الصفحة الرئيسية الصفحة الرئيسية
القران الكريم القران الكريم
أهل البيت ع أهل البيت ع
المجالس    المحاضرات
المجالس   اللطــــميات
المجالس  الموالــــــيد
الفيديو   الفــــــيديو
الشعر القصائد الشعرية
مفاهيم اسلامية
اسال الفقـــيه
المقالات المقـــــالات
القصص الاسلامية قصص وعبر
القصص الاسلامية
الادعية الادعيةوالزيارات
المكتبة العامة المكتبة العامة
مكتبة الصور   مكتبة الصور
مفاتيح الجنان مفاتيح الجنان
نهج البلاغة   نهج البلاغة
الصحيفة السجادية الصحيفة السجادية
اوقات الصلاة   اوقات الصلاة
 من نحــــــن
سجل الزوار  سجل الزوار
اتصل بنا  اتصــــل بنا
مواقع اسلامية
ويفات منوعة ويفات منوعة
ويفات ملا باسم الكلابلائي ويفات ملا باسم
ويفات ملا جليل الكربلائي ويفات ملا جليل
فلاشات منوعة فلاشات مواليد
فلاشات منوعة فلاشات منوعة
فلاشات منوعة فلاشات احزان
ثيمات اسلامية ثيمات اسلامية
منسق الشعر
فنون اسلامية
مكارم الاخلاق
كتب قيمة
برامج لكل جهاز
وليد الكعبة المشرفة

قليل من وقتك رشحنا لافضل المواقع الشيعية ان احببت شكر لكم

 

« إن الله تبارك وتعالى خلق عليّاً من نوري وخلقني من نوره، وكلانا نور واحد »

الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله

 

مرّت على أبي طالب عليه السلام ساعات رهيبة كان خلالها في سورة عميقة من الحزن، وموجة زاخرة من الهم، لا يهدأ له بال، ولا يكاد يستقر على حال.

أقبل الليل على شيخ الأبطح فزاد ظلامه الحالك في ظلمة نفسه فجعلها تتخبط في ديجورها، وتسترسل في همومها، تقضي الليل ساهرة حائرة لا تستضيء بنور، ولا تهتدي إلى طريق.

هدأت الأصوات في بطحاء مكة، وهجعت العيون، ولكن عين أبي طالب يقظى لا يخالها الوسن، ولا يطوف بها الكرى وإنما هي على الدوام مسهدة يؤرقها الهمّ، ويزيد في تسهيدها الفكر المضطرب.

كانت خواطره المبرحة تثور في نفسه كلما رأى أم الأشبال فاطمة بنت أسد عليها السلام أمام ناظريه قد فاجأها المخاض، واعتراها الاعسار وشدة الطلق.

وكانت عواطفه الفياضة تأبى عليه أن يرتاح أو يطمئن إلى مضجع، ولكنه ماذا يصنع وليس له من الأمر شيء وإنما الأمر كله بيد الله عزّوجل.
فكر أبو طالب عليه السلام في الأمر طويلا فأعياه الفكر ولكن بارقة من الأمل المعسول التمعت في ذهنه بددت تلك الهموم، وكشفت تلك الغياهب، وجعلت نفسه هادئة مطمئنة.

إن أبا طالب كان شديد الاخلاص لله قوي الايمان به، وحري بمن كان بهذه الصفة أن يتقدم إليه بحاجاته، وأن يلجأ إليه في مهماته، وهذا هو الذي حدا الشيخ الجليل بأن يتوسل في البيت الحرام فأخذ بيد فاطمة وجاء إلى الكعبة فدخل بها ثم رجع أدراجه مرتاح الضمير معتقداً كل الاعتقاد بعطف الله وحنانه.

ربّي إني بك مؤمنة

أما فاطمة بنت أسد عليها السلام فقد ابتهلت إلى الله عزّوجل بكلمات ملؤها الايمان بعظمة الله وكتبه راجية منه أن يسهل ولادتها. وييسر لها ما تعسر من أمرها فقد تمسكت بأستار الكعبة وأنشأت تقول ‹ربّي اني مؤمنة بك، وبما جاء من عندك من رسل وكتب، واني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل وانه نبي البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت عليّ ولادتي›.

