليه وآله في حديث الثقلين المتفق عليه بين الفريقين حيث قال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا، وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، حيث رسم النبي صلّى الله عليه وآله للأمّة خطّاً جلياً يرشدهم فيه بمن يتمسّكون وأين، ومصرّحاً في حديثه بأنهما لن يفترقا، مما يدلّ على امتداد الخط، فمادام القرآن موجوداً تكون العترة التي يتمسّك بها للهدى موجودة، وإلا لضلّ الناس.
وهنا يتضح ضرورة وجود الإمام الحجة عجّل الله تعالى فرجه الشريف الذي هو امتداد للعترة الطاهرة وقرين للقرآن الكريم، خاصة بعد الالتفات إلى أن الإمام الحادي عشر هو الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه الذي يستلزم أن يكون بعده الإمام الثاني عشر موجوداً مولوداً، ومقتضى الجمع بين هذه الطائفة من الأحاديث الدالّة على عدم الافتراق، والطائفة الدالة على أنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف وُلد يتَّضح أن الإمام من هو.

فلسفة الغيبة المهدوية

بعد إثبات وجود الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف يتبادر إلى ذهننا السؤال التالي وهو: لماذا غاب الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف؟ وهل توجد حكمة إلهية لغيبته الشريفة؟
في جوابه نشير إلى مجموعة من النقاط ومنها:
مقدمة ينبغي الالتفات إلى أن الوعد الإلهي بالظهور حتميّ؛ يدلّ عليه قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض... } (سورة النور:55) ومن المسلَّم أن الاستخلاف للذين آمنوا لم يتحقق حتى اليوم، فمنذ عهد النبي صلّى الله عليه وآله إلى اليوم والحروب قائمة على قدم وساق، علماً أن الله عزّ وجلّ وعد قائلاً: (ليظهره على الدين كلّه) وحتى اليوم لم يظهر الدين كله على الأرض، فهناك مئات الملايين من الشيوعيين منكرين لله، وأكثرمن مليار من المسيحيين، ومليار أو أكثر في الهند يدينون بديانات مختلفة غير الإسلام، فضلاً عن بقية الملل الموجودة على الكرة الأرضية؛ مما يكشف عن أن عنوان (يظهره على الدين كلّه) لم يتحقّق حتى اليوم، مع أن الوعد الإلهي واضح للمؤمنين بالاستخلاف.
وبعد معرفة أن هذا الوعد الإلهي لم يتحقّق - حيث مُنع الأئمة الأطهار سلام الله عليهم من إقامة حكومة العدل سوى أمير المؤمنين سلام الله عليه الذي واجه الاضطرابات الشديدة في زمانه، فشرِّدوا وقُتلوا وطوردوا في البلاد المختلفة كما أخبر النبي صلّى الله عليه وآله في حديثه المتّفق عليه بين الفريقين حيث إنه صلّى الله عليه وآله لما رأى جماعة من شباب بني هاشم أقبلوا بكى، فقيل: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال صلّى الله عليه وآله: تذكّرت ما يلقى أل بيتي بعدي من التشريد والقتل - يمكن أن نشخص بعض العوامل في غيبة الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، ومنها:
إن أمثال الطغاة الذين بدؤوا بقتل أهل البيت سلام الله عليهم وتشريدهم كانوا موجودين في زمن الإمام الحجة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ‌ناهيك عن مسألة صغر عمره الشريف وقلّة قبول تصدّي شخص بهذا العمر للقيادة عند كثير من الناس حتى لو ورد ذلك في القرآن الكريم الذي دفع شبهة كهذه قائلاً: {و آتيناه الحكم صبيّاً} (سورة مريم:12) وفي آية أخرى:{قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً} (سورة مريم:30).
هذا مضافاً إلى عدم وجود الأنصار وحاجة حكومته العالمية للكفاءات الكافية، وعدم نضج العقل البشري للحكومة العالمية، حتى أنه ورد في الحديث: إذا قام قائمنا مسح بيده على رؤوس العباد. وحاجة البشرية للترقّب لتتولّد عندهم حالة الشوق إلى المنقذ، إذ إن الناس حتى اليوم لم تحصل لهم حالة الترقّب ـ كما ينبغي ـ لمجيء المصلح، وكما في الخبر أن البشرية ستصل‌ إلى حدّ من الضنك في العيش بحيث إن الكل يترقّب مجيء المصلح ويشتاقون إليه.
مجمل هذه الأمور تدلّ على ضرورة حصول الترقّب للخلاص وترقّب مجيء المصلح للعالم سواء أكان ذلك المصلح هو الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف بعينه أم مصلحاً آخر، على اختلاف مباني الناس. نعم، الأخبار الواردة عن أهل بيت النبي سلام الله عليهم تشير إلى أن المصلح هو رجل من ولد فاطمة، بل في بعضها: أن النبي صلّى الله عليه وآله ضرب على منكب الإمام الحسين سلام الله عليهم وقال: من هذا مهديّ هذه الأمّة. وفي خبر آخر أنه قال: رجل من وُلد الحسين سلام الله عليه. (بحار الأنوار،ج38، ص10).


 

موقع يا زهراء سلام الله عليها لكل محبي الزهراء سلام الله عليها فلا تبخلوا علينا بآرائكم ومساهماتكم وترشيحكم كي يعلو اسمها سلام الله عليها ونعلو معه