قال الله تعالى:( يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَتّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ) آل
عمران/ 118
مما يتحتم على كل إنسان أن يتخذ بطانة من نفسه،
ويخلص في ولائه ومحبته، ويريد خيره وصلاحه مع معرفته بالخير والصلاح، لذا
ينبغي للمرجع أن يتخذ لنفسه بطانة من شخصيات معروفة بالنزاهة والفقاهة
والعلم والحلم والشجاعة والكفاءة في العمل حتى يستطيع أن يمنحهم الثقة
للقيام بالأعمال المختلفة، كقناة تواصل بين المرجع والناس، وكوسيلة لاطلاع
المرجع على ما يهمّ المسلمين، كما أن على هذه البطانة تقديم العون
والمساعدة للمرجع للقيام بأعماله. وفي المقابل، إذا كان المرجع يريد أن يظل
أفراد البطانة المرتبطين به متوافقين معه، فمن الأولى رعايتهم ليس في
الجانب المادي فقط، بل من الناحية النفسية والمعنوية أيضاً، ومحاسبتهم إذا
ظهر منهم الخطأ أو ارتكب أحدهم عملاً مشيناً، وإقناعهم بالقرارات التي
يتخذها. يقول الإمام علي (ع): «من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء فانه لو
غصّ بغيره لأساغ الماء غصته»، ففساد البطانة سيتسبب في فساد كل شيء، ويموت
الأمل حينئذ في الإصلاح. وقد يبتلى البعض ببطانة ليست بالمستوى اللائق،
فتسبب الأذى للناس، وبالتالي تسبب النفور لديها. لذلك من الأولويات اللازمة
للمرجع أن يراقب من حوله، ويعمل على إصلاح ما يظهر من تقصير وأخطاء
البطانة، كما نجد ذلك في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حيث كان
مضطراً إلى تحمّل بعض المسلمين، فإن ظهر منهم الفساد أخذ النبي الأكرم (صلى
الله عليه وآله) بإصلاح ما أفسدوه. ولما لم يكن بمقدور المرجع أن يدير
الأمور بلا بطانة، كما وانه لا يستطيع أن يطلق لها العنان لتفعل ما تريد،
فينبغي له وباهتمام بالغ إذن واجب إصلاح هذه البطانة بالشكل الذي يقلل من
قصورها وتقصيرها، ومراعاة الجانبين بكل دقة وإتقان.
|