وليس غريباً أن تواجه فاطمة ربّ البيت بمثل هذا الكلام الطافح بالايمان والعقيدة، لأن بنت أسد وسائر بني هاشم كانوا جميعاً يدينون بدين جدهم ابراهيم الخليل عليه السلام دين الايمان والتوحيد والاخلاص، أما ما يظهر من معرفتها بمولودها، وعلمها بمكانته ومنزلته فمنشأ ذلك اعتمادها على الكهنة والرهبان الذين كانوا يبشرون بهذا المولود، وكان ابو طالب يدعو الله متوسلا إليه بوليده فيقول:

أدعــوك رب البيـــت والطواف

بالواحــد المحـبـو بالـعفــاف

وانك لتلمس مدى عواطفه الفياضة، وأشواقه الحارة لهذا الشبل بقوله:

أطـــوف لـلالـه حـــول الـبيـت

أدعوك بالرغبة محي الميت

بأن تريني الشبل قبل الـموت

غــرّ نــور يا عــظيم الــصوت

الله تعالى يمنّ على أبي طالب

أجل لقد مَنَّ الله على أبي طالب بأن يولد هذا المولود بأبرك يوم من أشرف شهر في أقدس بقعة، فقد ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب داخل بيت الله الحرام فطبّق نوره الأصقاع، وعمّ كافة الأرجاء، وقد كان من فضل الله على هذا المولود أن جعل ولادته في بيته إشعاراً برفعته، فان ولادته في البيت مزية من مزاياه الخاصة به، تفرد بها على من سواه، فقد أجمع المؤرخون كافة على أن ليس في البيت مولود في جاهلية أو اسلام غير علي عليه السلام ولله درّه ودر والدة أنجبته، وفي ذلك يقول الحميري:

ولـدتـه في حـرم الالـه وأمـنـه

والبـيت حيث فناؤه والمـسجدُ

بـيـضـاء طاهـرة الـثـياب كريمة

طابـت وطـاب وليدها والمولودُ

في ليلة غابـت نحـوس نجومها

وبـدامـع القمـر المنير الأسعدُ

ما لفّ في خـرق القوابل مثلـه

إلا ابـن آمنة النـبـيّ مـحــمـدُ

وليّ الله يولد في الكعبة

استقبل ابو طالب يوم الجمعة الأغر بالطلاقة والبشر ذلك لأنه ولد له فيه ذلك المولود السعيد الذي كان ينتظره بفارغ الصبر، فهبّ مسرعاً يهرول نحو البيت منادياً (أيها الناس ولد في الكعبة وليّ الله عزّوجل) يواجه الناس بهذه البشارة السارة لأنه كان يعتقد أنّ علياً جاء للناس كافة، ينشر العلم، ويبث العدل. ويحقّ الحق، ويزهق الباطل، يطيع الله تعالى إذا عصاه الناس، ويتبع أوامره ونواهيه إذا انصرفوا عنها، يحبه وينصره، ويبذل في سبيله كل غالٍ ورخيص، فهو في نظره وليّ الله حقاً، وإذا كان ولياً لله فحري بأن تكون ولادته مدعاة للسرور، وجدير بأن يكون هذا الجذل عاماً يشمل عامة الناس وخاصتهم، ولعل ولادة الامام في البيت ـ الامر الذي لم يسبق مثله في التأريخ ـ كانت دليلا قوياً تقرّب إلى ذهن شيخ الأباطح عظمة علي سلام الله عليه ومحبته ونصرته لله تعالى.

(أيها الناس ولد في الكعبة وليّ الله) يقول ذلك أبو طالب كأنه كان يعتقد أن الناس جميعاً يستطلعون أخبار هذا الوليد، وينتظرون قدومه، أو انه لعلمه بعظمته يرى أنَّ الجدير بهم أن يكونوا شركاءه في السرور فهو ينزلهم هذه المنزلة ثم يخاطبهم بمثل هذا الخطاب اللائق بمقام وليده الجديد.

أنا وعلي من نور واحد 

سار يعدو نحو البيت، وتبعه على الأثر الصادق الأمين صلى الله عليه وآله فدخل البيت وأخذ علياً فكبّر في اذنيه ثم احتضنه وضمه الى صدره وسار به ـ ووراءه أبو طالب وفاطمة ـ حتى أوصله الكعبة الثانية بيت أبي طالب بيت المجد، وندوة شيبة الحمد.

وقد شاء الله أن ينتقل هذا المولود من أصلاب شامخة إلى أرحام مطهرة، فانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصفه عليه السلام فهذا جابر بن عبد الله يحدثنا فيقول: ‹سألت رسول الله عن ميلاد علي بن أبي طالب. فقال: قد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح، إن الله تبارك وتعالى خلق علياً من نوري، وخلقني من نوره، وكلانا من نور واحد، ثم انّ الله عزّ وجل نقلنا من صلب آدم في اصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة زكية، فما نقلت من صلب إلا ونقل علي معي فلم يزل كذلك حتى استودعني خير رحم وهي آمنة، واستودع علياً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد› وإذا كان علي خير مولود بنص النبي الكريم، وكان الوصي والنبي من نور واحد فما عسى الإنسان أن يقول؟؟ وليس ثمة متسع لقول، ولا مجال لقائل.

أجل إنهما من نور واحد تنقل في مختلف العصور من صلب إلى صلب حتى جاء دوره الأخير فانشطر شطرين، شطراً في عبد الله، وشطراً في أبي طالب، فكان الشطر الأول للنبوة والرسالة، والشطر الثاني للوصاية والإمامة، فما أعظم هذا النبيّ، وما أجلّ هذا الوصيّ.

وليس من العجيب إذن على مثل هذا الوليد أن يبذر الله بذرته في بقعته، وأن يسارع الرسول في حمله إلى بيته، فقد كان جديراً بأن يرى من الله عزّوجل هذه العناية، وحرياً بأن يشاهد من رسوله هذه الرعاية.

بركات وليد الكعبة

بلغ الناس خبر ولادته عليه السلام فتسابقوا إلى أبي طالب عميد الهاشميين، يقدمون عليه زرافات ووحداناً فرحين مستبشرين، يهنئونه بالميلاد السعيد، وقد قابل عواطفهم الفياضة، وشعورهم السامي بما عرف عنه من بشر وأخلاق ونبل، وأولم على شرف ولده وليمة دعا لها أشراف البلاد وسراتها وكانت على جانب عظيم من الابهة والفخامة، تليق بمقام الزعيم العظيم، وتتناسب وولادة شبله الكريم.

وما فرغ هذا الجمع الحاشد من الدعوة حتى استأذنوا شيخ الأبطح في الدخول على علي فأذن لهم فدخلوا وكلهم يتطلعون إليه، ويتسابقون شوقاً لمشاهدته، ثم رجعوا وهم يرتلون آيات الحمد ذاكرين شاكرين.

أما رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كان فرحه شديداً بميلاد ابن عمه وأخيه، وانه صلى الله عليه وآله ليرى ان سنة ولادته سنة خير ورحمة، ‹ولد لنا مولود يفتح الله علينا به أبواباً كثيرة من النعمة والرحمة› وكان من بوادر هذه الرحمة أن أصبح الرسول صلى الله عليه وآله يسمع الهاتف من الأحجار والأشجار، وكشف عن بصره فاذا به يشاهد أنواراً وأشخاصاً، وما كان ليسمع أو يرى مثل ذلك قبل هذا الميلاد السعيد الطافح بالمسرات والخيرات.

أجل كان ميلاده رحمة لهذه الامة، فقد ولد ليكون للدين ناصراً وولياً، وللرسول أخاً ووصياً، وللمسلمين كهفاً وإماماً، يضيء لهم السبيل، ويهديهم الصراط المستقيم.

وكان لا بد لهذا المولود أن يولد في وقته، وكان لا بد لهذا الكائن الحي أن يوجد في زمانه وظرفه، فبه اعتز الدين، وبحسامه أباد الظالمين، وأدب الناكثين، والقاسطين، والمارقين.

فــلـولا أبــو طــالـب وابنه

لمـا رفع الدين شخصاً وقاما

فهذا بمـكـة آوى وحامـى

وهـذا بيثـرب شام الحسـاما

لابدّ للإسلام من علي

ولد أمير المؤمنين عليه السلام قبل المبعث بعشر سنين على أشهر الأقوال، وبعد ميلاد النبي صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة، وكان صلى الله عليه وآله قاب قوسين أو أدنى من النبوة، يوشك أن يرسل للبشرية عامة في دينه الجديد دين السلام والاسلام.

ولا شك أن مثل هذا الدين الذي بدئ غريباً في نظر الناس يحتاج إلى أعوان مخلصين، وأتباع مجاهدين، يفدون الرسول بأموالهم، وأنفسهم وأهليهم، ويضحون في سبيل دينهم القويم كل ما لديهم ليستقيم أمره، ويضوع نشره وعند ذلك يجئ النصر والفتح، ويدخل الناس في دين الله أفواجا.

فمن ذلك المحبّ الناصر؟؟ ومن ذلك السيف الباتر؟؟ ومن ذلك القائد المجاهد؟؟ ومن ذلك الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله؟؟ ومن ذلك الذي سيؤازر النبي في حمله؟؟ ويشاركه في مهمته ثم يخلفه على الأمة من بعده؟ ذلك من غير شك هو وليد البيت علي بن أبي طالب فهو أسد الله، وأسد رسوله، وهو سيفهما المسلول، وحسامهما المصقول، وزوج الزهراء البتول، وأبو الائمة الطاهرين، أعلام الورى، وائمة الهدى.

إذن لا بدّ لهذا الدين من علي، ولا بد لرسول الله من هذا المجاهد الكمي، يؤمن به إذا كفر الناس، وينصره إذا عزّ الناصر، ويقيه بمهجته إذا احتاج الرسول إلى المفاداة.